ان واحدة من الاخطاء التاريخية التى لا تغتفر للزعيم اسماعيل الازهرى عقب ثورة اكتوبر انه سعى من اجل دمج الحزبين الوطنى الاتحادى و الشعب الديمقراطى فى نوفمبر عام 1967 ثم اردفه بخطأ اخرى عندما انصاع الى هتافات الاخوان المسلمين ووافق على حل الحزب الشيوعى السودانى وطرد نوابه المنتخبين من قبل الشعب من البرلمان بدلا من الوقوف بجانب الشرعية و احترام الدستور و القانون حيث ان الاخيرة تعد هدم مع سبق الاصرار للبناء الديمقراطى رغم ان الحزب الوطنى الاتحادى الذى شكل العمود الفقرى لحركة الوسط التى تعتبر القاعدة الاساسية للفكر اليبرالى تنحرف من مسارها التاريخى و تقف مع اعداء الديمقراطية ثم تذهب و تتحالف مع الطائفية و تغير اسم الحزب بعد الاندماج و تبدا مسيرة جديدة للحزب على اسس جديدة فرضتها حالة التوازنات داخل الحزب الجديد. فى تلك الفترة قد حدثت تطورات سياسية مهمة خاصة داخل اروقة الاحزاب الكبيرة فى الوقت الذى كان يسعى فيه الزعيم اسماعيل الازهرى من اجل دمج الحزبين حدث انشقاق داخل حزب الامة و برز السيد الصادق المهدى كزعيم لحزب الامة له افكار جديدة تخالف ما كان هو سائد داخل حزبه بدات فى ذات الوقت ترتفع رايات اليسار بصورة اكبر مما كانت عليه رغم الدعوة من اجل حل الحزب الشيوعى بعد ندوة المعهد الفنى المشهورة و ظل هذه التحولات السياسية و فورانها بدات تبرز فكرة ان قضايا السودان لا تحل الا من خلال نظام رئاسى يتولى السلطة الامر الذى عزز فكرة اندماج الحزبين من خلال تطلعات الزعيم اسماعيل الازهرى الرئاسية حيث فى تلك الفترة بدات تظهر قيادات ريديكالية فى قمة الحزب الاتحادى الديمقراطى الجديد بزعامة الشيخ على عبد الرحمن و تتقارب ميولها اليسارية الى الحزب الشيوعى السودانى. فى تطور دراماتيكى اعلن السيد الهادى المهدى ترشيحه لرئاسة الجمهورية ثم اعلن السيد بابكر عوض الله كذلك ترشيحه الى رئاسة الجمهورية مدعوما من قبل قبائل اليسار المختلفة ثم اعلن السيد اسماعيل الازهرى ترشيحه لرئاسة الجمهورية الغريب فى الامر ان السيد اسماعيل الازهرى كان يعلم ان حزبه لن يكسب الانتخابات الرئاسية الا اذا استطاع كسب جماهير طائفة الختمية باعتبار ان حركة الاخوان المسلمين كانت الاقرب الى حزب الامة ثم ان عداوة عبد الخالق محجوب للزعيم اسماعيل الازهرى كانت سوف تجعل الحزب الشيوعى يتخذ موقفا بعيدا عن الازهرى و خاصة بعد حل الحزب الشيوعى السودانى كما ان الحزب الوطنى الاتحادى نفسه كان يشهد تحولات داخل قياداته حيث بدات تظهر قيادات جديدة لها رؤى جديدة بعيدا عن التحالفات القديمة التى كانت تسكن فى مخيلة الزعيم الازهرى مثال لذلك ظهور الشريف حسين الهندى كتيار جديد له رؤاه داخل الوطنى الاتحادى حيث بدا هذا التيار يبشر بافكاره و رؤاه الجديدة التى جذبت العديد من الشباب و الطلاب اليها. فى الجانب الاخر من المشهد الاتحادى كان الحرس القديم بزعامة الزعيم اسماعيل الازهرى يعتقد انهم هم الجيل الذى أسس الحزب و بالتالى يجب عليهم القبض بمفاصل الحزب وعدم تركه لقيادات لم تسهم فى عملية التأسيس الملفت للنظر ان مقولة اصحاب التاسيس اصبحت ثقافة استمرت تحافظ على ذاتها داخل كل الاحزاب السياسية السودانية على مختلف اتجاهاتها ان كانت يمينية او يسارية ( رجعية او تقدمية) و السبب هو غياب الديمقراطية داخل هذه الاحزاب هذه العقلية لم تدرك التحولات التى حدثت فى المجتمع او داخل الحزب حيث بدات الطبقة الوسطى من جراء توسيع رقعة التعليم تتوسع و تنتشر فى كل مدن السودان و هى الرصيد الحى للحزب الوطنى الاتحادى ثم اخيرا الاتحادى الديمقراطى و لكن لعدم ادراك هذه القيادات المحافظة لعملية التغيير جعلت الحزب يسير بذات الطريقة التى بدا بها مشواره السياسى عام 1953 دون اية تغيير فى المؤسسة او توسيع مواعين الديمقراطية. فى ظل الصراع الداخلى داخل الحركة الاتحادية من جانب و من الجانب الاخر الحراك الذى بدات تحدثه القوى الجديدة ان كانت داخل الحزب او خارجه كان مثل هذا الصراع اذا توسعت المواعين الديمقراطية فى الحزب الاتحادى ان تسهم فى بلورة الوعى الجماهيرى و تقوية المجتمع المدنى و احداث معادلة لتوازنات القوى فى المجتمع لمصلحة الديمقراطية و تحجيم دور المؤسسة العسكرية و محاصرتها ان يكون دورها فقط فى حماية البلاد و الدستور و لكن للاسف ان الصراع السياسى تحول الى مناكفات ادى الى ابتعاد العديد من المثقفين و المتعلمين من دائرة العمل السياسى او الذهاب مباشرة الى الاحزاب العقائدية و الايديولوجية التى كانت من حيث افكارها بعيدة جدا عن التمسك بالنظام الديمقراطى كخيار وحيد لحل مشاكل السودان بل ذهبت تلك المجموعات بافكارها لكى تطرحها من داخل القوات المسلحة لكى تهدم بها النظام الديمقراطى ثم تصبح تلك المجموعات هى التى تدافع عن النظم الديكتاتورية و التوليتارية العسكرية و تطرح مسوغات كثيرة لدعم خطها و هى اخطاء يجب ان يتحمل وزرها القيادات المحافظة فى الحركة الاتحادية بقيادة الزعيم اسماعيل الازهرى. الحزب الاتحادى الديمقراطى الخطأ و الخطيئة بدات مرحلة جديدة من نوفمبر عام 1967 بعد دمج الحزبين الوطنى الاتحادى و الشعب الديمقراطى و انتهت مرحلة الحزب الوطنى الاتحادى الذى كان يمثل الركيزة الاساسية لقوى الوسط و افكارها و بدات مرحلة تحمل المزيج من الافكار التى تؤدى الى تغبيش فى الوعى السياسى و عدم و ضوح الرؤى مثلت بدايات الحزب الاتحادى الديمقراطى مرحلة ارتداد فى المسيرة الاتحادية حيث ان عملية الاندماج لم تكون خلاصة لحوار فكرى بين المجموعتين انما كان حالة فرضتها ظروف ورغبات شخصية اكثر منها اسباب موضوعية وطنية عامة انما مصالح بين طائفة تبحث لها عن دور سياسى تطهر به افعالها التى مارستها ضد الحرية و الديمقراطية و نخب تبحث عن مصالحها الذاتية و انحرفت عن افكارها التى بدات بها مسيرتها السياسية لذلك بدا التراجع للحركة الاتحادية وسط القطاعات الحديثة. بدا الحزب الاتحادى الديمقراطى مسرته السياسية الجديدة فى التركيز على صناديق الاقتراع و كيف يفوز زعيمه السيد اسماعيل الازهرى برئاسة الجمهورية و اهمل الافكار و برنامجه السياسى من اجل توعية الجماهير و توسيع مؤسسات الحزب و توزيع السلطات فيه انما حصر السلطات كلها فى يد الزعامة و القيادات التاريخية ( القيادات المحافظة) التى ابتعدت عن معارك اهل الوسط و انشغلت اكثر بمصالحها الذاتية و تقف من خلفها الطائفية التى تريد الحزب الة و اداة تحقق من خلالها مصالحها الطائفية ثم تحاصر فيما بعد القيادات التاريخية لكى ترث الحزب فى فترة تاريخية لاحقة و بدا التخطيط فى ان يصبح شيخ الطريقة الختمية" السيد على الميرغنى" راعى الحزب الاتحادى الديمقراطى و هى وظيفة بلا اعباء انما وظيفة فخرية و لكن لا تستطيع قيادات الحزب تجاوزها و بالتالى تكون القيادات التاريخية قد رهنت الحزب لطائفة الختمية. فى عام 1968 التحق السيد على الميرغنى بالرفيق الاعلى و ترك فراغا ظاهرا فى الطريقة الختمية و فى ذات الوقت كان الزعيم اسماعيل الازهرى يمر بمرحلة ضعف شديدة جدا من خلال الصراعات داخل و خارج الحزب و قد استغلت عدد من القيادات ضعف الزعيم اسماعيل الازهرى لكى تسيطر اكثر على مقاليد الحزب و فى ذات الوقت رحيل السيد على كذلك ادى الى سيطرة قيادات سياسية تريد ان تنتزع القيادة من السيد اسماعيل الازهرى و تستخدم الطائفة الختمية من اجل مصالح سياسية ذاتية فى خضم هذا الصراع بدات تبرز قيادات جديدة من جانب اخر بقيادة الشريف حسين الهندى و معه عدد من القيادات الجديدة التى فرضت نفسها السيد على محمود حسنين و اخرين. نواصل zainsalih abdelrahman [[email protected]]