، في المؤتمر الصحفى في الخرطوم في 28 مارس 2010. مساء الخير وأشكركم جميعا على حضوركم. هذا هو أول مؤتمر صحفي لي منذ تعييني ممثلا خاصًّا للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسًا لبعثة الأممالمتحدة في السودان. فاسمحوا لي، أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن تقديري لعملكم وأبلغكم أنني أعتزم مواصلة التفاعل المنتظم مع الصحافة هنا لإعطاء تحديثات على عملنا كبعثة أنيطت بها مهمة تقديم الدعم والمساعدة في تنفيذ اتفاق السلام الشامل نصا وروحا. وربما هذه هي الفترة الأكثر أهمية في تاريخ السودان منذ استقلاله. فسوف يتخذ الشعب السوداني قراراتٍ من شأنها أن تؤثر ليس فقط قي حياتهم، ولكن في حياة تلك الأجيال القادمة. إن التوقيع على اتفاق السلام الشامل لإنجازٌ تاريخيٌّ لم يُنه فقط عقودًا من الحرب الأهلية التي كلفت الملايين من الأرواح، بل شمل أيضا المبادئ التي من شأنها أن تجلب السلام الدائم. هذا، وتستحق الأطرافُ الموقعة الثناءَ، حتى الآن، لأنهم حافظوا على التزامهم بتنفيذ الاتفاق، وإدارة المرحلة الانتقاليّة دون انهيار كبير في السنوات الخمس الماضية. إن المرحلة المهمّة والحاسمة المقبلة في تنفيذ اتفاق السلام الشامل هي إجراء انتخابات وطنية، والتي تجري لها حاليا الاستعداداتُ. بعد سنوات عديدة، سوف يمارس كل السودانيين، ربما باستثناء عدد قليل ممن منعهم الصراع الجاري، سوف يمارسون حقهم في الانتخاب والتصويت لصالح مرشحين على مختلف المستويات. والانتخابات القادمة لها وظيفتان غير منفصلتان -- أولا، هي عنصر مهمٌّ وأساسيٌّ في تنفيذ اتفاق السلام الشامل، وثانيا، هي معدَّة للدخول في العملية الديمقراطية في السودان. وأعتقد أن هاتين المهمتين لا يمكن فصلهما وهما ضروريّتان لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل في هذا البلد. وفتح الآفاق السياسية، حتى لو كان البعض يشعر بأنه ليس واسعًا بقدرٍ كافٍ حتى الآن، والحوارفيما بين الشركاء السودانين قد نجم عن هذه الانتخابات هو البداية الصحيحة والتي يمكن بل يجب أن تؤدي إلى توسيع هذه الآفاق من أجل إضفاء الطابع المؤسسي ومشاركة الجمهور في الإدارة الشاملة للبلد. من أجل تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، يجب أن تجرى الانتخابات وفقا للجداول الزمنية المنصوص عليها في اتفاق السلام الشامل، ولا بد أن تجري في مناخٍ مواتٍ لضمان عملية انتخابية حرة ونزيهة. وضمان حدوث ذلك مسؤولية تقع على عاتق حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت من الطرفين الموقعين والمؤسسات التي أنشأتها الحكومة، وعلى رأسها المفوّضية القوميّة للانتخابات. وبالتالي، فإن الانتخابات في جميع جوانبه هو عملية مملوكة تمامًا للوطن. وتفويض بعثة الأممالمتحدة في السودان ينطوي على تقديم المساعدة للحكومة والمفوّضية القوميّة للانتخابات بطريقةٍ تضمن استيفاء هذين الشرطين على حدٍّ سواء وإن البعثة تقوم بهذه المهمة. فهي تقدِّم مساعدة تقنية ولوجستية للمفوّضية القوميّة للانتخابات لتمكينها من إجراء الانتخابات في الوقت المناسب، كما تقدِّم المشورة وتشجع المفوّضية القوميّة للانتخابات والحكومة وجميع الأطراف الأخرى المعنية على معالجة المسائل التي قد تعرِّض مصداقيتهم للخطر. إن بعثة الأممالمتحدة في السودان، بالتعاون مع الجهات المانحة وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، قد قدَّمت المساعدة التقنية من خلال شعبة المساعدة الانتخابية منذ تسجيل الناخبين. وتشارك حاليا في تقديم المساعدات اللوجستية، ولا سيما في الجنوب، والمشورة التقنية بشأن التخطيط العمليّاتي. كما شاركت بعثة الأممالمتحدة في التدريب المكثف الخاصِّ بأمن الانتخابات في كلٍّ من الشمال والجنوب، حيث قمنا بتدريب ما يقرب من 24،000 من ضباط الشرطة، حوالي 17،000 في الشمال، وأكثر من 7،000 في الجنوب. في حين أن مسؤولية توفير الأمن خلال الانتخابات تقع على عاتق حكومات الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان في المنطقة، ستساعد قوات حفظ السلام أيضا في تعزيز الأمن في المناطق التي قد تكون فيها تهديداتٌ بمواجهاتٍ مسلحةٍ. وهنا أودُّ أيضا أن أشكر الجهات المانحة وبرنامجَ الأممالمتحدة الإنمائي، الذين لولا دورهم ودعمهم لبقيت الجهود التي نبذلها لمساعدة السلطات ناقصة. وأودُّ أن أقول بكل وضوحٍ إن الأممالمتحدة ليس لها دور في مراقبة هذه الانتخابات. ومن هنا، أودُّ أن أطلبَ منكم التعاونَ في ضمان أن ينعكس دورنا في هذه الانتخابات بدقةٍ في تقاريركم. وهناك العديد من مجموعات مراقبة مستقلة، على الصعيدين الدولي والوطني، قد اعتمدتها المفوّضية القوميّة للانتخابات من شأنها أن تؤدي مهام الرصد فاكتبوا تقريرَكم على ضوء هذا. وإدراكا لأهمية دور هؤلاء المراقبين، فإننا بطبيعة الحال، سنساعد ونقدِّم لهم المساعدة اللوجستية وفقا لتفويضنا وضمن قدراتنا. وأخيرا، فإن الانتخابات المقبلة هي مرحلة مهمّة في عملية توطيد السلام والتحول الديمقراطي في السودان، وأنا أشجع جميع السودانيين على المشاركة على نطاقٍ واسعٍ من خلال ممارسة حقهم في التصويت في أجواءٍ حرَّةٍ ونزيهةٍ، كما أشجع الحكومة، والأحزاب السياسية المعنية، والمفوّضية القوميّة للانتخابات على التأكد من أنها تفعل ذلك. إن المرحلة المهمّة المقبلة في تنفيذ اتفاق السلام الشامل، ستكون الاستفتاءِ في جنوب السودان وأبيي ، وبعثة الأممالمتحدة في السودان سوف تساعد على نفس المنوال كما فعلتْ في الانتخابات. أشكركم وأرحِّب الآن بالأسئلة التي قد تكون لديكم بخصوص دورنا.