انتهت معمعة إبيي وانفض السامر ورقص أهلنا دينكا نقوك في شوارع مدينة إبيي المخضرة طرباً وحق لهم أن يفرحوا ويرقصوا فهنيئاً لهم بهذا وهنيئاً لهم بأبنائهم النجباء أمثال الأستاذ والوزير دينج اللور- أحمد اللار سابقاًُ عندما كانت العلاقات الميسيرية والدينكاوية سمن على عسل – والدكتور لوكا بيونق دينج – لاعب السلة الماهر في كادقلي الثانوية ( تلو سابقاً) حيث كنا أبناء دفعة -. وبالر جوع بالذاكرة إلى 1905 من حيث اقتطاع جزء من بحر الغزال وإضافتها إلى كردفان وهو زعم غير حقيقي فقد تم تخييرهم بين تبعيتهم إدارياً فاختاروا كردفان حينها والمهم أنه لم تكن هنالك ارض قد أقتطعت من بحر الغزال وأضيفت إلى كردفان فهذا محض إفتراء. هذه المعلومات وغيرها الكثير جداً قام الأخ الدكتور آدم بريمة الحريكة وآخرون بمدها للأستاذ علي عثمان بنيفاشا ليبنى عليها النقاش والجدل وليكونوا على بينة من الأمر ولكننا كأبناء مسيرية بعيدين في أصقاع الدنيا فوجئنا بمعطيات نيفاشا وكيف أن النائب الأول حينها لم يقف المواقف القوية التي كنا نتوقعها بجانب الميسيرية وهم الذين غرر بهم في حرب الجنوب وذلك بإستغلال الجهل المتمكن في المسيرية وعدم معرفتهم بمصالحهم بوعي وتبصرفحاربوا بالوكالة وخسروا جانب أهلهم الدينكا . وفوجئنا أكثر بصمت أبناء الميسيرية المصاحبين لوفد نيفاشا وصمتهم المريب ورضاهم – وكما قيل السكات رضا - التام عن نيفاشا وإلا كان عليهم أن يوضحوا هذا الرفض والوسائل عدة ولن يعدموها إن هم تجردوا لمصلحة أهلهم ومنطقتهم ولكن هيهات هيهات . وبرجوعنا إلى نجاحات الحركة فتمثل أولاً بإصرارها على أن يتنازل المؤتمر الوطني عن حدود 1956 وهذا هو حق الشعب السوداني فكيف تسنى للمؤتمر الوطني بالتنازل عن حدود دولية معترف بها حتى بين الدول في النزاعات الدولية فإنه لأمر محير وصعب علينا نحن شعب الميسيرية أن نفهمه مهما كانت الضغوط الدولية أو قوة الحركة الشعبية العسكرية حينها فالحق حق مهما كانت قوة المؤثرات الخارجية فلقد سمعنا بالعصي الغليظة التي لوحت بها كل من أمريكا وبريطانيا وكما سمعنا بالتنازلات التي قدمتها الحركة مثل تنازلها عن مطلب تطبيق الشريعة في الخرطوم مقابل قبول الخرطوم بإدراج مشروع إبيي والتنازل عن حدود 1956 . ولاندري لماذا تم إستبدال دكتور غازي صلاح الدين وهو المتمسك بحدود 1956 بعلي عثمان محمد طة وهو الذي علي يديه جاءت كل هذه التنازلات ولاندري أكانت هذه التنازلات علي علم ودراية منه فهذه هي المصيبة وإن كانت علي غفلة وجهل فالمصيبة أكبرعندئذ . ومع إخفاقات الحكومة المتكررة في هذا الملف ولكننا نرمي باللوم على أبنائنا داخل أضابير المؤتمرالوطني وذلك بعدم وقفتهم القوية في وجه النافذين من رجالات المؤتمرالوطني وكما يقول مثلنا الشعبي – الدار بيموتوا فيها سيادها -. فا لمؤتمر الوطني له حساباته الخاصة التي تؤدي لإطالة بقائه في السلطة وهذا حقه ولكن كان على أبناء الميسيرية داخل هذا الكيان أن يقاتلوا من أجل منطقتهم وأهلهم وأن أدي هذا للصدام مع رؤسائهم ولا يؤثروا مصالحهم الخاصة وإلتزامهم الحزبي علي مصلحة شعبهم ولهم المثل الحي في أبناء الدينكا واللذين لم تنجح معهم كل الإغراءات لإثنائهم عن هدفهم حتي تحقق لهم كاملاً وزيادة وهم يعلمون أن الأراضي التي آلت إليهم بموجب لجنة التحكيم الظالمة سالفاً وقرارمحكمة لاهاي اللاحق والذي اقتطع أرض الميسيرية وسلمها في طبق من ذهب إلي الجنوب والذي عجز مقاتلوه أن يجدوا موطأ للقدم في تلك الديار طيلة حربين طويلتين دارت بين الجنوب والشمال. ويعلم يقيناً مثقفي الدينكا أنهم لم يحلموا بأن تكون كل من – الدواس / سبو / فول / الجنقاي / سيدنا / شقي / الدمبلوية / أمانتيك / دفره وتبلدية عزوزة – تبعاً لإبيي ولكنها غفلة أبنائتا النافذين في المؤتمر الوطني اللذين لم ينبسوا ببنت شفة وهم يروا رأي العين تنازل المؤتمر الوطني عن حقوق أهلهم وديارهم وآثروا الصمت المريب علي قرار أغنية ترباس – حاجات كتيرة حامياني – أما النجاح الثاني الذي ينسب إلي الحركة وأبناء إبيي هو الموافقة من جانب الشريكين بإعطاء لجنة الخبراء التفويض الكامل بالتقرير في مصير المنطقة دون وضع شرط ملزم وواضح يحجم سلطاتهم. أعطت الحكومة الموافقة بأن قرار لجنة الخبراء نهائي عند اختلاف الشريكين في تحديد المنطقة التي اقتطعت من بحر الغزال- زعماً - وأضيفت إلي كردفان عام 1905 . علما بأن التوصية تشيرعلى لجنة الخبراء بتحديد تلك المنطقة وأن قرارهم نهائي – بهذه الهلامية - وهنا وقع الخطأ الفادح الذي لم يستدركه فطاحله المؤتمر الوطني بأنهم لم يضعوا شرط تحديد المنطقة أولاً كأساس يبني عليه القرار النهائي وإلا فلا قرار نهائي ولا إلزام له. وللإيضاح فقد كان يجب أن يكون منطوق المكتوب هكذا (( يكون قرار لجنة التحكيم نهائي عند التزام المحكمون بتحديد المنطقة المناط بهم تحديدها وهي تلك التي أضيفت إلي كردفان عام 1905 وإذا لم تحدد منطقة النزاع فلا قرار ولا إلزامية بالضرورة )) ولكن بحسن نية أو بجهل نالت لجنة الخبراء الأجانب شيكاً علي بياض { وهو أن عليهم أن يحددوا ً المنطقة المتنازع عليها وعليهم أن يقرروا بأمرها وقرارهم نهائي وملزم هكذا دون قيد أو شرط واضح وملزم يجب الوقوف عنده. ولأنه و ربما أن مفاوض الحكومة قد مل جلسات المفاوضات الطويلة أو لضغوط خارجية قوية لانعلمها أو لأن الأمر بالنسبة له ليس بذات الأهمية – كما قال الفريق(م) ووالي الشمالية الحالي الهادي عبد اللة يوماً بالدوحة عن إبيي ماهي إلا أكشاك- أي لاقيمة لها فلم الهيصة والبكاء والتباكي عليها. ولأن أبنائنا الذين حضروا المفاوضات كانوا جوقة لايعتد برأيهم أو أنهم لايدرون ماهية طبيعة مهمتهم وأنهم في مفاوضات قد أعد لها الطرف الأخر كل عدته وجاءوا هم بحسن النوايا وكان ما كان من مهزلة لجنة الخبراء الذين عرفوا هذه الثغرة القانونية فاستثمروها أيما استثمار وهم اللذين أصلاً لا حياد لهم وشربنا نحن شعب الميسيرية هذا المقلب بسبب عدم حنكة المفاوضين وهرولتهم لإنهاء التفاوض وعدم كفاءة ممثلي الميسيرية مقارنة بفطاحلة ممثلي دينكا نقوك الذين إنطبق عليهم المثل_ علمته الرماية فلما إشتد ساعده رماني -. أما النجاح الثالث فهو الذهاب إلي لاهاي بتلك الشروط التي أملوها علي الحكومة – وهو أن تبت المحكمة فى صحة أو خطأ قرار لجنة الخبراء المختلف عليه . ولاندري ثانيةً كيف فات علي الحكومة أن الذهاب تحت هذا الشرط يعطي الحركة النصيب الأعلى من حظوظ الحكم وهو ماحصل دون أن تستفيد الأخيرة من الخطأين السابقين – ضربتين في الرأس بيوجعوا – والأهم من هذا كله فما كان للحكومة أصلاً أن تذهب إلي محكمة لاهاي في شأن داخلي فهذه المحكمة هي محكمة للفصل بين النزاعات الدولية وليس للنزاعات الداخلية وبذهابها فقد اعترفت ضمناً بدولة الجنوب التي لامحالة منفصلة رغم الدواعي الظاهرة للوحدة من الجانبين بادئ الأمر قبل أن يكشر Silver عن أنيابه. فبعد أن رضخت الحكومة للذهاب ولا ندري لماذا؟ فكان عليها أن تذهب بشرط إعادة التحكيم تحت الصيغة اللغوية المحكمة التي أشرنا إليها آنفاً وأن تبدأ إجراءات التحكيم من الألف إلى الياء . ولعدم الحنكة التفاوضية فقد فقدنا المناطق المشار إليها أعلاه ويعلم أخوتنا دينكا نقوك أنها ليست لهم ولكنهم ربحوها بمهاراتهم العالية في المفاوضات وبالتعاطف الدولي الذي لايخفي علي ذي بصيرة . تلك المناطق التى آلت إلى حدود إبيي هي مناطق سكن دائمة للميسيرية وبموجب إتفاق نيفاشا فلهم الحق فى التصويت لتقرير مصير المنطقة – يحق لدينكا نقوك والمواطنين المقيميين التصويت لتقرير مصير المنطقة – وبموجب قرار لاهاي والحدود الجديدة فالميسيرية الآن مقيمون ولهم حق التصويت . ونحن مع النتيجة فإن آلت المنطقة إلي كردفان أم خيراً جوه وبره فنحن جميعاً منها ولها وإن آلت إلي الجنوب فلا يضيرنا نحن الميسيرية أن يكون نصفنا فى دولة جنوب السودان والنصف الآخر في دولة شمال السودان وهو وضع أحبذه أنا شخصياً لأنه سوف يريحنا كثيراً من حالة المد والجذر التي نحن فيها وقد عشنا مع إخوتنا نقوك مئات السنين ولم تشب علاقاتنا شائبه إلا بعد أن خربها الساسة من الطرفين وبهذا نبتعد بمنطقتنا عن صراع الأفيال الجنوبي/شمالي وليعتركوا في معترك آخر إن أرادوا ونرجو ألا يتم ذلك. وخاتمة القول فنحن الميسيرية لا نريد مزيداً من الإقتتال لأن مصالحنا الحقيقية تتجه جنوباً وليس شمالاً ولكننا نريد سوداناً موحداً ونحترم رغبة الغير عن أراد إنفصالاً ونريد العيش بسلام ونريد أن نفكر لأنفسنا لا أن يفكروا لنا ونريد الاستقرار لا الترحال الذي أقعد بنا ولكي نلحق بالركب الذي تخلفنا عنه كثيراً ونناشد أبناءنا في كل المواقع وبمختلف الانتماءات أن يتساموا فوق المصالح الشخصية ويرتفعوا إلي مستوي المسئولية تجاه منطقتهم وأهلهم. ونرجوا من قادتنا ان يفطنوا لحيل المؤتمر الوطني ولاينقادوا له دون تبصر وان لا يدقوا طبول الحرب كما صرح الأمير مختار بابو نمر وله إرث تليد من والده الزعيم بابو نمر فعليه أن يستعمل الحكمة لنتعايش مع إخوتنا نقوك. الحكمة تقتضي أن نتجه جنوباً بفكرنا وعواطفنا كما علينا أن نكسب أخواننا أبناء جبال النوبة فهم ظهرنا وسندنا. اللهم أشهد فقد بلغت. رائد(م) مهندس حسين عبد الرازق بدوي