عبارة (الأيام دول) عبارة طرقت مسامعنا ونحن صغار وكنا لا ندري معناها وكنهها، وكنا نتعجب إذا الأيام دول، فاليوم دولة ولعل (جملة) من الناس لا يدرون ما المقصود من ذلك ولكن الحياء يمنعهم من السؤال وقديما قيل (ميمان لا يتعلمان:مدعي ومستحي). و(جملة) هنا مقصودة لذاتها، إذ أنه في الآونة الأخيرة ملأت ساحات وسائل الإعلام تعابير وكلمات وعبارات ساعدت (العولمة) على شيوعها وانتشارها، ومنها (جملة) التي استحسنها كثير ممن تحدثوا عن اتفاقية السلام قبل عملية ولادتها من رحم (نيفاشا). وكذلك (حقيقة) وهي، فيما أذكر، كان أول من أدخلها حيز التداول دولة الرئيس عمر البشير في إحدى خطاباته العامة والإنقاذ لاتزال في مهدها، وأصبحت الآن على كل لسان. وفي هذه الأيام لعلكم تلاحظون كثرة استعمال (حراك)، بكسر الحاء وهي تجد حظها من(الانتشار) والتداول في جميع الصحف اليومية والقنوات الفضائية. نعود للأيام دول، ونجدها في القرآن الكريم (وتلك الأيام نداولها بين الناس) و (كي لا يكون دولة بين الأغنياء) أي المال، فالأيام هنا يتداولها الناس كما يتداولون أوراق النقد من يد لأخرى في عمليتي البيع والشراء، فهي إذن متداولة بين الناس، وكما يقال "يوم عسل ويوم بصل" و "دوام الحال من المحال". فمن أصبح يومه عسلا ، فليحمد الله ويثني عليه ومن وجده بصلا، فليحمد الله أيضا على ذلك، ففي أيامنا هذه قد تمر أيام وأيام يكون فيها (البصل) أغلى من (العسل)، وهو لبعض فئات الناس قد يكون أهم من العسل لكونه أحد المدخلات الهامة لإنتاج (حلة الملاح)، التي طار سعر تكلفتها لأرقام فلكية، ولما فيه من فوائد جمة، فالبصل بمثابة التفاح للذين يتأبى ويترفع التفاح عن دخول بيوتهم لأن (دخولهم) محدودة وجيوبهم (مقدودة) لا تقوى على مقاومة ارتفاع ضغط الأسعار، وهم في البصل أقدر على الاستثمار. ولعله مهما قيل في أهمية ومزايا البصل فستظل أسنان الذي في نفسه (شئ من تفاح)، مغرمة وتواقة إلى (قرمة) من تفاح وإن لجأ التفاح إلى( ملاذ آمن) بعيداً عن متناوله أو استحال إلى فاكهة (هجين) وهي الكمثري (بنت عم الجوافة والتفاح). ولعل الليمون لم يتعزز وحده (على شان بالغنا في ريدو) فالطماطم هذه الأيام أصابتها عدوى (الذهب) حيث طارت أسعارها الى العلالي وغلبت التفاح في حلقة (الخضار) وصار سعر الكيلو منها يوازي ثلاث أضعاف سعر التفاح، وهذه الظاهرة يبدو أنها من ثأثير تغلغل (مرتفع السودان السعري) داخل النطاق السوقي للملكة العربية السعودية حيث تعرضت الاسواق الى هجمة (هبوبية) شرسة هبت من المرتفع المذكور مما كان له كبير الأثر في الارتفاع الملحوظ في أسعار منتج الطماطم، ومما يجدر ذكره فان تلك الموجة الحادة التي تنتاب أسواق الطماطم بالمملكة قد اجتاحت الأسواق السودانية قبل حوالى الشهرين حيث تعززت الطماطم وتعثر وصولها الى أيدي قطاعات كبيرة من المستهلكين السودانيين. وللمعلومية فان الطماطم هي (القوطة/الأوطة باللهجة المصرية) وهي البندورة أو الينضورة كما يحلو للسودانيين تسميتها أو الطماط كما في العامية السعودية. وأذكر ونحن صغار كنا ننشد دون وعي منا بمسالة الطلاق (عز الدين كبوشية طلق مرتو الحبشية عشان قرشين ملوخية) ولعل التاريخ يعيد نفسه الآن وضمن تداعيات الطماطم جاء في الأخبار السعودية أن سعوديا طلق زوجته علشان 35 ريالا هي ثمن صندوق الطماطم الذي اشترته المرأة وكان سببا لطلاقها. ونأسف لتلك (التحويلة) العارضة ونعود الى الجادة وموضوعنا (الرئيس)، فإذا كانت الأيام دول، فليحسن المرء الظن بربه، ويسأله أن تدور أيام النحس والشقاء بسرعة فائقة لينعم بأيام باقية في النعيم وراحة البال. فالإنسان الذي يظل مبتسماً مهما كانت (الأهوال)، فسيجد مخرجاً لا محالة، من دون (تدويل) مشكلته، وهي لفظة أضحت متداولة على ألسنة مقدمي ومقدمات نشرات الأخبار في القنوات المرئية والمسموعة المحلية والعالمية، وكثير منهم ومنهن ينطقون (الدولي) و (الدولية) بضم الواو (إلى قائمة الدول المساندة للإرهاب اللغوي)، ولكن الصواب هو نطقها بالفتح، لأن النسبة تكون للمفرد وليس للجمع. أما عن أخطاء مذيعي ومذيعات القنوات الفضائية، فحدث ولا حرج، لأن معايير ومتطلبات التوظيف قد تجاوزت جمال الصوت والإلمام بالعربية إلى الجمال المجلوب بأحسن الخلطات المعدة بواسطة الحاسوب. وهي تحتاج إلى مساحة أكبر للتداول والنقاش، وعفواً لقد (أسعفنا) الوقت ........ عبارة قالتها مذيعة مرموقة مشهورة تعتذر لضيفها عن ضيق وقت برنامجها وهي على الهواء مباشرة !!!!!! alrasheed ali [[email protected]]