رئيس مجلس السيادة القائد العام والرئيس التركي يجريان مباحثات مشتركة بشأن دعم وتعزيز علاقات التعاون المشترك    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    سقوط منتخبنا.. اليوم والايام التالية..!!    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستفتاء بين وعود أميركية مشروطة وانتفاضة وحدوية متأخرة ... بقلم: إمام محمد إمام
نشر في سودانيل يوم 11 - 11 - 2010

يُلحظ بصورة واضحة أن الاهتمام الصحافي والإعلامي بالشأن السياسي السوداني تضاعفت مساحته في خارطة وسائل الإعلام المختلفة، عالمياً وإقليمياً ومحلياً، نتيجة منطقية، لأنه تبقى شهران فقط من موعد انفاذ استحقاق الاستفتاء على حق تقرير المصير حول جنوب السودان في التاسع من يناير 2011، ضمن متبقيات استحقاقات اتفاقية نيفاشا للسلام، مما يعني أن تطورات المشهد السياسي السوداني متلاحقة، وأحداثه متزاحمة، تتطلب متابعة دقيقة، وقراءة حصيفة، وصولاً إلى قراءات صحيحة، ومآلات مقاربة لوقائع متوقعة. وليس من المستغرب أن تتسارع خطوات الجهود المحلية والإقليمية والدولية لتهيئة ظروف مواتية، وأجواء مناسبة، لإجراء حق الاستفتاء على حق تقرير المصير حول جنوب السودان في موعده المحدد، التاسع من يناير المقبل أو تأجيله باتفاقٍ وتراضٍ بين الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) إلى بضعة أسابيع لأسباب لوجستية، ولحلحلة القضايا العالقة بينهما في ما يتعلق بترتيبات ما قبل الاستفتاء وما بعده، وتفادي مخاطر تداعيات خلافاتهما حولها التي لن تقتصر على علاقاتهما المستقبلية، بل تنسحب مخاطرها على السودان كله، ومن ثم تمتد إلى المنطقة بأسرها. وليس خافياً على أحدٍ، الأحداث الجارية داخل المفوضية القومية للاستفتاء هذه الأيام، التي بلا شك ستلقي بظلالها سلباً على عمل المفوضية القومية للاستفتاء. كما أن كثير من المؤشرات تؤكد أنه إذا لم يتدارك الشريكان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) الأمر، لن تقتصر الاستقالات والإقالات على استقالة أو إقالة الأخ السفير جمال محمد إبراهيم المتحدث الرسمي باسم المفوضية القومية للاستفتاء الذي ما زالت تداعيات هذه الاستقالة أو الإقالة تثير الكثير من التساؤلات حول عمل المفوضية، وكيفية إدارتها، قد تتبعها استقالات وإقالات، لا ينبغي السكوت عن هكذا أمرٍ، إذ أن المفوضية، هي المسؤولة عن أخطر مهمة في تاريخ السودان الحديث. وأن استقلالية المفوضية لا تعني بأية حالٍ من الأحوال أن ينفض الشريكان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) أيديهما، ويكتفيا بالتفرج على ما يحدث داخلها. فالمفوضية القومية للاستفتاء بحالها الراهن عاجزة تمام العجز عن إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير حول جنوب السودان في موعده المحدد، في التاسع من يناير المقبل بحرية مطلقة، ونزاهة كاملة، وشفافية تامة. فلا غرابة أن أشار البروفسور محمد إبراهيم خليل رئيس المفوضية القومية للاستفتاء في أكثر من مناسبة، تصريحاً وتلميحاً، بحقيقة موقف المفوضية، من حيث جاهزيتها لإجراء الاستفتاء في التاسع من يناير المقبل، حتى أنه وصف ذلك بالمعجزة، حيث قال في تصريحات صحافية عقب مباحثات أجراها مع سلفا كير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب ورئيس الحركة الشعبية يوم الثلاثاء 27 أكتوبر الماضي "إن عملية الاستفتاء تواجه عقبات متزايدة، وان انجازها خلال الفترة القصيرة المتبقية سيكون معجزة كاملة"، مضيفاً أنه "من العبث أن نقول للشعب السوداني إن العملية سهلة وسنقوم بإنجازها".
وأحسب أنه من الضروري أن نؤصل لمعجزة البروفسور محمد إبراهيم خليل رئيس المفوضية لتبيان استحالة إنجاز المفوضية للاستفتاء في الموعد المحدد، لأن المعجزة في اللغة اسم فاعل من الإعجاز، والإعجاز مصدر للفعل أعجز، وتعني لغةً ما أُعجِزَ به الخصم عند التحدي، والهاء للمبالغة، كما في قولهم: علامة، ونسابة، وجمعها معجزات. واصطلاحاً تعني عجز البشر عن الإتيان بمثلها، وتدل على أمر خارق للعادة، يكون دليلاً على نبوة أحد الأنبياء دون غيره، ويعجز غيره من الخلق عن الإتيان بمثله. وعلى الرغم من أن المعنى التأصيلي اللغوي لمعجزة المفوضية واضح كما يقول أستاذي الراحل العلامة البروفسور عبد الله الطيب (يرحمه الله تعالى) في مثل هذه المسائل اللغوية، إلا أن معجزة المفوضية، حقيقتها تكمن في أنه من الصعب جداً إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير حول جنوب السودان بعد شهرين من الآن، لأنها عاجزة عن طلبه وإدراكه، وفي ذلك قال الراغب الأصفهاني "أعجزت فلان وعجزته وعاجزته: أي جعلته عاجزاً"، فالمفوضية –يا هداك الله- بلا أدنى ريبٍ عاجزة تمام العجز عن إدراك هذا الأمر في تاريخه المحدد. وكان منطقياً، وتنزيلاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه"، عندما اقترحت المفوضية القومية للاستفتاء على السناتور جون كيري رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي والجنرال سكوت غريشون المبعوث الأميركي إلى السودان، منح عملية الاستفتاء وقتاً كافياً لتخرج خالية من العيوب، محذرة في الوقت نفسه، من أنه إذا كان الوقت ضيقاً لعملية الاستفتاء، احتمال وقوع الأخطاء أكبر. وفي ذلك قال البروفسور محمد إبراهيم خليل رئيس المفوضية، في تصريحات صحافية، إن السناتور الأميركي جون كيري تساءل عن إمكانية قيام الاستفتاء في التاسع من يناير المقبل، وأنّه أبلغه بأنه من المستحسن إعطاء العملية وقتاً كافياً لتكون خالية من العيوب، مضيفاً أنه أوضح لكيري أنه "كلما كان الوقت ضيِّقاً يحتمل وقوع أخطاء في العملية"، مشيراً إلى أن كيري أبدى تفهماً للموقف. وقال البروفسور خليل "هذا ليس عبثاً لكون العملية تحدد تاريخ السودان. بينما أكد السناتور جون كيري، أن المجتمع الدولي يقف وراء المفوضية، ويقدم لها السند لإنجاز العملية التي وصفها بالصعبة. وقال إنّه يتفهّم الصعوبات التي تواجه المفوضية في إجراء الاستفتاء. وأشار كيري تلميحاً في تصريحات صحافية خلال زيارته الأخيرة إلى السودان، إلى إمكانية مباركة الولايات المتحدة الأميركية لتأجيل الاستفتاء على حق تقرير المصير حول جنوب السودان، لتمكين المفوضية من إكمال جاهزيتها لإجراء الاستفتاء بنزاهةٍ وشفافيةٍ. وأحسب أن بعض قياديي الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) تحدثوا في أكثر من مناسبة، ضمناً وصراحةً، عن ضرورة تأجيل الاستفتاء لإجرائه في ظروف مناسبة، وصولاً لحلحلة كل القضايا العالقة بينهما، لمنع تجدد الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب التي طوتها اتفاقية نيفاشا للسلام قبل خمس سنوات. كما أن هناك تحركات إقليمية ودولية في هذا الخصوص، ومن أبرزها التصريحات الصحافية المتتالية في القاهرة وواشنطن لأحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري المتعلقة بضرورة تأجيل الاستفتاء والحاجة الملحة إلى تأمين استفتاءٍ شفافٍ، تتوافر له كامل الإجراءات المتفق عليها، حتى لا يحتج طرف ما بأن الاستفتاء قد خدع شعب جنوب السودان، أو أنه لا يعكس إرادة شعب الجنوب، الأمر الذي قد يؤدي إلى أعمال عنف. وكان أبو الغيط قد اقترح كونفدرالية بين الشمال والجنوب، لتجاوز استفتاء تقرير المصير أو الانفصال، ولكن الحركة الشعبية رفضت هذا المقترح رفضاً باتاً، فور الإعلان عنه. كما دعا الشيخ حمد بن خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في كلمة افتتح فيها الدور العادي التاسع والثلاثين لمجلس الشورى القطري أول من أمس (الثلاثاء) السودانيين إلى إجراء استفتاء جنوب السودان "في جو من النزاهة والشفافية". وقال الشيخ حمد بن خليفة إن "الوضع في السودان الشقيق ينذر بتحديات كبيرة في ما يتعلق بالاستفتاء الخاص بتقرير مصير الجنوب، وكلنا أمل في تحمل كافة الأطراف مسؤولياتها في هذا الخصوص، وأن يجري استفتاء الجنوب في جو من النزاهة والشفافية وفي ظروف مناسبة يتوافق عليها شريكا الحكم في السودان".
وفي تطورٍ لافتٍ، نقل السناتور الأميركي جون كيري من الرئيس الاميركي باراك أوباما إلى شريكي الحكم في السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) مقترحات وخارطة الطريق، متعلقة بإحراز تقدم بشأن الجنوب وقضية دار فور، بغرض إجراء تطبيع كامل ورفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، سلمها إلى سلفا كير ميارديت في جوبا يوم الأحد الماضي وعلي عثمان محمد طه في الخرطوم يوم السبت الماضي. وحملت الوثيقة التي نشرتها جريدة "الصحافة" يوم الثلاثاء الماضي، سبعة شرائط لإجراء تطبيع جزئي للعلاقات الأميركية مع السودان، شريطة الحل السلمي لقضية دار فور، للوصول إلى التطبيع الكامل، وذلك بعد أن حددت الوثيقة الأميركية يوليو المقبل موعداً لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في حال التزام الحكومة المركزية بإجراء استفتاء سلمي للجنوب وأبيي، وإبداء تعهدات بإيجاد الحل السلمي لدار فور. ولكن البروفسور إبراهيم غندور أمين الأمانة السياسية في المؤتمر الوطني أكد رفض حزبه التراجع عن موقفه في النزاع المتعلق بالاستفتاء في منطقة أبيي، رغم العرض الأميركي. وقال البروفسور غندور إن المشكلة ما زالت قائمة، وهو ما يعني أن من غير المرجح إجراء استفتاء أبيي في حينه، مضيفاً أنه "ما من جائزة على وجه الأرض، لا قائمة الإرهاب، ولا غيرها يمكن أن تقنع المؤتمر الوطني بحرمان المسيرية أو غيرهم من سكان أبيي من حق المشاركة في الاستفتاء". وقال فيليب كراولي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية في مؤتمر صحافي في واشنطن أول من أمس (الثلاثاء) إن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في يوليو المقبل على أحسن تقدير، لن يؤثر على قرار محكمة الجنايات الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير، مؤكداً أن رفع العقوبات مرتبط بالتزام الحكومة السودانية بما يطلب منها في هذا الشأن، حتى تتمكن إدارته من رفع تلك العقوبات، ولكنه قال مستدركاً "هذا الأمر سوف يتم بعد موافقة الكونغرس على إصدار تشريعات جديدة برفع تلك العقوبات". بينما يحرص بعض قياديي المؤتمر الوطني على تأكيد أن الوعود الأميركية المشروطة لن تغريهم أو ترهبهم لتغيير موقفهم الثابت من أن استفتاء منطقة أبيي لن يقوم دون مشاركة المسيرية بجانب دينكا نقوك، مع التزامهم بإجراء استحقاق الاستفتاء على حق تقرير المصير حول جنوب السودان في موعده، إذا عُولجت كافة القضايا العالقة بين الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، لضمان إجراء الاستفتاء بنزاهة وشفافية وحرية، لتغليب إرادة شعب الجنوب، وحدةً أو انفصالاً.
أخلص إلى أن الوعود الأميركية المشروطة، التي رفضتها الحكومة السودانية، من حيث أن خارطة الطريق بشرائطها السبعة، بالنسبة للمؤتمر الوطني تأتي ضمن السياسات الأميركية المتعلقة بالجزر والعصي، وهي سياسة ترفضها الحكومة السودانية، حاضراً ومستقبلاً، وتتعهد بإجراء الاستفتاء في موعده دون إغراءٍ أو إرهابٍ. وقد قابل ذلك، مصادفةً أو قصداً، انتفاضة وحدوية متأخرة، تمثلت في مضاعفة الحراك الوحدوي بصورة ملحوظة، حتى بين بعض قياديي الحركة الشعبية نفسها، نتيجة لمخرجات الملتقى الجنوبيالجنوبي الذي خفف من الخطاب الانفعالي التصعيدي لمطالبي الانفصال، مما استدعى مواجهته بخطاب مضاغطة صارخ من قبل بعض قياديي المؤتمر الوطني، بحجة التمكين لأساليب الترغيب في الوحدة الطوعية والترهيب من الانفصال وتداعياته. واللافت حالياً تسارع خطوات الجهود الوحدوية من الجنوبيين والشماليين أيضاً. فقد خرج الشيخ الدكتور حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي، عن صمته الذي أحدث اضطراباً عند البعض، وقلقاً عند البعض الآخر، خلال رحلته الأخيرة إلى كل من قطر وفرنسا وألمانيا، متحدثاً عن خشيته من انفلاق السودان بانفصال الجنوب، محذراً من أن عملية الانفصال ستقود إلى انقسام السودان إلى ثمانية أجزاء، وأن تداعياته ستطال الشرق والغرب، وداعياً في الوقت نفسه إلى الاستفادة من تجربة الجنوب في الحوار الجنوبيالجنوبي، والدخول في حوار شمالي – شمالي. ولم يكن السيد الصادق الصديق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، بعيداً عن مشهد الحراك الوحدوي الراهن، حيث دعا إلى وحدة على أساس جديد، فقال في ندوة الأربعاء في دار الحزب بأم درمان مساء يوم الأربعاء الماضي "نحن ندعو لوحدة على أساس جديد يميزنا عن طرح الوطني لتصحيح الفترة الانتقالية، وحدة عادلة"، محذراً من "أن الاستفتاء سيقود للحرب"، مضيفاً "أن مفوضية الاستفتاء مختلف عليها، ولن تستطيع تنظيمه، وإن قام سيكون مشكوكاً فيه. وأن الاستفتاء بدون أطراف مقبولة كارثة". أما السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، كان حاضراً في هذا الحراك الوحدوي الراهن، حيث طالب في خطابه أمام جماهير الختمية يوم الخميس الماضي في مسجد السيد علي بالخرطوم بحري في إطار الاحتفال بالذكرى 42 لرحيل السيد علي الميرغني والثانية لرحيل السيد أحمد الميرغني، الشريكين بالكف عن احتكار إرادة الشعب السوداني وإلغاء رأيه، داعياً إياهم للاحتفاظ بحق الجنسية للمواطنين شمالاً وجنوباً فترة خمس سنوات، وإقرار الحريات الأربع، وأن يعملا لجعل البترول عامل وحدة بالإبقاء على تصديره عبر الشمال حال الانفصال، مؤكداً "أنهم سيظلون دعاة وحدة من حلفا إلى نمولي ومن التاكا إلى الجنينة"، مضيفاً "لا تراجع عن ذلك مهما كانت الدوافع، باعتبار أن الوحدة صمام الأمان ودرع السودان"، مؤكداً "لسنا دعاة قهر وتسلط وفي دعوتنا للوحدة بل نريدها محل إجماع للشعب السوداني لبسط الحريات وكفالة الحقوق". ومن بُشريات هذا الحراك الوحدوي المتلاحق هذه الأيام، ما أعلنه الرئيس السوداني عمر البشير يوم الاثنين الماضي، تشكيل لجنة عليا برئاسته لدعم وحدة السودان، وحدد خمسة نواب له، هم نائباه سلفا كير ميارديت وعلي عثمان محمد طه، بالإضافة إلى السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الاتحادي الديمقراطي (الأصل) وبونا ملوال مستشار الرئيس والمشير عبد الرحمن سوار الدهب، في خطوة أُعتبرت محاولة لإشراك القوى السياسية في الجهود الداعمة لخيار الوحدة الطوعية، وتحمل مسؤولية نتائج الاستفتاء على تقرير المصير حول جنوب السودان في التاسع من يناير المقبل. والمأمول أن تسعى هذه اللجنة جاهدة في استيعاب القوى السياسية الأخرى بإقناعها في المشاركة في جهود دعم خيار الوحدة الطوعية بالنسبة للناخب الجنوبي، وتناسي المرارات والخلافات، ولو إلى حين، وأحسب انه من الضروري أن يُمنح سلفا كير صلاحيات لقيادة هذا الجهد الوحدوي في الجنوب، خاصةً وسط الحركة الشعبية.
ولنستذكر في هذا الخصوص، قول الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".
وقول الشاعر العربي أبي الطيب أحمد بن الحسين المعروف بالمتنبئ:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
Imam Imam [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.