السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصير الجنوب في ميزان الأيام الأخيرة .. بقلم: هارون سليمان
نشر في سودانيل يوم 30 - 09 - 2010


بسم الله الرحمن الرحيم
إن حق تقرير مصير الشعوب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ليس أمرا غريبا في دنيا السياسة والقانون الدولي العام وكل من يرجع البصر كرتين إلى القانون الدولي العام يجد شرحا وافيا لمفهوم حق تقرير مصير الشعوب فهو حق مطلق للأمة للتعبير بحرية عن إرادتها ورغباتها في تقرير مصيرها وتحديد مستقبلها السياسي والاجتماعي عن طريق الاستفتاء خاصة في ظل وجود مجموعة من السكان يربطها وجود مشترك في إقليم ما وتخضع لسيطرة مجموعة أخرى لا تعترف بحقوقهم وتحرمهم من ممارسة حقوقهم المشروعة التي كفلها الأديان السماوية قبل المواثيق الدولية وفي ميثاق الأمم المتحدة ورد نص على تقرير المصير في المادة (1/2) والمادة (55) حيث أكدت هاتان المادتان على تقرير المصير للشعوب رغم إختلاف التفسير ثم تلا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادتها الأولى ليولد الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء وفي مادتها الثانية جعلت لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في الإعلان دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو البلاد أو أي وضع آخر دون أي تفرقة بين الرجال والنساء ، أما العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية فقد ورد في الجزء الأول : المادة الأولى : لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وفي المادة الثانية :لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
فحق شعب ما في إختيار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظله والسيادة التي يريد الانتماء إليها لا تشوبه شائب رغم تباين وجهات نظر فقهاء القانون الدولي وموقف الدول من تقرير المصير. إلا في نظر من يعتقد أن الإقليم وسكانه يعدان معا ملكا خاصا للحاكمين ( سلطة غير مقيدة بالقانون )
فإذا كان بعض الشعوب قد تمتعت بحقوقها مع وجود البشرية على ظهر هذه البسيطة وحظي بعضهم بحق تقرير المصير عام 1526 فلماذا كل هذا ....... في عام 2010م عند تقرير شعب الجنوب مصيرهم من طغيان الحاكم والطبقات المالكة للسودان وثرواته ؟
وإذا كان مزيجا من ثقافات وأجناس مختلفة تكونت بفعل عدة عوامل تراكمت على مر التاريخ في السودان ثم فشلنا في إدارة التنوع والحفاظ على أسباب التجانس وقرر البعض التحرر من الظلم والطغيان والاستعلاء العرقي والتمييز العنصري والفقر والمرض والجوع والموت الجماعي والجهل والأمية ... ففي هذه الحالة يحق لكل من يأنس في نفسه كفاءة الانفصال ممارسة حقه المكفول في القانون الدولي العام طالما مارس هذا الحق بالوسائل الودية والديمقراطية ( الاستفتاء ) وتحت إشراف الأمم المتحدة بل يحق لهم تقرير المصير بالكفاح المسلح أي تقرير المصير الثوري في حال رفض القوى المهيمنة على السلطة والثروة على هذا السبيل الودي وإنكار حقوق شعب الجنوب وغيرهم من الشعوب الباقية سجون إفريقيا الكبيرة .
إن حق تقرير المصير ليس من أهم الحقوق الجماعية فحسب وإنما أيضا لا يمكن الحديث عن حقوق المواطن أو الإنسان دون التمتع بهذا الحق والذي يشمل الحق في تحديد مستقبله السياسي ونظام الحكم الذي يوافقه وفي السيادة على ثرواته وموارده الطبيعية وحقه في اختيار الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية الملائمة و إقامة حكومة إقليمية مستقلة كاملة وفعلية على إقليمها والحق في استخدام كافة الوسائل المشروعة لتحقيق ذلك كما أصبح حق تقرير المصير أحد أهم المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي المعاصر ولا ينطوي على الجانب السياسي فقط بل يشمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
أسباب الانفصال :
1. انتهاج الحكومة المركزية في دولة ما لسياسة تمييز منتظمة بحق جماعة قومية ذات حجم لا يستهان به ضمن اراضيها .
2. وجود جماعة قومية متمايزة عن الجماعة السائدة لغويا وعرقيا وثقافيا وتاريخيا وتعيش في منطقة جغرافية مترابطة جغرافيا وتدعوا أغلبية هذه الجماعة إلى الانفصال .
3. إذا كان الانفصال حلا للمشاكل العالقة بين الطرفين وأن يسود السلام بينهما بعد الانفصال .
4. أن ترفض الحكومة المركزية الحلول السلمية مع الجماعة المعنية .
5. غياب التجانس بين مكونات الدولة وفشل إدارة التنوع العرقي والثقافي والاجتماعي .
وسائل ممارسة تقرير المصير :
1. الاستفتاء
2. البرلمان المنتخب للإقليم المطالب بالانفصال
3. قرار القيادة السياسية للإقليم المطالب بالانفصال
4. القرار الدولي
الاستفتاء :
هي عبارة عن ممارسة أو مبدأ يسمح لشعب دولة ما أن يعبر عن رأيه حول قضية معينة سواء كان لصالح هذه القضية أو ضدها .وهي وسيلة من الوسائل السلمية والديمقراطية لتسوية النزاعات السياسية .
أما الاستفتاء من أجل تقرير المصير : هو إجراء شكلي يتم من خلاله تسجيل وتوضيح رغبات أفراد الشعب في إقليم معين بشأن تحديد وضعه وتقرير مصيره .
ووفقا لاتفاق السلام الشامل الذي تم توقيعه بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان تم الاتفاق على إجراء استفتاء لتحديد الوضع القانوني لجنوب السودان بعد إنتهاء الفترة الانتقالية البالغة ست سنوات ( المادة 2 الفقرة 5 من الاتفاقية ) حيث جاء ما يلي :
At the end of six (6) year interim period there shall be an internationally monitored referendum , organized jointly by the GOS and the PLM/A , for the people of South Sudan to confirm the unity of Sudan by voting to adopt the system of government established under the peace agreement or to vote for secession .
متطلبات الاستفتاء :
1. موافقة الحكومة المركزية على إجراء الاستفتاء لتحديد المركز القانوني لأحد أقاليمها وتنظيمه بقانون صادر من السلطة التشريعية العليا في الدولة أو تثبيته مسبقا في الدستور أو صدور قرار دولي ينص على إجراء هذا الاستفتاء .
2. وجود حكومة منتخبة ديمقراطيا تعبر عن طبقات وفئات المجتمع
3. أخذ رأي مواطني الإقليم المعني فقط لا عموم سكان الدولة التي يشكل الإقليم المعني جزء منها سواء كان المواطنون يعيشون داخل الإقليم أو خارجه .
4. إجراء إحصاء نزيه ودقيق وتنظيم قوائم المصوتين
5. إجراء الاستفتاء على سؤال واحد وأن يتضمن الجواب أكثر من خيار واحد على أن يكون الانفصال وتكوين الدولة المستقلة أحدهما .
6. ضمان حق التصويت لكل من أكمل 18 سنة وحرية الإرادة وممارسة الحريات والحقوق الديمقراطية مثل حق التعبير والنشر والتنظيم وحق المواطنين في الاطلاع على كل وجهات النظر حول الوحدة والانفصال ...الخ
7. أن يكون التصويت حرا وسريا
8. لضمان نزاهة التصويت يجب أن يجرى الاستفتاء باشراف دولي أو مراقبة دولية
9. تنفيذ نتائج الاستفتاء بحسن النية والالتزام بحكم القانون ومنع بروز العنف والعنف المضاد
عقبات الاستفتاء :
1. تحديد الحدود الجغرافية للإقليم الذي يجرى فيه الاستفتاء
2. وجود الأقليات القومية والدينية في الإقليم المزمع إجراء الاستفتاء فيه ولا سيما إذا كانت لهذه الاقليات مشاكل مع الأغلبية القومية في الإقليم المعني
3. التغيير الديمغرافي لمناطق يسكنها شعب الإقليم الذي يطالب بتقرير المصير وفقا لسياسة أو خطة منتظمة
4. النظام الدستوري للدولة التي يشكل الإقليم المعني جزءا منها في حالة انضمام الإقليم إلى دولة أخرى
5. تعرض الناخبين في الإقليم المني للضغوطات الحكومية والإكراه بالتصويت بالضد من إرادتهم
6. مستوى وعي الشعب ودرجة نضوج الرأي العام ولا سيما في المجتمعات البدائية المتخلفة
معايير الدولة المستقلة :
1. أن يشكل هذا الشعب في الإقليم المعني الأكثرية السكانية
2. أن يكون هذا الشعب من السكان الدائمين في هذا الإقليم
3. أن تكون له حكومة قادرة على إدارة تصريف شؤونها الداخلية
4. أن تكون لها قابلية في إقامة العلاقات مع العالم الخارجي
5. أن يرغب هذا الكيان في أن ينتظم نفسه كدولة مستقلة
6. أن يكون هذا الكيان محبا للسلام والإستقرار
7. أن يقبل بالالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة
8. أن يكون قادرا على الوفاء بتنفيذ هذه الالتزامات
9. أن يكون راغبا في تنفيذ هذه الالتزامات
10. مساندة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لانفصال جزء من إقليم دولة معينة ومن ثم الاعتراف بها دوليا
تقرير مصير الجنوب :
حسب ما جاء في اتفاقية نيفاشا فإن تقرير المصير يأتي تتويج للتحول الديمقراطي بعد توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وإحداث تنمية معقولة في المناطق المتأثرة بالحرب تعزيزا لخيار الوحدة و تمهيدا لتكوين مفوضية مستقلة ومحايدة للانتخابات وصولا لاستفتاء حر ونزيه ليقول شعب الجنوب رأيه في خيارات الوحدة والانفصال ولكن للأسف الشديد لم يتم الإيفاء بمتطلبات التحول الديمقراطي المنشود فأصبحت وثيقة الحقوق في دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م حبرا على ورق وأصبحت الرقابة القبلية للصحف ومصادرتها وتعطيلها والقمع والقتل والتعذيب وإطلاق النار على المواكب السلمية والاعتقال التحفظي وتزوير الانتخابات في مراحلها المختلفة هي سيد موقف الممارسة السياسية الفعلية فذهب أموال النفط والإيرادات الأخرى إلى جيوب الحاكمين قسرا وتسليح الجيش والمليشيات تسليحا حديثا لقتل الموطنين وتشريدهم فتفشى الفقر والمرض والجوع وجفت مصادر الرزق وتفكك المجتمع والأسرة وانهارت قاعدة الخدمات الأساسية والبنية التحية فاختفى ثمار السلام وتحول الشريكين إلى منابر تشجيع الكراهية والفتنة فكانت منبر السلام العادل لأطيب مصطفى ودق طبول الانفصال في الجنوب فغابت دولة الموطنة والوحدة الجاذبة وما يعرف عامة الناس هو أن تقرير مصير الجنوب قد تم في يوم 9/1/2005 وما نحن فيه مجرد مناورات مضللة حيث استبدل المؤتمر الوطني هذا الجزء العزيز من وطننا بالسلطة والسلوى فليس أمام المؤتمر الوطني يومئذ سوى خيارين هما تضمين حق تقرير مصير الجنوب في الاتفاقية لتقسيم الوطن مقابل البقاء في السلطة أو ترك السلطة كرها .
حقنة كمال عبيد وانكشاف المستور :
كان في الماضي القريب تطلع الشعب السوداني والشعوب المحبة للسلام في كوكبنا إلى سلام يوقف نهر نزيف الدماء الذي استمر تدفقه كثيرا واليوم نجد النظرات الشاخصة تنظر إلى طبول الانفصال التي تدق في كل مكان من جنوبنا الحبيب فما من مشاهد لتلفزيون جنوب السودان sstv إلا وحكم على حتمية الانفصال حيث اقتربت اللحظة الحاسمة للاستفتاء على تقرير مصير الجنوب ليجعل المؤتمر الوطني من الطفل الجميل ( نيفاشا ) رجلا قبيحا تلحقه ألسنة اللعنة وبسببه تجرد شعب الجنوب في الخرطوم من حقوق المواطنة وإمتيازات البيع والشراء والوظيفة والأكل والشرب ومنع الحقنة من مستشفيات الخرطوم بعد التاسع من يناير 2011م وأتمنى آلا يصدق المتخصصين في مجال احتكار البضائع من التجار تصريحات كما عبيد فيقوموا بتخزين الحقن والأكل والشرب لبيعها في السوق السوداء للجنوبيين المحرومين مسبقا أو أن يشتهي تاجر لدكان جاره مجوك شول أو منزل بوب دول وميري أجاك في حارة ما وعلى أبناء الشمال الذين يتاجرون في الجنوب آلا يستعجلوا في تصفية محلاتهم التجارية فآدم ومجوك وهيثم وأوهاج الذين ضمهم النيل يصعب فصلهم في أيام وشهور أو بتصريحات المتوجسين .
قصة على كرتي والسيدين :
لم تقف الهزيمة النفسية لأقطاب المؤتمر الوطني عند تصريحات كمال عبيد بل لحقت لهيبها السيدين على لسان على كرتي عندما شن من بلا عم سام هجوما لاذعاًعلى أحزاب المعارضة واصفا اياها ب"العاجزة". وأضاف "الصادق المهدي ما بتضمنه لما تتفق معاه، ومحمد عثمان الميرغني كراع جوه وكراع بره". و"المهدي والميرغني اعطيناهما اموال للمشاركة في الإنتخابات، وما حدث هو أنهم كانوا يأخذون الأموال منا في الليل، ويهاجمون الإنقاذ في الصحف صباح اليوم التالي. (ديل سجمانين) ولكن رغم معرفة الكثيرين من أبناء الوطن لتاريخ السيدين وإسهامهما في ضياع السودان لا بد من إنصاف السيدين في هذا المكان ، فإذا كانت المرتشي في النار فالراشي أيضا لا بد أن يكتوي بلهيبها حتى ولو نجح الذي يمشي بينهما .
حاج ماجد سوار وبوابات أمام عربة الاستفتاء :
في إطار بحث الثغرات والحجج للتنصل من الاستفتاء خرج علينا حاج ماجد سوار أمين التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني ليضع شروط أمام الطلاق القادم عندما تكرر لهم نفس الأفعال التي فعل المؤتمر الوطني بالناس في الشمال ومن هذه الشروط :
1. انسحاب الجيش العشبي إلى المناطق المتفق عليها حسب اتفاق السلام الشامل
2. السماح لأعضاء المؤتمر الوطني والأحزاب الجنوبية الأخرى بالعمل في السياسي في الجنوب
3. بسط الحريات
4. التزام المجتمع الدولي بالحياد
5. دفع المانحين لمستحقات اتفاق السلام (4.5 مليار دولار )
الخلاصة:
1. إن السبب الرئيسي وراء لجوء أبناء الجنوب أو أي جزء من الوطن الحبيب لخيار الحرب و الانفصال هو تفشي الظلم وإحتكار السلطة والثروة عند القلة وترك الناس في جسر المعاناة وقتلهم وتشريدهم ونهب ممتلكاتهم وارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية والإبادة الجماعية وعدم اعتراف وجودهم كبشر وسوء إدارة التنوع وتقسيم السودانيين إلى حكام دائمين ومحكومين دائمين وغياب الحكم الراشد ودولة القانون والعنصرية والقبلية والجهوية وغيرها من السياسات الخاطئة التي مورست منذ الاستقلال إلى يومنا هذا.
2. إذا كانت فئة قليلة من الناس حكمت السودان في الفترة الماضية وتناوبت في جلب الحروب والكوارث و ضياع السودان وإيصاله إلى ما نحن عليه يجب في هذه المرحلة أن يعترفوا بأخطائهم وممارساتهم الخاطئة والتحرر من عقلية نحن الحكام وأنتم الرعية وأعطيناكم وعزلناكم وعيناكم ومن أنتم حتى ترفعوا صوتكم ....الخ
3. إن إستخدام الدين شبكة لاصطياد الدنيا والفتن القبلية وسياسات التجويع ونشر الأمية واستهداف الناس في تجارتهم واستخدام المال في نشر الرذيلة والفاحشة والمرض في المجتمع والترغيب والترهيب والرشوة السياسية وغيرها من السياسات التي مارست الفئة القليلة المحتكرة للسلطة خلال الفترة الماضية لإدارة السودان ما أضحت صالحة في زماننا هذا فالشعب السوداني أصبح يعرف جيدا الفرق بين الكوميديا والتراجيديا بفضل التعليم والتكنولوجيا والعولمة .
4. على حكام السودان آلا ينظروا إلى الدكتاتوريات الإفريقية والعربية ويقولوا لنا نحن أحسن حالا من الدولة الفلانية في الظلم وإنتهاك حقوق الإنسان بل يجب أن ينظروا إلى الدول التي نالت إستقلالها مع السودان في تاريخ واحد وتقدمت من خلال حكم القانون والعدالة والتنمية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ودولة المواطنة .
5. إن الميزانيات التي تخصص للدفاع والتسليح في كل عام بهدف ترهيب السودانيين وقتلهم وتشريدهم والأموال التي تبدد في راتب ونثريات الجيش الجرار من الوزراء والمستشارين والعيون والمخبرين كفيلة بأن تحدث التنمية والاستقرار فيا حكام الخرطوم اتقوا الله في وطنكم وشعبكم قبل أن تتهموا أمريكا وإسرائيل في نهب ثرواتنا فالنهب الذين نهبوا ثرواتنا في الفترة الماضية جميعهم من الجنسية السودانية .
6. كثيرة هي التكهنات حول مصير الجنوب هذه الأيام فمنا من يقول لقد قرب موعد تحررنا من الظلم والتمييز العنصري والفقر والجوع ومنا من يقول لماذا العودة للحرب بعد هذا الهدوء ومنا من يقول تحرروا ونحن من خلفكم ومنا من يقول يا المؤتمر الوطني خلى الولايات الجنوبية العشرة الجفلن وقبل الولايات الواقفات ومنا من يقول لقد تخلصنا من جرادة في جلباب الشمال ومنا من يقول دعنا نتحرر رغم الصعاب التي تواجهنا فالنوم في فروة بيت أمك خير من النوم في بيت آخر مفروشة ولكن ..........!
هارون سليمان : [email protected]
ماجستير دبلوماسية السلام والتنمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.