حديث اليوم ليس حديث قلنا وقالوا ، بل حُسن الكلام وأصدقه ، نسديه لقوم كانوا ومازالوا عمين .. بل لأطراف اسدينا لهم النصح ولكن لا يحبون الناصحين ،، ومصيبتنا معهم اننا شركاء في المآل وفي المصير ،، بل وجمعتنا معهم محنة دارفور العصية التي لا تسأل طفلاً في البسيطة الا وسمع لها همسا ، نفس الناس ونفس الوجوه جمعتنا معهم مؤتمرات عدة ، بدءاً بلقاء ابيشي وانجمينا ومروراً بدهاليز سرت الليبية ، وأروشا التنزانية ، وأبوجا نيجريا وغيرها مما لا تطيق النفس اجترار ذكراها الأليمة ، بل وانتهاء بمحادثات الدوحة في قطر التي قالوا أنها الأخيرة ، وما أكثر هذه الأخيرات التي سمعناها ، وعهداً سيكون في آذاننا وقرٌ من سماع أخرىً ثانية ، تكون آخر الأخريات . وقد يسأل سائل لماذا ؟ لتأتي الاجابة هذه المرة من عمق دارفور ، وعلى لسان من وطئوا الجمرة سنين عجاف ، وضاقوا ذرعاً بعبث الكلام غير المجدي .. اجابة لا نستطيع فهمها حتى نحن الذين نتحدث باسمهم .. ناهيك عن جلاديهم الكُثر الذين خلقوا المحن والكوارث وعاثوا في أرض دارفور فسادا .. اجابة في عبارة واحدة ، أتركوا العبث وابحثوا عن آليات جديدة .. ولكن أي آليات تلك ؟ اعتقد أنها الآليات التي رأينا ضرورتها في مقالنا السابق ، نعم أن الثورة في دارفور في أمس الحاجة اليها لضرورات الظرف . الحكومة المفلوقة من أطرافها الأربعة لا زالت تناور وتستخدم التكتيكات المختلفة بغية ايهام الناس بأنها قوية وتستطيع سحق من اعتقدت انهم ضَعِفوا وبأن لا حول للعظم ولا قوة في النفس ، أو هكذا فهم مفاوضونا في الدوحة .. نفاوض أناساً وكلامنا معهم حديث طرشان ، يماروننا في الحق الذي نراه أمامنا رأي العين ينظرون الى المطالب التي طرحناها بمنظور من يعطي عطاءاً غير مجذوذ ، ولعمري أننا نراها حقوقاً تنتزع ، اذ لسنا بأطفال خلاوي يمُنَّ علينا سُراق قوت الشعب ، وآكلوا أموال السحت .. ممن أفرطوا في حق الوطن الذي بسببهم قد يصبح شتاتأً كل جزء من لحمه أجزاء . جريمة أخرى يقترفونها في حق هذا الوطن الغالي ، ولكن الى من يُشتكى عنت الليالي الى العباس أم عبد الحميد ؟ ومع ذلك كان حري بنا تحمل إيذائهم ، وعفن قولهم ، ووخزاتهم التي بها يريدوننا صغاراً وقد بلغ بنا الكبر عتياً ، عمراً وفهماً ... نعم لن نصغر أمام الوسطاء مهما تفعلون لأننا أصحاب قضية ، فعنتريات دهاليز التفاوض لا تجدي نفعاً ، وقد جربناكم في ساحات الوغى التي ان اردتم العودة عدنا . وعلى مفاوضينا التحلي بالصبر ، لأن التفاوض قد اختلف الآن عما كان ذي قبل .. من قبل كنا نفاوض فقط من أجل استحقاقات السلام ، ولكننا الآن نواجه ضياع وطن ، اذ لو لم يأت السلام في دارفور ، فعلى السودان السلام .. اذن اصبح الهم همان ، استحقاقات السلام ومحاولة الحفاظ على انفراط عقد السودان وعروته الوثقى التي لولاهم لما انفصمت . نعود مرة أخرى لنقدم النصح للمرة الأخيرة ، هاتوا استحقاقات السلام كاملة غير منقوصة ، علنا ننقذ الوطن من هذا المطب الصعب ... عسى أن تجعل دارفور الوحدة جاذباً ، ويقيننا أن انفضاض منبر الدوحة من دون سلام عادل وشامل ، نذير شؤم للوطن لأن دارفور ستأتي المرة القادمة بما يهيب ويرعب ، ففي النفس الدارفورية ما بعد الدوحة ما لايستطيع الوطن تحمله ... تلك نصيحتنا لكم على الرغم من أنكم لا تحبون الناصحين .. وفي اللغط تائهون ، بل وتحبون السير في الضباب ، ومع ذلك عشمي أن يكون فيكم رجل رشيد ! عبد المجيد دوسة المحامي رئيس ملف العدالة والمصالحات حركة / جيش التحرير والعدالة