900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    معارك كردفان    تصفية ضباط بالجيش السوداني    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    ((أحذروا الجاموس))    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراتيجية التغيير والتحوّل والبقاء: تأمّل في المشهد السياسي السوداني: الحلقة الحادية عشرة .. بقلم: د. عبد المنعم عبد الباقي علي
نشر في سودانيل يوم 24 - 05 - 2019


بسم الله الرحمن الرحيم
"فاتحة كل خير وتمام كل نعمة"
منشورات حزب الحكمة:
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أواصل إن أذن الله سبحانه وتعالي الحديث عن الموجّهات المهمّة للتنفيذ ومنها:
- المسئولية: " كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ "
ومفهوم المسئولية يختلف باختلاف مستوي الوعي للمسئول والمسئول عنه والسائل لأداء مهمّة. والوعي في هذا الحالة قسمان: قسم عام وقسم خاص. فالقسم العام هو المسئولية العامّة الملقاة على عاتق كلّ إنسان؛ كجزء من هذا الكون له دور ومسئولية في الحفاظ عليه وتطويره. وهو تطبيق لمعني الإنسانية بمفهومها المطلق، وقلب هذا المعني أن تعرف أنّ لوجودك هدف وغاية ومعني تعطي لك قيمة.
والقسم الخاص هو المسئولية المباشرة للعمل المُكلّف به لتنفيذه، وهذا يحتاج للوعي وأيضاً للفهم، والكفاءة، والمهارة، والخبرة، وللصدق، والثقة في النفس والشجاعة على الشهادة لنفسك أو عليها. فإن كان لك وعي بمدي مسئوليتك تجاه المُهمّة المكلّف بأدائها، ولك وعي كذلك بمدي تأثير هذه المهمّة على سياق الواقع والأحداث، بمعني أن تفكّر أُفقياً وليس رأسيّاً، أي أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، فلك أن تقبل المُهمّة لتنفيذها إمّا بنفسك؛ إن كنت تملك المعرفة والفهم والمهارة والخبرة، والصدق والثقة بالنفس، أو بإشرافك.
وتجمُّع هذه العوامل مهمٌّ جدّاً، فانعدام المعرفة والفهم، يؤديان للفوضى، وانعدام المهارة تؤدي لسوء الصنعة، وانعدام الخبرة تعرّض المهمّة للفشل، وانعدام الثقة بالنفس تؤدي للتردّد وضعف قيادة الجماعة، وانعدام الصدق يؤدي للغش، وانعدام الشجاعة تؤدي للنفاق.
والذين يدركون ذلك نوعان من البشر. نوع لم تتلوّث فطرته، فهو على براءته وصفاء بصيرته يري الأشياء كما هي، ولذلك فوعيه ضمني يحسّه ولا يراه، فهو يعرف الفرق بين الحقّ والباطل في أعقد الظروف، ويتبيّن له الخط الأبيض من الخيط الأسود من الحقيقة بداهة.
والنوع الثاني هو الراسخ في العلم، وهو الذي حاز من المعارف والعلوم والخبرات ما ثقلت في زجاجة نفسه ورسبت إلى قاعها فتركت أعلاها صافية، ولذلك فبصيرته حادّة، ووعيه صريح يحسّه ويراه، ويعرف الفرق بين الحقّ والباطل علماً مسنوداً بدليل وفهم، لا افتراضاً أرضه الظنّ وسماؤه الوهم.
أمّا ما بين ذلك من النوعين من البشر فجهالة أو مرض. فالجاهل لا يدرك أنَّه جاهل، فهو من أنصاف المتعلمين على سبيل نجاة، وصاحب المرض هو صاحب الغرض الذي مات ضميره. وقد دعانا الله سبحانه وتعالي للإعراض عن الجاهلين، والحذر ممّن آتاه الله آياته فانسلخ منها فأتبعه الشيطان.
وحال السودان يغني عن السؤال إذ أنّ مستوي الوعي بهذه المسئولية عند المسئولين والساسة في أفضله مُعتم ولم تتحقّق فيه المعايير التي ذكرتها فالذي يعرف مسئوليته تجاه مُهمّة، يجد أنّ الذي كلّفه لا يدركها أو الذي سيساعده لا يعيها. فتجد تنفيذاً يفتقر إلى الجودة فيكلّف تأهيله أضعاف ما صرف في إنشائه، أو يغتني منه المسئول، أو يقوم وحيداً كالأهرامات لا تربطه بالمشروعات الأخرى رابط.
والآن والبلاد تمرُّ بظرف من أحلك ظروفها حيث ينعدم الوعي فهو كالعتمة في الفجر لا ينعدم الضوء ولا ينتشر، فالأشياء أشباه والوقوع في حفر الضياع أقرب من النجاة منها.
المفاوضون من وفد الحريّة والتغيير لا يصل وعيهم إلى مستوي المسئولية الوطنية معرفة وإدراكاً، ولكن تطلّعاً وشوقاً بغير مهارة أو خبرة، أو شجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة والحاسمة من أجل الوطن، وإن أدي ذلك لغضب الحليف، أو لهم وعي بالمزالق أو بمدي قدر المسئولية التي هم مقدمون عليها، فإدارة دولة حيث تقع مسئولية كل طفل يموت، او يجوع أو يمرض أو يجهل، عليهم، وهي ليست كمسئولية اتحاد الجامعات يناكفون الإدارة ثمّ يذهبون للسفرة ليأكلوا ومن بعدها لغرفهم لينوموا ويحلموا بغد أفضل بينما الإدارة ساهرة تخطّط وتتقدّم خطوات للأمام.
فهم لا يزالون غير منسجمين في الرؤية، وليس لديهم برامج أو خطط معروفة ومطروحة للناس، وليس لديهم اتّفاق على المعايير التي سيستخدمونها لاختيار حكومة الكفاءات، أو من الذي سيقوم بذلك وهم ليس لديهم مجلس قيادي موحّد، ولا يدركون خبايا السياسة للخصم أو لديهم جهات منظّمة مسئولة لإمدادهم بالمعلومات، والتي هي القوّة الحقيقة، في التفاوض.
وقد استغلّ المجلس العسكري هذه العوامل للحصول على زمن أطول، وهو تكتيك حربي، يمهله لأن يجمع صفوفه ويضعف خصمه، لأنّ خصمه لم يأته كشريك ولكن كخصم يريد أن يستأثر بالسلطة والقرار. والمجلس العسكري بفعله هذا يحبط الجماهير الثائرة ويجعلها تلتفت إلى ضعف قيادتها وتخبّطهم ويستمر في إصدار القرارات التنفيذية لتثبيت سياسة الأمر الواقع وبذلك يحشر الثوار في ركن يجعلهم أمام خمسة ردود فعل؛ التصعيد باستخدام الضغط الجماهيري مثل التهديد بالعصيان المدني، أو الهروب، أو التجمّد والشلل، أو المساومة، أو الاستسلام.
ولذلك فقيادة الحرية والتغيير تتأرجح بين التصعيد والمساومة، ولكن التصعيد مغامرة لم يحسب خطرها بعد على أساس الفوز والخسارة، ولذلك فهو مقامرة غير مضمونة النتائج، إذا خسرتها القيادة فقد خسرت كلّ ما بيدها من قوّة ستقودها للاستسلام وتأكيد تحكّم المجلس العسكري بما في ذلك من مآلات خطيرة أقلّها عودة نظام الإنقاذ بصورة جديدة ودخول الوطن في نفق مظلم لا يُعلم طوله أو عواقبه.
أمّا المساومة فهي غير مجدية بصورتها الحالية لأنّ للمجلس العسكري القدح الأعلى من القوّة من تنظيم ومعلومات وتخطيط حربي، والتي استخدمها بذكاء لتلميع دوره وإبراز صفاته القيادية أمام الناس، مما جعلهم ينقسمون بين مؤيد ومعارض، وفي هذا إضعاف للثورة.
ومع تدنّي الحالة الأمنية، والتي قد تكون مرتّبة من قبل جهات تعمل منفردة أو مع المجلس العسكري، فسيتّخذ العسكر واحداً من قرارين وهما: إعلان انتخابات مبكّرة أو حكومة مُعيّنة بواسطته تتجاوز وفد الحرية والتغيير، أو إعلان حالة الطوارئ وبين الاحتمالين وقوع انقلاب عسكري آخر.
أمّا فيما يخص الماضي السياسي فالحاضر انعكاس له. فالأحزاب السياسية كلّها بلا استثناء، لا تتحقّق فيها المعايير التي تجعلها أحزاباً ديموقراطية ذات رؤية، ومؤسسات وبرامج وخطط، وحكومات ظل، ولهذا فقد ظللنا لعقود نسمع ضجيجاً ولا نري طحناً، وقد مُلئت هذه الفجوة بالشعارات والخطابة كما تنفج البالون فتظنّه أسداً وهو في الواقع هواء.
وهذا الواقع له أسباب تاريخية واجتماعية حان الوقت للعمل على تغييرها بواسطة رفع الوعي، وتغيير القوانين، وهدم أصنام السياسة والطوائف والمذاهب السياسية الأيديلوجية، وتحرير وعى المواطن من قيودها للانتماء والولاء للوطن وليس لزعيم الحزب أو السيد أو المُنظّر الأعظم أو الأيديلوجية.
وسنواصل إن أذن الله سبحانه وتعالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.