ليس من المعقول أن يحاول الانقاذيون ادخال قضية دار فور العادلة في هذا المطب الصعب ، وقد أدخلوها بالفعل ، العالم كله محتار أين القضية ؟ من سرقها ؟ أين أبناؤها الذين كانوا بالأمس اكثر تمسكاً بما أسموها قضية السودان في دارفور ، ألم تر أنها تراجعت من قضية للسودان في تلك البقعة الى قضية اقليم فحسب ! بل وحتى مطلب الاقليم أصبح عصيّاً على الثوار الحصول عليه .. يوم احتدم الجدال حول مسألة لا تحتاج الى مراء ،، دار فور عاشت اقليماً موحداً لقرون حتى جزأتها الأيدي التي تريد خراب البيت السوداني ، بتفتيته الى كنتونات صغيرة يسهل السيطرة عليها ، ثم الى ذرات متناهية الصغر يصعب من خلالها رؤية دولة اسمها السودان في خارطة العالم ! كل هذا التدبير واضح وضوح الشمس الشمس في رائعة النهار ، ولكن ما الغرض من هذا ؟ يبدو أنه محاولة أخيرة لتغطية الجرائم الكثيرة بغربال افتعال الأزمات . الدول الكبيرة صاحب الأمر والنهي والتي بيدها 99% من مفاتيح حل كل البلاد كما قال السادات رئيس مصر في السبعينات من القرن المنصرم لا تريد أن ترى دولة في حجم السودان (مليون ميل مربع أو يزيد ) خاصة وأن بوادر خيرها من ثروات نفطية قد بدأت تباشيرها ، بها يمكن أن يطور السودان ثرواته الزراعية بشقيها الحيواني والنباتي ، وكذلك ثرواتها المعدنية ويفجر ينابيعها وأحواضها المائية المستورة في أعماق الأرض .. ثم من يدري قد يغريها الحال الى محاولة بناء قوة عسكرية كبيرة سيما وأن تعداد سكانها فاق الأربعين مليون نسمة ، حتى لا تصبح بلاد السودان قوة عسكرية واقتصادية ضاربة في المنطقة وتعتدي على جيرانها لتخلق أزمة أخرى كما فعل الرئيس العراقي السابق صدام الذي طغى وتجبر في البلاد وأصبح ينظر يمناً ويسراً حتى اضطر الخواجات الى ركوب الصعاب وهزيمته والتخلص منه .. كل هذه الأمور واردة في ذهن القوى الكبرى التي لا تود أن ترى تفجر ينابيع البترول الا في الدولة القزمية ، الصغيرة الحجم والقليلة التعداد . ولكن هل الانقاذيون أيضاً يريدون هذا الاتجاه ؟ هم يريدون أن تكون خيرات البلاد لزمرتهم ، بترول الجنوب يطوعون بها العصاة المارقين ، ذهب الشرق يغسلون به أموال السُّحت بمقابل ، أرض دارفور البكر يريدونها من غير سكان ... حتى لا يذهبن أحد بطريقتهم المثلى وحكمهم الرشيد ! وقد ظنوا أنه لن يبور يوما . طلاسم وأسئلة يصعب الاجابة عليها .. سألني أحد المراقبين في مفاوضات الدوحة لماذا يرفض بعض أبناء دارفور وحدة الاقليم ، هذا السؤال ما كان يرد في ذهن هذا الغريب ، ولكن لأن أغلبية المفاوضين من طرف الحكومة ممن أكثروا الجدال حول الاقليم الواحد كان من أبناء دارفور ، وحيث أنه ليست هناك اجابة تقال ، تخارجت منه بالقول ( سيفهمون يوما أن الوحدة أفضل من التمزق الى كنتونات صغيرة) . وعلى الذين لا يريدون وحدة الاقليم ولا وحدة أهلها تقع عبء الاجابة عن الضير الذي لحقهم ويلحقهم ، وقد كنا كذلك لقرون مضت ؟ علينا نحن أبناء دارفور أن نهمس الى انفسنا ولو لمرة واحدة .. لنعرف الصالح من الطالح اذ يستحيل أن نصفق لكل ما تقوله الحكومة .. الحكومة قالت نفتت الاقليم نحن معها ، نجمع الاقليم نحن معها ، نسحق المعسكرات نكون أول الهتافة .. نعمل استراتيجية جديدة نكون اول المصفقين ، بهذا الشكل التبعي لا يمكن معرفة رأيهم ، ورأيهم مهم عند الكل شريطة أن يكون رأياً نابعاً من ذواتهم ، لا نستبق الأحداث عسى أن تأتينا الأيام بمثل هذا الرأي المستقل الذي قد يكون مفيداً للغاية .. فانتظروا أني معكم من المنتظرين . عبد المجيد دوسة المحامي abdel magid dosa [[email protected]]