(صمود) يرحّب بتصريحات ترامب بشأن اعتزامه تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    دقلو يعلن هدنة إنسانية لثلاثة أشهر بآلية مراقبة دولية    فيما نشكرُ بن سلمان وترامب: أمريكا، روسيا قد دنا عذابُها    المريخ يواجه كييفو سبورت في أولى مبارياته بالدوري الرواندي    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    الأخوان المسلمين: ليست فوبيا وانما مخطط.    بنك الخرطوم: استوفينا جميع المطلوبات لافتتاح فرع للبنك في مصر    التضخم ..."غول" يحد من قدرة السودانيين على الشراء    السودان.. قرار بحظر نشاط صيد الأسماك وإغلاق لبحيرتين    وصول معدات الموسم الرياضي لاندية كوستي    شاهد بالصورة.. القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تضع الفنانة هدى عربي مكان "البرهان" في قاعدة التمثال المثير وتقول: (الوحيدة اللي تستاهل وبعرف مليون واحد ممكن يجي يحج عديل أمام تمثالها)    شاهد بالصورة.. تمثال "حميدتي" بدارفور يتعرض لسخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان    شاهد بالفيديو.. البرهان: (كيف تبقى الإمارات وسيط بالرباعية وكل العالم يشهد على دعمها للمتمردين وأستغرب من شائعة سيطرة الأخوان المسلمين على الجيش والحكومة)    لأول مرة منذ 12 ألف عام.. بركان ثائر في إثيوبيا    لجنة عودة المواطنين للعاصمة تتفقد أعمال تأهيل محطات المياه والكهرباء بمحلية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. أقسم بالمصحف على صدق المعلومة.. الناشط عثمان ذو النون يفجر مفاجأة كبيرة ويشعل النيران وسط "الدعامة": كيكل اشترى كمية كبيرة من الأسلحة من القائد الميداني للدعم السريع "السافنا"    شاهد بالصور والفيديو.. "حنة" عريس سوداني تثير تفاعلاً واسعاً على السوشيال ميديا وشقيقة العريس تخطف الأضواء    لا يوجد خصم سهل... وسانت لوبوبو ليس نزهة**    المريخ يفتتح مشواره في الدوري الرواندي بمنازلة كييوفو سبورت    حاج ماجد سوار يكتب: خطة الدويلة المضادة    لماذا لا ينبغي التعويل على تصريحات ترامب    شاهد بالفيديو.. اللاعب بلة جابر: (هيثم مصطفى دخل في خلافات مع مدرب المنتخب الوطني بسبب "الثلج" وعندما عرف قيمته وأهميته بعد سنوات أصبح يشتريه من ماله الخاص)    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تمنع الرجال من الصعود للمسرح لمنحها "النقطة" وأحدهم يسقط على الأرض بعد محاولته الوصول إليها    شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم وقف أمامه وأنشد قصيدة.. "تمثال" قائد الجيش "البرهان" يثير جدلاً واسعاً وسط تعليقات متباينة ما بين مشيدة ورافضة (الكاهن يستحق أكثر من ذلك ورجعنا لعبادة الأصنام)    من عامل يومية بسيط إلى رجل أعمال بثروة تقدر ب 7 مليار دولار.. قصة بداية رجل الأعمال والبر والإحسان أزهري المبارك صاحب مخيمات اللاجئين بالولاية الشمالية تثير تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل    فينيسيوس يسير عكس ريال مدريد    شاهد بالصور.. المقرئ السوداني الشهير "شيخ الزين" يثير تفاعلاً إسفيرياً واسعاً بعد ظهوره بإطلالة شبابية ب"الجينز" والجمهور: (أنيق تبارك الله ما يسحروك وأعمل حسابك واتحصن من عين البنات)    أطباء ينصحون بتقوية المناعة قبل دخول الشتاء    لاعبو ليفربول "يفسدون" احتفال صلاح بليلته التاريخية    زراعة الخرطوم ومنظمة الفاو تنفذان حملة تطعيم الماشية بولاية الخرطوم    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    ادارة مكافحة المخدرات ولاية النيل الابيض تضع حدا لنشاط شبكة إجرامية متخصصة في الإتجار وتهريب الحبوب المخدرة    أكبر هبوط شهري منذ انهيارات الكريبتو في 2022.. لماذا ينهار سوق العملات المشفرة الآن؟    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان يصنع ربيعه بيده، لا بيد ماكرون .. بقلم: جمال محمد ابراهيم
نشر في سودانيل يوم 16 - 08 - 2020

لا أحدثك عن التاريخ البشري، ولكني أحثك أن تستعيد في ذاكرتك تلك الوقائع التي مرَّت بها بعض الشعوب وحدثنا التاريخ عنها ، فشكلت لدى تلك الشعوب محطات مفصلية ، أفضت بعدها إلى تحوّلات كبرى. ما أن تقرأ عن الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر ، إلا واستعادت ذاكرتك عبارة ملكة فرنسا ماري أنطوانيت، تنصح شعبها بأكل البسكويت إن لم يجد الخبز .
وإن قرأت قصة نشوب الحرب العالمية الأولى ، لقفزت إلى ذاكرتك قصة اغتيال الأرشيدوق فرديناند ولي عهد النمسا ، التي أشعلت تلك الحرب. في بلوغ بعض الطغاة أقصى درجات الطغيان، لتشكل تلك محطة مفصلية تبدأ بعدها التحولات الكبرى. ولك أن تنظر بتمعّن للذهنية الأمريكية قبل عملية بن لادن في نيويورك ، ثم إلى التحولات التي وقعت بعدها .
إني أنظر إلى كارثة بيروت ، عروس العواصم العربية ، فأرى انفجاراتها قد أوصلت لبنان إلى ذلك المنعطف المفصلي الذي سيفضي حتماً إلى تحوّلات كبيرة في الساحة السياسية اللبنانية. .
(2)
ما أن تذكر بيروت في أيامنا هذي، إلا وتقفز إلى الذاكرة روح تلك لمدينة الوثابة نحو الثقافة والفن ومجمل مشمولات العصرنة ، مما جعل منها ذلك الأنموذج الذي تترسم مسيرته معظم العواصم العربية. بعض إعلاميي الغرب يرونها واحة الحرية والجمال وسط فضاء مجدب خال من الجمال، ومحتشد بالإضطرابات وغياب الرشد في إدارة أحوال شعوبه. لبنان الذي عرف أول الدساتير التي صيغت للحكم ونال استقلاله مبكرا ، ويعد من مؤسسي جامعة الدول العربية، ما عرفت أحواله السياسية استقرارا مريحا، برغم نجاحه في إقرار معادلة تستصحب التنوع الإثني والطائفي . لعل السمة الغالبة لهذا التنوع تمثلت في الوجود الإسلامي والمسيحي جنبا إلى جنب على مدى التاريخ القريب والبعيد في الشام وفي لبنان على وجه خاص. ذلك البعد الهام في لبنان ، هو محور الإضطرابات التي بلغت ذروتها في حرب أهلية دامت خمسة عشر عاما، هي من أشرس الحروب التي دارت في منطقة الشرق الأوسط.
(3)
إن الحلول السياسية لإشكالية التنوع في لبنان ، لم تكن بالقدر الذي يتوقع أن يفضي إلى استقرار وإلى أمن ينعم به الشعب اللبناني. ظلت المعادلات الطائفية ووفق تفاهمات تاريخية قدر لها أن تكون مرحلة ، فقد كان المؤمل أن يتم تجاوزها فتصل لبنان إلى سمو الإنتماء الوطني لا الطائفي ، فتتعزز قوة البلاد ويتوطد استقرارها.
إن التركيبة السياسية المتجذّرة في الواقع الطائفي ، قد تهاوتْ تماما بعد كارثة إنفجار مرفأ بيروت. تلك هاوية جرى حفرها على مدى عقود طويلة ، شكل فيها العجز عن تجاوز الواقع الطائفي ، العقبة الكؤود التي أفشلت كل الحكومات التي توالت على إدارة البلاد. لبنان الذي يعود دستوره لعشرينيات القرن العشرين ، لبنان الذي كان في مقدمة الدول التي نالت إستقلالها وخرجت من الوصاية الفرنسية ، عام 1943، يأتي إليها بعد كارثة المرفأ الرئيس الفرنسي مقترحاً أن تفتح لبنان صفحة جديدة لترتيب أمورها ، ويعد أن يراجع بيروت في سبتمبر القادم من أجل ذلك. ألهبت عباراته التي جاءت على لسانه عفو اللحظة في مؤتمره الصحفي في "قصر الصنوبر"، حماس بعض شباب اللبنانيين الذي طالبوه بمذكرة ممهورة بتوقيعاتهم مرحبين بعودة الوصاية الفرنسية على لبنان. ذلك غلوّ في الحماس لاستقبال الرئيس الفرنسي الذي كان أول رئيس لدولة كبرى يسارع بزيارة بيروت، ليتفقد حالها بعد الكارثة، لكن لن تعد مبادرة ذلك الشباب المتحمس مطلبا جادا ، إذ أكثر اللبنانيين يملكون القدرة على الإمساك بمقدرات بلادهم، وهم الأولى بترتيب أمورهم ، وهم الأكثر شجاعة على رفع شعارات تستهدف تغيير النظام اللبناني.
(4)
إنّ موجة التحوّلات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، فيما عرف إعلاميا بثورات الربيع العربي منذ 2011 وانتهاء،ا بثورتي السودان والجزائر الشعبيتين ، هي تحوّلات صنعها حراك الشعوب نفسها ، وليس بأصابع أجنبية ولا تحريض خارجي. من منطلق اليأس من النظام الذي أفرزته المعادلة الطائفية ، على مدى العقود السابقة الطويلة، ومنطلق الحماس لدى جيلٍ ماثل ربما لم يعش عثرات الماضي، فإن الحماس الفطير باتجاه التغيير يدفع بعضهم إلى التطلع لوصاية ينالها لبنان من المستعمر السابق. ليس مطلوباً من الرئيس الفرنسي صناعة ربيع لبناني يعيد صياغة النظام السياسي في لبنان، لا هو يملك حق ذلك الاقتراح ولا ملكتْ فرنسا تلك الإرادة التي تتيح لها فرض وصايتها على بلد مستقل.
(5)
ليس أمام اللبنانيين غير خيار واحد يقيهم ويلات الفشل والتفكك وربما الإقتتال الأهلي ، ألا وهو الخروج من عباءة التفاهمات القائمة علي معادلات الطوائف التي واصلت تحكمها على الواقع اللبناني لعقود طويلة. لا يملك أحد في الإقليم أو في المجتمع الدولي، حق اقتراح ذلك الخيار، إلا الشعب اللبناني الذي يملك القدرة لتغيير نظامه السياسي وقلب الطاولة على الرموز التي أوصلت لبنان إلى حواف الفشل والانهيار. إن على البنانيين صياغة توافقاتجديدة ، تبدأ من مراجعة الدستور القديم للبلاد والتعديلات التي أجريت عليه، والقوانين التي انبثقت عنه ، سواء تلك التي تمت في الطائف عام 1989، أو توافق الدوحة في عام 2008.
(6)
على لبنان أن لا يترك هذه السانحة التي جاءت للأسف بعد كارثة أفضت إلى تدمير أجزاءٍ كبيرة من العاصمة اللبنانية ، وألحقت الدمار بالبشر والحجر. على لبنان أن يمسك بإرادته ويستدعي إرادة الفينيق الذي ينهض من رماده ، ولبنان يعرف أسطورته ، فيتوجه اللبنانيون بإرادة جادة لتصحيح الأوضاع. برغم حجم الكارثة والمأساة، فإن اللحظة التاريخية الماثلة ، هي الفرصة الذهبية التي خرجت من دمار المرفأ، لصياغة نظام لبناني جديد ، وليسمهِ الإعلام ربيعاً لبنانياً جديداً، أو نهوضاً لفينيق طال رقاده في رماده . لكن يظل الأمر الأهم ، أن يتصدى اللبنانيون للإمساك بمصائرهم وبأقدار بلادهم. .
العربي الجديد-15/8/2020


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.