من كتاب أب لحاية- قصصٌ من التراثْ السّوداني بقلم/ عادل سيد أحمد كان في زمنٍ ماضٍ، أن تزوَّج الجقر (الفأر) زوجتين: الأولى هي السحليةً، وأما الثانية فهي القعوية (الضفدع)... وأسكنهما في دارٍ واحدة، وكان مطبخهما واحدًا... وفي نهارِ أحدِ الأيَّام، أحضر الجقرُ لحماً وعظمًا للبيت، وأمرزوجتيه بطبخه طبخًا جيدًا، وقال لهما: (انه معزُومٌ إلى وليمةٍ خارج المنزل)، وأمرهما باقتسام الطعام كالتالي: - القعويي تأكل اللحم بالعُضام ... والسحليي، نسبةً لضيقِ حلقِها، تأكل اللحم اللين. ونضج اللحمُ، وبدأت القعويي والسحيليي في تناوله، وفجاءةً، خِنْقَت (اختنقت) القعويي، وتعارض عظمٌ كبير من العظام الناضجة في حلقها! فقالت للسحلية: - أسرعي بإحضارميهيي (جرعة ماء)، فقد اختنقت. وجرت السحلية إلى البئر، وطلبت منها: - جرعة ماء للقعويي فأبت البئر وقالت: - لن أعطيك ماء إلا لو أحضرتي الحمامة لترقص فوقي! فذهبت السحليَّة للحمامة، وطلبت منها الرقص فوق فوهة البئر... حتى تعطيها البئر جرعة ماء تعطيهاهي للقعويي المُختنقة، فرفضت الحمامة، وقالت: - لن أرقص إلا تديني لبينة من الغنماية (المعزة). فذهبت السحلية للغنماية، وقالت لها: - الرسُول! ... تديني لبينة، أديها للحمامة... عشان الحمامة ترقص فوق فوهة البئر، والبئر تديني ميهيي عشان تشربا القعوي لأنها خِنْقَت! فرفضت المعزة إعطاء اللبينة للسحلية وقالت لها: - إلَّا تجيبي لي: قبضات سعدي (نبات السعدة) من الجرف الفوق البحر... فذهبت السحلية للبحر، وطلبت منه قبضات سِعدة للمعزة، من الجرف... ولكن البحر رفض، إلا أن تجر السحلية فوقه مُركبًا، فذهبت السحليَّة للمركب، وقالت لها: - تعالي يا المركب وانجري فوق البحر، يديني قبضات اللات سعدي... أديها للمعزة عشان تديني لبينة، أديها للحمامة الأبت ترقص فوق فوهة البئر، والبئر تديني ميهيي تديني للقعويي الخنقت بالعضم! ووافق البحر، فطلبت السحلية بإلحاح، من الأولاد، أن يجرُّوا المُركب فوق البحر... فجروها. وأعطاها البحر قبضات السعدي، فذهبت بالسعدي إلى المعزة... التي أعطتها اللبينة للحمامة، فسقت السحلية الحمامة اللبينة، فرقصت فوق فوهةِ البئر... وفارت البئر وفاضت، وأخرجت الماء، فأخذت منه السحلية جرعةً بيدها، وذهبت بها إلى (القعويي) المخنوقة، وهناك فتحت يدَها لتُعطي القعويي جرعة الماء، فوجدت يدها فارغةً. وشهقت القعونجة ، التي طال انتظارها للماء، وماتت! وجاء الجقر وشاكل السحليَّة وخاصمها، وعنفها... وبعد زمن، عندما أحس الجقر بالجوع الشديد، ذهب إلى مكان جمع الأوساخ، ومعه السحلية... وبدأوا يبحتون (يحفرون) في أكوام الأوساخ، فوجد الجقر حبَّة لُوبيا، أمّا السحليَّ' فوجدت السحلية (نصفَ حبةٍ) فقط ... فقال لها الجقر: - شدي هذه اللوبيا بليلة! فأوقدت السحلية النار... وشدَّت، الحبة ونص الحبة من اللوبياء، بليلة. ولكن إشتد الجوعُ بالجقر، فقال للسحليَّة: - كدي، شوفي البليلة نضجت؟ ففتحت السحليَّة القدر، وأكلت حبة اللوبياء، وقالت له: - لا، لم تنضج بعد. وبعد حين قالت له: - كدي ، شوف البليلة! نضجت؟ فذهب الجقر إلى المنقد، وفتح القدر، وأكل نصف الحبة المتبقية من اللوبياء، وقال لها: - نعم نضجت، يلا كبيها في صحين، لنتعشى منها! ولمَّا صبت السحلية البليلة في الصحن، لم يجد (الجقر) شيئاً، فصارَ يبكي، وأجهش بالبكاء، وصاح بها متهمًا إياها بالتهام الحبة والنصف من اللوبياء: - انت أكلت بليلتي كلها... وحَرِدَ الفأرُ البيت، ونام في ذلك المساء في الحوش ، ولكن أتى الصقرُ، في الفجر، وحسب إن الفأر الحردان (فأرا ميتاً!)، فاختطفه من سريره، وأكله! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. /////////////////////