د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصير الجنوب في ميزان الأيام الأخيرة .. بقلم: هارون سليمان
نشر في سودانيل يوم 30 - 09 - 2010


بسم الله الرحمن الرحيم
إن حق تقرير مصير الشعوب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ليس أمرا غريبا في دنيا السياسة والقانون الدولي العام وكل من يرجع البصر كرتين إلى القانون الدولي العام يجد شرحا وافيا لمفهوم حق تقرير مصير الشعوب فهو حق مطلق للأمة للتعبير بحرية عن إرادتها ورغباتها في تقرير مصيرها وتحديد مستقبلها السياسي والاجتماعي عن طريق الاستفتاء خاصة في ظل وجود مجموعة من السكان يربطها وجود مشترك في إقليم ما وتخضع لسيطرة مجموعة أخرى لا تعترف بحقوقهم وتحرمهم من ممارسة حقوقهم المشروعة التي كفلها الأديان السماوية قبل المواثيق الدولية وفي ميثاق الأمم المتحدة ورد نص على تقرير المصير في المادة (1/2) والمادة (55) حيث أكدت هاتان المادتان على تقرير المصير للشعوب رغم إختلاف التفسير ثم تلا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادتها الأولى ليولد الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء وفي مادتها الثانية جعلت لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في الإعلان دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو البلاد أو أي وضع آخر دون أي تفرقة بين الرجال والنساء ، أما العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية فقد ورد في الجزء الأول : المادة الأولى : لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وفي المادة الثانية :لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
فحق شعب ما في إختيار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظله والسيادة التي يريد الانتماء إليها لا تشوبه شائب رغم تباين وجهات نظر فقهاء القانون الدولي وموقف الدول من تقرير المصير. إلا في نظر من يعتقد أن الإقليم وسكانه يعدان معا ملكا خاصا للحاكمين ( سلطة غير مقيدة بالقانون )
فإذا كان بعض الشعوب قد تمتعت بحقوقها مع وجود البشرية على ظهر هذه البسيطة وحظي بعضهم بحق تقرير المصير عام 1526 فلماذا كل هذا ....... في عام 2010م عند تقرير شعب الجنوب مصيرهم من طغيان الحاكم والطبقات المالكة للسودان وثرواته ؟
وإذا كان مزيجا من ثقافات وأجناس مختلفة تكونت بفعل عدة عوامل تراكمت على مر التاريخ في السودان ثم فشلنا في إدارة التنوع والحفاظ على أسباب التجانس وقرر البعض التحرر من الظلم والطغيان والاستعلاء العرقي والتمييز العنصري والفقر والمرض والجوع والموت الجماعي والجهل والأمية ... ففي هذه الحالة يحق لكل من يأنس في نفسه كفاءة الانفصال ممارسة حقه المكفول في القانون الدولي العام طالما مارس هذا الحق بالوسائل الودية والديمقراطية ( الاستفتاء ) وتحت إشراف الأمم المتحدة بل يحق لهم تقرير المصير بالكفاح المسلح أي تقرير المصير الثوري في حال رفض القوى المهيمنة على السلطة والثروة على هذا السبيل الودي وإنكار حقوق شعب الجنوب وغيرهم من الشعوب الباقية سجون إفريقيا الكبيرة .
إن حق تقرير المصير ليس من أهم الحقوق الجماعية فحسب وإنما أيضا لا يمكن الحديث عن حقوق المواطن أو الإنسان دون التمتع بهذا الحق والذي يشمل الحق في تحديد مستقبله السياسي ونظام الحكم الذي يوافقه وفي السيادة على ثرواته وموارده الطبيعية وحقه في اختيار الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية الملائمة و إقامة حكومة إقليمية مستقلة كاملة وفعلية على إقليمها والحق في استخدام كافة الوسائل المشروعة لتحقيق ذلك كما أصبح حق تقرير المصير أحد أهم المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي المعاصر ولا ينطوي على الجانب السياسي فقط بل يشمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
أسباب الانفصال :
1. انتهاج الحكومة المركزية في دولة ما لسياسة تمييز منتظمة بحق جماعة قومية ذات حجم لا يستهان به ضمن اراضيها .
2. وجود جماعة قومية متمايزة عن الجماعة السائدة لغويا وعرقيا وثقافيا وتاريخيا وتعيش في منطقة جغرافية مترابطة جغرافيا وتدعوا أغلبية هذه الجماعة إلى الانفصال .
3. إذا كان الانفصال حلا للمشاكل العالقة بين الطرفين وأن يسود السلام بينهما بعد الانفصال .
4. أن ترفض الحكومة المركزية الحلول السلمية مع الجماعة المعنية .
5. غياب التجانس بين مكونات الدولة وفشل إدارة التنوع العرقي والثقافي والاجتماعي .
وسائل ممارسة تقرير المصير :
1. الاستفتاء
2. البرلمان المنتخب للإقليم المطالب بالانفصال
3. قرار القيادة السياسية للإقليم المطالب بالانفصال
4. القرار الدولي
الاستفتاء :
هي عبارة عن ممارسة أو مبدأ يسمح لشعب دولة ما أن يعبر عن رأيه حول قضية معينة سواء كان لصالح هذه القضية أو ضدها .وهي وسيلة من الوسائل السلمية والديمقراطية لتسوية النزاعات السياسية .
أما الاستفتاء من أجل تقرير المصير : هو إجراء شكلي يتم من خلاله تسجيل وتوضيح رغبات أفراد الشعب في إقليم معين بشأن تحديد وضعه وتقرير مصيره .
ووفقا لاتفاق السلام الشامل الذي تم توقيعه بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان تم الاتفاق على إجراء استفتاء لتحديد الوضع القانوني لجنوب السودان بعد إنتهاء الفترة الانتقالية البالغة ست سنوات ( المادة 2 الفقرة 5 من الاتفاقية ) حيث جاء ما يلي :
At the end of six (6) year interim period there shall be an internationally monitored referendum , organized jointly by the GOS and the PLM/A , for the people of South Sudan to confirm the unity of Sudan by voting to adopt the system of government established under the peace agreement or to vote for secession .
متطلبات الاستفتاء :
1. موافقة الحكومة المركزية على إجراء الاستفتاء لتحديد المركز القانوني لأحد أقاليمها وتنظيمه بقانون صادر من السلطة التشريعية العليا في الدولة أو تثبيته مسبقا في الدستور أو صدور قرار دولي ينص على إجراء هذا الاستفتاء .
2. وجود حكومة منتخبة ديمقراطيا تعبر عن طبقات وفئات المجتمع
3. أخذ رأي مواطني الإقليم المعني فقط لا عموم سكان الدولة التي يشكل الإقليم المعني جزء منها سواء كان المواطنون يعيشون داخل الإقليم أو خارجه .
4. إجراء إحصاء نزيه ودقيق وتنظيم قوائم المصوتين
5. إجراء الاستفتاء على سؤال واحد وأن يتضمن الجواب أكثر من خيار واحد على أن يكون الانفصال وتكوين الدولة المستقلة أحدهما .
6. ضمان حق التصويت لكل من أكمل 18 سنة وحرية الإرادة وممارسة الحريات والحقوق الديمقراطية مثل حق التعبير والنشر والتنظيم وحق المواطنين في الاطلاع على كل وجهات النظر حول الوحدة والانفصال ...الخ
7. أن يكون التصويت حرا وسريا
8. لضمان نزاهة التصويت يجب أن يجرى الاستفتاء باشراف دولي أو مراقبة دولية
9. تنفيذ نتائج الاستفتاء بحسن النية والالتزام بحكم القانون ومنع بروز العنف والعنف المضاد
عقبات الاستفتاء :
1. تحديد الحدود الجغرافية للإقليم الذي يجرى فيه الاستفتاء
2. وجود الأقليات القومية والدينية في الإقليم المزمع إجراء الاستفتاء فيه ولا سيما إذا كانت لهذه الاقليات مشاكل مع الأغلبية القومية في الإقليم المعني
3. التغيير الديمغرافي لمناطق يسكنها شعب الإقليم الذي يطالب بتقرير المصير وفقا لسياسة أو خطة منتظمة
4. النظام الدستوري للدولة التي يشكل الإقليم المعني جزءا منها في حالة انضمام الإقليم إلى دولة أخرى
5. تعرض الناخبين في الإقليم المني للضغوطات الحكومية والإكراه بالتصويت بالضد من إرادتهم
6. مستوى وعي الشعب ودرجة نضوج الرأي العام ولا سيما في المجتمعات البدائية المتخلفة
معايير الدولة المستقلة :
1. أن يشكل هذا الشعب في الإقليم المعني الأكثرية السكانية
2. أن يكون هذا الشعب من السكان الدائمين في هذا الإقليم
3. أن تكون له حكومة قادرة على إدارة تصريف شؤونها الداخلية
4. أن تكون لها قابلية في إقامة العلاقات مع العالم الخارجي
5. أن يرغب هذا الكيان في أن ينتظم نفسه كدولة مستقلة
6. أن يكون هذا الكيان محبا للسلام والإستقرار
7. أن يقبل بالالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة
8. أن يكون قادرا على الوفاء بتنفيذ هذه الالتزامات
9. أن يكون راغبا في تنفيذ هذه الالتزامات
10. مساندة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لانفصال جزء من إقليم دولة معينة ومن ثم الاعتراف بها دوليا
تقرير مصير الجنوب :
حسب ما جاء في اتفاقية نيفاشا فإن تقرير المصير يأتي تتويج للتحول الديمقراطي بعد توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وإحداث تنمية معقولة في المناطق المتأثرة بالحرب تعزيزا لخيار الوحدة و تمهيدا لتكوين مفوضية مستقلة ومحايدة للانتخابات وصولا لاستفتاء حر ونزيه ليقول شعب الجنوب رأيه في خيارات الوحدة والانفصال ولكن للأسف الشديد لم يتم الإيفاء بمتطلبات التحول الديمقراطي المنشود فأصبحت وثيقة الحقوق في دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م حبرا على ورق وأصبحت الرقابة القبلية للصحف ومصادرتها وتعطيلها والقمع والقتل والتعذيب وإطلاق النار على المواكب السلمية والاعتقال التحفظي وتزوير الانتخابات في مراحلها المختلفة هي سيد موقف الممارسة السياسية الفعلية فذهب أموال النفط والإيرادات الأخرى إلى جيوب الحاكمين قسرا وتسليح الجيش والمليشيات تسليحا حديثا لقتل الموطنين وتشريدهم فتفشى الفقر والمرض والجوع وجفت مصادر الرزق وتفكك المجتمع والأسرة وانهارت قاعدة الخدمات الأساسية والبنية التحية فاختفى ثمار السلام وتحول الشريكين إلى منابر تشجيع الكراهية والفتنة فكانت منبر السلام العادل لأطيب مصطفى ودق طبول الانفصال في الجنوب فغابت دولة الموطنة والوحدة الجاذبة وما يعرف عامة الناس هو أن تقرير مصير الجنوب قد تم في يوم 9/1/2005 وما نحن فيه مجرد مناورات مضللة حيث استبدل المؤتمر الوطني هذا الجزء العزيز من وطننا بالسلطة والسلوى فليس أمام المؤتمر الوطني يومئذ سوى خيارين هما تضمين حق تقرير مصير الجنوب في الاتفاقية لتقسيم الوطن مقابل البقاء في السلطة أو ترك السلطة كرها .
حقنة كمال عبيد وانكشاف المستور :
كان في الماضي القريب تطلع الشعب السوداني والشعوب المحبة للسلام في كوكبنا إلى سلام يوقف نهر نزيف الدماء الذي استمر تدفقه كثيرا واليوم نجد النظرات الشاخصة تنظر إلى طبول الانفصال التي تدق في كل مكان من جنوبنا الحبيب فما من مشاهد لتلفزيون جنوب السودان sstv إلا وحكم على حتمية الانفصال حيث اقتربت اللحظة الحاسمة للاستفتاء على تقرير مصير الجنوب ليجعل المؤتمر الوطني من الطفل الجميل ( نيفاشا ) رجلا قبيحا تلحقه ألسنة اللعنة وبسببه تجرد شعب الجنوب في الخرطوم من حقوق المواطنة وإمتيازات البيع والشراء والوظيفة والأكل والشرب ومنع الحقنة من مستشفيات الخرطوم بعد التاسع من يناير 2011م وأتمنى آلا يصدق المتخصصين في مجال احتكار البضائع من التجار تصريحات كما عبيد فيقوموا بتخزين الحقن والأكل والشرب لبيعها في السوق السوداء للجنوبيين المحرومين مسبقا أو أن يشتهي تاجر لدكان جاره مجوك شول أو منزل بوب دول وميري أجاك في حارة ما وعلى أبناء الشمال الذين يتاجرون في الجنوب آلا يستعجلوا في تصفية محلاتهم التجارية فآدم ومجوك وهيثم وأوهاج الذين ضمهم النيل يصعب فصلهم في أيام وشهور أو بتصريحات المتوجسين .
قصة على كرتي والسيدين :
لم تقف الهزيمة النفسية لأقطاب المؤتمر الوطني عند تصريحات كمال عبيد بل لحقت لهيبها السيدين على لسان على كرتي عندما شن من بلا عم سام هجوما لاذعاًعلى أحزاب المعارضة واصفا اياها ب"العاجزة". وأضاف "الصادق المهدي ما بتضمنه لما تتفق معاه، ومحمد عثمان الميرغني كراع جوه وكراع بره". و"المهدي والميرغني اعطيناهما اموال للمشاركة في الإنتخابات، وما حدث هو أنهم كانوا يأخذون الأموال منا في الليل، ويهاجمون الإنقاذ في الصحف صباح اليوم التالي. (ديل سجمانين) ولكن رغم معرفة الكثيرين من أبناء الوطن لتاريخ السيدين وإسهامهما في ضياع السودان لا بد من إنصاف السيدين في هذا المكان ، فإذا كانت المرتشي في النار فالراشي أيضا لا بد أن يكتوي بلهيبها حتى ولو نجح الذي يمشي بينهما .
حاج ماجد سوار وبوابات أمام عربة الاستفتاء :
في إطار بحث الثغرات والحجج للتنصل من الاستفتاء خرج علينا حاج ماجد سوار أمين التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني ليضع شروط أمام الطلاق القادم عندما تكرر لهم نفس الأفعال التي فعل المؤتمر الوطني بالناس في الشمال ومن هذه الشروط :
1. انسحاب الجيش العشبي إلى المناطق المتفق عليها حسب اتفاق السلام الشامل
2. السماح لأعضاء المؤتمر الوطني والأحزاب الجنوبية الأخرى بالعمل في السياسي في الجنوب
3. بسط الحريات
4. التزام المجتمع الدولي بالحياد
5. دفع المانحين لمستحقات اتفاق السلام (4.5 مليار دولار )
الخلاصة:
1. إن السبب الرئيسي وراء لجوء أبناء الجنوب أو أي جزء من الوطن الحبيب لخيار الحرب و الانفصال هو تفشي الظلم وإحتكار السلطة والثروة عند القلة وترك الناس في جسر المعاناة وقتلهم وتشريدهم ونهب ممتلكاتهم وارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية والإبادة الجماعية وعدم اعتراف وجودهم كبشر وسوء إدارة التنوع وتقسيم السودانيين إلى حكام دائمين ومحكومين دائمين وغياب الحكم الراشد ودولة القانون والعنصرية والقبلية والجهوية وغيرها من السياسات الخاطئة التي مورست منذ الاستقلال إلى يومنا هذا.
2. إذا كانت فئة قليلة من الناس حكمت السودان في الفترة الماضية وتناوبت في جلب الحروب والكوارث و ضياع السودان وإيصاله إلى ما نحن عليه يجب في هذه المرحلة أن يعترفوا بأخطائهم وممارساتهم الخاطئة والتحرر من عقلية نحن الحكام وأنتم الرعية وأعطيناكم وعزلناكم وعيناكم ومن أنتم حتى ترفعوا صوتكم ....الخ
3. إن إستخدام الدين شبكة لاصطياد الدنيا والفتن القبلية وسياسات التجويع ونشر الأمية واستهداف الناس في تجارتهم واستخدام المال في نشر الرذيلة والفاحشة والمرض في المجتمع والترغيب والترهيب والرشوة السياسية وغيرها من السياسات التي مارست الفئة القليلة المحتكرة للسلطة خلال الفترة الماضية لإدارة السودان ما أضحت صالحة في زماننا هذا فالشعب السوداني أصبح يعرف جيدا الفرق بين الكوميديا والتراجيديا بفضل التعليم والتكنولوجيا والعولمة .
4. على حكام السودان آلا ينظروا إلى الدكتاتوريات الإفريقية والعربية ويقولوا لنا نحن أحسن حالا من الدولة الفلانية في الظلم وإنتهاك حقوق الإنسان بل يجب أن ينظروا إلى الدول التي نالت إستقلالها مع السودان في تاريخ واحد وتقدمت من خلال حكم القانون والعدالة والتنمية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ودولة المواطنة .
5. إن الميزانيات التي تخصص للدفاع والتسليح في كل عام بهدف ترهيب السودانيين وقتلهم وتشريدهم والأموال التي تبدد في راتب ونثريات الجيش الجرار من الوزراء والمستشارين والعيون والمخبرين كفيلة بأن تحدث التنمية والاستقرار فيا حكام الخرطوم اتقوا الله في وطنكم وشعبكم قبل أن تتهموا أمريكا وإسرائيل في نهب ثرواتنا فالنهب الذين نهبوا ثرواتنا في الفترة الماضية جميعهم من الجنسية السودانية .
6. كثيرة هي التكهنات حول مصير الجنوب هذه الأيام فمنا من يقول لقد قرب موعد تحررنا من الظلم والتمييز العنصري والفقر والجوع ومنا من يقول لماذا العودة للحرب بعد هذا الهدوء ومنا من يقول تحرروا ونحن من خلفكم ومنا من يقول يا المؤتمر الوطني خلى الولايات الجنوبية العشرة الجفلن وقبل الولايات الواقفات ومنا من يقول لقد تخلصنا من جرادة في جلباب الشمال ومنا من يقول دعنا نتحرر رغم الصعاب التي تواجهنا فالنوم في فروة بيت أمك خير من النوم في بيت آخر مفروشة ولكن ..........!
هارون سليمان : [email protected]
ماجستير دبلوماسية السلام والتنمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.