عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. من أساسيات المحاكمة العادلة أن تتم محاكمة أي شخص ارتكب فعل مُجرَّم أمام قاضيه الطبيعي تطبيقاً لمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القضاء والمحاكم ، وأن يمثل جميع الافراد الى محكمة واحدة دون تمييز وتفرقة وبإجراءات موحدة ، والأصل في الدستور وحدة القضاء ، والمحاكم من حيث المبدأ يجب أن تكون محاكم عادية " طبيعية " ، لأنها صاحبة الولاية العامة والاختصاص الأصيل بحيث يتقاضى الأفراد لديها ويكونوا على المام مسبق بوجودها وقانونيتها وأصول التقاضي فيها ، والقاضي الطبيعي هو القاضي الذي يتبع لأجهزة القضاء العادي في الدولة . وفي القضاء الطبيعي يجوز انشاء محاكم متخصصة لأشخاص او طائفة من الناس لهم وضع خاص مثل محكمة الطفل ومحكمة جرائم الفساد ومحكمة العمل وغيرها وينحصر اختصاص هذه المحاكم في مجال واحد من مجالات القانون إعمالاً لمبدأ التخصصية والخبرة لأن هذه المحاكم تقوم على مسائل فنية تتطلب معرفة وتخصص غير موجودة في قضاء المحاكم العادية ، ويجوز أن تكون المحكمة المتخصصة مستقلة بذاتها أو تكون جزءاً من المحاكم العامة وتتبع لها إدارياً كيفما كان الوضع . والمحاكم الاستثنائية هي المحاكم التي لا تدخل في نطاق المحاكم العادية ، وتشكل من عناصر غير قضائية للفصل في نزاعات طائفة محددة من الناس باجراءات وضمانات تختلف في الغالب عن الإجراءات العادية للتقاضي ، بعض الدول نصت في دساتيرها على حظر انشاء مثل هذا النوع من المحاكم ، ودول أخرى لم تحظر ذلك بل وظفت المحاكم الاستثنائية لتطبيق إجراءات استثنائية لا تتفق مع المعايير الدولية، ولمعرفة مدى سلامة الإجراءات المتخذة في كل من المحاكم العادية أو الاستثنائية وفق القانون الدولي يجب النظر ابتداء الى ما اذا كانت المحكمة مشكلة وفقاً للقانون ، وان أنها لا تنطوي على طابع تمييزي وان قضاتها مستقلين عن السلطة التنفيذية والتشريعية وما اذا كانت جميع اجراءتها تتفق مع المعايير الدولية. لذلك نجد أن هناك فارق بين القضاء المتخصص الذي تتوفر فيه ضمانات المحاكمة العادلة والقضاء الاستثنائي الذي لا تتوفر فيه هذه الضمانات ، وبالطبع ان القضاء الذي لا تتوفر فيه ضمانات المحاكمة العادلة يؤثر على العدالة الجنائية ويقدح في استقلالية السلطة القضائية . لذلك يجب الاستعاضة بمثل هذا النوع بإنشاء محاكم ودوائر متخصصة داخل منظومة القضاء العادي تكون ذات طبيعة مرنة لسرعة الفصل في الدعاوى حتى نتفادى القضاء الاستثنائي ، علما بان المحاكم المتخصصة مطلوبة في حال اقتضت ضرورات مبررة لإنشائها ، بشرط أن لا يكون القصد منها تطبيق إجراءات استثنائية لمواجهة نوع محدد من الجرائم يستطيع القضاء العادي القيام بها على أكمل وجه ، حتى لا ندخل في مظنة مخالفة ضمان عدم محاكمة المتهمين في قضية ما أمام محكمة تشكل خصيصاً من أجل قضيتهم ، وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأممالمتحدة أنه في حال تشكيل محاكم أو هيئات قضائية تم تأسيسها خصيصًا للفصل في فئات معينة من القضايا، يجب أن يستند ذلك إلى أسس موضوعية ومعقولة لتبرير التمييز بين تلك المحاكم والمحاكم العادية. والقانون الدولي يحظر انشاء أي محاكم جنائية متخصصة تقوم على أساس تمييزي بالمخالفة لمبدأ المساواة امام المحاكم وحظر التمييز، ولا يتعارض هذا الحظر مع مضمون مبدأ وجود محاكم مختلفة باختلاف أنواع المنازعات أو باختلاف طبيعة الجرائم بشرط ألا تقوم تفرقه، أو يوضع تمييز بين أشخاص المتقاضيين. فمن الضروري اتخاذ كافة التدابير الضرورية واللازمة التي تكفل إجراء هذه المحاكمات في ظروف توفر فعلياً كل الضمانات المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تتمثل في المساواة أمام القضاء وأن يعتبر المتهم بريئا حتى تثبت ادانته وان يتم اعلام المتهم فور اتخاذ أي إجراءات ضده بالتهم المنسوبة اليه، وأن يعطى الوقت الكافي والتسهيلات اللازمة لتقديم دفاعه ، وأن يقوم بالاتصال بمحام يختاره، وأن يحاكم دون تأخير غير مبرر، وان يحاكم حضورياً وان يدافع عنه محام يختاره بنفسه والحق في مناقشة الشهود واستدعائهم وان يزود بمترجم اذا كان لا يفهم لغة المحكمة وأن لا يكره المتهم على تقديم دليل ضد نفسه وان لا يحاكم عن الفعل الواحد مرتين وغيرها من الضمانات. حيث نص المبدأ (5) من مبادئ أساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي اعتمدها مؤتمر الأممالمتحدة على أن :" لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق الإجراءات القانونية المقررة. ولا يجوز إنشاء هيئات قضائية، لا تطبق الإجراءات القانونية المقررة حسب الأصول والخاصة بالتدابير القضائية، لتنتزع الولاية القضائية التي تتمتع بها المحاكم العادية أو الهيئات القضائية". على كل فان الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة يجب أن تكون مطبقة في جميع المحاكم سواء كانت محاكم عادية أو متخصصة أو استثنائية ، وان لا يتم التوسع في القضاء المتخصص الا لضرورات وبمبررات موضوعية تقوم على أسس ، لان القضاء العادي والطبيعي المستقل هو صاحب الولاية العامة ويحوز على ثقة الجميع للضمانات الموضوعية والاجرائية التي تتوفر لديه ، وانه يتصف بالتجرد والعموم والحيادية ، وهو حامي الحريات والحقوق العامة ويسهر دوماً على حراستها إعلاء لقيم العدالة وسيادة حكم القانون.