في السنوات القليلة الماضية تسارع انتشار تعدين الذهب العشوائي في معظم أنحاء السودان . وقد صاحب هذا الانتشار الوبائي بعض الايجابيات وكثير من السلبيات . من الايجابيات التي لاجدال فيها أن قطاع تعدين الذهب الاهلي استوعب اعدادا كبيرة من العمالة المؤقتة يقدرها البعض بالملايين وان كنت اشك في ذلك مع غياب الاحصائيات الدقيقة . بجانب استيعابها لعمالة ضخمة فمن البديهي الافتراض بأن تعدين الذهب يدر مبالغ مالية للدولة , ولكن كم هي تلك المبالغ؟ وماهي الكمية الحقيقية التي ينتجها السودان من الذهب؟ لمعرفة الفرق الشاسع بين كمية الانتاج الحقيقي والانتاج الرسمي ,والذي ينتج عنه ضياع مليارات الدوﻻرات يمكن الرجوع لتقرير استقصائي للصحفية السودانية هبة فقيري بعنوان "من يسرق ذهب السودان؟" نشرته بموقع الجزيرة , تورد الصحفية مثالا ملفتا للفرق الشاسع بين كمية الذهب المنتجة بالفعل و كمية الذهب المنتجة حسب السجلات الرسمية بقولها بأن أحد المعدنين التقليديين , وذكرت أسمه, أخبرها بأنه يسجل مابين 2% الي 10% فقط من انتاجه رسميا ليبيعه مجبورا لبنك السودان بالسعر الرسمي بينما يخفي باقي ال90% الي 98% من ذهبه ليبيعه لتجار الذهب الذين يعرضون مبلغا يزيد عن سعر البنك المركزي بحوالي ألفي دولار للكيلو الواحد. في أعتقادي أن سلبيات تعدين الذهب التقليدي الذي يقوم به أفراد أو شركات صغيرة لاتملك أي تقنية متقدمة تفوق بكثير الايجابيات التي تم ذكرها . فمن السلبيات المدمرة استخدام المعدنيين لمواد كيمائية ضارة بهم , بالبيئة , بالمياه الجوفية و بالسكان المحليين . اضافة للتلوث و الدمار الذي يتركونه ورائهم عند فراغهم من التعدين في أي منطقة . فليس هنالك اي قوانين تلزمهم بطمر اﻵبار ومخلفات الكيماويات الخطرة التي يتركونها . هنالك أيضا بعض الروايات التي تفيد بتدمير المعدنيين لبعض اﻵثار التي أكتشفوها مصادفة عند بحثهم عن الذهب . و حيث أن ذهب السودان مصدر غير متجدد فمن البلاهة تبديده هكذا دون أن يستفيد المواطن البسيط منه . أذن ماهو الحل ؟ ماأقترحه هنا هو أن تحتكر الدولة السودانية تعدين الذهب كما تفعل ذلك مع البترول . يمكن للدولة أن تدخل في شراكة تمتلك غالبية أسهمها مع شركات عالمية كبري تمتلك التقنية و الخبرة ورأسمال- مقابل السماح لها بالتعدين . و ياحبذا لو منحت الدولة نسبة محددة من اسهمها في شركات التعدين لحكومة الولاية أو الاقليم الذي يتم التعدين الذهب فيه علي أن يشترط بأن يتم صرف تلك الاموال في قطاعي الصحة و التعليم بالاقليم أو الولاية . ربما يكون اصدار قرار بملكية الدولة لقطاع تعدين الذهب , في كل السودان وايقاف كل أنواع التعدين الاهلي العشوائي , هو المظلة السلمية الوحيدة التي ستتمكن بها الحكومة من استعادة ملكية ذهب جبل عامر الذي يستخدم حاليا كشريان حياة لاكبر لوردات الحرب بالسودان وهو ايضا يعتبر أكبر مهدد لاستمرار التجربة الديمقراطية بالبلاد . __ مدونتي https://hussein-abdelgalil.blogspot.com عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.