شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    الى قيادة الدولة، وزير الخارجية، مندوب السودان الحارث    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    المنتخب يتدرب وياسر مزمل ينضم للمعسكر    عائشة الماجدي: دارفور عروس السودان    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أكثر من خمسين عاما.. ما يزالون يحدثوننا عن الاستقلال لا الاستغلال ؟! .. بقلم: سليم عثمان-قطر
نشر في سودانيل يوم 10 - 03 - 2010

مرت الذكري الرابعة والخمسون لاستقلال بلادنا دون ذكر للسودان فى المحافل
الدولية إلا بسوء ، ولا كرامة لإنسانه ، ولا هيبة للدولة ولا تبيان للهوية ،لا بنيات أساسية تذكر شيدتها حكوماتنا الوطنية كافة ، ولا أفق جيد لتعليم النشء والطلاب ، ولا رعاية صحية مناسبة للأطفال والنساء والعجزة ، ولا توزيع عادل للثروة والسلطة حتى أصبح الناس يقتلون بعضهم بعضا، بسبب الماء والكلأ، بدلا من أن يكونوا شركاء فيهما ، وسمعنا لأول مرة بصراع الهامش والمركز،. لما حمل بعض أبناء الريف (الهامش) السلاح في وجه المركز لنيل حقوقهم ، وحصل البعض على أكثر مما طالبوا به، من ثروة وسلطه ، وأغرى ذلك غيرهم بالتقليد. لم لا ؟ إذا كانت حكومة المركز لا تسمع سوى هدير الدبابات، وقعقعة السلاح، وأزيز الطائرات الحربية المقاتلة، وصوت المدافع والراجمات ، مرت علينا ذكرى الاستقلال، وشطر السودان الجنوبي، ما يزال يحدثنا عن استعمار الشمال له ، ويقول كبير الشطر، إن مواطنيه عاشوا طوال سني الاستقلال مواطنين من الدرجة الثانية ، ويحرضهم على نيل استقلالهم الحقيقي ، من خلال صناديق الاستفتاء في عام 2011م وقول بصريح العبارة، أن الاستفتاء أولوية مطلقة فعلى الذين يحلمون ويتمنون تأجيل الانتخابات، أن يحلموا ويتمنوا ما شاءوا دون ربط الانتخابات وتأجيلها بتأجيل الاستفتاء،ويدعو كير مواطنيه فى الجنوب أن يصوتوا للانفصال ، حتى تتقيأ صناديق الاستفتاء من فرط الامتلاء .
تأخرنا عن ركب الأمم ، التي نالت استقلالها من بعدنا كثيرا ، وما يزال من بيدهم مقاليد الأمور ، حكاما ومعارضين فى غيهم وضلالهم تائهون ، ونحن معهم نزداد تيها في الأرض ، فانخدعنا بمظاهر كاذبة، وبريق واه ، وضلال وسراب زائفين ، فرفعوا شعار: العزة والإنقاذ من يومهم الأول فصدقناهم (والمؤمن صدّيق ( فأذلونا وأضاعونا وأي أمة أضاعوا، بشرونا بالتوجه الحضاري، فكان طبيعيا ، أن نسير فى ركابه وسرعان ما وجدنا أنفسنا إلى التأخر القاطع، والجهل المعجز، والإفلاس المهلك نمضي ، رهبة لا رغبة .
أكثر من خمسين عاما من الاستقلال، لم نحفظ فيها سوى أناشيد لا تسمن ولا تغني من جوع، صرنا نرددها كالببغاوات، كلما مرت هذه الذكرى، لنروّح بها عن أنفسنا عاما بعد آخر و(النفوس إذا كلّت ملّت)
اليوم نرفع راية استقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا .
واليوم نحن حائرون لمن نمنح أصواتنا نحن معاشر المغتربين الذين لا يحق لنا سوى انتخاب الرئيس وحده ليس لنا حق الاقتراع للولاة ولمن ترشحوا فى دوائر جغرافية للبرلمان الوطني أو والولائي وليس لنا حق مناصرة النساء ولا الحديث عن قوائم و(كوتات) تمنح للأحزاب والفئات ، لكننا على أية حال أفضل حالا من زميلنا الأستاذ طلحه جبريل ،وغيره آلاف مؤلفة من السودانيين فى المهاجر، لم يمنحوا حق انتخاب رئيس يحكمهم ، وبالتالي ولأن صوتي أمانة فى عنقي ، وحتى لا يكون يوم القيامة خزيا وندامة فلم أجد فى جن السودان أحمره وأسوده سوى البشير أمنحه صوتي ،حيث عرفناه لعقدين من الزمن ، والذي نعرفه من الجن خير من ذلك الذى لا نعرفه ،نفعل ذلك رغم تحفظاتنا الكثيرة واعتراضنا على كثير من سلوك أهل الحكم والسلطان .
مرت علينا ذكري الاستقلال وبلادنا تتأهب للانتخابات وهناك من يضع ساقا على جمرها ويؤخر أخري وهناك من يسعي سعيا حثيثا لتأجيلها وهؤلاء لا يعدمون الحجة فى كل حين .
نتذكر أولئك الأبطال الذين صنعوا لنا هذا الاستقلال، الذي نفشل بعد أكثر من خمسة عقود من الزمان أن نصونه ونحفظه، فبدلا من علم واحد كان يرفرف فوق كل سارية فى طول البلاد وعرضها منذ فجر التاريخ ، أصبح هناك علم آخر يرفرف فى الجنوب، ويلف به جثمان ابن من أبناء السودان (جون قرنق ) وهو يشيع إلى مثواه الأخير، لتدفن معه وحدة ظل منافحا ومدافعا عنها طوال حياته فأصبح بعض تلاميذه النجباء من (الزهجانين من أنفسهم ومن الشماليين ومن كل شئ ، والحاقدين على السودان القديم، يعدون الثواني حتى موعد إعلان سودانهم الجديد الذي بشرونا به ) فظلوا يلوكون عبارة التحول الديمقراطي.. في كل منبر ومحفل ويجربوها في السودان القديم (الشمال) أولا قبل تجريبها وتنزيلها فى أرض الجنوب ، فظلوا يتراشقون مع شركائهم في الحكم بالسخف ويتطارحون بالبذيء من القول، ويسلكون سلوكا همجيا أقرب إلى البلطجة ، منه إلى الحكمة ، ولم يكن الشريك الخصم بأقل شراسة وفجورا فى الخصومة ، فأصبح الكل يخون أخاه في الوطن ، ومن فرط تماديهم فى هذا الغي الذي يعبر عن سطحية ثقافتهم، وقلة معرفتهم، وضحالة تفكيرهم، وجفاف مشاعرهم، تجاه من تولوا أمرهم في السودان في الشمال والجنوب ، بقوة البندقية ، لم يعد أمامنا من سبيل سوى أن نردد دائما (حسبنا الله ونعم الوكيل) الشريكان ومن يناصرونهما ، لا يرون المناقب والايجابيات ، بل المثالب والسلبيات، فهم (صم بكم عمى فهم لا يرجعون ) فالناس في السودان من شدة الإحباط الذي أصابهم، منذ فجر الاستقلال أصبحوا يقدسون الأموال، وباتوا يهرولون خلفها كالحمر الوحشية دون أن يجنوا منها شيئا ، حيث تقاسمها أهل الحظوة، ومن أنجبتهم أماتهم وفي أفواههم ملاعق من ذهب ، فالناس فى السودان تحدثك عن أناس تطاولوا فى البنيان ، (من علامات الساعة الصغرى) وكانوا حتى الأمس القريب لا يملكون من حطام الدنيا شيئا ، هكذا تجري المقادير فى السودان، بما تشتهي أنفس البعض ، هؤلاء الذين أثروا ثراء فاحشا ، بعضهم مات ضميره، أو باعه للشيطان، أو الحزب، وبعضهم فارقته الفضيلة، فلم يعد قويا أمينا على مصالح أمته، بل شخصه ومن بعد حزبه، ثم من بعدهما الطوفان ، تخلو عن المثل العليا، والمبادئ السامية ، والخلق القويم، والروح الشفافة، في أول عناق لهم مع المال ، تخلو ا عن الخصال الحميدة ، والسجايا الطيبة ، نعم حقا (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) ولذلك الكل يركض خلفه ومن أجله ، الناس فى السودان حتى من غير الحاكمين والمعارضين وأقصد العامة، يبيعون الشرف والعرض، ولكل مبرره الذي يسوقه إليك عندما تسأله ، بل يبيع بعضهم الحياء والإباء ، سياسيونا في السودان ، يتحللون بسهولة ويسر، من وعودهم ويتخلون عن عهودهم، كما تنزع الثعابين جلودها القديمة (اتهامات الشريكين لبعضهما البعض والحكومة للمعارضة) معظمهم درس في جامعات الغرب ونال فيها أرفع الدرجات العلمية ، ولم تسعفهم أربعة وخمسون عاما من الاستقلال، أن يفعلوا شيئا لوطنهم، حتى يسجله لهم التاريخ بمداد من نور، في ميزان حسناتهم ، اللهم إلا التناحر والبغضاء، والكراهية والتخوين والتنظير، فيما لا طائل من ورائه ، لم نقتد بسياسة اليابان التي كانت بنهاية أغسطس 1945خرابا بكاملها . مليونان من القتلى و%40 من مساحة مدنها قد أبادها الأمريكان ، ونصف سكان مدنها قد اختفوا والصناعة قد قضي عليها ، والزراعة أجدبت أراضيها بفعل الافتقار المستمر إلى المخصبات والتجهيزات ، هذه الدولة الفتية التي هي مجموعة من الجزر فى القارة الآسيوية تعد واحدة من الدول الصناعية الكبري التي تعمل الدول الكبرى لها ألف حساب، حاربت أمريكا بضراوة وأبلت في دفاعها، وردّت ببطولة وفدائية ، ودمرت الأساطيل الأمريكية، ليس هذا فحسب، بل نهضت بسرعة البرق، لأن الإنسان الياباني يقدس العمل، أما نحن في السودان، فنقدس الكلام الفارغ، والنوم ، والقطيعة والنميمة لم تعد من اختصاص النساء عندنا بل الجميع يتفنن فيها ، حتى وصفنا الآخرون بأننا أكسل شعوب الأرض ، وصرنا نتجادل هل مرد ذلك لجين في خلقنا؟ أم هكذا نحن فقط نحب النوم فحسب؟، بلد فيه ملايين الأفدنة الصالحة للزراعة يشكو مواطنوه من الفقر والعوز والجوع ، بلد يشق أراضيه أطول أنهار الدنيا ، فلا يأكل الفقراء السمك إلا نادرا، وحدهم المترفون هم من يأكلون بشكل راتب السمك والدجاج ، الذي وعدنا الوالي السابق للخرطوم ، بأنه سوف يباع بتراب الأرض (كناية عن أن أسعاره سوف تنخفض لمعدلات غير مسبوقة) فكان أن كافأته الحكومة بتعيينه وزيرا للزراعة بدلا من تسليمه كتاب إعفاء من سطرين ، ألم أقل لكم في مقال سابق إن الوزارة فى هذا العهد المبارك الميمون تشريف وليس تكليف ، إن فشل أحدهم هنا فلا بأس من أن يجرب حظه في أماكن أخرى ويتعلم الحلاقة على مؤخرات رؤوسنا، حتى كثير من المغتربين أمثالي يلجأون في إجازاتهم إلى الفول ، ليس لأنهم يخشون على أنفسهم من زيادة الكلسترول ، بل لأن الفول أرخص من الدجاج واللحوم الحمراء والبيضاء ، فى بلد كان بالإمكان توفير هذه اللحوم لأهله بسهوله ويسر لو كانت (قفة الملاح) تعني شيئا فى فقه الحاكمين ، بأمر الله ، بل بقوة السلاح وسلاح القوة ، إنه من المؤسف حقا بعد كل هذه السنوات من الاستقلال، وبعد أن تدفق البترول من باطن أرضنا، أن نشكو من عدم توفر أساسيات الحياة . فإذا كان الشباب قد نصروا الإنقاذ وكانوا وقودا لحروبها في الجنوب ومضى منهم فى صمت الجبال الراسيات أربعون ألف نفس عزيزة شهداء ، في وقت أشاح فيه الشيوخ بوجوههم عنها ، فإن الإنقاذ لم تبادل الشباب وفاءً بوفاء، بل تركتهم في عطالتهم، ولم توفر لهم فرص العيش الكريم ، بعد أن لفظتهم جامعات أقرب للمدارس والكتاتيب من بطونها ، فجلس مئات الآلاف منهم في رصيف انتظار وظيفة، قد لا تأتي إليهم أبدا ، إنما تذهب صاغرة ذليلة إلى أهل الولاء والطاعة فقط. فصارت الدورات المدرسية بائسة، لا تفرخ نوابغ شبابية، في أي من مجالات الرياضة والثقافة والفن ، بل لم تعد المدارس تهتم بالأنشطة المدرسية من جمعيات أدبية ومسرح ورياضة ورسم وموسيقى ، ولم يعد المعلم هو ذلك الشخص الذي كنا نقف له تحية وإجلالا وإكبارا وإعزازا ، بل شخص يصارع بين الحياة والموت. الإنقاذ لم تهتم بالشباب، وهم الذين سهروا على تأمين مسيرتها الأولى ، والدليل أن شيوخا شائخين ما يزالون( يتمرجحون) على كراسي الحكم المركزي والولائي وأمانات المؤتمر الوطني ، وآخرون، من المعارضة يسعون لاقتلاعهم ،ويحملونهم كل سوءات الحكم فى البلاد لكم مهما يكن فإن السيد
.عرمان لن يكون اوباما السودان المنتظر ، وغيره من طلاب التغيير سوف يبررون لنا مرة أخرى الصفوف، فى حاجياتنا ، بحديث فلسفي غامض ، .المعارضة تسعى لاقتلاع الإنقاذ ن وهذا حقها لكن دون ان تكون لديها برامج مقنعة تحدث فرقا وتغييرا ، ذلك ان التغيير ليس شعارات نرددها.
فكان طبيعيا أن نصرا يذكر فى كافة المحافل ولاتحقق فرقنا الرياضية نتائج تذكر ، وخير مثال وصول منتخبنا الوطني لكرة القدم ، العام قبل الماضي ، إلى نهائيات البطولة الإفريقية في غانا، وخروجه من الدور الأول بعد أكثر من ثلاثين عاما من الغياب ، ويفشل منتخبنا فى الوصول إلى نهائيات إفريقيا التي تقام هذا الشهر فى انغولا ،والسبب أن الدولة لا تولي هذا المنتخب وغيره، من المنتخبات الوطنية، أي اهتمام ، بل يكاد الاهتمام الذي يجده كل من الهلال والمريخ يفوق اهتمامنا به ، حتى غدا تشجيع الناديين الكبيرين واجبا وفضيلة بينما تشجيع المنتخب الوطني أقل من فضيلة تسقط إذا قام به بضعة عشرات منهم ، ورأينا كيف يمجد جمهورنا الكروي النجوم بل كيف لا يتعظ بالموت ،هذا الشباب المغيب لم تغيبه الأحزاب فحسب بل قادتنا الأكابر، فكان من الطبيعي أن يشتبك المريخ مع اتحاد الكرة بسبب موت لاعب بشكل طبيعي ،ويمنع الأول ممثل الثاني من الصعود الى سلم الطائرة التى أقلت الجثمان الى نيجيريا ، وكان من الطبيعي ان يشنق طفل صغير نفسه حزنا على أسطورة يصنعها إعلامنا الرياضي عن جهل ،وكان يمكن أن تحدث كارثة لا تحمد عقباها لفريق الأمل ، بسبب جهل إداري من قبل المريخ وبسبب نقص تقني فى الكاميرات وبسبب نقص فى الإمكانات والكوادر الطبية وبسبب جهل ونقص فى ثقافة لاعبينا والجماهير، ويكفينا خزيا وعارا أن يوسف عبد الفتاح نائب والي الخرطوم السابق فى عهد الثورة الأول، فكر بطريقة متعجلة فى إنشاء مدينة رياضية،(وهو على أيه حال اجتهاد يشكر عليه) صارت الغربان البوم تنعق فوق أثاثاتها بعد مرور نحو عقدين من الزمن على وضع أساسها ، . ويكفينا خزيا وعارا إننا نحتفي بإستاد المريخ على بؤسه وضيقه ونعتبره تحفة الملاعب فى بلدنا ،بعد أكثر من خمسين عاما من الاستقلال تعتبر عاصمة بلادنا من أكثر العواصم العربية بؤسا ، فلا أحد يهتم بإعادة تخطيطها وتجميلها ، وجزى الله الوالي السابق خيرا أنه قام مشكورا بإنشاء بضعة حدائق أو مجرد ساحات فيها بعض النجيل الأخضر ولا نقول منتزهات (حبيبي مفلس) بعد أن أزيلت حدائق كانت قائمة وبعد أن تغولت اللجان الشعبية، على ميادين وساحات كانت متنفسا للناس. دولة المشروع الحضاري لم تهتم بالشباب ولا أحسبها سوف تهتم بهم إلا بعد أن يصبحوا ربما شيوخا. فتتسابق الأحزاب لوضع صور مرشحيها على تلك الحدائق البائسة ،إنه الاستغلال للمواطن وقت الضيق والحاجة والانتخابات ثم لا يذكرونه بخير الا فى دورة جديدة من دورات السعي خلف بريق كراسي السلطة فكان طبيعيا أن لايكون معنى لحديثنا عن الاستقلال أو الاستغلال أيهما شئت
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
تقضي الأمور بأهل الرأي ما وجدوا فإن تولوا فبالأشرار تنقاد
الناس في السودان بعضهم بالطبع وليس الكل يكذبون ولا يقولون الحقيقة ،يثرثرون ويجعجعون وينافقون ويسعون طوال نهارهم فى نكد وكد وتعب ونصب رغم إدراكهم زواله (الحكم ، السلطة ، المال ، حتى الدنيا نفسها ) وبقاء أخلاقهم وأعمالهم. الناس بعضهم يتستر وراء الأقنعة والأسوار التي شيدها لنفسه، فلا يعملون فى الهواء الطلق ، لأنهم أعداء للحقيقة ، خصوم للحجة ، أدعياء للعلم والمعرفة ، أجهل من الدواب والهوام التي تمشي ، وتزحف على الأرض ، متسولون على أبواب العلم ، متطفلون على نوافذ المجد الكاذب، نفوسهم مهزومة ومأزومة ، هم كالذباب لا يقع إلا على الجرح ، حتى ولو كانت باقات الزهور يفوح منها العبير عن مقربة ،لا يرشف رحيقها ولا يشم عبيرها، وإنما يبحث عن المزابل ، فبعض أهل السودان ينظرون إلى أهل الصلاح نظرات السوء يتقولون عليهم الأقاويل يقذفونهم بالسب ويرمونهم بالتهم لأنهم وزنوا الأمور بميزان الباطل فاستحوذ عليهم الشيطان فسلط الله عليهم المشكلات، وضيق عليهم الأرزاق، ومكن منهم الحطام، وحقا لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .بعد أكثر من خمسين عاما من استقلال بلادنا، لم تنضج عقول ساستنا ،لكن جيوب كثيرين منهم انتفخت ورصيدهم فى بنوك الخارج والداخل زاد ،لم يفتح الله عليهم فتحا مبينا يمكنهم من الجلوس حول طاولة سودانية للاتفاق على كيف يحكم السودان ، فهاهي حركة العدل والمساواة تريد إقصاء الآخرين وهاهي الحركات الأخري لا تريد التوافق معها وهاهي أمريكا تلوم الحكومة وحدها ، وهانحن عاجزون عن فعل شئ ، كيف يحمل المعارضون معاولهم لهدم كل ما بنته الإنقاذ ، و كيف يحملون سكاكينهم لذبحه من الوريد إلى الوريد ،فأخفقت هذه النخب إخفاقا ذريعا ، فى إيجاد حلول لمشاكل السودان، حتى أصبحنا أمة تضحك بقية الأمم من عجزها، وفشلها فى التواصي بالحق والصبر، في القيام بالرسالة التي حملوها دون تكليف منا .فحق أن يتدهور كل شئ فى السودان من أمن وتعليم وصحة وكرامة إنسان وعرض وأرض، وأصبحت حاجياتنا فى العيش الكريم مزايدة لكل هؤلاء ، فحين يصبح حكم البلاد بأيدي قلة جاءوا إلى الحكم بليل على ظهر دبابة أو من غابة ومستنقع ، يصبح الحديث عن الحق والعدل والمساواة والقيم النبيلة التي نادت بها كافة الشرائع السماوية والأرضية ، التي حلمنا بتحقيقها منذ الاستقلال ، من قبيل الترف الذي لايدرك وإن كان الواجب أن لا يترك ، خوفا ورهبة من حاكم وإنما رغبة في البحث عن غد مشرق زاهر. وحينما تكون المعارضة بائسة وضعيفة ومنقسمة وحينما لا يكون لديها برامج للتغيير الحقيقي فعليك حينها أن تستخير الله حتى يوفقك لمن تمنح صوتك .
سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
Saleem Osman [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.