اطلعت على الخبر الذي نشر بالصحف اليومية بقيام رئيس الجمهورية عمر البشير بتقليد درجة الدكتوراة الفخرية لعدد من مريديه من بينهم الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين والمشير سوار الدهب وبروفيسور إبراهيم أحمد عمر وآخرين ، وذلك ضمن احتفالات جامعة الرباط بتخريج الدفعة الاولى من طلابها ، وقد صاحب نشر الخبر صورة فوتوغرافية يظهر فيها البشير وبجانبه الدكتور المحتفى به عبدالرحيم والفريق صلاح قوش وهم في حالة نشوة بينما البشير ممسكا بالعصاة. ليس في منح الدكتوراة الجماعية ما يثير الاهتمام ، خاصة حينما تكون ( فخرية ) ، فهي دكتوراة والسلام ، لا تكلف شيئا سوى الورق الذي تكتب عليه ، ولن يضر البلاد والعباد ان يزداد حملة الدكتوراة – ولو كانت فخرية - بضعة اشخاص في ليلة واحدة ، فحملة الدكتوراه في بلادي – اللهم لا حسد - يسير في متوالية هندسية بحيث لن يمضي وقت طويل حتى نصبح شعبا كله من حملة الدكتوراة ، فالانقاذ – ولله الحمد – استطاعت ان تحيل كل مدرسة ثانوية او معهد الى جامعة بحيث لم تعد الشهادة الجامعية تصلح لتقلد اي وظيفة والبلد تخطو نحو ( دكترة ) الشعب ، دكتوراة لكل مواطن . جامعة الرباط التي تجودت بمنح هذا اللقب العلمي الرفيع هي الاخرى لا تزال في مرحلة الطفولة ولم تبلغ سن الرشد بعد ، و لم يسبق لها قبل هذا اليوم ان منحت طالبا من طلابها شهادة جامعية ، فهي – بلغة الحواري ( قايمة بنمرة اربعة ) تمنح الدكتوراة قبل ان تمنح طلابها شهادات اكمال المقرر الدراسي ، فكان اولى بها ان تصدر انتاجها من الفرز الاول لخريجيها ، ليرى الناس اعمالهم ، و ان كان هناك فرقا بين اطبائها و اطباء جامعات الانقاذ الاخرى الذين احالوا اجساد المرضى الى ( وسائل ) توضيحية للمذاكرة ، كان عليها ان تفعل ذلك قبل ان تتجاسرعلى درجة الدكتوراة فتمنحها هكذا كقطع الاراضي التي تمنحها حكومات الولاايات في احتفالات الزواج الجماعي . للرئيس عمر البشير تاريخ طويل في المنح و العطايا لمن هم حوله ومريديه ، دون ان يعقب عليه احد ، فهو المالك المسجل لجمهورية السودان ، يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه ، وقد كتبت قبل مدة قصيرة عن اصداره لقرار جمهوري اذيع في نشرة الاخبار الرئيسية للتلفزيون القومي بترقية احد ضابط امن ( متقاعد ) الى رتبة فريق ثم جاء الخبر التالي بالنشرة باحالة الفريق امن الى التقاعد ( من جديد ) برتبة فريق اول ، هكذا ، منحة من البشير يضمن بها لصديقه ( معاش ) عبارة عن المرتب الكامل لرتبة الفريق اول ومخصصاته الاخرى من سكن فخم وسيارات وتذاكر سفر وعلاج بالخارج طول حياته العامرة ، ولذريته من بعده ، يتم تحصيل كامل المرتب والمخصصات من عرق دافعي الضرائب والعشور. اذا كان شعبي جمهورية شمال السودان وشقيقتها – قيد الانجاز - جمهورية جنوب السودان كبارهم وصغارهم بناتهم واولادهم هذه الايام لا حديث ولا هموم لهم هذه الايام سوى كابوس التمزق والاحتراب والفتنة والغلاء ، فان ظهور رئيس الجمهورية في قلب هذه الايام ، لا يحكي عن شيئ سوى توحيد الزي الجامعي للطالبات ، ثم يعقبه بتعليق وشاحات الدكتوراة الفخرية لعدد من مريديه يكشف ان قطار السودان يجري بدون ( وابور ) .