الفتى الأبنوسي أبوعاقلة جمعة أماسا.. قلمٌ ذهبي سطر لنفسه تاريخاً حافلاً في دنيا الصحافة الرياضية التي سكب فيها أفكاره عبر حقبة زمنية امتدت أكثر من ربع قرن من الزمان وهو يصول ويجول بحثاً عن مريخٍ أفضل، ويشهد تاريخه الناصع بذلك.. إذ لم يكن من الذين يتسكعون بين موائد الإدارات لهثاً عن رضاهم، إنما كانت الحقيقة هي مبتغاه، ورفعَ سقف طموحاته بأن يكون المريخ هو النادي الريادي ليس في المستطيل الأخضر فحسب؛ بل حلق فكر الفتي الأبنوسي "أماسا" عالياً وهو ينشد المؤسسية في إدارة كيان الصفوة، غير مبالياً بعواصف الرياح التي تتقاذف حلمه المشروع.. لأن إعلام الطبول الجوفاء أعلى ضجيجاً من صوت الحقيقة المجردة. يمتلك الأخ والزميل "أماسا" قلماً ألِف الصدق مع المداد الذي يكتب به، فلم يكتفِ بالرياضة وعِراكها وروتينها الذي قد يصيب ذهن الكاتب بالملل والركود؛ خاصة عندما يشعر أن صرخته الداوية ذهبت لوادي الصُم وإضاءاته خلفها العميان وراء ظهورهم، لذلك رأينا الفتى الأبنوسي قد برع في توصيف الحالة العامة التي يمر بها المجتمع من خلال مقالاته المتناثرة هنا وهناك، ويدفعه القلق تجاه شعبه وتحرضه وطنيته الصادقة لإيصال فكرته لأصحاب القرار السياسي والاقتصادي والتنموي، فكتب عن مآسي المدارس ورداءة البيئة التعليمية ومعاش الناس، والحلول الاقتصادية، ولم يستطع في فترة ماضية، استيعاب أن قارورة الماء في بلاد النيلين أغلى من ما يماثل حجمها من البنزين، لأن المنطق يقول غير ذلك، مما دفعه للمناداة برفع الدعم عن البنزين الذي تستفيد منه طبقة المقتدرين على حساب المواطن البسيط: (ياخي أرفعوا الدعم عن البنزين.. وأرفعوا الناس الكانوا سبب في التناقضات دي في المشانق، وخلوا الشعب السوداني يعيش حياة متوازنة ومعقولة..!) هكذا نسمع صوته الصادق خليطاً ما بين الثورة والاقتصاد. والذي يعرف أمير صاحبة الجلالة "أبوعاقلة أماسا"، المتوّج بحب مسقط رأسه حتماً سيتطرق لعشقه المتنامي لمسقط آبائه وحنينه الجارف لمنطقة ريفي سلارا بجبال النوبة، التي يعشق السياحة إليها والطواف بقراها وأوديتها والبكاء بين أحضان الأهل والأقارب الذين تأثروا كثيراً من الحروب والاقتتال، فهو مرهف الحس، سريع التفاعل، صادق المشاعر، وقد كتب يوماً: (في أغوار جبال النوبة وفيافي دارفور، وبوادي البطانة وسهول الشرق، وحتى في غابات الجنوب وقرى الشمال البعيد والقريب، ثمة أحلام غضة وبريئة مازالت تتطلع وتأمل في مستقبل مشرق، وتطمع في وطن يضمهم تحت جناحيه ويوفر لهم الحب والدفء، وأجيال من الخلق مضت دون أن تعرف في الحياة غير المعاناة، من شظف العيش وعدم الاستقرار وصوت السلاح وطرق المدارس البعيدة والوعرة، تحملوها في صبر وجلد في انتظار من يبكي لأجلهم...). الخواطر كثيرة التي تدور بذهني تجاه صديقنا "أماسا"؛ تضيق المساحات للغور فيها.. فيكفي أن أكثر من ثلاثين عاماً ولم يتغير الود، ولم تُنسى الذكريات بحياة الداخلية التي التقينا فيها بمدرسة الكاملين الثانوية في نهاية الثمانينات وأوائل تسعينات القرن الماضي. دوام الصحة العافية والتوفيق والسداد والتوفيق للأخ الرفيق أبوعاقلة جمعة أماسا.. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.