لا أعرف ولا أريد أن أعرف من هم ملاك أسهم شركة الفاخر، فحتى لو كانوا من جنس الملائكة، فذلك لا يبرر أن يوكل لهم أمر احتكار تصدير الذهب. لا يهم كثيرا صحة أو عدم صحة، ما رشح من حديث عن علاقة السيد وزير المالية بالسيد عبد المنعم عبد الله، المدير العام لشركة الفاخر، فالفساد متحقق في شكل الصفقة والطريقة التي تمت بها، مهما كانت دوافع السيد وزير المالية قد تبدو سليمة ونبيلة في نظر البعض. فالدوافع هنا لا تقاس بالمنظور الشخصي الذي يقول أن السيد وزير المالية ليس من ذمرة الفاسدين ، لكنها تقاس بالمنظور الموضوعي الذي يستوجب التعامل بشفافية تسد الباب أمام كل مداخل الفساد ومحاولات الإفساد . إذا كان هناك ما يبرر أن يوكل تصدير الذهب لشركات القطاع الخاص، فلماذا تحتكره شركة واحدة !!؟ ولماذا شركة الفاخر دون غيرها !!؟ حتى الآن لم ينف وزير المالية ان هذا الموضوع لم يخضع لمنافسة مشروعة، الصمت في مثل هذه المواضع لن يفسر لصالح الوزير !!؟ فالقاعدة القانونية تقول :- " ان السكوت في معرض الحاجة إلى البيان، بيان." !! ما يؤلم أكثر ان وزير المالية فعل فعلته بعد أن حصل على موافقة مجلس الوزراء بمبررات تخاطب العواطف ولا تخاطب العقول، كالقول بأن الصفقة تهدف إلى تثبيت سعر صرف العملات الأجنبية في مقابل الجنيه السوداني، وان الشركة التزمت بتخفيض سعر صرف الدولار إلى 60 جنيها !! لا أفهم شئ في الاقتصاد لكن بعقلية الشخص العادي أرى أن مثل هذا الإلتزام غير متصور تحقيقه، بل هو يطعن في مصداقية الشركة، إنني افهم أن تلتزم الشركة بالعمل على تنفيذ كل ما ورد في الاتفاقية بحسن نية وبدقة وبهمة عالية، لكنني لا أتصور أن تلتزم بخفض سعر الدولار مقابل الجنيه في مبلغ بعينه، فبطبيعة هذا العقد الشركة ملزمة ببذل عناية وليس تحقيق غاية. وإذا كانت الشركة قد التزمت بتحقيق الغاية (خفض السعر) ، فإنها تكون قد باعت لنا الريح، فكما فهمنا من أهل الاختصاص، أن انخفاض سعر الدولار مقابل العملة السودانية، يخضع لظروف ولحسابات علمية معقدة لا قبل للشركة بها، منها الاقتصادية ومنها السياسية ومنها... الخ. من المؤسف أن يحدث ذلك في ظل الحكومة الانتقالية، المناط بها تحقيق أهداف المرحلة ومن أهمها محاكمة ومحاربة الفساد والمفسدين، وهذا يتطلب ارادة سياسية جادة وحقيقية وواعية.. لن يكون في مقدور الحكومة أن تجتاز هذه المرحلة الصعبة الحساسة، باعتمادها على ثقتها في نفسها وأنها بعيدة عن الفساد وان المواطن سيحسن بها الظن، فمحاربة الفساد لا تكون بتذكية النفس أو الآخرين، فالنفس إمارة بالسوء لذلك يجب قفل كل مظان الفساد . تقول باتريشيا موريرا، المديرة التنفيذية لمنظمة الشفافية الدولية: "في ظل ما نراه من تهديد للمؤسسات الديمقراطية حول العالم – غالبا على يد قيادات ذات توجه استبدادي أو شعبوي- يتعين علينا أن نبذل جهدا أكبر لتعزيز الضوابط والتوازنات الديمقراطية ولحماية حقوق المواطنين." وأضافت موريرا قائلة: "ينخر الفساد في الأنظمة الديمقراطية شيئا فشيئا ليؤدي في نهاية المطاف إلى حلقة مفرغة؛ يضعف فيها الفساد المؤسسات الديمقراطية، وفي المقابل بسبب ضعفها تصبح أقل قدرة على مكافحته. " عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.