دائماً ما كنت أفكر في المهمة الأساسية التي تستجوب أن يكون هنالك (مجلس للصحافة والمطبوعات) ثم أتساءل ماذا يمكن أن تقدم مؤسسة مثل هذه للصحافيين.؟ ربما أحدهم يعلم أحد الصحافيين أفاد من هذا المجلس .. حيث أني طوال فترة عملي محرراً بعدد من الصحف السودانية لم أدخل مبنى مجلس الصحافة.! اللهم إلا عندما تسلمت شهادة (القيد الصحفي) فهل مهمة المجلس تنحصر فقط في (تقييد الصحافيين).. هي تساؤلات ربما ننتظر جواباً شافياً من من يملك ولا أتوقع ان المجلس سيحير جواباً ولن انتظره فهو مشغول بأمور أخرى مثل قضيته مع الأستاذ الطيب فراج مدير تحرير صحيفة ألوان! إن الجدوى من مثل هذه المؤسسة أمر يستطيع أن يفتيك فيه غالب المشتغلين بالصحافة في السودان ممن لو أوكل لأحدهم عبء تطوير المهنة -بعيداً عن الأجندات الخاصة- لكان أجدر بمثل ذلك التكليف وأقوم. ولعل أول ما ينظر ناظر في حال الصحافة السودانية وأزمتها الراهنة يتساءل: ولماذا يثقل كاهل الصحف والصحافيين بمؤسسات ربما كان ضرها أقرب من نفعها.؟ وبصورة أكثر وضوحاً تجد أنه لا بد من مراجعة كثير من المؤسسات التي تتحكم بالعمل الصحافي خاصة والإعلامي عامة وإذا زدت صراحة وصرامة يمكنك أن تقول أنه لا حاجة لمجلس صحافة ومطبوعات ولا إلى قوانين لتنظيم العمل الصحفي إذ أن الأفضل والأكثر رقياً وحضارة أن يخلى بين الصحافة وضمير الصحافي والمؤسسات العدلية بالبلاد. إنطلاقاً من هنا ألا يحق لنا – معشر الصحافيين- أن نتساءل لماذا لا يوجد مجلس يحكم و(يحاكم) المحامين وآخر للقضاة والمعلمين وكذا سائر المهن الأخري ويكون لهذه المجالس قضاة وجباة ومحاكم خاصة كمثل لجنة الشكاوي بمجلس الصحافة والمطبوعات التي ليس أشهر منها من بين لجان المجلس.! هذه اللجنة التي تقعد للصحف والصحافيين كل مرصد. ثم لماذا تعامل الصحافة في السودان على أنها حالة خاصة ولا بد أن تحكمها مؤسسات (حكومية) خاصة مثل هذا المجلس الذي تعينه الحكومة وهي بذلك تستطيع أن تعزل أي من قياداته مما يضعهم موضع من يوازن بين مواقفه الإخلاقية والمهنية وبين مصالحه الشخصية والوظيفية. ليس أكثرمن المتاريس الكبيرة التي ماتزال تقف عائقاً في طريق الصحافة، تعتور طريق تقدمها وتطورها وتكبلها بالقيود المالية والضغوطات بواسطة حجب المعلومات وحجب الإعلان –وكل هذا موجود – فلماذا يجب أن يكون هنالك المزيد من المعوقات. إن قضية الأستاذ الطيب فراج الطيب مدير تحرير صحيفة ألوان مع مجلس الصحافة والمطبوعات لهي قضية من العجب العجاب وقد لا تكون شهادة في صالح هذا المجلس ورجالاته. فبعد أن قضى الأستاذ الطيب فراج بضع سنوات يعمل مديراً لتحرير صحيفة (ألوان) تحت سمع وبصر ذات المجلس إذا بهم اليوم يقررون أن فراجاً لا يستوفي الشروط التي تؤهله لشغل الموقع.! وحتى هذه الشبهة التي أثاروها لم تلبث أن تهاوت تحت الحجج التي دفع بها الرجل الذي ذهب إلى المجلس مزكى من أحد أبرز اعمدة الصحافة في السودان هو أستاذ الأجيال حسين خوجلي وهو يؤكد أحقية الطيب فراج وجدارته بتولي مسئولية تلك المهام، فمن من بين (موظفي) مجلس الصحافة من هو أكثر علماً ودراية وخبرة من الأستاذ حسين خوجلي. أما شهادتنا نحن الذين زاملنا الاستاذ الطيب فراج وعملنا تحت إمرته وإدارته سنوات فوجدناه عالماً باللغة فيه بقية من علم ونباهة آل الطيب السراج، ومثقفاً ثبتاً لا يعجزه أن يحرر أعقد القضايا الثقافية المحلية منها والعالمية عارفاً بالشعر وضروبه والمسرح وفنونه والبيان وألوانه .. هذا ليس قولنا نحن الأقل تجربة وخبرة وإنما هي شهادة من أختاره من بين آلاف الصحافيين وقدمه من بينهم ليدير صحيفته (حسين خوجلي) فماذا بعد هذا..؟ أكبر ما أخشاه أن تكون قد داخلت المجلس لوثة سياسية هي وراء تمنّعه اعتماد فراج أو أن يكون هنالك دفع أبعد ما يكون عن المهنية المرتجاة في مؤسسة كهذه رغم أننا خبرنا الرجل منذ دهر وعرفناه عن قرب فلم نلمس فيه إنتماءً سياسياً ولم نجده متحزباً ينصر طائفة على أخرى رغم وعي ونضح سياسي لا تخطئه عين إلا عين تنكر ضوء الشمس من رمد هذا قبل أن نتساءل عن مواصفات مدير التحرير الذي يريده مجلس الصحافة والمطبوعات لألوان المبتلاة والتي لا نعلم أن المجلس حرك ساكناً لحل قضيتها ورد مظلمتها المتطاولة قبل أن يصبح هو من جديد العقبة أمام صدورها برفض إعتماد أوراق مدير تحريرها التليد دون مسوغات مقبولة ولا منطقية.. ولا حولة ولا قوة إلا بالله. حميد أحمد [[email protected]]