نادي الاتحاد يستقبل بعثة الأهلي نيالا بقلعة الرومان    المحكمة الجنائية الدولية تحكم على زعيم بميليشيا الجنجويد    واشنطن: شطب تعديل لتصنيف «الدعم السريع» إرهابياً يُثير جدلاً حول مصير الملف السوداني في الكونغرس    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    جبهة عسكرية جديدة..خطوة خطيرة من إثيوبيا تّجاه السودان    مفضل التمرد لا يزال قائماً ويحذر من المتعاونين والخلايا النائمة    مسيرة للجيش تودي ب14 من قيادات ميليشيا الدعم السريع    الموت يغيب الإعلامي الشاب محمد محمود حسكا    قبل النوم بلحظات.. "ثمرة ذهبية" تهدئ جسدك وعقلك    بيان حول أحداث مباراة نهضة تونس والوداد بالقضارف    وفاة إعلامي سوداني    مدير شرطة ولاية الجزيرة يزور الرومان    انقطاع التيار الكهربائي في عموم ولايات السودان    بعد انسحاب الجيش.. مليشيا الدعم السريع تسيطر على حقل هجليج النفطي    "كسروا الشاشات وهاجموا بعضهم".. غضب هستيري في غرفة ملابس ريال مدريد    شاهد بالفيديو.. أحد أفراد الدعم السريع يهاجم شيخهم "بدران": (رأسك زي بوخ الحلة.. بتجيب في كلمات ما معروف من أي ديانة وتشريعك دا المغطس حجرنا)    سيدة الأعمال السودانية نانسي ملاح تدافع عن "ميادة" بعد شائعة الإعتداء على خادماتها: (ما شفنا منها غير الطيبة والأدب وأخلاق البنات المربّيات وحكموا عليها قبل ما تُعرض الأدلة وقبل ما القانون يقول كلمته)    سيدة الأعمال السودانية نانسي ملاح تدافع عن "ميادة" بعد شائعة الإعتداء على خادماتها: (ما شفنا منها غير الطيبة والأدب وأخلاق البنات المربّيات وحكموا عليها قبل ما تُعرض الأدلة وقبل ما القانون يقول كلمته)    شاهد بالصورة والفيديو.. مشجعة سودانية تتمنى مواجهة العراق مرة أخرى: (العراقيين هم اللي يخافون مننا وسودانا فوق)    شاهد بالفيديو.. خبير التحكيم المصري ونجوم الأستوديو التحليلي يجمعون على تقاضي الحكم عن ركلة الجزاء واضحة لصقور الجديان أمام العراق والجمهور: (الظلم التحكيمي لمنتخبنا في البطولة أصبح متكرر)    الغضب يترك أثراً أعمق مما نظن    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    شاهد بالصور.. الشاعرة والإعلامية نضال الحاج تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زفاف "ريماز" بأناقتها بالحجاب    شاهد بالفيديو.. اليوتيوبر الشهيرة مها جعفر تعود للظهور بمقطع فيديو كوميدي من مباراة صقور الجديان وأسود الرافدين وتؤكد تشجيعها للمنتخبين لأن والدها سوداني ووالدتها عراقية: (ماما أمسكي المنتخب بتاعك دا)    وزير خارجية بنين يعلن فشل محاولة الانقلاب في البلاد    الكويت تسحب جنسية الداعية طارق السويدان    شركة CNPC الصينية تُخطر وزارة الطاقة بنيتها إنهاء اتفاقيات البلوك 6 بسبب تدهور الأوضاع الأمنية    إحباط تهريب (29) ألف رأس بنقو و(46) ألف حبة ترامادول بشندي    صلاح يفتح النار: شخص يريد رحيلي.. وليفربول تخلى عني    تحذير علمي: السمنة تُسرّع تراكم علامات الزهايمر في الدم بنسبة 95%    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    بيل غيتس يحذر : ملايين الأطفال قد يموتون بنهاية هذا العام    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تكريم الفنان النور الجيلاني بمنطقة الكدرو    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان يصنع ربيعه بيده، لا بيد ماكرون .. بقلم: جمال محمد ابراهيم
نشر في سودانيل يوم 16 - 08 - 2020

لا أحدثك عن التاريخ البشري، ولكني أحثك أن تستعيد في ذاكرتك تلك الوقائع التي مرَّت بها بعض الشعوب وحدثنا التاريخ عنها ، فشكلت لدى تلك الشعوب محطات مفصلية ، أفضت بعدها إلى تحوّلات كبرى. ما أن تقرأ عن الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر ، إلا واستعادت ذاكرتك عبارة ملكة فرنسا ماري أنطوانيت، تنصح شعبها بأكل البسكويت إن لم يجد الخبز .
وإن قرأت قصة نشوب الحرب العالمية الأولى ، لقفزت إلى ذاكرتك قصة اغتيال الأرشيدوق فرديناند ولي عهد النمسا ، التي أشعلت تلك الحرب. في بلوغ بعض الطغاة أقصى درجات الطغيان، لتشكل تلك محطة مفصلية تبدأ بعدها التحولات الكبرى. ولك أن تنظر بتمعّن للذهنية الأمريكية قبل عملية بن لادن في نيويورك ، ثم إلى التحولات التي وقعت بعدها .
إني أنظر إلى كارثة بيروت ، عروس العواصم العربية ، فأرى انفجاراتها قد أوصلت لبنان إلى ذلك المنعطف المفصلي الذي سيفضي حتماً إلى تحوّلات كبيرة في الساحة السياسية اللبنانية. .
(2)
ما أن تذكر بيروت في أيامنا هذي، إلا وتقفز إلى الذاكرة روح تلك لمدينة الوثابة نحو الثقافة والفن ومجمل مشمولات العصرنة ، مما جعل منها ذلك الأنموذج الذي تترسم مسيرته معظم العواصم العربية. بعض إعلاميي الغرب يرونها واحة الحرية والجمال وسط فضاء مجدب خال من الجمال، ومحتشد بالإضطرابات وغياب الرشد في إدارة أحوال شعوبه. لبنان الذي عرف أول الدساتير التي صيغت للحكم ونال استقلاله مبكرا ، ويعد من مؤسسي جامعة الدول العربية، ما عرفت أحواله السياسية استقرارا مريحا، برغم نجاحه في إقرار معادلة تستصحب التنوع الإثني والطائفي . لعل السمة الغالبة لهذا التنوع تمثلت في الوجود الإسلامي والمسيحي جنبا إلى جنب على مدى التاريخ القريب والبعيد في الشام وفي لبنان على وجه خاص. ذلك البعد الهام في لبنان ، هو محور الإضطرابات التي بلغت ذروتها في حرب أهلية دامت خمسة عشر عاما، هي من أشرس الحروب التي دارت في منطقة الشرق الأوسط.
(3)
إن الحلول السياسية لإشكالية التنوع في لبنان ، لم تكن بالقدر الذي يتوقع أن يفضي إلى استقرار وإلى أمن ينعم به الشعب اللبناني. ظلت المعادلات الطائفية ووفق تفاهمات تاريخية قدر لها أن تكون مرحلة ، فقد كان المؤمل أن يتم تجاوزها فتصل لبنان إلى سمو الإنتماء الوطني لا الطائفي ، فتتعزز قوة البلاد ويتوطد استقرارها.
إن التركيبة السياسية المتجذّرة في الواقع الطائفي ، قد تهاوتْ تماما بعد كارثة إنفجار مرفأ بيروت. تلك هاوية جرى حفرها على مدى عقود طويلة ، شكل فيها العجز عن تجاوز الواقع الطائفي ، العقبة الكؤود التي أفشلت كل الحكومات التي توالت على إدارة البلاد. لبنان الذي يعود دستوره لعشرينيات القرن العشرين ، لبنان الذي كان في مقدمة الدول التي نالت إستقلالها وخرجت من الوصاية الفرنسية ، عام 1943، يأتي إليها بعد كارثة المرفأ الرئيس الفرنسي مقترحاً أن تفتح لبنان صفحة جديدة لترتيب أمورها ، ويعد أن يراجع بيروت في سبتمبر القادم من أجل ذلك. ألهبت عباراته التي جاءت على لسانه عفو اللحظة في مؤتمره الصحفي في "قصر الصنوبر"، حماس بعض شباب اللبنانيين الذي طالبوه بمذكرة ممهورة بتوقيعاتهم مرحبين بعودة الوصاية الفرنسية على لبنان. ذلك غلوّ في الحماس لاستقبال الرئيس الفرنسي الذي كان أول رئيس لدولة كبرى يسارع بزيارة بيروت، ليتفقد حالها بعد الكارثة، لكن لن تعد مبادرة ذلك الشباب المتحمس مطلبا جادا ، إذ أكثر اللبنانيين يملكون القدرة على الإمساك بمقدرات بلادهم، وهم الأولى بترتيب أمورهم ، وهم الأكثر شجاعة على رفع شعارات تستهدف تغيير النظام اللبناني.
(4)
إنّ موجة التحوّلات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، فيما عرف إعلاميا بثورات الربيع العربي منذ 2011 وانتهاء،ا بثورتي السودان والجزائر الشعبيتين ، هي تحوّلات صنعها حراك الشعوب نفسها ، وليس بأصابع أجنبية ولا تحريض خارجي. من منطلق اليأس من النظام الذي أفرزته المعادلة الطائفية ، على مدى العقود السابقة الطويلة، ومنطلق الحماس لدى جيلٍ ماثل ربما لم يعش عثرات الماضي، فإن الحماس الفطير باتجاه التغيير يدفع بعضهم إلى التطلع لوصاية ينالها لبنان من المستعمر السابق. ليس مطلوباً من الرئيس الفرنسي صناعة ربيع لبناني يعيد صياغة النظام السياسي في لبنان، لا هو يملك حق ذلك الاقتراح ولا ملكتْ فرنسا تلك الإرادة التي تتيح لها فرض وصايتها على بلد مستقل.
(5)
ليس أمام اللبنانيين غير خيار واحد يقيهم ويلات الفشل والتفكك وربما الإقتتال الأهلي ، ألا وهو الخروج من عباءة التفاهمات القائمة علي معادلات الطوائف التي واصلت تحكمها على الواقع اللبناني لعقود طويلة. لا يملك أحد في الإقليم أو في المجتمع الدولي، حق اقتراح ذلك الخيار، إلا الشعب اللبناني الذي يملك القدرة لتغيير نظامه السياسي وقلب الطاولة على الرموز التي أوصلت لبنان إلى حواف الفشل والانهيار. إن على البنانيين صياغة توافقاتجديدة ، تبدأ من مراجعة الدستور القديم للبلاد والتعديلات التي أجريت عليه، والقوانين التي انبثقت عنه ، سواء تلك التي تمت في الطائف عام 1989، أو توافق الدوحة في عام 2008.
(6)
على لبنان أن لا يترك هذه السانحة التي جاءت للأسف بعد كارثة أفضت إلى تدمير أجزاءٍ كبيرة من العاصمة اللبنانية ، وألحقت الدمار بالبشر والحجر. على لبنان أن يمسك بإرادته ويستدعي إرادة الفينيق الذي ينهض من رماده ، ولبنان يعرف أسطورته ، فيتوجه اللبنانيون بإرادة جادة لتصحيح الأوضاع. برغم حجم الكارثة والمأساة، فإن اللحظة التاريخية الماثلة ، هي الفرصة الذهبية التي خرجت من دمار المرفأ، لصياغة نظام لبناني جديد ، وليسمهِ الإعلام ربيعاً لبنانياً جديداً، أو نهوضاً لفينيق طال رقاده في رماده . لكن يظل الأمر الأهم ، أن يتصدى اللبنانيون للإمساك بمصائرهم وبأقدار بلادهم. .
العربي الجديد-15/8/2020


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.