لجنة ازالة التمكين عندما تحكم بمصادرة أموال مشبوهة فكأنما أتت البيوت من غير أبوابها بتغولها على سلطة هي من اختصاص المحاكم تطبقها في محاكمة عادلة، و يقصد بالمحاكمة العادلة المبادئ المنصوص عليها في مواثيق حقوق الانسان الدولية وفي الدساتير والتشريعات الوطنية ذات الصلة التي تضع معايير استقلال القضاء باعتباره الضمانة الجوهرية للمحاكمة العادلة الى جانب استقلالية القاضي ونزاهته وحياده، ومتى توفرت هذه الشروط تحققت المحاكمة العادلة، ولا تكون المحاكمة عادلة اذا لم تتوفر استقلالية القضاء، أو اذا فقد القاضي استقلاله ونزاهته وحياده. فما كان لهذه اللجنة ان تتجاوز سلطات وصلاحيات عملها السياسي لذلك لا يرجى من مصلحة تقدمها في مصادرة الأموال بأساليب عشوائية ذلك بأن الضرر الذي تلحقه بالعدالة يفوق أي مصلحة ترجى منها حيث أنها بذلك تمارس الظلم من حيث ترى انها تحقق عدالة. فأي عدالة لا تتحقق عن طريق المحاكم في محاكمات علنية نزيهة تعتبر ظلم، فالعدالة تتحقق بتطبيق القوانين من المحاكم العادية التي تمارس القضاء الطبيعي. يعتبر حق الملكية والحق في المحاكمة العادلة من حقوق العدالة الطبيعية التي لم تعد في حاجة للنص عليها كما لا يجوز النص على مخالفتها في أي دستور أو أي قانون وهو عين المبدأ اللاتيني الوارد في القانون الدولي العرفي jus cogens or peremptory norms و هذا المبدأ لا يعترف بأي دستور أو قانون أواي اتفاقية تجيز، على سبيل المثال، الاسترقاق أو الإبادة الجماعية أو التنكر للحق في التقاضي وغيرها من الأعمال التي تنتهك حقوق الانسان. لذلك نصت المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي أصبح جزءاً من القانون الدولي العرفي، على انه: لكل انسان - الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين – في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه اليه. والمادة 11/1 تنص على ان: كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً الى أن تثبت أدانته قانوناً في محاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه. وتعتبر مصادرة الأموال عقوبة جنائية ينبغي ان تصدر من المحاكم وليس من أي جهة غيرها. فاذا كان لا يجوز حتى للقاضي أن يقضي بما يغلب ظنه، فكيف تقضي بالظن لجنة غير ذات اختصاص قضائي. قال الله تعالى: ومالهم من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً. فالقرار الذي يوقع عقوبة بالمصادرة لا يصدر الا من محكمة وبشرط ان تكون محكمة مختصة في جلسة علنية تتاح فيها للمتهم كل وسائل الدفاع، فاذا صدر من أي جهة خارج السلطة القضائية يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً ويصبح منعدم الأثر. وكما نصت المواثيق الدولية على أنه: لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق الإجراءات القانونية المقررة، ولا يجوز انشاء هيئات قضائية لا تطبق الإجراءات القانونية المقررة حسب الأصول الخاصة بالتدابير القضائية لتنتزع الولاية القضائية التي تتمتع بها المحاكم العادية أو الهيئات القضائية. كما أن مبدأ استقلال القضاء يكفل للسلطة القضائية ويتطلب منها أن تضمن سير الإجراءات القضائية بعدالة واحترام حقوق الأطراف. دون محاباة أو تحيز أو تحامل. وأخيراً مهما توافرت النوايا الحسنة للجنة إزالة التمكين فهي تعوزها الخبرة الفنية والكفاءة اللازمة في سير الإجراءات القانونية والقضائية في التحري والتحقيق والمحاكمة لان لذلك العمل جهات مختصة من شرطة ونيابات تخصصية وقضاء عادل والا فالطامة الكبرى ليست في فساد المفسدين بل نقص أو انعدام الكفاءات الوطنية النزيهة. إذا طبق القانون تطبيقاً صحيحا فلا يفلت أحد من العقاب ولا يدخل في ملك أحد مال الا ما كسبه بالوسائل الشرعية، فاذا ثبت الثراء الحرام لدى القضاء العادل فلا سبيل الا المصادرة والعقوبات الأخرى المنصوص عليها في قانون الثراء الحرام. حسين إبراهيم علي جادين قاض سابق عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.