جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    السودان يشارك في اجتماعات الفيفا    إبعاد يوسف علي من مباراتي مورتانيا وجنوب السودان    المريخ يكثف تحضيراته بالاسماعيلية ويجري مرانين    مصر تدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    الروابط ليست بنك جباية وتمكين يا مجلس!!    ضربات جوية مُوجعة في 5 مناطق بدارفور    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقدم فواصل من الرقص الهستيري على أنغام أغنية الظار السودانية (البخور طلقو لي لولا) وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية ترقص وتتمايل داخل سيارتها على أنغام الفنان الراحل ود الأمين: (وداعاً يا ظلام الهم على أبوابنا ما تعتب)    عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي يصل الفاو    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني "الشكري" يهاجم الفنانة نانسي عجاج بعد انتقادها للمؤسسة العسكرية: (انتي تبع "دقلو" ومفروض يسموك "السمبرية" وأنا مشكلتي في "الطير" المعاك ديل)    شاهد بالصورة والفيديو.. بطريقة "حريفة" ومدهشة نالت اعجاب الحاضرين.. سائق سوداني ينقذ شاحنته المحملة بالبضائع ويقودها للانقلاب بعد أن تعرضت لحريق هائل    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقف البنوك الإسلامية من الأزمة المالية .... بقلم: د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
نشر في سودانيل يوم 10 - 05 - 2010

اثارت الأزمة المالية العالمية العديد من التساؤلات في جولة البحث عن حلول لأزمة النظام الاقتصادي الرأسمالي المستحكمة. بالطبع سيستطيع النظام الاقتصادي الرأسمالي بمؤسساته المصرفية و المالية و بحكم حيوية النظام و مرونته الخروج من الازمة المالية العالمية الراهنة ، بالرغم من فداحة الخسائر التي تكبدها و الآتية. لكن بالمقابل لن يستطيع التخلص من الازمات التي هي من طبيعته و كامنة في داخل اعضائه الحيوية بشكل لن يستطيع جهازه المناعي مقاومتها بشكل تام او مستمر. كل الشواهد تشير الي ملازمة الازمات للاقتصاد الراسمالي منذ ولادته و حتي يومنا هذا. حتي شكل الازمة المالية الحالي ليس محدد المعالم و لا يسمح بالتنبؤ بتداعياته ، اذ ما ان يعتقد بانه قد تمت معالجة مشكلة ما ، و سد ثغرة هنا حتي تظهر مشكلة جديدة و يظهر ثقب هناك ، اوسع من الذي سبقه.
لا زالت البنوك و المؤسسات المالية توالي الانهيار و ارقام البطالة تستمر في الصعود الي اعلي المؤشرات و القدرة المالية للدول تتهاوي كما حدث اخيرا في اليونان و كما هو متوقع لكل من ايطاليا ، اسبانيا و البرتغال. ساهم الجشع الرأسمالي و المبالغة في التوريق و تدوير الديون في مفاقمة الازمة الراهنة و للوقوف علي هذا الجانب يمكن مراجعة ما يحدث حول بنك غولد مان ساكس كمثال للمؤسسات المصرفية و المالية و لما حدث في ايسلندا كدولة رأسمالية صغيرة محدودة الموارد. فيما يتعلق بأيسلندا فقد أصدرت السلطات القضائية في السادس من مايو الجاري أمراً بالقبض على أحد كبار المسئولين عن الانهيار المالي الذي أصاب بنوك البلاد العام الماضي في أول إجراء قضائي من نوعه بعد الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد. ذكرت وكالات الانباء نقلا عن مصادر في العاصمة ريكيافيك إن هرايدر مار سيجوردسون الرئيس السابق لبنك كوبثنج مثل أمام قاضي التحقيقات بتاريخ 7 مايو 2010م ، حيث وجهت له تهم الاختلاس ومخالفة قانون الأسهم. وكان بنك “كوبثنج" ومعه بنكا “جلتنير"، و"لاندسبانكي"، وهي أكبر ثلاثة بنوك في البلاد قد تم إنقاذهم من الانهيار عبر عملية تأميم في أكتوبر 2008 م. و لادراك حجم المشكلة لا بد من التأمل في حجم ديون هذه البنوك التي بلغت عشرة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للجزيرة كلها في عام كامل. السبب في انهيار القدرة المالية للدولة و وضعها علي حافة الإفلاس كان منح قروض بالمليارات لملاك العقارات والأراضي دون أي ضمانات ضد المخاطر.
في ظل هذا الوضع ارتفعت الأصوات بضرورة إصلاح النظام الرأسمالي و البحث عن بدائل يمكن ان تشكل مصدات لرياح الازمات التي تعصف بين فترة و اخري بالنظام الاقتصادي للرأسمالية. من ضمن الخيارات المطروحة علي صعيد العمل المصرفي و النظم التمويلية برز النظام المصرفي الإسلامي . كانت اهم المبررات للدعوات المناصرة لذلك النظام تتلخص في كونه يدعو إلى المشاركة ويحرم الربا ويمنع بيع الديون او بيع ما لا يملكه الأشخاص او الشركات أو المؤسسات و هذا ما افاد بأن البنوك الإسلامية يمكن ان تكون بمنأى عن الآثار السلبية للأزمة المالية. لكن ذلك التوقع لم يصدق في الممارسة العملية حتي اليوم .
الأسباب في ذلك كثيرة منها ان الدول الإسلامية لا تعمل بنظام مصرفي موحد فكل الدول الإسلامية لديها نظام مصرفي اما ( تقليدي ) ، يعمل بنظام الفائدة او نظام مزدوج ( يعمل بنافذتين ، تقليدية و اسلامية) ، ما عدا السودان ، الذي كان يعمل بنظام مصرفي اسلامي فقط الي حين توقيع اتفاقيات السلام الشامل التي فرضت واقعا جديدا و جاءت بنظام مصرفي مختلط ، اسلامي في الشمال و اخر يعمل بسعر الفائدة و الطرق المتبعة في النظام المصرفي الراسمالي في جنوب السودان. النظامان تتم ادارتهما من قبل بنك السودان المركزي الذي يصدر مطلع كل عام الموجهات الخاصة بالسياسة النقدية للنظامين. السبب الثاني هو ضعف اقتصاديات الدول الاسلامية و تخلف بنياتها السياسية الحاكمة للنظام الاقتصادي بكل مكوناته و بالتالي فان الاقتصاد في تلك الدول لا يشكل قوة دفع جاذبة لتدفقات الاموال العالمية بشكل يكون قاعدة تمويلية متينة يمكن ان تشكل حماية ضد المخاطر و تضمن مكاسب مستدامة. كما ان اقتصاديات الدول الاسلامية تفتقر لروافع النمو نسبة لما تعانيه من خلل في هياكلها اضافة لغياب الروافع ، و هذا مهم جدا ، التي تشكل أدوات مالية متينة لسياسة الاستقرار الاقتصادي. من اهم تلك الروافع هي الخاصة بالموازنة العامة ، بحيث يضيف الانفاق الحكومي الي الطلب الكلي و يدعم القوة الشرائية مع استقرار العبء الضريبي و رفع القدرة الاستهلاكية لغالبية المواطنين. يضاف لذلك دور المرونة الذاتية التي تعكس التناسب و التناسق بين مستويات الانفاق الحكومي و و التغيرات في الايرادات ، خاصة الضريبية . ياتي كل ذلك مع مستويات العمالة و ما ينتجه النشاط الاقتصادي من فرص جديدة للعمل. من الأسباب المهمة ايضا في كون ان النظام المصرفي الاسلامي لم يقدم النموذج العملي الذي يمكن الاحتذاء به هو القصور في عمليات التنمية الاجتماعية ، لضعف الساسات الاقتصادية الكلية و لصغر حجم النظام المصرفي و ضعف ملاءته و بذلك لم تقم البنوك الإسلامية بالدور المفترض فيها من ناحية تمويل عمليات التنمية الاقتصادية ، توسيع فرص الاستثمار ، الحد من معدلات الفقر و بالتالي لم تحدث نقلة نوعية في المستوي المعيشي لغالبية السكان في نفس الوقت الذي ترتفع فيه تكلفة التمويل بينما يعيش القائمون علي امر تلك المصارف في رفاهية مترفة.
بالفعل يمكن النظر الي قطاعات الاقتصاد الحقيقي في السودان خاصة القطاعين الزراعي و الصناعي لادراك حجم الفجوة التمويلية التي تعوق التنمية فيهما و تحد من إمكانية بناء هيكل اقتصادي متوازن علي قاعدة من البنيات التحتية و الاستخدام الأمثل لعناصر الإنتاج و الموارد المتاحة. اقل ما يمكن ان يقال هو تدهور القطاع الزراعي بشكل مستمر و معاناته من مستويات مرتفعة من تكاليف الانتاج و الاعسار بشكل يستفاد منه بارتفاع تكلفة التمويل المصرفي. الجانب الاخر هو تخلف البنيات التحتية للزراعة مما يجعل من انتاجية العمل و الارض ضعيفة و يحد من تنافسية المنتجات الزراعية قياسا حتي علي المستوي الاقليمي ( دول الكوميسا كمثال ). لم تجدي مع تلك المعضلة جميع التدابير المتخذة و لا النفرة او النهضة الزراعيتين. لا تعود مشاكل القطاع الزراعي بالطبع بكاملها لضعف النظام المصرفي و التمويلي الا ان التمويل يشكل واحدة من المشاكل المستعصية امام التنمية الزراعية في السودان. من جانبه فان القطاع الصناعي الوطني ليس في وضع افضل ، لا من حيث توفر الاموال او البنيات التحتية و تكنولوجيا الانتاج و لا من حيث مهارات العمل او فرص العمالة. يعاني هذا القطاع ايضا من ارتفاع تكاليف الانتاج ، قلة رؤوس الاموال التي تؤخذ كشرط اساسي للتنمية و تحسين مستوي التنافسية. جانب اخر في معاناة هذا القطاع متعلق بالمناخ العام للاستثمار بجوانبه الادارية و المالية و النقدية. هنا ايضا نجد ان التمويل ، الذي تغلب عليه صيغة المرابحة يشكل نقطة ضعف اساسية في التنمية الصناعية مع التأكيد مرة اخري بانها ليست المشكلة او العائق الوحيد للتنمية الصناعية بالبلاد.
كل ما تم استعراضه يشير الي ان النظام المصرفي الإسلامي يمكنه ان يتأثر بشكل كبير بتداعيات الازمة المالية العالمية نسبة لغلبة الاقتصاد الرأسمالي و ارتفاع حجم التبادل الرأسمالي مع الغرب. من جانب اخر فان معظم الاحتياطات النقدية موجودة بالبنوك التابعة للدول الراسمالية الكبري كما ان معظم تدفقات رأس المال و معظم دورانه يتم في كبري الاسواق المالية العالمية. بهذا الشكل الذي يعمل به اقتصاد الدول الاسلاميه فان النظام المصرفي الإسلامي يمكن ان يكون ضحية للازمة المالية العالمية عوضا من ان يشكل طوق نجاة منها. كل ما اثارته الازمة المالية العالمية و علاقتها بالتحديد بالنظام المصرفي يستدعي الدراسة الموضوعية المتانية بدلا عن اطلاق الاحكام العاطفية او الوصول الي نتائج ذات طبيعة ايدلوجية غير مجدية في المجال العملي التطبيقي الساعي لتحقيق نتائج ملموسة و انجازات تدعم هذا النظام او ذاك و هو ما لم يتم التوصل اليه بعد.
Dr.Hassan.
hassan bashier [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.