كنا نستقبل (delivery) لبن صافي سائقا للشاربين ( ندفع ثمنه فورا للمندوب السامي ) بميز معلمي المرحلة الوسطى بمدينة رجل الفولة. هذا السائل الأبيض يأتي (مفورا) جاهزا بعضه نشربه في التو والحين والبعض الآخر يضاف (لبرمة) الروب الرائب الكائنة تحت السرير . في ذاك الوقت من سبعينات القرن الماضي لم نملك ثلاجة ونشرب من التيبار ( الزير ) ونحتفظ بطعامنا طازجا بأدوات تلكما الحقبة التاريخيه التي عانت فيها المنطقة من العطش صيفا ولكن عندما يشرف الخريف بوجههه الصبوح النضير يخال لك أن المنطقة تحولت إلي سويسرا فيكثر الزرع والضرع وجمال الطبيعة. كنا في الميز نمثل التنوع ويسود بيننا التعايش السلمي واحترام الآخر. من بين الزملاء الذين شقوا طريقهم للسلطة الأخ المحترم دينق الور كوال ووقتها كان أسمه أحمد اللور كوال من أبناء أبيي وابن عم د. فرانسيس دينج ماجوك. بعد نيفاشا عينته الإنقاذ وزيرا لوزارة مجلس الوزراء وايضا حمل حقيبة الخارجية. بعد الانفصال صار وزيرا للتعليم في حكومة قائده سلفاكير نيارديت. قابلته وانا مازلت محاطا بسلك التدريس في مكتبه الفخم برئاسة مجلس الوزراء وظل كما هو بضحكته الصافية لم تغيره المناصب والوجاهات. لا أدري أين هو الآن وعلي أية حال له منا التحية أينما حل وحيثما كان. نعود ليوم انقطع المندوب عن احضار المعلوم من اللبن تسليم الميز علي حسب الاتفاق المبرم مما اضطرني ان اذهب بنفسي لاحضار الكوتة.قابلتني بائعة اللبن في بيتها العامر بالابقار والاعلاف هاشة باشة . وناولتها الماعون وملاته بالحصة المتفق عليها وعندما ناولتها ثمن البيعة اللبنية رمت بها بعيدا بقوة واصرار واسمعتني كلمة لن انساها ماحييت كلمة طاش بها عقلي وارتعدت فرائصي حتي اوشكت ان اتهالك علي الارض. قات لي( عيب نحن مابنبيع اللبن للضيف انت جيت من وين ؟) اذا كانت هذه المراة البسيطة التي تعيش علي رزق اليوم باليوم لها هذه القيم الرفيعة هل هنالك داعي لان يخاف الناس من اي ضائقة اقتصادية مهما استفحلت . اطمئنوا ودعوا الجرسة والولولة السودان مازال بخير وسيظل ان شاء الله. حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي. منسوتا. امريكا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.