نختم في هذه الحلقة السابعة والأخيرة , أستعراضنا لونسة , وانطباعات الرئيس امبيكي عن أفكار ورؤي الرئيس سلفاكير , في بعض المسائل السياسية .
مؤتمر أسمرة للقرارات المصيرية 1995
خاطب الرئيس سلفاكير صديقه أمبيكي قائلأ :
العزيز تابو .
في اسمرا في يونيو عام 1995م , طرحت الحركة الشعبية لباقي فصائل التجمع الوطني الديمقراطي المعارض , مبدأ حق تقرير المصير للجنوب ! لان الجنوب لا يستطيع ان يعيش في سودان واحد يحكمه نظام الانقاذ الاسلاموي الدموي , الذي يجاهد في الجنوب لنشر الشريعة بالحرابة !
وافقت كل القوي السياسية السودانية الحية علي مطلب الحركة الشعبية بحق تقرير المصير للجنوب !
وأصبح مبدأ حق تقرير المصير للجنوب , لاول مرة في يونيو عام 1995 , مطلب كل القوي السياسية السودانية الحية , بما في ذلك كل القوي السياسية الشمالية !
وكان ذلك , وحصريأ , بسبب الحرب الجهادية الاسلاموية التي كان يشنها نظام الانقاذ ضد الجنوبيين !
واصبح مبدأ حق تقرير المصير ( الانفصال ) للجنوب , من ثوابت وادبيات السياسة السودانية ! تقر وتعترف به كل القوي السياسية الحية في السودان , وطوعاً لا كرهاً .
ثم وبضغط أمريكي مهول علي نظام الأنقاذ , تم توقيع أتفاقية السلام الشامل ( نيروبي - 9 يناير 2005)
أحتوت الأتفاقية علي مبدأ تقرير المصير للجنوب , وذلك للمرة الاولى في تاريخ الاتفاقيات السودانية ! وتم تضمين الاتفاقية في الدستور الانتقالي ( 2005 ) لبلاد السودان !
اصبح مبدأ تقرير المصير للجنوب ، ولاول مرة في تاريخ السودان ، مادة اصيلة من مواد دستور السودان , وحقا مقدسا لا يقبل النقض .
ولكن بعد توقيع الاتفاقية , وخلال المرحلة الانتقالية التي تنتهي بعقد الاستفتاء يوم الاحد 9 يناير 2011م ( 6 سنوات ) , رجع نظام الانقاذ لقديمه في نكص العهود , وخرق المواثيق ! بدأ ( ولا يزال ) نظام الانقاذ في عكننة الجنوبيين , ولاتفه الامور .
العزيز تابو ...
لكل هذه الأسباب مجتمعة , فأن الاستفتاء لا يقدم مفاضلة بين خيارين : الوحدة أو الأنفصال ؟ الأستفتاء يقدم مفاضلة بين الأستقلال أو ألأستعباد . الأستفتاء يطلب من الجنوبي أن يجيب علي سؤالين مفتاحيين :
السؤال الأول :
هل ترغب أن تكون إنسانا بدون كرامة , أنسانأ من الدرجة العاشرة في دولة اسلاموية- عروبية , فيفرض عليك بالأكراه والغصب والقانون دينأ ليس دينك , وثقافة ليست ثقافتك ، ولغة ليست لغتك , ولباسأ غير لباسك ؟
من سيجيب على هذا التساؤل بنعم ؟
السؤال الثاني :
هل تقبل ان يناديك الناس في دولة عروبية , و يقال لك عب , وقد ولدتك أمك حرا ؟
من سيجيب على هذا التساؤل بنعم ؟ العزيز تابو ...
البيان الصادر عن مؤتمر الأساقفة الكاثوليك ( جوبا - 22 يوليو 2010 ) دعي صراحة لنبذ الوحدة والتصويت للانفصال . دعي البيان شعب جنوب السودان للحياة وللأمل ! وأكد البيان أن الوحدة مع المؤتمرنجية في الوضع الحالي لن تعني لا حياة ولا أمل!
الجنوبي لا يستطيع ان يرفض دعوة الأساقفة الكاثوليك ! وخصوصأ كل جنوبي يتذكر كلمات الرمز جون قرنق يخصوص مجلس كنائس السودان ( يناير 1990م ) ! الكيان الجامع للكنائس الكاثوليكية والأسقفية قي السودان :
( مجلس كنائس السودان هو الجناح الروحي للحركة الشعبية , والذي يجب أن يشارك مشاركة كاملة , كجزء لا يتجزأ من الحركة الشعبية وجيشها ) .
وتيب ؟
فرق تسد
العزيز تابو ....
بعد أبرام اتفاقية السلام الشامل في عام 2005 , بدأ نظام الانقاذ في محاولة تفتيت الحركة الشعبية ، التي تمثل بوتقة انصهرت فيها كل القبائل الجنوبية ! وظهرت فجأة مليشيات الجنجويد الجنوبية المدعومة ، تمويلاً وعدة وعتاداً ، من نظام الانقاذ ! وبدأت في زعزعة الامن في الجنوب ، لاظهار الحركة الشعبية بمظهر من لا يستطيع حكم الجنوب ، وفرض السيطرة الامنية فيه !
وبالفعل بدأت المليشيات القبلية الجنوبية المسلحة ( من قبل نظام الانقاذ ) تهاجم القبائل الجنوبية الاخري ... مليشيات الجنجويد الجنوبية الأنقاذية من قبيلة النوير ضد قبيلة الدينكا ، وكذلك ضد قبيلة الشلك ، مليشيات الجنجويد الجنوبية الأنقاذية من قبيلة الدينكا ضد قبيلة المورلي ، وكذلك ضد قبيلة النوير , مليشيات الجنجويد الجنوبية الأنقاذية من قبيلة المورلي ضد قبيلة النوير , وهكذا .. أصلها عايرة واداها أبالسة الأنقاذ أكثر من سوط ؟
اراد نظام الانقاذ ان يفتت الحركة الشعبية وحكومة جنوب السودان كما فتت ، من قبل ، الاحزاب السياسية الشمالية، لتخلو له الساحة السياسية فيعرض ويقدل لوحده .
وبالفعل بذر نظام الانقاذ بذور الفتنة والشقاق في الجنوب ! وطرحت البذرة ثمارها فكانت النتيجة صراعات , وحروب قبلية , وتناحر ، وتباغض ، وكراهية ، وبغضاء بين الجنوبيين .
ظن نظام الانقاذ ان في ضعف الحركة الشعبية قوة له، كما هو الحال مع الاحزاب الشمالية .
استعمل نظام الانقاذ مال بترول الجنوب لتفتيت الجنوب , وكسر شوكة الحركة الشعبية .
من دقنو وفتلو ؟؟
وفي الخرطوم العاصمة القومية ( للجنوب والشمال ) والتي حفظ لها , الدستور الانتقالي والاتفاقية , وضعاً خاصاً يحترم الاديان المختلفة , بدأ نظام الانقاذ , وباسم النظام العام , في القبض علي اكثر من 14 الف جنوبي وجنوبية بتهمة شرب وبيع الخمر ( الذي نحتسيه نحن الان كمسيحيين ) ! وتم جلدهم وسجنهم , مما اضطرهم للفرار من جحيم عاصمتهم القومية الي اقليمهم الجنوبي , حيث بدأوا يحكون لاهلهم في الجنوب , عن تجاربهم المريرة في العاصمة القومية .
استمر نظام الانقاذ في عكننة الجنوبيين بشتي الطرق , ولاتفه الاسباب مما اضطر الحركة الشعبية الي الحرد , وتجميد مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية ( 2007 ) . وبدأ الجنوبي في الطنطنة ! ولكن لم يعر نظام الانقاذ اي التفات لهذه الطنطنة , بل زاد في غيه . وكأنه يغصب الجنوب علي الأنفصال ؟
الفات مات ؟
قاطع امبيكي حديث الرئيس سلفاكير , بان ذكره بان كل ذلك كان في الماضي ! الان المؤتمر الوطني قد وعي واستوعب الدرس , وفتح عضويته لكل الاديان , والاعراف , والمناطق ! فتجد المسلم والمسيحي والكجوري الذي يعبد المطر , في عضوية المؤتمر الوطني .
واضاف قائلا أن الانفصال لن يضمن السلام والأستقرار والتنمية في الجنوب ! بل سيمثل سابقة جاذبة للتأثير السلبي داخل الجنوب , والشمال , والقرن الإفريقي ، وكذلك داخل عموم أفريقيا ! هناك مخاوف حقيقية في الأوساط الأقليمية والدولية حيال الانفصال !
الانفصال فيروس سرطاني قاتل , بل مدمر , يا سلفا !
ايها العزيز سلفا ؟
لماذا لا تلعن الشيطان , يا سلفا , وتتحالف مع حزب المؤتمر الوطني . ويستمر الوضع الحالي كما هو , مع بعض الضمانات الاضافية لكم , مثلأ كأن يكون كل بترول الجنوب من نصيب الجنوب حصريأ , وتكون الخرطوم عاصمة قومية مدنية , تسع كل الاديان , والأعراق ؟
المؤتمر الوطني قد فارق المشروع الحضاري الانقاذي فراق الطريفي لجمله ! فراق الصين للشيوعية ! وارتدي سترة جديدة عصرية ومدنية , سترة ميكافيلية , بعيداً عن الشريعة الاصولية .
اعتقد يا سلفا انه يمكنك اللعب مع المؤتمرنجية ! انت في الجنوب , وهم في الشمال , ويا دار ما ..........
هنا قاطع الرئيس سلفاكير امبيكي قائلاً :
المؤتمرنجية . يا تابو، نفس النبيذ ، ولكن في زجاجة اخري ؟ ولكنه نفس النبيذ ؟
او كما يقولون في الشمال : البصل ريحتو واحدة !
ان اردت دليلاً ، فهاك بعضأ منها :
الدليل علي ذلك انه في العام 2009م , اصدرت رابطة علماء السودان (التابعة والممولة من حزب المؤتمر الوطني ) , بياناً تفتي فيه بان الانضمام للحركة الشعبية والتعامل معها حرام ؟ بل افتت انه من اوجب واجبات كل مسلم , كراهية ناس الحركة الشعبية , وبغضهم , تقرباً لله ! كما افتت بحرمة ايجار المكاتب والمنازل لعناصر الحركة الشعبية الكافرة .. كل هذه الفتاوي بايعاز من المؤتمرنجية .
في يناير 2010 م , اصدر 15 من العلماء المسلمين، من مختلف البلاد الاسلامية (منهم 6 من السودان...ومن المؤتمر الوطني) بياناً اكدوا فيه ان ارض الجنوب فتحها المسلمون، ولا يجوز تقرير المصير فيها ؟ لانها ارض مملوكة للمسلمين ؟ وافتوا بان الاستفتاء كفر صراح، ومن يشارك فيه كافر يجب مقاتلته ؟ ولم تعترض حكومة المؤتمر الوطني , ولا حزب المؤتمر الوطني علي هذا البيان ؟ لم يحرك المؤتمرنجية ساكنا ، علي هكذا فتاوى تكفيرية ... بل كانت كل هذه الفتاوى بايعاز من المؤتمرنجية !
في فبراير 2010م , اصدر المجلس العلمي لانصار السنة ، الممول من المؤتمر الوطني ، بياناً اكد فيه ان انتخاب اي علماني او امراة كفر صريح.
وفي فبراير 2010م اصدرت جماعة انصار الكتاب والسنة , الممولة من المؤتمر الوطني , بياناً اكدوا فيه ان حق تقرير المصير حرام ؟ والتداول السلمي للسلطة باطل ؟ وان الرئيس البشير هو الرئيس الشرعي والدائم لبلاد السودان ؟ ومن يقول بغير ذلك , وجب قتاله وقتله .
هذا البيان بايعاز من المؤتمرنجية .
ثم ان منبر السلام العادل الذي يقوده خال الرئيس البشير , وبمباركة الرئيس البشير , يدعو ليل نهار لاثارة الكراهية الدينية والعرقية والعنصرية ! ويدعو للعنف والحرب ضد الجنوبيين ؟ وافتي هذا المنبر بتجريم وتكفير كل من يؤيد او يتعاون مع الحركة الشعبية ؟ ولم يرفع الرئيس البشير سبابته ليوقف خاله عند حده .
( ملحوظة من الكاتب : كان لقاء الرئيس سلفاكير - امبيكي قبل مفاصلة الرئيس البشير مع خاله )
المؤتمرنجية كملوك البوربون ينسون , ولا يتعلمون من اخطائهم .
المؤتمرنجية يتصرفون معنا بعصبية منفرة , وبعدوانية غير عقلانية ، وبدون حساب للعواقب .
أرفض أن اكون اليتيم على مأدبة اللئام ، بانتظار رحمة الرب !
أرفض أن أحاكي الغريق الذي يتشبث بزبد البحر ؟
أرفض أن أحاكي الثور الذي يرميه (المتادور) او المصارع المؤتمرنجي بسيف علي كتفيه , ويترك السيف في الجرح ، ثم يرمي الثور بسيف اخر , ويتركه هناك ، ويظل يرميه بسيف , وراء سيف ، سيف , وراء سيف...الخ ، تاركاً كل هذه السيوف علي كتفي الثور الجريح ، إلى أن ينزف كل دمه , فتنهك قواه ثم يتهاوى على الارض ويموت !
أرفض ان أكون هذا الثور الغبي ؟
في افريقيا اختارت مصر وليبيا ويوغندا وكينيا وتنزانيا وجنوب افريقيا وبوتسوانا طواقم وعناصر سفاراتهم في جوبا , استعداداً لاعلان دولة جنوب السودان الجديدة ! وفي اروبا بدأت فرنسا وبريطانيا والمانيا في بناء مباني سفاراتهم في جوبا , لكي يكونوا علي اهبة الاستعداد عندما يعلن جنوب السودان استقلاله في التاسع من يوليو 2011م.
وكما تعرف جيدا , يا تابو ، فقد اكدنا من جانبنا لادارة اوباما , وكذلك لاسرائيل باننا في اياديهم الكريمة بعد استقلال دولة جنوب السودان !
مستعدون بل ندعو ونتوسل لاقامة رئاسة الافريكوم في جوبا !
مستعدون بل ندعو ونتوسل لاقامة قواعد عسكرية امريكية واسرائيلية في دولة جنوب السودان , كما الحال في القواعد العسكرية الامريكية في قطر ، البحرين ، الكويت ، الامارات ، السعودية ومصر.
طلبنا من القس فرانكلين جراهام ان يؤكد لادارة اوباما ولكل اللوبيات الصهيونية اننا طوع بنانهم , تمامأ كما مولانا الميرغني طوع بنان لواءات المخابرات المصرية , مقابل حمايتهم لنا من عدوان جلابة ومندكورو دولة شمال السودان العروبية - الاسلاموية !
طلبنا منه أن يقول للامريكان ان يأتوا ويستعمروننا ؟
طلبنا منه أن يقول للامريكان ان يأتوا و( ...... ) ؟
واهلاً وسهلاً باستعمارهم الامريكي - الصهيوني في دولة جنوب السودان النصرانية ؟
ايها العزيز تابو , انظر ماذا يحدث في جمهورية بلاد الصومال , التي انفصلت عن جمهورية الصومال , في سلام , رغم المخاوف الاقليمية والدولية . وقد جرت فيها أنتخابات رئاسية مطلع يوليو 2010 , للمرة الثانية علي التوالي , وفي هدؤ تام , وبتداول سلمي للسلطة بين الاحزاب السياسية المتصارعة ؟
وكذلك جمهورية بونتلاند انفصلت , هي الأخري عن جمهورية الصومال , في سلاسة وسلام .
والحال هكذا ... مع كل هذه السوابق الموجبة , والحية الماثلة أمامنا !