عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان ومصر مصالح متشابكة واستراتيجيات متعارضة (6) ... بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
نشر في سودانيل يوم 17 - 05 - 2010

كانت فى القاهرة فى عقد التسعينات عددا من منظمات المجتمع المدنى السودانية اضافة لمراكز للدراسات و الثقافة و حقوق الانسان و العلاقات المصرية السودانية و كانت كلها مهتمة بالشأن السودانى و تعمل وسط المجتمع السودانى فى القاهرة بجانب علاقاتها مع المنظمات المصرية الشبيهة فى حدود ما هو مسموح به وفقا للقانون و الثقافة السياسية المصرية فى العمل العام الذى يبتعد تماما عن الشأن المصرى كما ان المراكز كانت تعمل وفقا للوائح و القانون الذى بموجبه تصدق لها بالعمل فى مصر.
هناك مراكز و مؤسسات مفتوحة فى مصر و التعامل معها سهلا فى حدود امكانياتها وتخصصاتها و كل ما كانت المراكز و المؤسسات السودانية بعيدة عن السياسة استطاعت ان تجد مساحة واسعة جدا للتفاعل مع المنظمات و المؤسسات الشبيهة و لكن الشأن السياسى يحتاج الى قدر على من الادراك و الوعى لحدود التعامل اين تبدا واين تنتهى حتى لا تدخل المؤسسة فى المحظور يؤدى الى تسليط الضوء عليها و يكون خصما على المساحات التى يمكن ان تتحرك فيها فى المستقبل و النخبة المصرية ان كانت فى مكان صناعة القرار او بالقرب منه او حتى بعيدة عنه بعض الشىء فهى تحب تتعامل من خلال المؤسسات و كل ما كانت المؤسسة تعرف حدود تعاملاتها و الوسط الذى تنشط فيه تجد الابواب مفتوحة لها من خلال المؤسسات الشبيهة و التفاعل كذلك مع النخبة المصرية و العمل الفردى لا يتم الا اذا كان صاحبه ذو ملكات اثبتت ذاتها خارجيا ثم بتلك الذات و انتاجها تستطيع ان تفرض تعاملاتها الفردية مثل الاديب الطيب صالح كما ان القيادة المصرية ترغب فى التفاعلات الفكرية بين السودانيين و المصريين من خلال المؤسسات المحدد عضويتها فى لقاءات شبه مغلقة مثلا اذا كانت هناك قضية مطروحة للنقاش و تهم النخبتين السودانية و المصرية تناقش فى احد المراكز او المؤسسات الاعلامية و الصحافية فى اطار عضوية تلك المؤسسة و ما تتفضل بدعوتهم فقط اى ان تكون حلاقات النقاش محصورة.
كانت المنظمات السودانية مطالبة ان تاخذ اذن من السلطات الامنية فى اية نشاط تريد القيام به اذا كان هذا النشاط عام و مفتوح للجمهور و لكن اذا كان النشاط داخل المؤسسة و قاصر على عضوية المنظمة فلا يحتاج الى اذن من السلطات الامنية و يقول المسؤولون فى جهاز امن الدولة ان اخطار السلطات الامنية ضرورته هو حماية النشاط و المشاركين فيه و خاصة كان هناك صراعا بين الحكومة و التجمع الوطنى الديمقراطى و هو تبرير مقبول كما ان الالتزام جانب القانون مهم خاصة لتلك المراكز و المؤسسات المهاجرة و لكن فى حقيقة الامر ان السلطات الامنية لا تريد مشاركة العامة فى مثل هذه النشاطات ذات الطابع السياسيى و هى قبلت بنشاطات المنظمات السودانية استثنائيا ان كان فى زمن تواجد المعارضة حتى توقيع اتفاقية السلام الشامل بين الحكومة و الحركة الشعبية او بعد ذلك تواجد مكاتب عددا من الاحزاب السودانية و لكن تظل الضوابط محفوظة.
عندما كنت مديرا للمركز السودانى للثقافة و الاعلام فى القاهرة و اردنا ان نقيم مهرجانا للثقافات السودانية فى القاهرة بدعم من مؤسسة "فورد فاوند يشن" و اردنا ان نقيم المهرجان فى نادى الجزيرة و طلبت مؤسسة فورد ان نحضر التصديق من النادى و لكن عجزنا عن ذلك و رجعنا للمؤسسة فقالت مدير البرامج الثقافية ان سبب الرفض لانكم مركز غير معروف بالنسبة للاخوة المصريين و انتم تريدون اقامت مهرجانا سوف يشارك فيه مئات الناس و بالتالى حضوره سوف يكون كبيرا نحن لدينا فكرة ان يقام المهرجان فى الجامعة الامريكية و بالفعل الجامعة قبلت العرض و جاءت بالتصديق و فى يوم الافتتاح جاء الى نائب مدير الجامعة و قال الىَ نحن سوف نتضطر لاغلاق الابواب لان الناس الذين دخلوا فناء الجامعة اكبر من سعة الجامعة و يقدر بسبعة الاف شخص و بعد اغلاق الابواب كان هناك عددا مماثلا و استمر المهرجان اسبوعيا دون اية بلاغ لحادث و بعد انتهاء المهرجان تلقيت اتصال تلفونى من جهاز امن الدولة ان احضر لهم غدا مساء و عندما ذهبت اليهم استقبلونى استقبال كريم جدا و حضر مدير منطقة القاهرة و شكر المركز على قيام المهرجان الكبير الذى عرف المصريين بالثقافات السودانية ثم اكد الى السيد سعيد حجازى و معاونه الشامل انهم يحترمون نشاط المركز و سوف لا يتاخرون عن اية تصديق لنشاطاته.
و لكن تتاثر التعاملات المصرية مع المراكز و المؤسسات السودانية وفقا لحالة العلاقات بين الحكومتين السودانية و المصرية و من خلال العلاقة تحدد شروط العمل و النشاط و هى غير مكتوبة و لكن البيب يجب ان يفهم حتى لا يكون عرضة للمسألة المستمرة او المضايقة التى تؤدى فى النهاية بعدم السماح لقيام النشاط و هى تخضع للتوازنات السياسية و هى ليست قاصرة فقط على مصر انما تمارسها كل الدول فى الشرق الاوسط و دول العالم الثالث ولكن مصر افضل من بلاد كثيرة لا تسمح مطلقا ان يقوم مثل هذا النشاط فى اراضيها و حتى النشاطات التى تقوم بها الجاليات التى هى على وفاق مع حكوماتها كذلك لها حدود لا تستطيع ان تتجاوز بها القواعد و القانون المطبق و مثل هذه النشاطات دائما تجد حريتها فى الدول الديمقراطية.
فى ايام المعارضة كان جهاز امن الدولة متفهما للقضية السودانية و كان يتعامل بقدر عالى من الاحترام مع المنظمات السودانية و يسأل الناس ان لا يضيعوا حقوقهم بأيديهم و يجب ان يكونوا حصيفين و يضعوا الموضوعية نصب اعينهم حتى لا يجعلوا القاهرة فى مواجهة دولهم و هى قضية سياسية فيها موازنات كبيرة و كان المذاج المصرى العام الذى لا تستطيع ان تتجاوزه السلطة الحاكمة نفسها هو قضية الدعم الخارجى عندما تعتمد منظمة او مؤسسة على الدعم الخارجى تكون تلقائيا تحت المراقبة المصرية و متابعة لنشاطاتها ومعرفة كيف تصرف تلك الاموال و تكون المراقبة غير محسوسة ولكن غير مستبعدة خاصة ان المذاج المصرى الشعبى ضد الدعم الخارجى الذى ياتى من الدول الغربية و المؤسسات الامريكية و هذا المذاج ينعكس حتى على القوى السياسية المصرية.
كان اتهام الحكومة السودانية بانها وراء محاولة اغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك فى اديس ابابا قد جعلها فى دائرة الضوء بعد الشكوى التى تقدمت بها اثيوبيا ثم سعى الولايات المتحدة الامريكية على اصدار عقوبات من مجلس الامن على السودان و رغم ان مصر كانت ميالة لمعاقبة الحكومة السودانية الا انها رفضت ان تكون هى وراء فرض عقوبات على السودان حتى لا يضار الشعب السودانى و لكن ساءت العلاقة بين البلدين سوءا شديدا رغم ان العلاقات كانت اصلا فاترة جدا بعد تاييد الحكومة السودانية لصدام حسين فى غذوه للكويت ثم وضعت الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول المساندة للارهاب و فرضت عقوبات من جانب واحد و بالتالى بدات الحكومة السودانية تشعر بخطورة الوضع ثم انقلب ميزان القوة الذى كان لصالحها فى الجنوب الى صالح الحركة التى وجدت دعما قويا من الخارج ثم جاءت مقاطعة كل من اثيوبيا و اريتريا للسودان الامر الذى دفعها للتفكير بروية و البحث عن معلجة للقضية و خاصة مع القاهرة لذلك عينت السيد احمد عبدالحليم المعروف بعلاقاته القوية مع القاهرة و النخب المصرية سفيرا للسودان بالقاهرة و اعطته كل الصلاحيات من اجل اعادة العلاقات الى مجرها الطبيعى خاصة بعد حرب جهازى المخابرات لبعضهما البعض.
من المعروف ان السيد احمد عبدالحليم واسع العلاقات مع المؤسسات المصرية و ذو علاقة مفتوحة مع النخب المصرية بكل تياراتها السياسية كما انه واسع الحركة و يقتحم المجموعات الشبه مغلقة و يعرف كيف يفتح حواراته معهم كما انه كان واسع الثقافة و الاطلاع و المعرفة الامر الذى يجعله خفيف الظل و جاذب الى مستمعيه و اذكر مرة كنت فى حضرة السيد الشريف زينالعابدين الهندى فى فيلاته فى حى الف مسكن بمصر الجديدة و كان فى تلك الجلسة محمدا احمد ابراهيم و الشيخ الحسين و هو احد قيادات الطلبة الاتحاديين لجناح السيد الميرغنى و كنا نتحدث حول الادارة الاهلية فى السودان و جاء الحديث بعد قرأة الاوبريت الذى كتبه الشريف زين العابدين و تغنى به مؤخرا الفنان الكبير عبدالكريم الكابلى و دون مقدمات دخل علينا السيد احمد عبدالحليم سفير السودان و قال ارجو ان لا اكون قد قطعت عليكم حديثكم لقد كنت مارا بالقرب فقلت افضل اتى لكى اسلم على السيد الشريف زين العابدين الهندى و ارجو منكم مواصلة النقاش و بالفعل و اصلنا النقاش حول الادارة الاهلية ثم قد السيد احمد عبد الحليم مداخلة جميلة جدا فيها من الطرائف و الحكيات و المآثر التى تؤكد ان الادارة الاهلية كانت مهمة فى عملية الاستقرار و السلام فى السودان و لكن فجأة استاذن الاخ الشيخ الحسين لان الوقت كان قد تاخر و كانت الساعة قاربت الواحد صباحا و خرج و لكن بعد دقيقتين جاء الشيخ مرة اخرى و جلس بجوارى و قال ياخى انا اردت اخرج و لكن و جدت عربية السفير بالعلم و اذا شافنى واحد ما بصدق اننى جئت للشريف و يقولوا ما لم يقوله مالك فى الخمر لذلك اريدك يالزين تخرج معى و اذا شافنى واحد اعلق فيك الموضوع طوالى و الحمدالله لم يشفه احد و لم يعلق فى رقبتى شىء كان بعض صغار الافق فى المعارضة او اطفال السياسية لا يعرفون غير صناعة المكائد و اطلاق الشائعات.
بعد الانتهاء من مناقشة موضوع الادارة الاهلية و هم الجمع بمغادرة المكان سالت السيد احمد عبدالحليم الى اين وصل الحوار بين الحكومة و القيادة المصرية قال الىً ان القضية كلها ان الطرفين اغلقوا ابواب الحوار ثم تمسك كل طرف بحجته دون ان تكون هناك مساحات للحوار لكى يطرح كل طرف حجته للاخر ثم بدا كل طرف يعطى اذنه للذين يمشون بين الناس بالهوى لذلك عندما جئت للقاهرة كانت فكرتى الاساسية لاعادة العلاقات الى طبيعتها كيف نفتح ابوابا للحوار و قبل ان يلج السياسيين لساحات الحوار فضلنا ان يبا الحوار بين الاجهزة الامنية لذلك شكلنا لجنة امنية و يضع كل طرف مطالبه فى الطاولة للحوار و قال الحمدالله لقد نجحنا فى ذلك و بدا الحوار ياخذ الجانب الايجابى لانه فى البداية كان كل جانب يواجه الاخر بكمية من الاتهامات و لكن قطع آذان الصبح علينا الحديث.
كانت المحاضرات التى تقيمها المؤسسات المصرية اذا سمعت قيادات المعارضة ان السفير السودانى سوف يحضر الندوة لم تحضر و كذلك كان اعضاء السلك الدبلماسى السودانى يتجنبون المحاضرات الى تحضرها قيادات المعارضة و لكن السيد احمد عبد الحليم كسر هذه القاعدة تماما و بدا يقتحم اغلبية الندوات التى تقيمها المؤسسات المصرية وكان يهدف من ذلك محاصرة حركة قيادات المعارضة ثم سماع صوت واحد و حجة واحدة و فى اسوأ الظروف ان يحدث بينه و بين قيادات المعارضة حوار بوجود النخب المصرية و يكون بداية لحوار غير مباشر بين الحكومة و المعارضة لذلك فطنت قيادات المعارضة ذلك و قاطعت كل الندوات التى يحضرها السيد احمد عبدالحليم و هو ما كان يسعى اليه فى محاصرتهم ثم تبدا حركة الدبلماسية السودانية فى اقناع النخب المصرية بضرورة تحسين العلاقات بين البلدين.
اذكر اننى كتبت مقالا فى جريدة الخرطوم حيث كنت اكتب مقالا راتبا ينشر كل اربعاء و فى ذلك المقال اشرت سألت سؤلا هل الحوار طريقا ايجابيا لحل مشكلة السودان ؟ و قلت ان العمل العسكرى لا يهزم الحركة الاسلامية و اذا كانت المعارضة جادة جدا فى هزيمة الحركة الاسلامية سياسيا ان تركز على العمل السياسى و ليس العمل العسكرى و ان تعبئة الجماهير لا يتم بفوهة البندقية انما بالعمل السياسى و الحوار الذى يصنع الوعى و اية محاولة من قبل الجماهير فى الاجابة على الاسئلة التى تطرحها المعارضة هى بداية للوعى السياسى الجماهيرى و فى السادسة مساء تلقيت اتصالا تلفونيا من شخص قال انه من مكتب اللواء عمر قناوى و قال الى ان سعادة اللواء يطلب من سيادتكم الحضور اليه فى العاشرة صباحا لكى تشرب معه فنجان قهوة قلت له اين هو مكتب اللواء عمر قناوى قال انت لا تعرفه قلت لا قال خلاص غدا فى التاسعة و النصف سوف تحضر اليك العربة لكى تحضرك الى مكتب اللواء عمر قناوى و فى المواعيد المحددة جاءت العربة و ذهبت الى مكتب اللواء فى حدائق القبة بمصر الجديدة و هى عمارات المخابرات و كان فى استقبالى العميد خالد ثم انضم الينا بعد ربع ساعة اللواء محمود عبد الخالق و هو شخص عميق المعرفة بالشأن السودانى دمث الخلق سريع البديهة بشىء من المكر حديثه كله عبارة عن القاء اسئلة تبعد المجاوب من اختصار الحديث قال الىً اننى قرأت المقال الذى كتبته امس فى جريدة الخرطوم اكثر من مرة و اعرفك اننى اقرأ كل المقالات التى تكتبها يوم الاربعاء و لكن هذا المقال فيه شىء جديد اضافى الى انه اول مقال جرىء من احد المعارضين يتحدث عن الحوار بعيدا عن الكفاح المسلح.
بعد نصف ساعة دخل علينا اللواء عمر قناوى و قال هو جاء للالقاء التحية و لم يمكث اكثر من عشرة دقائق كان الحديث منحصرا عن خيارات المعارضة و ما هو قصدى من ما كتبته فى المقال امس قلت لهم ان المقال يركز على ان العمل المسلح هو اداة من اجل اخضاع السلطة الحاكمة الى طاولة المفاوضات و لكن فى ذات الوقت ان القوى السياسية قد اهملت العمل السياسى وسط الجماهير و طبول الحرب هى مفيدة للحركة الاسلامية لانها لديها الامكانيات التى تستطيع ان تعبىء بها الناس و خاصة ان سلاح الدين هو سلاح سريع التاثير على الجماهير و تعبئتهم و بالتالى تكون المعارضة قد عزلت نفسها دون ان تدرى ثم انسحب اللواء قناوى و سالت اللواء محمود عبد الخالق ان استدعائى لا اعتقد ان يكون فقط من اجل مناقشتى حول المقال و شكرى عليه قال الىً شكرا على هذه الفته نريد فعلا ان نقول ان سياسة مصر تتفق مع ما جاء فى المقال و انتهى اللقاء.
بعد ما خرجت من اللقاء اتجهت الى المركز السودانى للثقافة و الاعلام و تحدثت مع الاخ احمد البكرى حول مادار فى اللقاء و قلت له افضل ان نذهب الى " الرئيس" هو الاسم المشاع على السيد محمد الحسن عبدالله يس و ذكرت اليه مادار فى اللقاء وقلت اليه اعتقد ان المصريين يريدوننا ان يقيم المركز سمنارا لمناقشة مثل هذا الموضوع و اتفق معنا و قال الىً اشرع فيه ثم ذهبت بعد ذلك للسيد محمد سرالختم الميرغنى و من بعده الى احمد السيد حمد و اتفقنا على السمنار حملت الفكرة الى السيد الصادق المهدى الذى وافق دون تردد و التزم بتقديم ورقة ثم اتصلت بمكتب قوات التحالف ووجدت عبدالعزيز احمد دفع الله و عبدالعزيز النور و العقيد كمال و العميد مجاهد حسن طه و تحدثت معهم حول قضية السمنار ورحبوا بالفكرة و و اكدوا انهم سوف يقدموا ورقة ثم ذهبت الى مكتب الحركة الشعبية و التقيت بمسؤول المكتب دنيال كودى و قال ان الوقت ضيق من اجل كتابة ورقة و لكن سوف نشارك فى السمنار و ناقشت الموضوع مع الدكتور الشفيع خضر فقال الى الحوارغير مرفوض ولكن افضل تاجيل الموضوع ثم ذهبت الى منظمة حقوق الانسان التى كان رئيسها فى ذلك الوقت الدكتور حمودة فتح الرحمن الذى رحب بالفكرة و قال ان المنظمة سوف تكتب ورقة و كنت اعرف ان الدكتور حمودة سوف يطرح رؤية الحزب الشيوعى الذى كان يقبض على مفاصل المنظمة تماما و تقع تحت امرته لذلم لم اعاود الحديث مع الدكتور الشفيع خضر و كان مشكلتنا الحزب الاتحادى و كيف نستطيع الحصول على موافقة الحزب الاتحادى ثم اتصلت بالسيد عبد القادر يوسف و قلت له اريد ان ارسل رسالة للسيد احمد الميرغنى مهمة جدا فهل تستطيع ان توصل اليه الرسالة و كان عبد القادر يوسف شخصية وطنية و دينية و رجل يرفض العمل المسلح تماما فقال الىً سوف اتصل بك و بعد ساعة قال الىَ السيد احمد الميرغنى فى القاهرة و افضل مواعيد ان تاتى اليه بعد صلاة المغرب اليوم و جئت للرجل و اخبرته بالموضوع ورحب به و قال اذهبوا و نفذوا السمنار على طول وسوف اتصل ب السيد محمد عثمان و اخبره و قلت له و لكن نريد تمثيلا حقيقيا للحزب قال معاكم السيدين محمد الحسن عبدالله يس و احمد السيد حمد تريدون افضل من ذلك و بعد ذلك شرعت فى الدعوة للسمنار و كان امامنا مشكلتين الاولى المال الذى ننفذ به السمنار و المشكلة الثانية ان مشكلة السمنار كانت استنتاج للقاء و ربما السلطات المصرية الامنية لا توافق على قيامه.
اتصلت مباشرة بالمقدم سعيد حجازى فى امن الدولة و المسؤول عن قضايا السودانيين فى القاهرة و اخبرته اننى سوف احضر اليه بطلب من اجل قيام سمنار للمركز فى قاعة المحاضرات فى الجامعة العمالية بمدينة نصر لمدة ثلاثة ايام يقدم فيها عددا من الاوراق فقال الىً لا تتعب نفسك ارسل الطلب بالفاكس و هذه اول مرة استخدم فيها الفاكس للتصديق لطلب قيام نشاط و كان المعمول به ان ترسل الخطاب قبل اسبوع من قيام النشاط للحصول على التصديق و بعد نصف ساعة من ارسال الطلب اتصل بى المقدم حجازى و قال انهم موافقون على السمنار هنا اتضح ان استنتاجنا للقاء كان صحيحا و المشكلة الثانية كيف الحصول على المال تبرع الينا السيد محمد الحسن عبدالله يس 500 جنيها مصريا و لكن تكلفة السمنار حوالى 700 جنيه مصرى و اتصل بفاعل خير و رفض تماما ان اذكر اسمه و تبرع بباقى المصاريف 6500جنيها مصريا و بعد ذلك بدانا فى دعوة الصحافة السودانية و المصرية و كان السمنار اول عمل نكسر به صيحات و قرع طبول الحرب و الحديث حول حوار داخل المعارضة بان هناك خيارات اخرى يجب ان تفطن لها المعارضة و الغريب فى الامر ان الدكتور جون قرنق فى زيارته للقاهر تحدث كثيرا حول الاتفاق الذى تم داخل المعارضة ان الحركة الشعبية تصعد عمليات الحرب و على القوى السياسية الاخرى ان تعبىء الجماهير فى الداخل من اجل قيام انتفاضة شعبية محمية بالسلاح وقال نحن صعدنا العمل العسكرى و لكن الاخرين فشلوا فى صناعة الانتفاضة الشعبية.
بعد يومين من انتهاء السمنار تلقيت اتصلا تلفونيا من مكتب اللواء محمود عبد الخالق للذهاب الى مكتبه حيث قال انهم تابعوا السمنار و كل مادار فيه من مناقشات و اراء القوى السياسية كلها و قال ان المعارضة لها خيارات عديدة و لكن تركيزها على جانب واحد يعنى ان ضعف البعض جعلهم يسايرون الاخرين فى رؤيتهم رغم اختلافهم معها و قال هذا سوف يحدث مشكلة وسط المعارضة مستقبلا اذا لم تتداركه اليوم و السمنار بين ان هناك اراء عديدة و لكن هناك اتفاق عام بين قوى المعارضة قبولهم لمبدا الحوار و التفاوض و لكن كيف تتخلق هذه الاجواء فقلت له هل مصر مستعدة ان تتبنى مثل هذا العمل قال ان مصر فى الوقت الحالى ليست مهيئة لمثل هذا العمل و ربما يكون فى المستقبل.
بعد السمنار باسبوع جاءنى محمد خير حسن وزير الصحة الحالى بجنوب كردفان عن حزب الشريف الهندى و الذى كان معنا فى المركز السودانى للثقافة و الاعلام و قال الىً السيد الشريف زين العابدين الهندى يريدك ان تذهب اليه فى السادسة مساء قلت له تعرف الموضوع قال لا اعرف عنه شيئا و الشريف "عاوزك براك" لانه لاول مرة يخرج معى للشارع و يخبرنى دون ان يعلم الحضور و بالفعل ذهبت للسيد الشريف و تحدثنا حول القرارات التى خرج بها السمنار و قال انها خطوة جريئة جدا و لكن تحتاج الى سمنارات متواصلة حتى ترسخ قضية الحوار و العمل السياسى و فى السابعة و النصف وو قفت استاذن الشريف دخل عليه السيد احمد عبد الحليم سفير السودان فى القاهرة و قال الزين اقعد اريد الحديث معك حول موضوع السمنار نحن فى السفارة تابعنا السمنار و مادار فيه و لكن الا تعتقد ان غياب الحكومة او ممثل لها يضعف السمنار و النتائج التى وصل اليها قلت له ان السمنار يعد حوار داخلى للقوى السياسية فى المعارضة و هو ليس متعلق بالحوار مع الحكومة لان ارضية الاتفاق اذا لم تتبلور بصورة واضحة وفق استراتيجية يتفق عليها لا يمكن ان تفتح الابواب فى الحوار مع الحكومة لاننا قصدنا من الحوار ان يطرح الناس فى المعارضة خيارتهم بقوة و ليس بخوف من هذا الفصيل او ذاك لان هناك البعض يريد ان يفرض الوصايا من خلال فرض رؤيته على القوى السياسية المعارضة قال اعتقد انها خطوة ربما تقرب المسافات فى المستقبل.
نواصل
الحلقة القادمة قبل الاخيرة
الحوار النخب المصرية السودانية
كسر حاجز الرهبة بين المعارضة و الحكومة
الحلقة الاخيرة سوف تكون حول تعارض الاستراتيجيات بين البلدين
zainsalih abdelrahman [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.