المثل أعلاه بالعامية متداول بين أهلنا المسيرية، وربما يكون وسط كم هائل من السودانيين، ويدل على عظمة الحدث ومرادفه كيف يكون ذلك؟ عندما يكون هنالك أمر بقدر من الأهمية بمكان ومتداول بين الناس وشاغل جلساتهم وحديث ساعة بينهم وفجأة يأتى أمر جلل وأكبر من سابقه فيقولون «درب الفيل غطى درب الجمل» يعني حدث أصعب من صعب وبذلك أعني أبيي التي كانت شغلاً شاغلاً في حركتنا وسكوننا، بل شلت تفكيرنا وكانت تأخذ حيزاً واسعاً من جهد إعلامي محلي وأقليمي ودولي. اليوم جاء الفيل وقطعاً دربه غطى وكفى، وبذلك أقصد أحداث جوبا التي شغلت العالم بأسره وألقت بظلالها على مجيء الأخ اللور فينق كوال الروب ابن عمومة الناظر دينج مجوك من جوبا وعقده مؤتمرا صحفيا يوم 15/12/2013 في المركز الإعلامي السوداني وتصريحه بصحوة ضمير بأن أبيي شمالية، وذلك بوقوعها شمال حدود 1/1/1956 ولا سبيل للحل غير التعايش السلمي في تلك الأرض التي كنا نعيش عليها قروناً من الزمان ومازلنا، هذا هو كلام العقل الذي يجافي منطق الفبركة وخداع الساسة من أبناء نقوك الذين اليوم هم في وضع لا يحسدون عليه. اللور فينق شاهد من أهلها، استبق أحداث جنوب السودان التي انفجرت بجوبا وتوالت تداعياتها على مدن شمال شرق دولة جنوب السودان وكأنه يرى شجراً يسير نحو حريق عام نتج عنه نزوح ولجوء ومرارات وأخذ ثأرات لم يسلم منها حتى الطلاب بمدارسهم، وسط هذا الجو المشحون ستكون أبيي نقطة في بحر، وقد تكون في مهب الريح من تداعياته، لذلك نقول للأخ فينق حللت أهلاً ونزلت سهلاً بين إخوتك في السودان وهم بالأصالة يكرمون الضيف ويطعمون الجائع ويكسون العريان ويقتسمون اللقمة بينهم ودينكا نقوك شهود على ذلك في مدن السودان، كما حدثنا من قبل في مقالات سابقة وقلنا لا فرق بين سيد أحمد ومجاك في مروي ولا فرق بين شول وشموس وإيهاب العمرابي وكبسون في برنامج نجوم الغد «قناة النيل الأزرق الخرطوم» برعاية الأساتذة محمد سليمان وبابكر صديق وآخرين، فقط تفرق بين نجومهم المقدرات الصوتية مما جعل المتسابق شول من أبيي يغني أمام الكل متجاوزاً زملائه الموت الذى يجري الآن في جنوب السودان تحزن له الأنفس لأنه شأن داخلي لا يستثني المرأة والشيخ والطفل لكن لا نملك «إلا أن نقول اللهم لا شماتة» لأن الذي يجري الآن عصيان وخروج على شرعية الدولة التي طبعت علاقات حسن الجوار وتبادل المنافع التجارية وفتح الحدود وانسياب النفط مع دولة السودان، هذا هو رأينا بوصفنا سكاناً في حدود التماس التي تحولت بسبب تطبيع العلاقات والاتفاقيات والمصفوفات الأخيرة إلى حدود تعايش وهذا ما لا يريده صقور حكومة الجنوب الذين يريدون مزيداً من كراسي الحكم حتى ولو على جماجم شعب الجنوب المغلوب على أمره من هواة شرب نزيف الدم ووعدهم الكاذب بتحرير شعب الجنوب وتلك فرية تدحض وتكذب إدعاء الذين يتمشدقون بالديمقراطية ويخططون اليوم لدفنها تحت جنازير المدرعات بجوبا وتناسوا أن الرئيس سلفا كير ميارديت جاء لحكم دولة الجنوب بصندوق انتخاب بعد رمزية قرنق، مدبر الانقلاب المفلج استعجل تحقيق نبوءة «النقوندنق» وهو كجور النوير الذي وعد بأن جنوب السودان سيحكمه رجل مفلج «والمتابع لمقالاتنا بصحيفة الإنتباهة يعلم ذلك» الآن بدأت تلوح في أفق الحدود موجات نزوح بسبب القتال الضاري الذي لا يستطيع أي محلل سياسي التنبؤ بمآلات الوضع مستقبلاً، منهم من ينزح إلى دول الجوار الجنوبي ومنهم من ينزح إلى السودان الوطن الواحد سابقاً، بوسائل شتى كالعودة من بعض الدول عبر المطار والتسلل وربما تكون هنالك أعداد كبيرة في شكل مخيمات ويكون التعايش إجبارياً تحت ظروف لم تكن في الحسبان من الشباب، ولكن كبار السن يدركون ساعة اليوم الذي يخافون منه حتماً آت، وتحضرني الذاكرة بأنني كنت في يوم قبل الانفصال 2008، أحد حضور اجتماع إدارة أهلية في ولاية الوحدة من أجل فتح المسارات وكان عدد الحضور من نوير ودينكا مقدراً حيث هتفوا «ما عايزين عرب خلاص كفاية» فقام رجل من النوير في العقد الثامن من العمر حيث قال كلام الشباب عرفناه خلوني أنا الشايب أقول كلامي العرب بيننا كالورق «القرطاس» دعوهم بيننا وشرح ذلك، بأنك لو شاحن بضاعة زجاج من الخرطوم إلى بانتيو وما دخلت ورق حشوة بين البضاعة أكيد بضاعة دا بصل مكسر، لذلك نحن برانا مثل الزجاج سوف نكسر بعضنا، منهم من تهكم وسخر عليه وقال كلام تخريف وهو كذلك رد عليهم بإبتسامة مجرب تنبئ عن مستقبل الأيام , واليوم قتلوا وشردوا دينكا محلية «فاريانق» التي تقع شمال شرق بانتيووجنوب بحيرة الأبيض ويسكنها دينكا فاريانق وأصولهم من «نقوك»، أبيي التي غطاها درب الفيل اليوم وضعت في معادلة مختلة حسب وعد مشار الانتخابي بضم أبيي للجنوب ساسة نقوك وضعوا أبيي في سلة النوير وبينهم وبين دينكا «توج» أهل سلفا لا فاصل ولاحجاب، هل ينظر دينكا شمال بحر الغزال بعين الرضا لتآمر دينكا نقوك مع النوير ضد الرئيس سلفا كير مادام الحرب في شكلها الخفي والظاهر قبلية؟ لكن نستطيع القول بأن درب الفيل غطى درب الجمل، دمت يا وطني بحدودك 1/1/ 1956 آمناً ومتماسكاً شعباً وأرضاً ولا يفوتني قول أمير الشعراء: وللأوطان في دم كل حر * يد سلفت ودين مستحق