قراءت تقريراً غريباً منقولة عن جريدة الاهرام اليوم السودانية كتبه عزمى عبدالرازق لا ادرى ان كان صحفياً ام من المدسوسين الانقاذين على هذه المهنة الشريفة، خاصة ان الصحفيين الحقيقيين اما تم اسكاتهم بواسطة امن النظام او غادروها للعمل كسائقى التاكس او الى مهن اخرى اكثر هامشية. ما اثار دهشتى الشديد فى هذا التقرير هى محاولة الكاتب المفضوحة و المتكررة الباس الصبغة الدينية والعلمية على نتائج استنتاجه والذى فى اعتقادى كانت محشوة بالكثير من التناقضات الذى لا يمت بصلة الى الدراسة العلمية او التحليل العلمي الموثق الذى يمكن اثباتها بالادلة والبراهين اكاديمياً وعلمياً . انصبت كل التنبؤات التى جاءات فى هذا التقرير حول استفتاه جنوب السودان، مصير منطقة ابيى ومصير الرئيس سلفا كيير. اذا كان هنالك ما هو مهم و مفيد فى هذا التقرير فهو كشفها الضمنى لمدى ترنح وتوتر اركان النظام وخوفهم الذى لا يخفى من المجهول القادم فى يوم التاسع من يناير القادم. وهذا دليل ايضاً على مدى الهلع والارتباك الشديد فى صفوف المؤتمر الوطنى وخوفهم الفظيع ليس على مصير السودان اثناء الاستفتاه او بعده فحسب - بل خوفهم هم انفسهم من المصير الحتمى الذى سيلاقيهم فى كل الحالتين، الانفصال او الوحدة . فالتقارير التى تتحدث عن كرامات الشيخ بلة الغائب وحرص القائد سلفا كيير فى الاستماع اليه لايعد كونها محاولات رخيصة من قبل تجار المؤتمر الوطنى لنشر فبركة اعلامية وتضليل الرأى العام ، وكذلك ارسال اشارات وتلميحات كاذبة توهم بها الناس بأن قيادات الحركة الشعبية وعلى راسها سلفا كيير مهتزة وخائفة. وحسناً فعلت الحركة الشعبية حين قامت بالامس بنفى وتكذيب هذا التقرير. ولكن.. هل يحتاج سلفا كيير للعراف ان يقراء له المستقبل؟ لا اظن ذلك، فالرجل الذى قضى معظم شبابه وسط الادغال فى الجنوب ووسط الالاف من الجنود من مختلف القبائل والاعراق السودانية لا اظنه يحتاج الى قارئ فنجان او شيخ حتى لو كان ذلك الشيخ هو بلة الغائب نفسه الذى يركع اهل الانقاذ تحت اقدامه ليلاً ونهاراً. الخوف من الموت ليس له مكان اطلاقاً فى قاموس قيادات الحركة وجيشها لانهم بكل بساطة يعرفون ان الطريق الذى اختاره اثنان فقط لاثالث لهم. فاما تحقيق الهدف او الموت ولا يهم بعد ذلك الطريقة والوسيلة، فيمكن ان يكون بيد العدو او الصديق فلا غرابة فى ذلك المهم لديهم ان تقف حتى اللحظة الاخيرة فى مكانك مدافعاً عن الاهداف والمبادئ . الذين كتبوا هذا التقرير جانبهم الصواب فى الكثير من التحليلات والافتراضات فيما ادلوا بها او تنبؤه بها وخاصة عن مصير الجنوب، فكل ما جاءات فيها مجرد تمنيات لا اكثر ولا اقل. يريدون للجنوب ان تشتعل فيها الحروبات القبلية والاقتتال العشائرى حتى يعضدوا بها النظرية الشمالية القائلة بعدم قدرة الجنوب من حكم انفسهم ، ولكن هولاء فاتهم حقيقة صغيرة وهى ان الحروبات القبلية العنيفة التى شهدتها الجنوب وخاصة فى سنوات الانقاذ كان يتم كتابة سيناريوهاتها واخراجها فى الخرطوم. ولكن....مرة اخرى، تأتى التقارير من الخرطوم ليس عن التغير فى الجنوب او هروب سلفا الى دولة مجاورة، كما يحلم بها البعض ويتمناه، ولا حتى بتجدد القتال فى الجنوب اثناء او بعد الاستفتاه - ولكن كل التوقعات اليوم فى السودان تشير ان النظام فى السودان اقرب الى الزوال من اى وقت مضى ، وانه فى خلال عام او اقل ، وانه سيحدث امور كثيرة لا يتوقاها احد سواء جاءات نتائج استفتاة جنوب السودان داعماً للوحدة او مؤيداً للانفصال،لان المعطيات التى تشير الى ذلك باتت واضحة و متوفراً ، ويمكن لاى شخص عادى ان يتلمسها. فالتحركات السياسية وغيرها من الانشطة المصاحبة لها ومن كافة الاحزاب قد اذدادت وتيرتها فى الاونة الاخيرة. الهمسات بين بعض قيادات الاحزاب وقيادات عسكرية مؤثرة اصبحت تتسرب شيئ فشيئاً الى اطراف اخرى ، والجو العام اضحت ملغماً ومكهرباً اشبهة تماماً بالاجوا ما قبل الثلاثين من يونيو عام 1989. ويقال ان بعض العسكرين وقادة الاحزاب على علاقات وثيقة جداً وخاصة القيادات غير المصنفة بشكل دقيق من الاسلامين، وكذلك هنالك بعض التململ وسط الجييش، وقد بداءت ارحاصاتها وسط مجموعات صغيرة من ضباط حاملى الرتب الوسطى وضباط الصف ، وهنالك الكثير غير المكشوفة ، منها ان دولة صديقة وقريبة من السودان تقف وراء هذه الترتيبات وتنتشر بعض عناصرها فى الخرطوم هذه الايام ، وقيامها فى الاكثار من التحركات البينية تحت غطاء استفتاه الجنوب ما الا وسيلة لقياس النبط وتحديد ساعة الصفر. من ياترى الذى يهرول صوب العراف لمعرفة مصيره ؟ امبروس م. الور المحامى Ambrose Alor [[email protected]]