منذ ظهورها الكارثي وانتشارها المفزع ألقت "جائحة" كورونا بظلالها على كل شيء، وتمددت تأثيراتها السالبة في كل المجتمعات العالمية، لتتوقف تحت وطأتها كل الأنشطة الحياتية واليومية. ولأول مرة يشهد العالم أزمة من هذا النوع -على أقل تقدير في الفترة الأخيرة- وعلى الرغم من أضرارها العميقة والهائلة، ولكن ربما من فوائدها أن العالم سيخطط مستقبلا للتعامل مع هذا النوع من الكوارث وسيتوحد من أجل التغلب عليها مستقبلا وسيغير أولوياته بعد أن كشف هذا الوباء ان العالم أضاع قرونا من عمره في أشياء فارغة وغير مفيدة. كورونا تخطت مرحلة الأزمة الصحية، وأصبحت مجموعة من الأزمات والكوارث العالمية المعقدة، التي حصد الأفراد والجماعات وكل العالم ثمارها المرة ألما ودموعا وإنفاقا وخسائر في كل القطاعات. مما لا شك فيه أن تركيبة عالمنا الراهن وتأثره بالعولمة، والتي رسخت الترابط الشديد بين الدول، بالإضافة لحركة السفر الدؤوبة والتنقل اللاهث، الذي أصبح سمة إنسانية، قد زاد من حدة انتشار الفيروس ولكنه كشف عن عالم صغير في حجم غرفة، إذا أصاب أحدهم فيروس كورونا انتقل هذا الفيروس لبقية مساكنوه، ولذلك اكتشف الجميع أنه لا بد من إنشاء نظاما صحيا عالميا موحدا يتم تنفيذ شروطه وموجهاته بصرامة شديدة للحفاظ على صحة سكان هذه الغرفة ونعني سكان العالم. يكافح الكوكب الآن بقوة ونشاط لينجو من هول وطأة هذا الفيروس الصغير، وعلى الرغم من التطور العلمي والصحي الهائل على مدى عقود إلا أن هذا الفيروس كشف أن العالم يحتاج للكثير، وأن الأنظمة الصحية بحاجة لمراجعات وإصلاحات جوهرية للتغلب على الوبائيات والأمراض التي تظهر كل حين بوجه جديد، وبصورة مختلفة، فما أضعف الانسان وما أحوجه للتعاون والتكاتف حتى في وجه مخلوقات لا نراها بالعين المجردة!.. بعد إنحسار موجة هذا الوباء العالمي، ستتفرغ الدول والمنظمات ذات الصلة لحصر خسائرها وثأثيرات هذا المرض الآنية والمستقبلية، كما سيتحدث الناس كثيرا عن هذا الفيروس الصغير الذي عطل الحياة وأدخل العالم كله في "حيص بيص". تنوعت وتعددت تأثيرات هذا الفيروس على كل القطاعات ولا سيما الاقتصاد، والرياضة، ومما زاد الطين بلة توقف كامل الحياة وأنشطتها اليومية حيث لم ينج أحد من هذا الوباء وتاثيراته الكارثية. سينشأ عقب هذا الوباء عالم متوحد ومتكاتف وسباق من نوع آخر ففي إطار البحث عن العلاج الناجع لفيروس كورونا الذي يكافح العالم الآن من أجل التغلب على هجماته غير المرئية، بعد أن إجتاح هذا الفيروس الكوكب وفعل به الأعاجيب وترك الحليم في عالم اليوم حيران، شهدت الولاياتالمتحدةالأمريكية حقن اللقاح التجريبي لفيروس كورونا للبشر، حيث تم السماح بتخطي القواعد المعتادة لإختبار اللقاح على الحيوانات أولا في حالة نادرة الحدوث الأمر الذي يبعث بعدد من الرسائل في عدة اتجاهات. من بين تلك الرسائل أن هذا الاختبار النادر وتجريب اللقاح على البشر يشير إلى أن الدوائر العلمية الأمريكية تسابق الزمن لإنتاج لقاح لهذه الجائحة، كما يشير بجلاء بأن تلك الدوائر تدرك خطورة هذا الوباء وسرعة انتشاره، كما أن إجراء الإختبار على البشير يمثل قمة التضحية وتتجلى فيه الأخوة الانسانية التي سيتوحد تحت مظلتها إنسان حقبة ما بعد كورونا، وهنا يأتي السؤال الآني :هل سيوحد فيروس كورونا العالم؟؟.. أيضا نجد أن هذه التجربة النادرة قد كشفت عن التسابق المحموم بين عدد من الدول بينها أمريكا، والصين، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا، وغيرها، حول تحقيق سبق طبي في إنتاج علاج لفيروس كورونا وكيف أن هذا التسابق على أشده الآن ما يؤكد أننا أمام حالة من التسابق العلمي في حقبة ما بعد كورونا، وهذا يعني أن تسابق التسلح التقليدي أصبح من الماضي. من سيفوز في السباق العلمي الجديد، سيحقق أرباحا طائلة وانتصارا علميا يرفع من رصيده لتحقيق الصدارة العالمية على كل المستويات مستقبلا. حقبة ما بعد كورونا سيتوحد فيها البشر على اختلافهم بعيدا عن القوالب القديمة الضيقة التي صممها البعض من أجل مكاسب ضيقة هزمها هذا الفيروس الصغير. تحت وطأة هذه الجائحة اكتشف البشر بعد قرون طويلة قضوها في هذا الكوكب أنهم ضعاف لدرجة أنهم عاجزون أمام فيروس بالغ الدقة، وأن السنوات الطويلة التي قضوها على هذا الكوكب قد ضاعت في التناحر والحروب والنزاعات الفارغة، وفي الصناعات الجوفاء، التي تبخرت أمام هجمات كورونا وضربات الفيروس الدقيقة التي وقف العالم عاجزا عن صدها أو الاحتماء منها، ولم تسعفه صواريخه ولا بارجاته ولا ترسانة أسلحته التي أصبحت من الماضي. مرحبا بكم في حقبة ما بعد كورونا فأدخلوها بسلام متعاونين. ونواصل. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.