الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقول لغندور لا تكن كفاطمة عبد المحمود تلولي محنة الاتحاد الاشتراكي حتى رحيلها إلى دار البقاء .. د. عبد الله علي إبراهيم ومحمد الأقرع
نشر في سودانيل يوم 02 - 10 - 2019

نشرت جريدة الوطن اليوم (أول أكتوبر 2019) لقاء صحفياً طويلاً مع الأستاذ محمد الأقرع. وليس بطرفي الرابط للصحيفة ولذا رأيت نشره على طوله هنا مرة واحدة لم له صبر على التطويل أو أن يقرأ المتعجل منه ما شاء.
سؤال: في البداية كيف تقيم الحراك الثوري الذي شهدته البلاد خلال الفترة الماضية بالإضافة الى النهايات التي آلت اليها الأحداث؟
جواب: سيصح تقييم خطر هذه الثورة فقط حين نراها حلقة في عقد ثورات قامت تحت الاستعمار (1924 ومؤتمر الخريجين ولحركة لوطنية) وما بعده (1964 و1985) لخلق "الوجود المغاير" الذي رنا له التجاني يوسف بشير. فهي ذروة حركة تاريخية لقوى خرجت من بنيات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية أنشأها الاستعمار جسرتنا غصباً إلى العالم الغربي بتاريخه الضارب في معارف ومنجزات كالحداثة. إن الثورة القائمة هي استجابة لابتلائنا بالحداثة في مصطلح الترابي. ولنضرب مثلاً: زنق المحافظون النساء في ركن ضيق في حادثة وئام شوقي في أغسطس 2018. وما اندلعت الثورة حتى كان اسمهن الكنداكات وصرن رمزها بواسطة إحداهن. وهذه هي "صناعة الدنيا وتركيب الحياة القادمة" في قول ود المكي. وخصوم هذه الصناعة متربصون.
س: هنالك من يقول أن الثورة اختطفت وما انتهينا اليه لا يعدو كونه تسوية سياسية لتحافظ بعض النخب الصفوية على امتيازاتها التاريخية، ما تعليقك؟
ج: بعضنا يعاف المساومة في الثورة بينما هي ضربة لازب متى أملاها ميزان القوى. والثوري يركب الصعب متى تغاضى حقائق هذه الميزان. ثم من هي هذه النخب التي سعت للحفاظ على امتيازاتها التاريخية؟ النخب مصطلح شائن لأن النخب نخب وليست كياناً جامعاً مانعاً. فهل استاذنا عبد الخالق محجوب هو نخبة من عيار حسن الترابي مثلاً؟ جاءنا منصور خالد بالمفهوم، وأقول مضطراً، كنا مثل عُمياناً مسكوا بعكاز. لن تستقيم لك معرفة امتيازات النخبة المهنية التي في الحكم الآن لا بمعرفة جهادها لتكون حيث هي في 1964 و1985 لتطردها العملة الرديئة من النخب في كل مرة.
سؤال: باعتبارك ماركسياً هل تعتقد أن ما تم في ديسمبر وحتى الآن ثورة مكتملة الاركان، وكيف ترى موقف الحزب الشيوعي الذي رحب بالانقلاب ثم تحفظ ثم فاوض ثم انسحب؟ الحزب الشيوعي قرر عدم المشاركة في الحكومة هل هي يمكن ان يختلف خطابه الجماهيري عن فعله السياسي ويشارك عبر واجهاته الأخرى؟
جواب: كماركسي حزّ في نفسي غياب الطبقة العاملة بصورة مؤسسية من مشهد الثورة. وهو غياب بدأت نذره في أكتوبر 1964 واستشرى في 1985. أما في 2018 فصارت تلك الغيبة بمثابة إهمال أو إدمان. وتسيدت على الساحة البرجوازية الصغيرة الثورية بشجاعة كبيرة. ولذا قلت مرة إنه تصدت لقيادة الثورة الحالية الدكتورتاريا بدلاً عن البروليتاريا. وهذه، للماركسي، نقطة ضعف. وربما السبب في اضطراب الحزب الشيوعي كما تلاحظ في أنه يتعاطى مع الثورة بذاكرة بروليتارية لبروليتاريا مستترة لم يستقدمها لدائرة الفعل الثوري. يرى لحزب الثورة ناقصة ودون توقعاته بذاكرة بروليتارية غائبة في الزرائب كما تقول الأرجوزة.
سؤال: الا تعتقد أن غياب الشيوعي من الحكومة في ظل تكوينها ودعمها من قبل التيارات المناوئة له او التجديدية (مفاصيل الحزب) قد يخلق وضع أخر ينتهي في نهاية المطاف بظهور حزب شيوعي جديد أكثر نفوذاً ومرونة؟
جواب: صار الحزب الشيوعي بعض منظومة البرجوازية الصغيرة. فلا خطر منه على ثورتها. حزب شيوعي جديد من خشمك لباب السماء.
سؤال: في أخر حواري لي قبل ثلاثة أعوام قلت إن المساومة مع نظام البشير هي الحل واشترطت أن لم تخونني الذاكرة تغيير في ميزان القوى لكن أتت الثورة الشعبية وقامت بتبديل المعادلة تماماً هل يعني ذلك أن قراءتك لمسار الأحداث لم تكن صحيحة أم ثمة معطيات أخرى ساهمت في هذا التحول؟
جواب: وما فعلته الثورة؟ غيرت ميزان القوى "الراكن" لصالح النظام. قلت لك بالتحديد لو أذكر إن الوضع الأمثل لمساومة مجزية مع نظام البشير هو تحريك شعبي ملموس لميزان القوى يجبر النظام المرتاح لاتخاذ القرار الصعب حول مطالب يغشغش بها محاورية ولا يلتزم بها. وكان هذا من باب النقد لمن ظنوا أنهم سيحصلون منه بالحوار على تنازلات غير مسنود بزلزلة ما في ميزان القوى. وظل الكثير منا خلال هذه الثورة يأملون من النظام أن يعدل حاله تحت ضغط الثورة القائمة. طمع هؤلاء في أن يذهب البشير ويبقى بعض النظام. ولم يفعل وسقط. جاءتنا الثورة بأكثر من تحريك ميزان القوى. فقلبت سافلها عاليها.
سؤال: هل تستطيع الحكومة بتوليفتها الحالي (مجلس سيادي "مدني ، عسكري" حكومة كفاءات وبرلمان محاصصات) أن يعبر بالسودان من أزماته الطاحنة، و برأيك ما مدى صبر السودانيين وهل تتوقع تفاعلهم مع ثورة مضاد قريباً ؟
جواب: وما هي المشكلة في بنيته المذكورة (سيادي، حكومة وبرلمان) التي ستمنعه من العبور بأزمته الطاحنة؟ وإذا ضاق السودانيون (طبعاً بعضهم لا يطيقه اصلاً وهذا مفهوم) ذرعاً به فليكن لهم بديل وإلا جاءتهم الطامة الكبرى. الوضع الذي ورثته حكومة اليوم عن البشير مما يشيب له الولدان. كما أن التقاليد السياسية التي ورثتها الحكومة من معارضة (مدنية ومسلحة) لثلاثة عقود خالية من الشفقة والنبل ونكران الذات. ومع ذلك لا خطوة للوراء. وضمانتنا الوحيدة ضد السقم العشوائي هو سهر القواعد المنظمة على الثورة. والصبر ضل النبي.
سؤال: ظهر لاعبين جدد في الخرطة السياسية السودانية (تجمع المهنيين ، القوى المدنية) وكانت لهما مساهمات مقدرة في انجاز التحول الأخيرة ، كيف تنظر الى مستقبلهما ؟
جواب: تجمع المهنيين جديد قديم. فهو سليل اللواء الأبيض ومؤتمر الخريجين وجبهة الهيئات (1964) والتجمع النقابي (1985). هو الخمر القديم في قناني جديدة. إنه جاء ليبقى. فلتكن هذه عقيدته.
سؤال: في ذات السياق هل تتوقع بعد ثورة ديسمبر أن تتغير ذهنية الجماهير في التعامل مع الأحزاب ونشهد ضمورها او حالة انفضاض من حولها كما حدث في الانتخابات التونسية مؤخراً؟
جواب: هذا امتحان منتظر وغير خاف إن فرص الأحزاب ليست كما كانت أول. وعادة ما نتكلم عن الأحزاب ونحن نقصد موروثنا منها: حزب أمة، اتحادي، شيوعي إلخ. ليست هذه خاتمة الأحزاب عندنا. وصارت منذ طويلة هدفاً لهجوم تجاوزها لمبدأ الحزبية نفسه. صارت الحزبية كفر. وهذه فكرة خطرة لأن الديمقراطية بلا أحزاب لا تكن. لنكف عن هذا الترويح بنقد الأحزاب. الأحزاب لم تكتمل تاريخياً. والمؤتمر السوداني دليل على ذلك. أنشئ حزباً بدلاً من أن تلعن الأحزاب.
سؤال: نلاحظ أن قوى إعلان الحرية والتغيير وعبر لجنتها الميدانية مازالت تستخدم نفس أدوات الضغط (مواكب واضرابات) في اجبار حكومتها على تنفيذ المطالب، هل تعتقد ان هذه الادوات صالحة في الوضعية الحالية أم ثمة هناك حوجة ملحة لا بتداع أدوات جديدة؟
جواب: تذكر أن خصمنا في الثورة مننا فينا متمثلاً في الفريق العسكري في مجلس السيادة. و"تمرد" هذا الفريق حيال تعيين رئيس القضاء والنائب العام وضم الاتصالات للقوات المسلحة مكر لا بد من الرد عليه. وددت مع ذلك لو اهتمت قحت ببناء كيانها في الأحياء والولايات فتعد خلاله لمؤتمر عام تفرض به قحت نفسها بجانب التظاهرات. وسبيلها الآخر هو أخذ النقابات إلى صفها بانتخابات حرة. فمن العار أن يخرج علينا الدكتور الرويبضة يوسف عبد الكريم رئيس اتحاد النقابات بعد كل هذه الشهور من الثورة ونصرها ليحدثنا عن مطالب للاتحاد على الحكومة، وأن دورتهم الانتخابية ستنتهي في 2020. ولم اسعد بانتظار النقابيين وزيرة العمل لتحل لهم الاتحاد والنقابات حتى يشرعوا في استعادة النقابات للديمقراطية. لربما احتاجت قحت لمظاهرات أقل لو وقفت فوق منابر قوية ومؤثرة.
سؤال: الى أي مدى يمكن أن يصمد تحالف (قحت) في مرحلة الدولة بعد أنجر الثورة أو نقل السقوط؟
جواب: لقد جئت بسبيل قحت للصمود للفترة الانتقالية في إجابتي الماضية. تحتاج قحت أن تجذر نفسها في القواعد وأن يتفرغ كادرها للمهمة. لقد أردنا لجبهة الهيئات أن تتوطن ككيان نقابي وسياسي بعد ثورة أكتوبر ولكن كانت الثورة المضادة أقوى. وشلعوها الرجعيون. ظروف أن تبقى قحت، أو تجمع المهنين على الأقل، كبيرة.
سؤال: الصادق المهدى لوح بانتخابات مبكرة في حال فشل الحكومة. كيف تنظر لهذه الدعوة؟ وهل مازال المهدى وحزبه يمتلكون حظوظ وفيرة في حال التوجه لصناديق الاقتراع؟
جواب: فال الله ولا فاله. لا أدري ما يضطر السيد الإمام لمثل هذا القول المثبط. عرفنا شنو هسع؟ بالطبع الإمام صاحب جمهرة والانتخابات حاضرة في ذهنه دائماً حين يقارن ضعف حظه بالثورة عنه بالانتخابات. وحمل هو والاتحادي (أزهري) البلد لانتخابات كئيبة في 1965 لقطع دابر ثورة أكتوبر. لا اتكهن بحظوظه الانتخابية هذه المرة. قود لك.
سؤال: بعد سقوط النظام البائد مباشرة صعد على سطح الأحداث مطالبات تطبيق الشريعة التي تقودها تيارات دينية مازالت تناور وتحاول في تحقيق أهدافها كيف ترى تأثير هذه الخطابات على الجماهير، هل هي قادر على خلق التفاف جماهيري مجدداً؟
جواب: مؤثر. وللأسف قحت تسوف في التعاطي برأي حول الدولة والدين. وتصدر منها مرات تصريحات حول الأمر غير موفقة. سرتانا (الثورة المضادة) لا ترحم.
سؤال: سؤال الهوية والالتفاف الايدلوجي: هل نشهد نهاياته في ظل وجود ثورة قامت على قضايا مطلبية عاجلة النفاذ ومحصورة في الخبز والكرامة؟
جواب: والكرامة تتغذى من الهوية. فالذي تحرمه من حقوقه الثقافية تحد من كرامته بالطبع. ولربما قلت لك إننا بحاجة للإيدلوجيا في يومنا هذا بأكثر من أمسنا. الإيدلوجيا قبس وخارطة طريق إلا أن تتحول إلى "عقيدة". قلت للشيوعيين في كتابي "أصيل الماركسية" إنكم عطلتم تطبيق الماركسية في تحليلكم للوضع في دارفور فحرمتم الوطن من ملكاتها في تحليل مثل ذلك الوضع برشد وقوة. لكن الإيدلوجية حمل ثقيل. أرقد يا عيش أنا جرابك.
سؤال: لم تمض أشهر على خلعه من سدة الحكم حتى عاد المؤتمر الوطني للواجهة وأعلن عن تشكيل أمانات جديدة برئاسة غندور، هل تعتقد أن العطار يستطيع أن يصلح من اسقطه الثوار؟ أم هي فرفرة مذبوح؟
جواب: ليذكروا خيرات الديمقراطية. أقرأ لبعض الإنقاذيين في الصحف وأود أن اسألهم "أها لقيتونا كيف"؟ ولكني أقول لدكتور غندور، الذي يعرف أنني أكن له احتراما كبيرا، قيل البِلد المحن بلولي صغارهن. والمؤتمر الوطني محنة لوليت كبارها وما أجدي. فلا تشتبك مع صغارها. الناس باكلو لحمك. ولا تكن كفاطمة عبد المحمود تلولي محنة الاتحاد الاشتراكي حتى غادرتنا إلى دار البقاء.
سؤال: في ذات السياق هل يمتلك المؤتمر الوطني دولة عميقة حقيقية قادرة على زعزعة الفترة الانتقالية؟ وهل تظن أن حله وحظره من النشاط السياسي هو الخيار الأفضل والعاجل؟
جواب: نعم يحظر. وصدرت قرارات في أول أيام المجلس العسكري بحله ومصادرة دوره. المؤتمر كحزب مؤسسة نذلة وكمصلحة حكومية يعود موجودها للدولة.
سؤال: في ذات المنحى كيف ترى مستقبل الحركة الاسلامية واحتمالية تطبيق المنظومة الخالفة التي كان ينادي بها الترابي قبل وفاته؟
سؤال: لي مقال عنوانه "ماذا خسرنا بتهافت الحركة الإسلامية". خسرت نفسها وخسر الوطن. فلن يكون السودان بغير حركة إسلامية. وسننتفع لو كانت هذه الحركة هي التي خبرناها بدلاً من أن تأتينا أخرى طاوية حبالها كداعش. فالحركة جربت الحكم وخسرته ونشأ جماعة في المحنة يستبطنون كسرتهم بمسؤولية. والتمست منهم مراراً أن يحكموا النفس اللوامة لا "المشارعة" كما يفعل كثير منهم وفي المؤتمر الشعبي خاصة. صح أن يتصالحوا مع حقيقة خسارة مشروعهم الذي سارعوا إليه بالسلاح. وأن يكثروا النقد والصلاة.
سؤال: ثوار السهل وثوار الجبل نظرية طالما استدلى بها بروف عبدالله في توضيح العلاقة والتحالفات بين القوى المدنية السلمية والحركات المسلحة في السودان برأيك كيف تمضي الآن بعد إنجاز ثورة ديسمبر؟
جواب: اتسمت هذه العلاقة بسلبية واضحة من ثوار الجبل تجاه ثوار السهل. وما جرى من الجبهة الثورية من مزاحمة للثورة القائمة صورة متطرفة من هذه السلبية. لا اعتقد أن الثورة أخذت نفسها من ويلات خصومها في باطنها لتجد نفسها مستدعاة مكررا من الجبهة للنظر في مطالب لها. كانت الثورة تطوف بعواصم الجيران لمراضاة الثورية وهي لم تكون حكومتها بعد ولم تتواثق على استراتيجية للسلم تأخذ في الاعتبار حركات أخرى منتظرة. وقادت سلبية المسلحين تجاه ثورة السهل إلى زعزعة للثورة قضت عليها في 1964 و1985. ففي الحالين واصل المسلحون الحرب ضد الوضع الثوري الناشئ ووفروا للعسكرية الرسمية سبباً للتدخل لحماية بيضة الوطن. وبينما امتنع المسلحون في 64 و85 من مد يدهم لثوار السهل تجدهم يمالئون العسكريين الذين أزاحوا ثورا السهل من مسرح السياسية. رفضت أنانيا التعاطي مع ثوار أكتوبر لكنها وقعت اتفاقية 1972 مع نميري. وكذلك الحركة الشعبية. لم تنصر ثورة 1985 وعادت بآخرة لتتفق مع الإنقاذ في 2005. نأمل أن يستصحب المسلحون دروس هذه الجفوة بينهم وبين الثوار المدنيين حفظاً للثورة.
سؤال: ماهي آفاق تحقيق السلام في ظل حكومة الثورة؟
جواب: آفاقه كبيرة متى لم نفصل بينه وبين تحقيق الديمقراطية كما يفعل ثوار الجيل عادة. فلديهم اعتقاد لا أساس له بأن ثوار السهل، متى تولوا الحكم، انشغلوا عن السلام بالديمقراطية. وعرضت لتجربة أكتوبر التي تنقض هذا الزعم. فعقدت أكتوبر مؤتمر المائدة المستديرة للسلام في مارس 1965 بينما جرت الانتخابات في يونيو 1965. وانعقد المؤتمر ولم يتفضل المسلحون في الجنوب بوقف إطلاق النار حتى. صبوا ماء بارداً على الأشواق للسلام.
سؤال: ما هو مستقبل خطاب الهامش وقدرته على خلق احتشادات جديدة بالمقابل كيف يمكن أن نفهم الدعوات التي تطلق هنا وهناك بانفصال شرق السودان مثلا؟
جواب: وودت لو توقف المسلحون من عادة التفاوض تحت تهديد اقتطاع جهتهم من الوطن إن لم يلقوا مرادهم. فلو لم يتعظوا بانفصال-استقلال الجنوب وترديه المشاهد لا أعرف بمن يتعظوا.
سؤال: البيئة الإقليمية لن تقبل ترسيخ الديمقراطية في السودان وستعمل على إفشالها ما استطاعت ... ما تعليقك؟
جواب: أسألنا نحن سيبك من غيرنا. الديمقراطية عالمياً في أسوأ حالاتها بصعود نجم القوميين المتعصبين في أحسن بيوتها في أمريكا وبريطانيا. لكن نحن جاهزون لها ودفعنا ضريبتها منذ استقلالنا. ومتى توطدنا في هذه الروحانية والعزيمة وصار الذي بيننا وبينها عامر فليكن ما بيننا والآخرين "خراب". في أيام عز كوبا قال معلق ألا ترى للاشتراكية تُبني على بعد 90 ميلاً من قلعة الرأسمالية. من أراد بديمقراطيتنا سوء نسأل الله أن تعديه.
سؤال: أخيراً ما هي أهم أخطاء النخب السياسيين التي وقعوا فيها عقب ثورة (اكتوبر) وانتفاضة (أبريل) وهل يمكن أن يتفادوها هذه المرة وكيف؟
جواب: النخب كما قلت لك نخب وليست تشكيلة جامعة مانعة صمدة. لقد صارعنا نحن صفوة الشيوعيين في أكتوبر لاستمرار الثورة، لتمكين جبهة الهيئات، لبقاء حكومة الثورة التي مثلت لأول مرة قوى مبتكرة لم تطرق باب الحكم (مهمشة) وهم المهنيون والعمال والمزارعون والشيوعيون. ولقينا الأمرين من صفوة الثورة المضادة التي زحفت على كل هذه المعاقل وأخرستها واحدة بعد الأخرى. بل وظفت البرلمان نفسه للكيد لنا بحل الحزب الشيوعي. وتقول لي الصفوة؟ لم نخطئ نحن صفوة الشيوعيين في الولاء للثورة. شوفو الأخطأ منو وبطلو الجغمسة.
سؤال: الى ماهية أدوار المثقفين في هذه التوقيت ؟
جواب: يبطلوا نصح الحاكم إلى إدارة حوارات فكرية وفي بالهم زبائن من القراء والمهتمين والشباب لتؤسس لوعي. المفكر لا يتحدث إلى الحاكم حديث الصديق الوفي (يا حمدوك!) من أيام الجامعة. المثقف المشغول يتحدث إلى طاقات في الأمة فيصمم أجندة للتغيير تتخلق حولها كتلة حاسمة من السكان لتنزيلها على الأرض. لهذا كنا نقول في الماركسية إن الفكر، متى تنزل في الوجدان والعقل، صار قوة مادية مزلزلة. وجدت كثيراً من مثقفينا بدأوا بالنصح للحُكام الجدد ولما لم يسمعوا منهم كفوا عن التفكير والكتابة بل منهم من اعتقد أنهم تجاهلوه وتحول إلى غبين. جبهات التغيير الثوري خامدة فكريا (التربوي، الاقتصادي، الفلسفي، التاريخي، الشبابي، والإعلامي إلخ) والجبهة الأنشط هي القانون. وصرنا كمن يمرن عضلة واحدة من جسده. وما اقرأه من كتابات في القانون فيها حراق روح كثير وميل للعقوبات لا التنوير. قرأت اليوم: قبل سويعات من تعيينه نائب عام، الحبر يعتذر ويوجِّه أكبر صفعة ل (قحت). لا اعرف ما ترك هذا الإعلامي في عنوانه للرويبضة الطيب مصطفى. كيسنا فاضي من هذه الجهة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.