[email protected] حين طالعت مانشيتاً لصحيفة حمراء يقول " بحمصية رايح جاي الهلال باي باي" خجلت لمن فكر فيه مجرد التفكير ناهيك عمن نفذه لتخرج به صحيفة يزعم أهلها أنهم يسهمون في تطوير كرة القدم السودانية. أولاً وقبل كل شيء تفرض الاحترافية على أي صحيفة أن تكبر عقلها قليلاً. وثانياً لأن المريخ سبق الهلال في الخروج من البطولة الأفريقية. ولا يفرق كثيراً أن يكون الخروج بهزيمتين رايح جاي أم هزيمة وتعادل أو حتى هزيمة واحدة. فالنتيجة واحدة وهي خروج مبكر من بطولة تستمر فيها أندية جاءت للدنيا بعد الهلال والمريخ بعقود طويلة. ويحمر وجهني خجلاً لكاتب وجدناه يعمل في الصحف الرياضية قبل أن نكمل المرحلة المتوسطة ولا يزال بعد هذا العمر الطويل يجنح للمهاترات والكتابة بلغة الصغار. لا يعقل أن يحاول الكل مجاراة غيرهم في أسلوب الكتابة. فما يناسب كاتباً بعينه لا يصلح لآخر. لابد أن يكون لكل صحافي أسلوبه الخاص الذي يفخر به. أما أن نقلد الآخرين ونسعى لأن نصبح مجرد نسخ منهم فهذا عيب كبير وقصور محزن. كما أن للعمر أحكامه. فما يمكن قبوله من كاتب شاب ربما لا يكون ملائماً لمن قارب عقده السادس. لهذا قلت أن وجهي يحمر خجلاً لمثل هؤلاء الكبار المتصابين. قلتها مراراً وسأظل أرددها إلى أن ينعدل الحال المائل أن كرة القدم السودانية لن تتقدم خطوة واحدة ما لم ينصلح حال صحافتنا الرياضية. فعندما يكون المشجع أكثر عقلانية من كاتب العمود فمعنى ذلك أننا نعيش مأساة حقيقية. يلوم الكثيرون الصحافة الرياضية على التدهور الملحوظ لكرة القدم السودانية والخروج المتكرر لأنديتنا ومنتخبنا من جميع البطولات الخارجية، ولهم الحق في ذلك. في الجانب الآخر يرى الكثير من رجال الصحافة الرياضية أن هذه الصحف أسهمت مع الوالي والأرباب في إحداث نقلة نوعية في كرة القدم السودانية وهو رأيي لا اتفق معه. فالنقلة النوعية التي يتحدث عنها هؤلاء لا تتعدى زيادة الإنفاق إلى درجات غير مسبوقة، لكن إن سألنا عن النتائج فليس في الأمر جديد. الفوز بالدوري المحلي ليس حدثاً يستحق كل هذا الضجيج. أما خارجياً فقد تقدم الناديان في بطولات خارجية عديدة قبل أن يصل سقف الصرف هذه المبالغ الخيالية التي نسمع عنها الآن. المريخ حقق بطولات خارجية قبل قدوم مجلس العقول الشابة! والهلال بلغ نهائي كأس أفريقيا مرتين قبل أن يأتي الأرباب وجوقته! إلا أن بعض الكتاب يصرون على أن الوالي والأرباب أسهما في رفع مستوى الناديين ومكناهما من منافسة الأندية الأفريقية. لكن دعونا نسأل هؤلاء: متى بلغ الهلال والمريخ في البطولات الأفريقية المراحل التي وصلاها قبل ظهور هذين الثريين؟ أليس فيما يكتب في هذا الجانب خدعة كبيرة؟! وكيف نقول أن الصحافة الرياضية أسهمت في تطوير كرة القدم السودانية ونحن في الواقع تراجعنا ولم نتقدم! صحيح أن بعض الأقلام في صحافتنا الرياضية يجتهد أصحابها لتقديم عمل مهني يستحق الاحترام. لكن الغالبية للأسف الشديد لا هم لهم سوى المهاترات وتقليد الآخرين. الكاتب المقلد أفضل منه مشجع متعصب. رغم أن كليهما ( الكاتب المقلد والمشجع المتعصب) لا يمكن أن يكونا طرفاً في أي تقدم يطرأ. صحافتنا الرياضية تجرنا إلى الوراء. ينافس الهلال والمريخ في بطولة واحدة فيكون التهاتر على أشده. يخرج الناديان من البطولة بخفي حنين فيستمر التهاتر! والدولة التي تشدق البعض في أوقات سابقة بوقفتها القوية مع الرياضة والرياضيين تتفرج على العبث دون أن تحرك ساكناً. يتفرجون على الألم الذي يسببه رئيسا الهلال والمريخ لملايين المواطنين السودانيين دون أن يقولوا لهما (تلت التلاتة كم). مسئولونا لا يعيرون الرياضة أدنى اهتمام هذه هي الحقيقة التي لابد أن نعترف بها. فلو كانوا يهتمون بها لما وقف الوزير المسئول عن الرياضة موقفاً سلبياً من العبث الذي يدور في الهلال. ولما قبلوا بتدني نتائج منتخبنا الوطني بهذا الشكل وتذيلنا لمجوعتنا مع منتخبات حديثة عهد بالكرة بالمقارنة معنا. ولما وقفوا موقف المتفرج مما يجري في الكثير من صحفنا الرياضية من تراشقات وشتائم. ولما وافقوا على جلب وتجنيس محترفين أجانب لا يستفيد منهم منتخب البلد.