بدات اشارات التحديات للانقاذ تلوح فى الافق قبل ان تبدا عملية الاستفتاء خاصة اضافة قضاة المحكمة الجنائية الدولية تهمة الإبادة الجماعية الى تهم جرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية الواردة فى مذكرة التوقيف الصادرة ضد الرئيس عمر البشير و كانت عدد من منظمات حقوق الانسان منها " هيومن وتش و امنستى انترناشونال" قد اكدت فى تقاريرها التراجعات فى الحريات التى بدأ يشهدها السودان عقب الانتخابات و كان السيد على كرتى وزير الخارجية قال فى لقاء له مع و كالة الانباء السودانية " سونا" ان الدول الاوروبية مترددة فى مواقفها لانها من جهة تريد بناء علاقات جيدة مع السودان و مرة اخرى تتعلل بالمحكمة الجنائية الدولية. عقب الانتخابات كنت قد كتبت مقالا نشر فى " الاحداث – سودانيل – سودانيزاونلاين" بعنوان " بعد الانتخابات – السودان و التحديات الخارجية " اشرت فيه هناك بعض التحديات التى لا تلقى لها السلطة بالا و هى منظمات المجتمع المدنى فى الخارج و التى تراقب اعادة انتهاكات حقوق الانسان و بدات تتحدث عن محاصرة السلطة للصحافة و اعتقال الصحافيين بعد الانتخابات. و قلت ان السلطة لم تفطن ان هناك اعدادا كبيرة من السودانيين فى الخارج و هولاء لهم علاقات و طيدة مع المنظمات الاهلية و خاصة التى تهتم بقضايا حقوق الانسان كما ان هناك اتجهات بدات تظهر وسط السودانيين فى الخارج لانشاء تنظيم يضم الصحافيين و الاعلاميين السودانيين فى الخارج و يمكن ان يكون بديلا مؤقتا للمؤسسات الصحافية و الاعلامية و التى يعتقدون انها تابعة للسلطة او تأتمر بأمرها. ان الحملة الدولية لتى دشنها اتحاد الصحافيين السودانيين فى الولاياتالمتحدة لحماية الحريات الصحافية قد اخرجت الهمس الى دائرة العلن ووضعت خطوطا عامة من اجل قيام حملة تناصر فيها قضية الحريات الصحافية فى السودان و قالت فى بيانها الذى نشر فى اغلبية المواقع السودانية على الشبكة العنكبوتية " انها تدشن حملة دولية لحماية الحريات من التغول المستمر لجهاز الامن و العمل على كفالة تحول ديمقراطى حقيقى و صيانة حقوق الانسان فى حرية النشر و التعبير و اضاف البيان ان الخطوة سوف تتم بمساعدة و مؤازرة المنظمات العاملة فى مجال حماية الحريات الصحافية و الصحافيين و قال الاتحاد انه يفتح الابواب مشرعة لكل الشرفاء الذين يرغبون فى هذه الحملة" ان اتحاد الصحافيين السودانيين فى الولاياتالمتحدة فتح القضية التى كانت تدور فى الغرف المغلقة الى الهواء الطلق و التفكير بصوت عالى و هى نقلة الهدف منها ان تاخذ الحملة بعدها السياسى و الضغط على السلطة فى السودان من خلال ادوات مختلفةحيث ان النظام لا يملك الادوات التى تعينه فى الخارج من اجل التصدى لمثل هذه الحملات و فى ذات الوقت ان الحملة سوف تجد الدعم من العديد بعد التراجعات عن حرية الصحافة و عودة الرقابة القبلية التى اصبحت بصورة مكثفة و توقيف العديد من الصحف. عقب تشكيل الحكومة الجديدة قال السيد وزير الخارجية على كرتى فى اول لقاء صحافى معه ان التحدى امام وزارته ان تحدث اختراقا فى علاقات السودان مع الغرب و طالب الولاياتالمتحدة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية الى الارهاب بالاضافة الى رفع العقوبات المفروضة على السودان حيث ان استراتيجية العمل التى تريد ان تقوم بها وزارة الخارجية تحتاج الى مساعدة من قبل عدد من المؤسسات فى الداخل و لكن ان الحملة التى يقوم بها جهاز الامن و المخابرات فى تقليص حرية الصحافة و توقيف عدد من الصحف عن الصدور لانها تنشر اخبارا او مقالات يعتقد انها ضد الامن الوطنى تعد عائقا كبيرا جدا فى تحيقيق هذه الاستراتيجية و خاصة ان المنظمات المهتمة بحقوق الانسان بدات من جديد تنشر اخبارا عن الانتهاكات للحقوق و تقليص الحريات الصحافية و الرقابة القبلية و مثل هذه الممارسات لا اعتقد انها تساعد على عملية الاختراقات فى علاقات السودان الدولية التى تريد ان تقوم بها وزارة الخارجية. كان الاعتقاد عند الكثيرين ان المؤتمر الوطنى بعد الانتخابات و تمكنه من السيطرة على الجهازين التنفيذى و التشريعى سوف يوسع من قاعدة الحريات " الصحافة – النشر – التعبير" و لكن التراجع عن ذلك و اعادة الرقابة القبلية تعنى ان الانقاذ حتى الان لم يطمئن قلبها و فى ذات الموضوع كان السيد رئيس الجمهورية اكد فى مقابلته للدكتور كمال عبيد وزير الاعلام "حماية الدولة للاجهزة الصحافية و الإعلامية و تمكينها من اداء رسالتها خاصة خلال المرحلة المقبلة بوصفها الأكثر حساسية فى تاريخ البلاد مشيرا إلى ضرورة مراعاة القانون و الدستور عند ممارسة اية رقابة على الصحافة" و لكن الاعلام لم يشير لما قاله الدكتور كمال عبيد حيث ان الوزير كرر فقط ما قاله الرئيس و يعنى ان الحال سوف يستمر كما هو عليه و الغريب فى الامر ان السيد نقيب اتحاد الصحافيين السودانيين محى الدين تيتاوى قال " ان الرقابة سوف تتمحور حول مسألة الوحدة و الانفصال و المسائل الامنية فى جنوب السودان" و السيد نقيب الصحافيين لم يوضح موقف الاتحاد من التراجعات فى مساحة حرية الصحافة و لم يبدى رأيه شخصيا باعتبار انه احد الصحافيين قبل ان يكون نقيبا و هو الامر الذى يوقع الاتحاد فى دائرة الانتقاد من قبل الصحافيين فى الداخل و الخارج و اعطاء الاخرين فرصة للبحث عن بدائل اخرى بعيدا عن الاتحاد للدفاع عن الحريات الصحافية. و يعتبر اضافة قضاة المحكمة الجنائية الدولية تهمة الإبادة الجماعية الى تهم جرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية الواردة فى مذكرة التوقيف الصادرة فى حق الرئيس عمر البشير يعتبر تحديا للانقاذ و خاصة تعليق المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية فيليب كراولى الذى قال فيه " يجب على الرئيس السودانى المثول امام المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى بعد اتهامه بارتكاب ابادة جماعية فى دارفورو اضاف قائلا ان المبعوث الامريكى الخاص للسودان سكوت غرايشن سيصل الخرطوم فى الايام القلية القادمة و سوف يكرر فى الخرطوم دعوة الرئيس البشير بالتعاون مع المحكمة " و يعنى ان الولاياتالمتحدة تسير فى ذات الاتجاه الذى تسير فيه الدول الاوروبية الداعمة الى المحكمة خاصة" فرنسا- المانيا" و هو التحدى الذى سوف يظهر بصورة كبيرة بعد عملية الاستفتاء حيث لم تبق فى السودان الا قضية دارفور و التحول الديمقراطى. فى رد الحكومة على اضافة تهمة الإبادة قال السيد عبد المحمود عبد الحليم مندوب السودان الدائم لدى الاممالمتحدة "إن قرار المحكمة الجنائية الدولية باضافة تهمة الإبادة للرئيس البشير تهدف الى تدمير فرص السلام فى السودان و الاسراع بتجزئية و تقويض مفاوضات الدوحة" و فى ذات الاتجاه ذهب الدكتور كمال عبيد وزير الاعلام حيث قال "ان المحكمة بقرارها الجديد تؤكد انها محكمة سياسية مشيرا الى سوء اختيار التوقيت الذى اصدرت فيه قرارها حيث من شأنه قطع الطريق على الجهود التى تبذلها الحكومة لتسوية قضية دارفور" اذا كانت الانقاذ مقتنعة تماما ان المحكمة الجنائية لها ابعادها السياسية و هى اداة ضغط على السلطة فى السودان اذن المحكمة هى التى تختار و تحدد زمان معركتها مع النظام ثم تختار الوسائل التى تستخدم فى معركتها دون اذن من الحكومة السودانية و لكن ما هى الادوات و الوسائل التى تمتلكها الحكومة لكى تجهض للمحكمة اهدافها هو الامر الذى لم يشير اليه المتحدثان و بالتالى يتضح ان المبادرات فى يد المحكمة و ليس الانقاذ كما ان المحاربة فى جبهات عديدة سوف يرهق السلطة و بالتالى ليس امامها لكى تحافظ على ذاتها الا التراجع الكامل عن التحول الديمقراطى و اعطاء سلطات اوسع للاجهزة القمعية و هو ماتريده الدول الغربية و لولايات المتحدة لكى يكون اضافة لاسبابها فى الضغط على النظام فى السودان الى جانب قضية دارفور. بعد الاستفتاء اذا اختار الاخوة فى الجنوب الانفصال فان المعارضة سوف تخسر لها حليف رغم مواقفه المتناقضة الا انه كان يمثل نوع من التوازن فى السلطة تحاول المعارضة ان تراهن عليه و لكن ذهاب هذا الحليف و القبضة القوية للمؤتمر الوطنى على الدولة و مؤسساتها و محاولة تجاهل المعارضة تماما سوف يدفعها بالاستعانة بالخارج و شن حملة ضد السلطة من خلال مؤسسات خارجية لكى تمارس الضغط على النظام لكى ترخى قبضته على السلطة و توسع من هامش الديمقراطية و الحرية الذى معرض دائما الى التقليص و ليس التوسيع و هو التحدى الذى يواجه الانقاذ بعد الاستفتاء. من المعروف تماما ان التحديات الخارجية لا تواجه الا بتوحيد الجبهة الداخلية و التصالح بين تياراتها السياسية المختلفة و القبول بمبدا التبادل السلمى للسلطة و سيطرة حكم القانون و عندما تتوسع المواعين الديمقراطية و الحريات تتراجع قبضة الاجهزة الامنية و يصبح دورها ما يحدده القانون و حتى القانون الذى يحكم عملها سوف يتعدل لكى يلائم التحولات الديمقراطية و هى معادلة عكسية لان ابراز دور المؤسسات الامنية اشارة مؤكدة لتقليص المساحات الديمقراطية و احساس القائمين على النظام بعدم الامن و الاستقرار و العكس صحيح. اذن ماهى الترتيبات التى فى جعبة الانقاذ التى تريد بها مواجهة هذه التحديات التى سوف تتصاعد وتيرتها بعد الاستفتاء و خاصة فى الخارج كما ان مهمة السيد على كرتى وزير الخارجية كبيرة جدا و اعتقد ان الرجوع الى سياسة التحول الديمقراطى و توسيع الحريات الصحافية هو بداية للطريق الصحيح و الله الموفق zainsalih abdelrahman [[email protected]]