منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: المدنيون في الفاشر يكافحون بالفعل من أجل البقاء على قيد الحياة    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(05) تَخْرِيْمَاتٌ وَ تَبْرِيْمَاتٌ فِي الحَالَةِ السُّودَانِيَّةِ: التَّعْلِيْمُ وَ الهَوِيَّةُ .. بقلم: فَيْصَلْ بَسَمَةْ
نشر في سودانيل يوم 29 - 10 - 2019

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيْمِ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
بِالنَّظَرِ إِلَىَٰ العَمَلِيَّةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ فِي السُّودَانِ فِى حِقْبَةِ الإِسْتِعْمَارِ البِرِيْطَانِيِّ يُلَاحَظُ المُرَاقِبُ أَنَّ المَنَاهِجَ وَ المَرَاحِلَ التَّعْلِيْمِيَّةِ رُبَمَا كَانَتْ مَنْقُوصَةً وَ مُخْتَصَرَةً وَ يَبْدُوا أَنَّهَا لَمْ تُطَبَقْ فِي السُّودَانِ كَمَا طُبِقَتْ فِي بِرِيْطَانْيَا وَ فِي مُسْتَعْمَرَاتٍ أُخْرَىَٰ لَهَا حَولَ العَالَمِ وَ يَبْدُوا أَنَّ ذَٰلِكَ التُّخَلِفَ هُوَ الَّذِي دَفَعَ بَعْضٌ مِنْ الخِرِيْجِيِيْنَ كَالسَّيَّدَانِ مُحَمَّدْ أَحْمَدْ المَحْجُوبْ وَ مُحَمَّدْ عَامِرْ بَشِيْرْ فُورَاوِي إِلَىَٰ المُطَالَبَةِ بِتَغْيِيْرِ المَنَاهِجِ لِتَصْبِحَ مِثْلَ نَظِيْرَاتِهَا فِي بِرِيْطَانْيَا وَ مِصْرَ (مَرْجِعْ 1) ذَٰلِكَ التَّخَلُفُ فِي التَّعْلِيْمِ فِي السُّودَانِ مُقَارَنَةً بِدُولِ الجِوَارِ تَضَمَّنَتْهُ أَيْضاً مُذَكِرَةٌ رَفَعَهَا مُؤتَمَرُ الخِرِيْجِيِيْنَ إِلَىَٰ السِّكِرْتِيْرِ الإِدَارِيِّ فِي 1938 مِيْلَادِيَّةْ وَ كَذَٰلِكَ تَقْرِيْرُ دِي لَا وَارْ De La Warr فِي 1937 مِيْلَادِيَّةْ (مَرْجِعْ 1).
كَانَتْ المَنَاهِجُ المُطَبَّقَةُ فِي السُّوْدَانِ وَ المَرَاحِلُ مُخْتَصَرَةً فِي المَدَارِسِ:
- الصُّغْرَىَٰ
- الأَوَّلِيَّةْ
- الوُسْطَىَٰ
وَ كَانَتْ هُنَالِكَ مَدْرَسَةٌ ثَانَوِيَّةٌ أُحَادِيَّةٌ هِيَ مَدْرَسَةُ غُرْدُونْ وَ الَتِّي كَانَتْ النَّوَاةَ لِكُلِّيَّةِ غُرْدُونْ التِّذْكَارِيَّةِ Gordon Memorial College (مَرْجِعْ 1) ، وَ غُرْدُونْ هُوَ الحَاكِمُ البِرِيْطَانِيُّ الَّذِي قُتِلَ عَلَىَٰ يَدِ أَنْصَارِ الإِمَامِ مُحَمَّدْ أَحْمَدْ المَهَدِي عَلِيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ فَتَحِ الخُرْطُومْ فِي 26 يَنَايْرْ 1885 مِيْلَادِيَّةْ ، كَمَا كَانَ هُنَالِكَ تَبَايُنٌ كَبِيْرٌ فِي تَوزِيْعِ المَدَارِسِ بَيْنَ شَمَالِ وَ جَنُوبِ السُّودَانِ وَ بَيْنَ العَاصِمَةِ الخُرْطُومْ وَ بَقِيَّةِ الأَقَالِيْمِ أَمَّا الإِنَاثُ فَكَانَ نَصِيْبُهُمْ مَنْقُوصاً فِي التَّعْلِيْمِ وَ لَمْ يَنْطَلِقْ تَعْلِيْمُ المَرْأَةِ الحَدِيْثِ فِي السُّودَانِ إِلَّا بَعْدَ مُبَادَرَةِ الشَّيْخِ بَابِكِرْ بَدْرِي الَّذِي أَنْشَأَ أَوَّلَ مَدْرَسَةٍ خَآصَّةٍ لِلبَنَاتِ فِي مَدِيْنَةِ رُفَاعَةْ فِي 1907 مِيْلَادِيَّةْ ، وَ عَلَىَٰ الرَّغْمِ مِنْ تَبَنِي السُّلُطَاتُ الإِسْتِعْمَارِيَّةُ البِرِيْطَانِيَّةُ لِسِّيَاسَةٍ حَكُومِيَّةٍ تَعْلِيْمِيَّةٍ مُتَقَدِمَةٍ كَانَتْ تَبْدُو أَكْثَرَ إِنْفِتَاحاً مُقَارَنَةً بِالمُسْتَعْمَرَاتِ الأَفْرِيْقِيَّةِ الأُخْرَىَٰ إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ مُتَخَلِفَتَةً مُقَارَنَةً بِالتَّعْلِيْمِ فِي بِرِيْطَانْيَا وَ مِصْرَ ، لَكِنْ يَبْدُوا أَنَّ تِلْكَ السُّلْطَاتِ قَدْ قَدَّرَتْ أَنَّ تِلْكَ المَنَاهِجَ وَ ذَٰلِكَ التَّرْتِيْبَ تَتَنَاسَبُ وَ تَتَلَائِمُ مَعَ طَبِيْعَةِ وَ إِحْتِيَاجَاتِ السُّودَانِ وَ المَرْحَلَةِ آنَذَاكَ فَقَدْ كَانَتْ أَهْدَافُ التَّعْلِيْمِ:
1- تَخْرِيْجَ الصُّنَاعِ المَهَرَةِ (الفَنِّيِيْنَ)
2- تَخْرِيْجَ صَفْوَةٍ مِنْ طَبَقَةٍ صَغِيْرَةٍ مِنْ السُّودَانِيِيْنَ الإِدَارِيِيْنَ لِشَغْلِ الوَظَائِفِ الحَكُومِيَّةِ الصُّغْرَىَٰ فِي الخِدْمَةِ المَدَنِيَّةِ
3- تَدْرِيْبَ السُّودَانِيِيْنَ لِلعَمَلِ بِالجَيْشِ وَ القُوَاتِ النِّظَامِيَّةِ الأُخْرَىَٰ
4- التَّعْلِيْمَ بِالقَدْرِ الَّذِي يَمْحُو الأُمِيَّةَ وَ يَنْشُرُ التَّعْلِيْمِ بَيْنَ عَامَّةِ سُكَانِ البِلَادِ بِمَا يَتِيْحُ فَقَطْ فَهْمَ أَبْجَدِيَاتِ عَمَلِ الجِهَازِ الحَكُومِيِّ (فَكْ الخَطْ) وَ قَدْ لَامَ السَّيِّدُ غِرِيْفِيْثْ Griffith وَ هُوَ أَوَّلُ مُدِيْرٍ لِمَعَهَدِ بَخْتِ الرِّضَا المُدَرَسِيْنَ البِرِيْطَانِيِيْنَ عَلَىَٰ تَدْرِيْسِ الثَّورَةِ الفَرَنْسِيَّةِ (مَرْجِعْ 2) وَ كَانَ يَرَىَٰ أَنَّ التَّعْلِيْمَ الأَهْلِيَّ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ أَكَادِيْمِيَّةٍ فَكَانَ إِخْتِصَارُ المَرَاحِلِ التَّعْلِيْمِيَّةِ وَ تَحْوِيْرُ المِنَاهِجِ ، وَ هَكَذَا تَمَّ تَجْهِيْزُ السُّودَانِيِيْنَ وَ فِيْهُمْ اللَّاعِبُونَ الأَسَاسِيونَ مِنْ السَّاسَةِ وَ التَّنْفِيْذِيِيْنَ لِيَكُونُوا: عُمَالاً وَ مُزَارِعِيْنَ وَ كَتَبَةً (مَرْجِعْ 2) ، وَ يَبْدُوا أَنَّهُ كَانَ تَعْلِيْمٌ وَ "تَدْرِيْبٌ فُصِّلَ عَلَىَٰ عَجَلٍ وَ بِمَا يُلَائِمُ البِيْئَةُ المَحَلِّيَّةُ (مَرْجِعْ 2) وَ بِمَا يُوَافِقُ أَهْدَافَ السُّلْطَاتِ المُسْتَعْمِرَةِ الحَاكِمَةِ وَ ذَٰلِكَ حَتَّىَٰ تُسْتُوفَىَٰ الشُّرُوطُ المَطْلُوبَةِ لِتَسِيِيْرِ أُمُورِ الدَّولَةِ وَ دُولَابِ العَمَلِ فِي الخِدْمَةِ المَدَنِيَّةِ وَ القُوَاتِ النِّظَامِيَّةِ وَ القَضَاءِ وَ الجِهَازِ التَّنْفِيْذِيِّ تَحَسُباً لِجَلَاءِ المُسْتَعْمِرِ وَ لِمَلءِ الفَرَاغِ الَّذِي سَوفَ يَنْجُمُ بَعْدَ الجَلَاءِ وَ جَرَاءَ التَّخَلُصِ مِنْ العَمَالَةِ الأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي جَلَبَهَا مَعَهُ المُسْتَعْمِرُ البِرِيْطَانِيُّ مِنْ: الأُورُوبِيِيْنَ وَ المَصْرِيِيْنَ وَ الأَرْمَنِ وَ الشُّوَامِ وَ الآسْيَوِيِيْنَ وَ المَغَارِبَةِ وَ كَذَٰلِكَ لِضَمَانِ الوَلَاءِ فِي مُقْبِلِ الأَيَّامِ لِلأَمْبَرَاطُورِيَّةِ الَتِّي كَانَتْ لَا تَغِيْبُ عَنْهَا الشَّمْسُ ، هَذِهِ الصُّورَةُ الغَيْرُ مُضِيْئَةٍ تَخَلَلَتَهَا مُبَادَرَاتٌ إِيْجَابِيَّةٌ فِي التَّعْلِيْمِ صَدَرَتْ مِنْ مُؤَتَمَرِ الإِدَارَةِ فِي السُّودَانِ (1946/1947) مِيْلَادِيَّةْ أَفْضَتْ إِلَىَٰ خُطَةٍ خُمَاسِيَّةٍ كَانَ المَأَمُولُ مِنْهَا ضَمَانَ عَدَالَةِ تَوزِيْعِ فُرَصِ التَّعْلِيْمِ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ السُّودَانِ.
وَ قَدْ شَابَ العَمَلِيَّةُ التَّعْلِيْمِيَّةُ وَ تَصْمِيْمُ المَنَاهِجِ وَ التَّدْرِيْبُ بَعَضَ القُصُورِ ، وَ كَانَ إِخْتِيَارُ التَّلَامِيْذِ وَ الطَّلَبَةِ لِلمَدَارِسِ وَ المَعَاهِدِ تَنْقُصُهُ الشَّفَافِيَّةَ ، وَ يَبْدُوا أَنَّ سِيَاسَةَ المُسْتَعْمِرِ كَانَ شِعَارُهَا هُوَ أَنَّ (أَي شِئٍ أَفَضَلُ مِنْ لَا شَئٍ) ، و كَانَ إِخْتِيَارُ التَّلَامِيْذِ وَ الطَّلَبَةَِ فِي أَغْلَبِ الأَحْيَانِ إِنْتِقَائِيّاً وَ كَانَتْ إِخْتِبَارَاتُ الكَفَاءَةِ وَ المَقْدِرَاتِ تَفْتَقِرُ إِلَىَٰ المَنْهَجِيَّةِ كَمَا لَمْ تُرَاعَىَٰ العَدَالَةُ فِي التَّوزِيْعِ عَلَىَٰ مُكَوِنَاتِ القَومِيَّةِ السُّودَانِيِّةِ بَلْ كَانَ الإِخْتِيَارُ فِي أَغْلَبِ الأَحْيَانِ يَتِمُّ عَلَىَٰ أَسَاسِ الحَظْوَةِ فَجَاءَ الإِخْتِيَارُ خُصُوصاً فِي التَّعْلِيْمِ العَالِي صَفَوِيّاً (مَرِجِعْ 1) وَ مِنْ نَصَيْبِ أَبْنَاءِ شِيْوخِ القَبَائِلِ وَ النُّظَارِ وَ العُمَدِ وَ بَقِيَّةِ الأَعْيَانِ وَ امْتَدَتْ الإِنْتِقَائِيَّةُ لِتَشْمَلَ بَعْضاً مِنْ المَحَاسِيْبَ مِنْ قَاطِنِيِّ التَّجَمُعَاتِ الحَضَرِيَّةِ وَ كَذَٰلِكَ كُلَّ مَنْ خَدَمَ وَ تَعَاوَنَ مَعَ السُّلُطَاتِ البِرِيْطَانِيِّةِ المُسْتَعْمِرَةِ.
الدَّارِسُ المُتَفَحِّصُ لِلحَالَةِ السُّودَانِيَّةِ لَنْ يُصَادِفْ الكَثِيْرَ مِنَ العَنَاءِ فِي رَصْدِ الأَمْثِلَةِ لِلأَخْطَاءِ الإِدَارِيَّةِ وَ السِّيَاسِيَّةِ الَّتِي إِرْتَكَبَهَا (الخِرِيِجِونَ) مِنْ "جِيْلِ السَّودَنَةِ" فِي شَتَّىَٰ المَجَالَاتِ وَ مَا حَدَثَ فِي مُشْكِلِةِ الجَنُوبِ وَ الهَوِيَّةِ وَ دَسْتُورِ البِلَادِ الدَّائِمِ وَ بَعْضِ مَشَارِيْعِ التَّنْمِيَةِ المُتَعَثِرَةِ هِيَ بَعْضٌ مِنْ تِلْكَ الإِخْفَاقَاتِ فَمَطَالِبُ الجَنُوبِيِيْنَ المَشْرُوعَةِ فِي الحُكْمِ الذَّاتِيِّ أَو الكُونْفِدْرَالِيَّةِ أُسِئَ فَهْمُهَا بِسَبَبِ الجَهْلِ وَ قَصْرِ النَّظَرِ السَّيَاسِيِّ وَ الإِسْتِعْلَاءِ العِرْقِيِّ وَ العُنْصُرِيَّةِ وَ الخُوفِ المُبَطَّنِ مِنَ الوَاقِعِ الأَفْرِيْقِيِّ فَتَمَّ تَسْفِيْهُ حُلُمَ الجَنُوبِيِيْنَ فِي الحُكْمِ الفِيِدْرَالِيِّ وَ غُمْضَ حَقُّهُمُ المَشْرُوعُ فِي السِّيَادَةِ وَ فِي الوَظَائِفِ المُسَوْدَنَةِ بِحُجَةِ عَدَمَ جَاهِزِيَّةِ الجَنُوبِيِيْنَ لِتَسْيِيْرِ أُمُورِهِمْ الإِتِّحَادِيَّةِ وَ المَحَلِّيَّةِ وَ لَا عَجَبَ فِي ذَٰلِكَ خُصُوصاً إِنْ عُلِمَ أَنَّ قَرَارَاتِ السَّودَنَةِ أَصْدَرَتْهَا لِجَانٌ مِنْ "الخَرِيْجِبِيْنَ" هِيَ فِي ذَاتِهَا فَاقِدَةٌ لِلأَهْلِيَّةِ وَ الجَاهِزِيَّةِ وَ قَدْ تَذَمَّرَ الجَنُوبِيُونَ مِنْ تِلْكَ القَرَارَاتِ وَ وَصَفَوهَا بِالعُنْصُرِيَّةِ فَغَالِبِيَّةُ أَعْضَاءِ اللِّجَانِ كَانَتْ مِنْ الخِرِيِجِيِيْنَ "المَنْدَكُورُو" مِنْ الشِّمَالِ النِّيْلِيِّ ، وَ المَنْدَكُورُو فِي لُغَاتِ أَهْلِ جَنُوبِ السُّودَانِ يُرْمَزُ بِهِ سَلْباً إِلَىَٰ الشَّخْصِيَّةِ الشِّمَالِيِّةِ وَ بِالتَحْدِيْدِ النِّيْلِيِّةِ ، وَ الَّذِي يُدْعَىَٰ أَيْضَاً بالجَلَابِيِّ وَ يُقَالُ أَنَّ لِكِلَا المُسَمَيَيْنِ مَدْلُولَاتٌ عُنْصِرِيَّةٌ تَعُودُ إِلَىَٰ زَمَنِ الرِّقِ وَ الإِضْطِهَادِ الشِّمَالِيِّ لِلجَنُوبِيِيْنَ.
أَمَّا هَوِيَّةُ أَهْلِ السُّوْدَانِ فَهِيَ وَاضِحَةٌ وضُوحُ الشَّمْسِ فَهِيَ إِفْرِيْقِيَّةٌ لَا شَيَةَ فِيْهَا يَسْنِدُهُا فِي ذَٰلِكَ العُنْصُرُ العِرْقِيُّ وَ الوَاقِعُ الجُغْرَافِيُّ وَ المَورُوثُ الإِفْرِيْقِيُّ فِي الثَّقَافِةِ وَ العَادَاتِ وَ التَّقَالِيْدِ وَ كَذَٰلِكَ التَّارِيْخُ المُوَثَّقُ فِي الآثَارِ وَ المَخْطُوطَاتِ ، وَ هِيَ لَيْسَتْ فِي حَوجَةٍ إِلَىَٰ وِرَشٍ لِلعَمَلِ وَ نَدَوَاتٍ وَ أَبْحَاثٍ وَ مَخْطُوطَاتٍ لِتَأكِيْدِهَا فَالأُمَمُ تَتَخَلَقُ بِالتَّدَاخُلِ وَ التَّمَازُجِ وَ تَنْمُو فِي البُعْدَيْنِ الجُغْرَافِيِّ وَ الزّمَانِيِّ فَتَتَكَونُ هَوِيَتُهَا وَ تَكُونُ كَمَا هِيَ فَالهَوِيَّةُ لَا تُصْنَعُ وَ لَا تُصْطَنَعُ وَ لَا هِيَ (مُخَرَجَاتٌ تَوَافُقِيَّةٌ) إِثْرَ حِوَارٍ وَ لَكِنْهَا وَاقِعٌ مُعَاشٌ ، مَا حَدَثَ فِي الحَالَةِ السُّودَانِيِّةِ هُوَ أَنَّ أَقَلْيَّةً حَدِيْثُةَ "الإِسْتِعْرَابِ" فَرَضَتْ وَ تَشَبَسَتْ بِهَوِيَّةٍ أَعْرَابِيَّةٍ مَشْكُوكٍ فِي أَمْرِهَا وَ نَسَبَتَ كُلِّ السُّودَانِ إِلَىَٰ مَا تَظُنُّ أَنَّهَا هَوِيَتُهَا وَ أَلصَقَتَهُ بِأُمَّةٍ:
أَصْلُهَا لِلعَرَبْ
دِيْنُهَا خَيْرُ دِيْنِهَا يُحَبْ
وَ ذَٰلِكَ فِي بَلَدٍ يَتَكَوَنُ مِنَ العَدِيْدِ مِنَ الأَقْوَامِ غَالِبِيَتُهَا أَفْرِيْقِيَّةٌ وَ أَكْثَرُهَا مِنَ النَّاطِقِيْنَ بِغْيْرِهَا وَ هِيَ أَقَلِّيَاتٌ لَا يُسْتَهَانُ بِهَا لَهَا عَادَاتٌ وَ تَقَالِيْدٌ وَ مَورُوثَاتٌ أَعْرَابِيَّةٌ وَ غَيْرُ أَعْرَابِيَّةٍ وَ لِبْعْضٍ مِنْهَا دِيَانَاتٌ أُخْرَىَٰ سَمَاوِيَّةٌ وَ غَيْرُ سَمَاوِيَّةٍ ، هَذَا التَّصَرُفُ لَيْسَ لَهُ تَفْسِيْرٌ سِوىَٰ العُنْصُرِيَّةَ وَ الإِسْتِعْلَاءَ العِرْقِيِّ وَ الإِنْحِيَازَ إِلَىَٰ عُنْصِرٍ أَوْحَدٍ مِنْ أَقَلَّيَّةٍ "مُسْتَعْرِبَةٍ" مُتَمَكِنَةٍ ، وَ هُوَ مَنْطِقٌ سَنَامُهُ الجَهْلُ وَ قُصْرُ النَّظَرِ وَ الأُمِيَّةُ الفِكْرِيِّةُ وَ العَنْجَهِيَّةُ وَ عَدَمُ إِحْتِرَامِ بَقِيَّةَ مُكَونَاتِ القَومِيَاتِ السُّودَانِيِّةِ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
فَيْصَلْ بَسَمَةْ
1- Iris Seri-Hersch. Education in Colonial Sudan, 1900 -1957
2- F. L. Griffith. An Experiment in Education: An Account of the Attempts to Improve the Lower StagesofBoys' Education in the Moslem Anglo-Egyptian Sudan, 1930-1950.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.