لا أدري.. هل هو جهل أم غباء أم موت ضمير، أن يخرج أعلى مسؤول في الحكومة السودانية ويخاطب في الناس ويقول لهم ان الوقت قد حان لفتح "الملفات المسكوت عنها" مع مصر وعلى رأسها مثلث حلايب!! هذا المسؤول السوداني الكبير جدا، هو رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الذي طالب بفتح ملف حلايب وشلاتين، المتنازع عليها مع مصر، من أجل التوصل إلى تفاهم. وأفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية بأن حمدوك نادى بضرورة الحديث عما وصفه ب "المسكوت عنه في العلاقات بين البلدين"، خلال لقاء جمعه مع باحثين في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على هامش زيارته إلى مصر. وناقش حمدوك خلال الزيارة ملفات سياسية واقتصادية وعسكرية مع مصر، من بينها سد النهضة الذي أبدى الطرفان توافقهما حوله. عزيزي القارئ.. ملف حلايب وشلاتين، لم يكن ابدا ابدا ملفا مسكوت منذ الاحتلال المصري للمنطقتين في عام 1992، واعلان ضمّها رسمياً لها عام 1995م، بل ان هذا الملف كان دائما موجودا وظاهرا سيما في الصحف والمقالات التي طالبت منذ البدء النظام البائد بضرورة ارجاع منطقة حلايب وشلاتين لوضعها السابق بكل الطرق والوسائل -أي اعادتها للسيادة الوطنية السودانية. النظام البائد نفسه، قدم قبل سنوات شكوى لمجلس الأمن الدولي ضد مصر بشأن منطقة حلايب وشلاتين، وهذه الشكوى كانت تجدد سنويا لدى مجلس الأمن الدولي، حتى ان الحكومة الانتقالية الحالية، قِيل انها جددت في الشهر الماضي هذه الشكوى أمام مجلس الأمن الدولي.. فهل يعقل ان لا يعرف رئيس الحكومة السيد عبد الله حمدوك ما يدور داخل حكومته حتى يصف هذا الملف بالمسكوت عنه؟ الشيء الغريب جدا في الموضوع، هو ان السيد حمدوك، قال انه ناقش خلال الزيارة لمصر ملفات سياسية واقتصادية وعسكرية مع المسؤولين المصريين، من بينها سد النهضة الذي أبدى الطرفان توافقهما حوله.. لكن الرجل تجاهل مناقشة اهم ملف من بين كل الملفات المتعلقة بالبلدين، وهو ملف حلايب وشلاتين. كيف لرئيس وزراء جاءت به الثورة وكلفته بمهام ثورية عاجلة وبملفات ساخنة وخطيرة ان يتجاهل فتح هذا الملف مع المحتلين المصريين، ويفتحه خلال لقاء جمعه مع باحثين في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وينادى بضرورة الحديث عما وصفه ب "المسكوت عنه في العلاقات بين البلدين"؟ ما الفائدة من فتح ملف حلايب وشلاتين الذي يسميه السيد حمدوك بالمسكوت عنه مع باحثين في مركز الأهرام لطالما تجاهل فتحه مع المسؤولين المصريين؟ هل هو جُبن سياسي، أم مُنع وهُدد من قبل عسكر السودان بعدم التطرق لهذا الملف مع المصريين؟ حقا.. كانت المسؤولية تقتضي من السيد عبد الله حمدوك كرئيس للوزراء السوداني أن تكون الأولوية لملف حلايب وشلاتين في زيارته لمصر، كونه ملف يتعلق بالسيادة الوطنية وبالأراضي السودانية، أما وقد اختار حمدوك، سياسة اللف والدوران حول الموضوع، فهذا يعني دوران الساقية القديمة، وتكرار ذات المواقف المخزية للمسؤولين السودانيين أمام المصريين عندما يتعلق الأمر بهذا الملف. عزيزي القارئ.. إذا كان ما قاله حمدوك في مركز الأهرام، هو موقف رئيس الوزراء الذي أتت به ثورة شعبية عظيمة من ملف منطقة حلايب وشلاتين، فما علينا إلا ان نبث خبر موت ضمير السيد عبد الله حمدوك، فأحسن الله العزاء في الشعب السوداني، ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، لأن حين يموت الضمير، يتعامل المسؤولين مع أوطانهم بكؤوس النفاق والخداع، ومع الشعب كقطيع من الغنم لا يستحق ان يعرف شيئا -أي شيء. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.