أفرزت الانتخابات نتائج كانت متوقعة سلفاً، وخلت من العنف، ولكن الأخطاء صاحبت مراحلها المختلفة بدرجات متفاوتة. وقالت المنظمات الدولية إنها لم ترق إلى مستوى المعايير الدولية المهم في الأمر أن الانتخابات وصلت إلى مرافئ الختام دون دماء.. ولكن معظم القضايا الأساسية ستظل في محلها وبحاجة إلى عمل شاق يحدِث اختراقاً في جسد الأزمة المتطاولة. المؤتمر الوطني بعد أن أتت رياح الانتخابات كما تشتهي سفن الإنقاذ، بدأ في استمالة أحزاب المعارضة، وبذل الوعود السلطوية التي تسيِّل لعاب بعض الأحزاب، في حين أن محمد أحمد السوداني يقف بعيداً يترقب إفرازات الوضع حتى تتنزل مخرجات العملية الانتخابية برداً وسلاماً على قفة الملاح. أحزاب المعارضة تباينت مواقفها قبل وأثناء الانتخابات، ففي حين انسحب بعضها بحجة عدم نزاهة الانتخابات، واصل بعضها المضي في دربها، ولكنها سرعان ما عادت إلى ترديد نغمة التزوير.. وقال بيان الحزب الإتحادي إن ما حدث كان أكبر من التزوير، وأوضح البيان بعض أساليب التزوير(كنا نخشى التزوير ولكن ما ظهر أثناء الانتخابات هو أفظع وأمر وأبشع من التزوير وتوصلنا أخيراً إلى أن ما جرى ليس أخطاء إدارية وفنية ومهنية فقط، بل إن ما جرى هو جريمة فى حق الشعب السوداني تضاف إليها أعمال الترويع والبلطجة التى مورست ضد وكلاء المرشحين، حيث تم حبس البعض خارج إطار القانون من الساعة 8:00 صباحاً حتى 4 عصراً). من جانبه نفى المؤتمر الوطني مراراً وتكراراً وجود تجاوزات ترقى إلى وصفها بالتزوير. وقال الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني فتحي شيلا ل(الحقيقة): من زرع حصد، نحن تعاملنا مع الانتخابات بجدية، وطبيعي جداً أن نحصد أغلب الأصوات، الحديث عن التزوير لا أساس له من الصحة، صحيح لم تكن انتخابات مثالية، ولكنها في حالة السودان أكثر من ممتازة. إنتهت إفادة شيلا، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: ثم ماذا بعد؟ هل تنعكس الانتخابات بصورة إيجابية على الأوضاع في دارفور؟ وهل ستسهم في دفع جهود الحل السلمي؟.. المؤتمر الوطني يعتقد ذلك، والحركة الشعبية ترى عكس ذلك. ويقول ياسر عرمان: (هذه الانتخابات سلبت إرادة الشعب السوداني).. على أية حال انتهت الانتخابات بخيرها وشرها، وقضايا عديدة في انتظار النظر إليها بعين الإعتبار مثل قضية دارفور والاستفتاء ومشكلات الحدود وتقاسم الموارد وغيرها..وكان المؤتمر الوطني قد عرض على أحزاب المعارضة المشاركة في الحكومة المقبلة، وقالت تسريبات صحفية إن الحزب الإتحادي الديمقراطي قد قبل العرض المقدَّم من المؤتمر الوطني بتولي عدد من الوزارات الخدمية في الحكومة المقبلة. وقال مصدر مطّلع داخل حزب المؤتمر الوطني إن هناك تفاهمات بين الوطني والإتحادي.. ولكن تردُّد زعيم الحزب أربك التنسيق بين الحزبين، وأضاف المصدر أن فوز إثنين من قيادات الإتحادي(إسماعيل عطا المنان في نيالا وكباشي في هيا) من ثمرات التنسيق، ومن دونه ما كان يمكن للإتحادي أن يحصد الفوز في أي دائرة ما بعد الانتخابات يقول البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية: التزوير كان متوقعاً ولكن ما حدث فاق كل التصورات، نسبة التزوير بلغت أكثر من 110% . ويرجِّح الدومة وجود صفقة بين الولاياتالمتحدة والمؤتمر الوطني لتمرير بعض الأجندة. وتوقع الدومة أن تشهد المرحلة المقبلة سيطرة كاملة للمؤتمر الوطني على مقاليد الأمور. وقالت معظم أحزاب المعارضة إنها كانت تتوقع التزوير، لكنها لم تتصور أن يكون بطريقة مكشوفة وبنسب كبيرة.. ويقول العميد «م» عبد العزيز خالد: كنت أتوقع أن يكون هناك تزوير ولكن ليس إلى هذا الحد، وماحدث فوضى وليست انتخابات. وهناك من يعتقد أن نتيجة الانتخابات كانت متوقعة، خاصة أن المؤتمر الوطني حسم أمره منذ مرحلة التسجيل، وهذا ما أكده البروفيسور غندور الذي قال لصحيفة أخبار اليوم: (بعد خمسة أشهر من اتفاقية نيفاشا وضعنا خطة للانتخابات، وبدأنا العمل وبينما كنا نعمل، كانت بقية الأحزاب غير مكترثة، وتعتمد على المجتمع الدولي). ومضى فتحي شيلا في ذات الاتجاه: كنا نعمل كأننا حزب بلا أعضاء، رغم أن عضويتنا التي قامت بالتسجيل كانت بالملايين، وفي النهاية من كدّ وجد. موقف المجتمع الدولي في نظر كثير من المراقبين جاء مفارقاً للقراءات التقليدية، حيث كان يتوقع أن تصب مواقف القوى الكبرى بصورة مباشرة لصالح قوى المعارضة، ولكنها جاءت متوازنة في نظر البعض ومنحازة إلى المؤتمر الوطني. من جهتها نفت مفوضية الانتخابات الاتهامات التي وُجِّهت لها، وقلّلت من التهم الموجهة لها من مركز كارتر. وقال نائب رئيس المفوضية عبد الله أحمد عبد الله «إن تقارير المنظمات الدولية لم تراعِ الظروف التي أُجريت فيها الانتخابات»، واصفاً إياها بالشديدة التعقيد، كونها على مستوى الرئاسة والبرلمان والولايات. وكانت أحزاب المعارضة قد أعلنت أنها لن تعترف بنتائج الانتخابات، في حين قال مركز كارتر إن المجتمع الدولي سيقبل بنتائج الإنتخابات رغم ما شابها من تجاوزات. وهنا تجد بعض قوى المعارضة نفسها مرة أخرى في موقف يتقاطع مع رغبة القوى الكبرى.. ولذك فهي بحاجة إلى إعادة قراءة معطيات الساحة السياسية وترتيب الأولويات وإحكام التنسيق فيما بينها، حيث أصبح تحالف المعارضة في موقف لا يُحسد عليه من ناحية تنسيق الموقف وترتيب الأولويات وهو كل يوم في شأن، حيث مكَّن هذا الموقف المتردد لتحالف المعارضة المؤتمر الوطني من تمرير كل أجندته حتى تلك التي كان يعتقد أنها يمكن أن تؤجل إلى مراحل لاحقة، حيث حصد نسباً أكبر بكثير مما كان متوقعاً، وهو الآن يُعرض نسباً من سلطة الحكومة القادمة على أحزاب المعارضة. والسيناريو المتوقع حكومة تحت سيطرة الوطني وبرلمان منتخب بإرادة حزب غالب، ومجتمع دولي يناصر صاحب الغلبة في الشمال والجنوب الخرطوم : الحقيقة رفعت قوات الشرطة من إجراءاتها الأمنية لتأمين مراكز الاقتراع ومكاتب المفوضية القومية للانتخابات فى العاصمة الخرطوموالولايات تحوطاً لحدوث تفلتات أمنية عقب إعلان نتيجة الانتخابات ، في وقت تعهدت أحزاب تحالف جوبا بعدم الخروج إلى الشارع احتجاجاً على نتائج الانتخابات وقال القيادي فى تحالف المعارضة، فاروق ابو عيسى، في تصريحات صحفية إن التحالف اتخذ موقفا موحداً لرفض النتائج وعدم التعامل معها كأمر واقع وعدم اتخاذ مواقف متهورة حيالها Alhagiga newspaper [[email protected]]