إنتخابت أبريل 2010 رغم تزوير وبلطجة المؤتمر الوطني، إلا أنها – شأن كل فعل جماهيري – لم تخل من مؤشرات إيجابية. كل المؤشرات الإيجابية جاءت من الجماهير وقواعد الأحزاب التي أكدت أنها وفية لمبادئها ومستعدة للبذل لتحقيقها، وإن جيل الإنقاذ كان في مقدمة معارضيها وغير ذلك من المؤشرات الإيجابية. أهم المؤشرات كان تصويت الجنوبيين. والذي كان الأول منذ استقلال السودان الذي يشارك فيه شعب جنوب السودان على نطاق واسع - ولا يفوز مرشحون بأصوات بضع عشرات سكان المدن المحاصرة-. تنبأ المتشائمون بأن غالبية الجنوبيين سيؤيدون البشير، وتخرص آخرون - عندما رأوا التفافهم حول الحركة - بأن غالبيتهم لم يسجلوا أصواتهم أما الأكثرتشاؤما فعكفوا على ترديد الإدعاء الإستعلائي بأن الدماء سوف تسيل أنهاراً. دحض شعب الجنوب كل الأماني المتشائمة: فثبت أنهم سجلوا ومارسوا إجراءات التصويت المعقدة بدون خلل كبير، وأُثبتوا أنهم يعرفون ماذا يريدون وفي تحضر أذهل الكثيرين جرت الإنتخابات وإعلان النتائج في جو سلمي. المفاجأة الأهم كانت تصويت مايقارب الثلاثة ملايين ناخب لمرشح الحركة لرئاسة الجمهورية ياسر عرمان، رغم انسحابه. هذه أغلبية ساحقة للناخبين الجنوبيين كما أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها سودانتربيون[1]. أن العديد من من لم يصوتوا امتنعوا لإنسحاب خيارهم :عرمان بهذا التصويت يرسل شعب الجنوب عدة رسائل لكافة الجهات. أهمها الرسالة لبقية السودانيين وفحواها: "أننا لا نفرق بين شمالي وجنوبي إذا تعامل الآخرون معنا كسودانيين متساوين .. كما فعل عرمان. فلم نتعصب لعرق ولا ثقافة ولا إقليم ولا عقيدة". ويحسن بالسودانيين أن يقرأوا هذه الرسالة جيداً إذا أرادوا المحافظة على وحدة وطنهم فقد أصبحت في يدهم خارطة طريق واضحة إلى الوحدة. إلى جانب هذه الرسالة وجه تصويت الجنوبيين رسائل أخرى لا تقل أهمية. رسالة إلى قوى الديمقراطية: شعب جنوب السودان رصيد للديمقراطية وحلفاء استراتيجيون لقوى الديمقراطية في بقية أنحاء القطر وليسو رصيدا للحكم الديكتاتوري - رغم ادعائه أنه وحده ضمان تنفيذ الإتفاقية. الخلاص في تطوير ما تعاهدنا عليه في أسمرا وجوبا بالتنسيق من أجل الوطن وفي حالة الإجماع على مرشح واحد يصبح فوزه مضمونا. وإلى قوى التغيير: المهمشون في الريف جنوبا وغربا وشرقا وشمالا رصيد ضخم للتغير. إذا وجدت صيغة للتنسيق بينهم وبين مهمشى المدن من محدودي الدخل والشباب والنساء لأصبحوا قوة هائلة قادرة على إحدا تغيير جذري يضع حداً لمشاكل السودان المزمنة. والرسالة الأخيرة كانت إلى قيادة الحركة الشعبية نفسها: أن شعب الجنوب متمسك بمبادئ قرنق الوحدوية الديمقراطية وأن قواعد الحركة ومؤيديها تقف مع المتمسكين بها أمثال ياسر وباقان ولن تسمح بالإلتفاف على تلك المبادئ. فهل استمعنا جميعا لتلك الرسائل وتعاملنا معها بما يحفظ وحدة وطننا وبقائه. فقد أصبح الطريق إلى ذلك واضحاً. 29 أبريل 2010 ElBagir Osman [[email protected]]