نشر موقع الخدمات الصحفية فى الخرطوم " SMC" خبرا يقول " وصفت هيئة الاحزاب و التنظيمات السياسية مؤتمر ما يسمى بالمحكمة الجنائية الذى ينعقد فى كمبالا بأنه مؤامرة سياسية كبرى تهدف الى تغيير اوجه الحكم فى الدول الافريقية و تدويل اقتصادياتها لخدمة أجندة أخرى" ثم اورد فى الخبر تصريح للسيد عبود جابر سعيد رئيس هيئة الاحزاب قال فى احد فقراته " ان المجتمع الدولى بدأ ينظر الى تحركات الجنائية بالقارة الافريقية بأنها عمل سياسى خارج عن الاطر القانونية المعمول بها دوليا" حقيقة عندما تقرأ هذا الخبر و تصريحات السيد رئيس هيئة الاحزاب و التنظيمات السياسية يحتار الشخص الى اية فئة موجه هذا الخطاب اذا كان للعامة الذين لم ينالوا حظا من التعليم و يشكلون نصف المجتمع السودانى فهولاء اكثر الفئات التى سوف تكون متضررة من مستقبل هذه القضية تماما اما اذا كان الخطاب موجه الى النخبة فانها على دراية تامة بالقضية و ابعادها و ابعاد المحكمة الدولية اذا كانت هى فعلا تخدم العدالة او لها اجندة اخرى و لكن فى كل الحالات فان للقضية انعكاسات على مستقبل العمل السياسى فى السودانى. السؤال الذى يجب الاجابة عليه هل المؤتمر الوطنى و السلطة التى يقبض عليها اضافة الى القوى السياسية السودانية الاخرى متمثلة فى احزابها و تنظيماتها السياسية و منظمات المجتمع المدنى هى ضد فكرة المحكمة جملة و تفصيلا لانها محكمة تخدم الاجندة الامبريالية و تريد ان تعيد العهود الاستعمارية السابقة برؤية و ادوات جديدة ام انها ضد المحكمة باعتبار انها تدخلت فى الشان السودانى و اتهمت اثنين من مواطنيه اضافة الى رأس الدولة بجرائم حرب؟ الاجابة على السؤال هى تحدد اوجه المعركة مع المحكمة الدولية اضافة الى المجتمع الدولى و هى تحدد طبيعة المعركة هى معركة و طنية يجب التعامل معها بالحس الوطنى ام انها معركة ذاتية تخص قطاعا من المجتمع السودانى و هو المطالب بالتصدى للمحكمة الدولية لوحده باعتبار ان التعامل حتى الان مع المحكمة الدولية فيه اختلاف فى وجهات النظر بين القوى السياسية فى السودان الامر الذى يجعل البعض يتعامل معهاكانها قضية يجب تجاهلها و اهمالها رغم انها قضية لها تاثيراتها و خاصة فى علاقة السودان الخارجية. حقيقة اننى ما كنت راغبا ان اتناول قضية المحكمة الدولية باعتبار اننى ليس خبيرا فى القانون الدولى حتى افتى فى قضايا لا املك فيها غير هامشية المعرفة و حتى اننى لم اهتم باخبار المحكمة و القضايا التى تهتم بها منذ مشكلة الصراعات فى دول يوغسلافيا السابقة ثم ليبريا و صراعات الهوتو و التوتسى فى رواندا و بروندى ثم الكنغوا و تورط يوغندا فى تلك المشاكل و بدا ت اهتاماتى لتتبع قضية المحكمة عندما وجهت المحكمة اهتماماتها الى احداث دارفور و اتهمت اثنين من المواطنيين السودانيين عام 2007 باعتبار انهم متهمين بتورط فى جرائم حرب ثم اخيرا وجهت المحكمة اتهامها لرئيس الجمهورية. فى بداية القضية رفضت كل القوى السياسية الاتهامات الموجهة ضد السيد رئيس الجمهورية باعتبار انه رمز البلاد و يجب عدم المساس بذلك و لكن القوى السياسية كانت تعتقد ان رفضها لاتهامات رئيس الجمهورية لا يعنى نفى المشكلة القائمة فى دارفور و ان هناك ضحايا و تجاوزات قد حدثت ولكن كانوا يعتقدون ان القضاء السودانى كفيل بمعالجة تلك القضية و يجب التعامل معها ايضا بوطنية خالصة جدا لانه لا تفريق بين المواطنيين مهما كانت مواقعهم الوظيفية " هذا نص دستورى" و بالتالى يجب التحقيق فى القضية و تقديم المخطئين للعدالة كخطوة لحل مشكلة دارفور لكى يتم اغلاق باب المحكمة نهائيا باعتبار انها قضية يجب التعامل معها بافق قومى ووطنى و قبل المحكمة الجنائية الدولية ان القرآن يحسنا على القصاص " ولكم فى القصاص حياة ياآولى الالباب" و لكن تعتقد القوى السياسية ان المؤتمر الوطنى لا يخالفهم الراى حول تطبيق العدالة ورغم ان القضية لها مدلولاتها السياسية لكنها ايضا تخضع لمبدا العدالة. تطورت القضية سياسيا فى السودان بتطور الاحداث السياسية و سوف تكون هى احد العوامل المهمة فى الصراع السياسى السودانى خاصة بعد الانتخابات و اتهام القوى السياسية السودانية " المعارضة " بان الانتخابات كان بها الكثير من الاخطاء و تعرضت الى التزوير و بالتالى ستكون قضية المحكمة كرت ضغط تمارسه القوى السياسية على المؤتمر الوطنى و يؤكد على ذلك تصريحات زعماء القوى السياسية فمثلا الدكتور الترابى لا يخف موقفه المؤيد للمحكمة و اشارالسيد الصادق المهدى فى تصريحه الصحفى الاخير بعدم مشاركة حزبه فى الحكومة الا من خلال برنامج قومى ينظر فى كثير من القضايا منها المحكمة الجنائية اذن المحكمة ليست هى اداة خارجية على السلطة الحاكمة و انها مسألة مرفوضة و يجب عدم التعامل معها انما هى اصبحت جزءا من الصراع السياسى فى السودان الامر الذى سوف يبعدها من قضية وطنية الى قضية ذاتية يتحمل المؤتمر الوطنى معركتها و هى قضية تحتاج فعلا الى ذهن مفتوح لكى يتعامل مع القضايا بابعادها و تاثيراتها الايجابية و السلبية. و اذا كان التعامل مع المحكمة سوف يتم بالافق السياسى للسيد عبود جابر سعيد اعتقد ان الشعب السودانى سوف يعانى كثيرا جدا لانه افق يحمل الكثير من مبدا الوصايا و احتكارية المعرفة و عدم احترام لعقول الاخرين و لا اعرف عن اية مجتمع دولى يتحدث السيد عبود حيث يشير الى ان المجتمع الدولى بدا ينظر الى تحركات المحكمة الدولية بانه عمل سياسى اذا كان يقصد الاتحاد الافريقى فهو فى النهاية مجموعة من الدول الافريقية حيث هناك اكثر من 35 من الدول الافريقية اعضاء فى المحكمة و كذلك فى امريكا الاتينية و الدول الاسلامية حيث بلغ عضوية المحكمة 111عضوا فادارة الازمة مع المحكمة الجنائية لا تتم بتبسيط القضايا و تهوينها انما المعركة مع المحكمة تحتاج الى وضع القضية فى اطارها الحقيقى لان المعركة مع المحكمة هى معركة مع 111 دولة الموقعين على ميثاق روما و ليست شعوب كل تلك الدول هى مجموعة من الاغبياء يحتاجون الى افادات وتصريحات السيد عبود باعتبار انهم لا يعرفون اين مصالح شعوبهم كما ان معركة السودان مع المحكمة ليست معركة ضد الفكرة تتطلب التبشير و النصائح لعضوية المحكمة بالانسحاب منها انما المعركة مع المحكمة فى "من هو احق بتطبيق العدالة" و يجب ان تنحصر المعركة فى هذا الاتجاه و عدم الخروج بها فى متاهات تضر بالقضية و من اهم اخلاقيات تبادل الاراء احترام عقول المخاطبين حيث ان المعلومة لم تعد خافية على احد انما هى مشاعة بين الناس لذلك مواجهة المشكلة بكل ابعادها و انعكاساتها هى العتبة الاولى فى حل القضية حيث درج بعض المتحدثين عن المحكمة و خاصة غير المتخصصين فى القانون الدولى او الذين يريدون التحدث عنها فى اهدافها السياسية يحاولون تبسيط الامور كان شيئا لم يكن و هذا غير صحيح لان القوى التى تساند المحكمة الدولية لها النفوذ الكبير فى العلاقات الدولية و قادرين ان يمرروا اجندتهم فى المؤسسات و المنظمات الدولية و معروف فى العلاقات الدولية الكل يعمل من اجل مصالحه و هذه ليست دعوة للتسليم للدول العظمى صاحبة النفوذ ولكن التعامل مع القضية باعتبارها قضية وطنية يجب ان يسهم الجميع فى التصدى لها و هذا يتطلب وفاقا و طنيا. هناك العديد من القيادات السياسية ياخذها الحماس و البعض يريد ان يرسل رسالات فى اتجاهات يريد خدمت مقاصد خاصة مستخدما قضية المحكمة الجنائية و هولاء دائما يتعاملون مع الاخرين كانهم مجموعة من الاغبياء عندما يتحدثون بان المحكمة ليس لها تاثير او انعكاسات سالبة على السلطة فى السودان و هذه قضية ليست صحيحة و دلالة على ذلك رفض يوغندا دعوة الرئيس لمؤتمر القمة الافريقيى الشهر القادم رغم انها تراجعت عنها و قدمت دعوة للسودان و لكن غير مضمون ان يسافر الرئيس الى كمبالا و كذلك حديث رئيس جنوب افريقيا زوما لبرلمان بلاده بانهم قدموا دعوة للرئيس البشير لحضور منديال كاس العالم و لكن اذا حضر سوف يتم اعتقاله و قبل ذلك كانت تركيا قد قدمت دعوة للرئيس و لكن كانت هناك خطورة فى سفره الى انقرا اذن المحكمة سوف تقيد حركة الرئيس الدولية تماما و هى عملية سوف تضر بعلاقات السودان الدولية و حتى زيارة الوزراء الاوروبيين للسودان و رفضهم مقابلة رئيس الجمهورية كل تلك لها انعكاساتها السالبة جدا و بالتالى هى ليست قضية ذاتية انما لها بعدها الوطنى اذن انعكاسات قضية المحكمة محسوسة لكل السودانيين و بالتالى يجب التعامل معها بقدر عالى من المسؤولية و ليس بشىء من الا مبالاة او التهوين فمثل هذه السياسة لا تخدم القضية و لا تحل المشكلة و لكن وضع القضايا فى اطارها الصحيح و حدود انعكاساتها و التعامل معها بقدر حجم خطورتها هو الذى يقود الناس للبحث عن حل و استخدام كل الادوات الفاعلة من اجلز مثل هذه القضايا تحتاج حقيقة لجمع صف القوى السياسية السودانية مجتمعة لان المجتمع الدولى الان يهدى المعركة مع السلطة فى السودان ليس لانه صرف النظر عنها و لكن كل سياسى متابع مدرك و مستوعب ان الدول الغربية و الولاياتالمتحدة يريدون ان تتم قضية فصل الجنوب بسلام ودون اية نزاعات دموية تعطل عملية الاستفتاء اذن ان المعركة هى مؤجلة و اشار لذلك المبعوث الامريكى الخاص سكوت غرايشن فى كثير من تصريحاته و خاصة عندما قال ان هناك تجاوزات حدثت فى الانتخابات و لكن ليس الوقت لنقدها لاننا لا نريد ان تؤثر على برنامج اتفاقية السلام و عملية الاستفتاء و لكن اذا اراد حزب المؤتمر الوطنى ان يتولى القضية لوحده و يدير معركتها دون مشاركة القوى السياسية الاخرى عليه ان يبعد احزاب التوالى من دائرة التصريحات التى لا تخدم القضية فى شىء انما تعقدها اكثر لان اية قضية وطنية تنظر من خلال استمرارية المصالح الذاتية كما يعتقد السيد عبود جابر سوف تفقد الاجماع حولها و الله الموفق zainsalih abdelrahman [[email protected]]