أستميحكم عذرا أن أقتبس عنوان موضوع اليوم من العنوان الذى إختارته "قناة الجزيرة " فى عرضها اليومى الذى تتابع فيه مايجرى فى السودان من أحداث لها علاقة بالإنتخابات الرئاسية والنيابية التى ستجرى بعد أيام . العنوان فى مضمونه له علاقة تاريخية فى الذاكرة السودانية حيث انه عندما إنتفض الشعب السودانى ضد النظام العسكرى القمعى فى أكتوبر 1964 كتب الأستاذ/ محمد حسنين هيكل فى جريدة الأهرام القاهرية مقالاً بعنوان " لقد قامت الثورة فى السودان...ثم ماذا بعد !؟" رأى الشارع السوداني آنذاك أن فى مقال الأستاذ/ هيكل تقليلاً من شأن الإنتفاضة ونقصاناً لما حققته من مكاسب ، وكان من أولويات تلك المكاسب ، إسقاط نظاما عسكرياً قبع على صدر الأمة طوال الفترة من 17 نوفمبر 1958 إلى أكتوبر 1964. على إثر ذلك المقال إتجهت الجماهير الغاضبة إلى السفارة المصرية بالخرطوم وأحرقت العلم المصرى وأسقطت "النسر " الرمز الذى كان على واجهة السفارة ، وكان أن راح ضحية ذلك العمل شاب سودانى سقط عليه النسر النحاسى الذى لم يكن يتوقع أحد أنه سيكون ثقيلا فى الوزن إلى ذلك الحد الذى تصعب على من تسلقوا لإنزاله من إنزاله بسلام . أسوق ذلك لمجرد المقارنة بين الأمس واليوم ! بالأمس ثار الشعب لمجرد تساؤل من الأستاذ/هيكل عما سيحدث بعد الثورة الشعبية ، وبالفعل ماذا حدث غير التخبط وتطبيق سياسات غير مدروسة ، وتشكيل حكومات جانبت الصواب فى كل خطواتها . ومنذ قيام تلك الثورة الشعبية التى أجهضتها الرجعية بكل مرجعياتها ، لم يشهد السودان وإلى اليوم إستقراراً ولاتنمية ولارخاء ! واليوم وبعد مايزيد عن أربعة عقود ، تطرح قناة الجزيرة نفس السؤال ولم يحرك الشعب السودانى ساكنا ! هل إختلفت أحاسيس الشعب السودانى فمابات يعطى بالاً لمايكتب أو يحدث !؟ سؤال الأستاذ/ هيكل الذى نشر فى أكتوبر 1964 ولمرة واحدة على مانشيست جريدة الأهرام أقام الدنيا ولم يقعدها ! ونرى نفس السؤال يتكرر وفى كل يوم على قناة الجزيرة ! ولم يحرك أحد بالا! ماذا حدث لهذا الشعب الأبى !؟ هل تمكنت الإنقاذ من تدجينه طوال فترة حكمها الذى زاد عن العقدين من الزمان!؟ أنا لا أنادى هنا بعمل ما ضد قناة الجزيرة ، بل بالعكس فهى قناة موضوعية ورائدة فى مجالها ، ولكن فقط رأيت أن أقيس أحاسيس الشارع السودانى الذى برهن بمالايدع مجالاً للشك بأن الشارع السودانى ماعاد ذاك الشارع ، وربما تغيرت الأحساسيس بالتقادم !؟ ونتساءل: ماذا حدث للشعب السودانى!؟ أما عاد ذاك الشعب الجسور الذى سار فوق النار ولم يهتز له جفن !؟ أما عاد الإنسان السودانى ذاك الإنسان الذى كانت تحركه رنة وتر وصوت فنان ينادى: يابلادى .. يابلادى .. أصبح الصبح وهانحن مع النور إلتقينا .. إلتقى جيل البطولات بجيل التضحيات !!!!؟ هل غاص صوت الشعب إلى القاع وبات من الصعوبة سماعه ؟ أم أنه لازال من البركان حمم لم تظهر على السطح بعد؟! وإن كان ، متى ؟! مجرد سؤال !؟ Ahmed Kheir [[email protected]]