قبل الطيب فراج كنت أكتب العمود اليومي «قمم وسفوح» مكتفياً بكتابة اسم العمود ثم الدخول في الموضوع دون أن يحمل هذا الموضوع أي عنوان وهي طريقة اتبعها بعض كبار (العموديين) العرب من أمثال الصحافيين المصريين الراحلين أحمد بهاء الدين، ومصطفي أمين،.. وكان الصحافي المصري أنيس منصور في عموده اليومي (مواقف) في (الأخبار) أولاً ثم (الأهرام) يكتب بنفس الطريقة مكتفياً بكتابة اسم العمود لكنه في (الشرق الأوسط) أصبح يضع عنواناً لموضوع العمود تحت اسمه.. والمهم منذ خمس سنوات تقريباً اقترح الشاب الطيب فراج مدير تحرير (ألوان) أن أختار كل يوم عنواناً لموضوع العمود.. ونفذت اقتراحه.. هذه واحدة. والثانية أنني كنت رغم فارق العمر أستشيره في (عوائص) اللغة العربية أي الأشياء العويصة الصعبة في هذه اللغة الجميلة وهي لغته أباً عن جد وأماً عن حبوبة، هذا فضلاً عن أن والده فراج الطيب وجده الطيب السراج كانا من كبار خبراء واختصاصيي اللغة العربية ليس في السودان وحده، وإنما على مستوى الكرة الأرضية وهذه أخرى. والثالثة أنه أيام كان مديراً لتحرير (ألوان) كان يؤدي عمله بكل إخلاص واقتدار، وكان مخلصاً للجريدة محباً لها وفياً لصاحبها. ولما عطلت من عامين فإنه لم يفكر قط في الكتابة في غيرها. وكان تعامله مع الجميع كباراً وصغاراً وموهوبين وأنصاف موهوبين وغير موهبين بالمرة راقياً، وكان مهذباً طوال الوقت.. وهو كاتب متمكّن لكن الأعباء الإدارية في جريدة (ألوان) حالت بينه وبين التركيز على هذا الجانب. لقد عمل الطيب فراج مديراً لتحرير (ألوان) حوالي خمسة أعوام.. ثم أغلقت الجريدة في مايو 2008 ثم عادت إلى الصدور الإثنين الماضي.. وكانت المفاجأة أن الطيب فراج ليس موجوداً فيها وسألنا فعرفنا أن المجلس القومي للصحافة والمطبوعات اعترض عليه مديراً للتحرير بحجة عدم استيفائه للشروط الواجب توافرها في مدير التحرير! كلام غريب وعجيب!! فقد كان الطيب فراج هو مدير تحرير (ألوان) حتى تاريخ إغلاقها في مايو 2008 فما هذا الذي يجري في المجلس القومي للصحافة والمطبوعات؟! وكيف يحدث ذلك في عهد البروفيسور علي شمو والعبيد أحمد مروح؟. إن وظيفة مدير التحرير في (ألوان) وفي أيّة صحيفة سودانية أخرى ليست كثيرة على الطيب فراج وهو بكل المقاييس ليس أقل تأهيلاً واستيفاءً للشروط واقتداراً من كثير من مدراء التحرير في هذا البلد. إننا لا نطلب من المجلس الموقر أن يتجاوز لوائحه واشتراطاته لكننا فقط نطلب منه أن يلقي نظرة سريعة على ملف الطيب فراج وعلى ملفات مدراء التحرير الآخرين وعندها سوف يكتشف المجلس أن الطيب فراج (قدها وقدود) كما يقولون في شمال الوادي الخالد، ثم أنه عمل من قبل مديراً للتحرير.