[email protected] شر البلية ما يضحك .. حملت الصحف خبر زيارة وفد مصلحة أراضي ولاية الخرطوم برئاسة مديره العام إلى سويسرا، ويا سادتي الكرام وكما هو معروف للقاصي والداني أن سويسرا تتبع سياسة خارجية محايدة يعود تاريخها إلى عام 1515م. وهي تُعد أحدى أغنى دول العالم , ويعتبرها الكثيرون أيضاً على أنها أجمل دولة في العالم. ولقد حصلت مدينة زيورخ السويسرية والتي تعد أكبر مدنها حتى عام 2008م على أفضل مدينة للعيش في العالم لثمانية أعوام على التوالي، يعني ببساطة يا جماعة الخير من أتيحت له فرصة للعيش في تلك المدينة الجميلة لن يتوق للسكن في أرقى حي من أحياء الخرطوم؟ لا أتحدث بطريقة عاطفية فكلنا نحب هذا السودان .. فنحن نحب فيه أهلنا .. وذكرياتنا .. وأصدقاءنا .. وترابه وكتاحته وسخونة جوه .. هذه أشياء جميلة تكمن في أعماق الذاكرة وباجترارها يصيبنا الشجن والشوق ولا نملك إلا وأن نتحسر على تلك الأيام النضيرة والأثيرة إلى القلب .. والحنين دون شك يجرف كل سوداني عاش تلك السنوات أن يعود إليها متلهفاً حتى ولا كان يقطن في تلك المدينة الجميلة حيث لا كتاحة ولا سخانة ولا زحمة ولا استهبال ولا غش. المهم في الأمر فقد أنهى وفد أراضي ولاية الخرطوم برئاسة المدير العام لأراضي ولاية الخرطوم، زيارته الرسمية لسويسرا والتي امتدت لثلاثة أيام، متنقلاً بين مدينتي جنيف وزيورخ، حيث التقى الوفد بكل الراغبين في الحصول على قطعة أرض سكنية حسب الخطة الإسكانية العامة بالإضافة لقطع استثمارية أخرى وشقق جاهزة (طيب هل عملتوا مسح ولقيتوا كل واحد في السودان يسكن في بيت من حر ماله). وتجربة المغتربين مع وفود الأراضي هذه ليست من التاريخ القديم التي قد تنساها الذاكرة الخربة، وكنت أحسب أن هذا الوفد كان يسعى للاستفادة من الخبرة السويسرية التي جعلت من مدينة زيورخ من أجمل مدن العالم، وقد أجد لهم العذر، فجو الخرطوم خانق وساخن وقد تناسوا أن الكهرباء بعد أن أصبحت لها وزارة ستسعى لتحسين قطوعاتها وتخفيض تكلفتها (الجماعة ما صبروا شوية). وإذا جاز لنا السؤال أين تلك الأراضي في ولاية الخرطوم التي أعيت مصلحة الأراضي عرضها على المغتربين في دول الخليج لكي تحملها مرهقة إلى سويسرا وفرنسا وبقية دول أوروبا وأمريكا .. وهل اقتنى مغترباً واحداً شقة من تلك الشقق ذات الأسعار الخرافية؟! (ربما القليل قد فعل). وقال الخبر أن زيارة الوفد قد وجدت ترحيباً وقبولاً غير مسبوقين من كافة قطاعات الجالية السودانية بسويسرا .. فالترحيب (عرفاناه)، ولكن غير مسبوق دي (ما فهمناها). كما قال الخبر أن فرص الخطة الإسكانية قد شملت جميع الراغبين في الحصول على قطعة أرض سكنية (نساءً ورجالاً)، كما تمت معاملتهم معاملة متساوية دون تميز أو تفريق بين المقيم بسبب العمل أو الدراسة أو لأسباب سياسية، وحصل كل من تقدم على قطعة أرض إلا من أبى. وهنا يقفز سؤال: هل تم عرض هذه القطع والشقق على فقراء المغتربين بدول الخليج أولاً؛ فهم في هذه الحالة أجدر لأنهم من الصعوبة أن ينالوا مثل هذا الشرف العظيم. والشيء الجديد في الأمر أنك أيها اللاجئ السياسي وأنك في سعيك الحثيث لجعل لجوءك قانونياً في إمكانك أن تقتني شقة راقية في الخرطوم ولا داعي للشحططة ومذلة السؤال. والجميل أن مصلحة الأراضي قد حملت في ثنايا هذا الخبر تزعمها ووقوفها وراء حقوق المرأة والدعوة إلى المساواة. وهنا أشير إلى شئ غريب ألا هو أننا أصبحنا بدون معرفة وبدون خبرة بأي شيء في هذه الدنيا الفانية، وأصبحنا نسعى حثيثاً للوقوف على تجارب الآخرين التي ربما أخذوها مننا في ذات يوم من أيام السودان المزدهر. كما أشير هنا أيضاً إلى ذاك الوفود الميمون الذي تكبد معاناة السفر إلى ماليزيا للوقوف على تجربة الحج الماليزية، بذمتكم ماذا تبقى لنا؟!! وكم من الأموال تصرف على تلك الرحلات والحجات والعمرات؟!! ولا أقول إلا (لا حول ولا قوة إلا بالله).