إسحق أحمد فضل الله يكتب: (وفاة المغالطات)    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمة الأفريقية العربية: مسارات التعاون وتحديات المستقبل
نشر في سودانيل يوم 15 - 12 - 2010

يشكل عقد القمة الأفريقية العربية الثانية والإعلان عن بدء شراكة إستراتجية في الفضاء العربي الأفريقي المشترك تطور مهم في العلاقات بين الطرفين ولكن تبقى نتائجه مرهونة بالإرادة السياسية لكلا الجانبين في تفعليه على نحو يخدم مصالح أطرافه, وذلك في ضوء حقيقتين الأولى أن قمة سرت الأفريقية قد عقدت بعد 33 عاما كاملة منِ قمة القاهرة الأولى شهدت خلالها إفريقيا والعالم متغيرات مؤثرة على مجمل العلاقات العربية الأفريقية وفى المقابل لم يتم تفعيل المؤسسات الأفرو -عربية لمواجهة هذه المتغيرات .
والثانية أن البيئة السياسية والاقتصادية فى إفريقيا باتت بيئة تنافسية بين عدة أقطاب ولاعبين دوليين مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين والبرازيل والهند وأيضا إسرائيل وهؤلاء جميعا يتسم أداءهم بالحيوية والإنجاز مقارنة بالأداء العربي ولعل الحضور الأفريقي الضعيف في أعمال اللجان التحضيرية للقمة العربية الإفريقية يعكس طبيعة هذه البيئة التنافسية، كما يعكس أزمة المصداقية التي يجابها العمل العربي المشترك إزاء أفريقيا.
فى هذا السياق تشير قراءة مسارات القمة إلى بداية موفقة قام بها الرئيس الليبي معمر القذافى، رئيس القمة الحالي، وذلك بالاعتذار عن الممارسات العربية المحدودة في سياق الرق والاستعباد في إفريقيا، هذا الاعتذار الذي تم في إطاره الأوسع من التذكير أيضا بالممارسات الغربية في القارة في مراحل الاستعباد والاستعمار، مطالبا الأفارقة بممارسة فضيلة النسيان والتسامح إزاء العرب كما مارسوها إزاء الغربيين .
وقد طرحت مسارات القمة خمس ملفات للتعاون الأفرو-عربي في خلال الفترة القادمة، حيث احتل التعاون المؤسسي الإقليمي أولوية متقدمة، وتم الاتفاق على حضور كل من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية في الجلسات العلنية والمغلقة للاجتماعات التي تعقدها كلتا المنظمتين، ومن شأن هذه الخطوة أن تعزز مستوى التفاهمات المشتركة والإدراك المتبادل إزاء التحديات التي يواجهها كل من العرب والأفارقة على جميع الجبهات فى حالة من الشفافية والوضوح .
كما احتلت حالة الأمن والسلم الأفريقي أولوية موازية كملف ثان للتفاهم الإقليمي، وذلك على مستويين الأول: تزايد ظاهرة الإرهاب في أفريقيا، مع نمو ظاهرة القرصنة في شرق القارة وتهديد الأمن بالبحر الأحمر من جهة, وتهديد الاستقرار في دول الساحل الأفريقي في غرب إفريقيا بالعمليات المتتالية لتنظيم القاعدة من جهة ثانية.
أما المستوى الثاني من التحديات الأمنية في إفريقيا فيتمثل فى بروز ظاهرة الانقسام مع الانفصال المتوقع لجنوب السودان عن شماله، خصوصا وأن حالة الفسيفساء الأثنية والثقافية الموجودة في إفريقيا تفتح المجال واسعا أمام انقسامات مماثلة قد يسبقها صراعات مسلحة تهدد حالة السلم الاستقرار الإقليمي في القارة. وطبقا لذلك احتل الملف السوداني أهمية خاصة فى أعمال القمة، فصدر عن القمة إعلان منفصل بشأن السودان، وهو الإعلان الذي قدم دعما لإجراء استفتاء تقرير المصير السوداني المقرر في يناير القادم في موعده، مع المطالبة بضمان شروط النزاهة والشفافية، وتحبيذ وحدة السودان لاعتبارات متعلقة باستقراره من جهة والحفاظ على الأمن الإقليمي الأفريقي من جهة ثانية.
أما على المستوى الإجرائي فقد تم تشكيل لجنة رئاسية تكون مهمتها السعي لتهدئة الأجواء السودانية بين الشمال والجنوب، والتي اتسمت بالسخونة والاستقطاب أثناء انعقاد القمة وبعدها، وأيضا محاولة الدفع نحو تجنب الانفصال السوداني المتوقع. وقد تكونت هذه اللجنة من نيجيريا وبوركينا فاسو والجابون والكويت، وطلبت كل من مصر وقطر الانضمام إليها. وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوات من جانب قمة سرت الأفريقية تجاه الوضع في السودان ألا أنها أهملت فيما يبدو بعض المعطيات الواقعية، ومنها المتعلقة أولا: بطبيعة الضغوط الدولية عموما والأمريكية خصوصا الدافعة راهنا نحو تقسيم السودان، ومنها ثانيا موقف شعب جنوب السودان ومراعاة الحساسيات الدافعة نحو الانفصال.
وقد أكتسب ملف التعاون الاقتصادي في قمة سرت أهميته منطلقا من الاحتياجات المتبادلة والملحة حاليا للطرفين العربي والأفريقي, ففي الوقت الذي يحتاج فيه الأفارقة إلى استثمارات خارجية تدفع مستويات التنمية الوطنية, تركز الفوائض المالية الخليجية على الاستثمارات الزراعية في دول حوض النيل لسد الفجوة الغذائية في محاصيل أساسية مثل القمح والذرة. على أن تلبية هذه الاحتياجات للطرفين لابد وأن تمتد لمستويات أوسع وأشمل خصوصا فى مجالات الاستثمارات الشاملة والتبادل التجاري مع تدشين آليات التأمين المناسبة ضد مخاطر الاستثمار، وهو الأمر الذي يساعد الاقتصاديات الأفريقية على تحقيق مستوى من النمو أسرع بات مطلوبا على الصعيد الأفريقي، كما يحقق للجانب العربي مصداقيته في مسألة التفاعل الاستراتيجي مع أفريقيا.
التطبيق الأفريقي لمبادرة دول الجوار العربي التي تتبناها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والتي تقوم فكرتها الأساسية على تكوين رابطة إقليمية لدول المحيط العربي على الجانبين الشرق أوسطى والأفريقي تكون مهمتها السياسية تعظيم المصالح المشتركة وتوفير الأمن لأعضاء الرابطة والعمل على تبنى سياسية تنمية شاملة فيها .
هذا السياق تم عرض اقتراح بانضمام تشاد لرابطة الجوار العربي على اعتبار أن المكون العربي في هويتها واضح، كما أنها من الدول المؤثرة على الاستقرار في منطقة وسط أفريقيا عموما والسودان خصوصا.
الملف النووي كان حاضرا في قمة سرت، فبدا أن التعاون الأفريقي العربي المشترك لمنع انتشار الأسلحة النووية، والتعاون بين الطرفين على الصعيد الدولي أمرا مطلوبا ومتفق عليه, ويذكر بالنجاح الذي تم إحرازه سابقا على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن يبقى أن تقدم التعاون في هذا الملف سيظل رهنا بمستوى التعاون فى الملفات السياسية والاقتصادية التي تتطلب دعما عربيا لأفريقيا .
لاشك أن انعقاد القمة العربية الأفريقية والإعلان عن شراكة إستراتجية جديدة بين الطرفين يعد خطوة إيجابية يدعمها الجميع، ولكن لابد من الأخذ في الاعتبار طبيعة التحديات الإجمالية التي تواجهها مثل هذه الشراكة في المرحلة الراهنة، وأولها مدى قدرة النظام العربي على التنسيق في عملية التعاون مع الجانب الأفريقي، فهذا النظام يعانى من محدودية الفاعلية فى محيطه الذاتي، وبالتالي فإن فاعليته تبدو محل شكوك على المستوى الإفريقي, خصوصا فى ضوء الممارسات العربية الانفرادية، والتي أخذت طابعا تنافسيا في أفريقيا حلال الفترة الماضية، فكان لها انعكاسات سلبية مؤثرة على مجمل العلاقات العربية الأفريقية. وتتضمن هذه التحديات أيضا طبيعة البيئة الأمنية في بعض المناطق الأفريقية، وهو واقع يتطلب حلولا غير تقليدية من الجانب العربي, كما يشكل التنافس الدولي على الموارد الأفريقية والتدخل فى مسارات التفاعلات الداخلية لكل دولة أفريقية على حده تحد إضافي أما م الشراكة المزمعة بين الطرفين العربي والأفريقي .
وفى سياق التحديات أيضا فإنه من المهم الانتباه على المستوى العربي للتحدي الثقافي الماثل في الإدراك السلبية المتبادلة بما تشكله من معوقات نحو تفاعيل التعاون العربي الأفريقي بالمستويات الملائمة، وربما يكون الاعتذار العربي الذي تم تقديمه للأفارقة فى قمة سرت خطوة فى هذا الاتجاه، وإن كان يؤخذ عليه أنه لم يضمن في البيان الختامي للقمة.
القمة الأفريقية العربية
مسارات التعاون وتحديات المستقبل
د. أمانى الطويل
يشكل عقد القمة الأفريقية العربية الثانية والإعلان عن بدء شراكة إستراتجية في الفضاء العربي الأفريقي المشترك تطور مهم في العلاقات بين الطرفين ولكن تبقى نتائجه مرهونة بالإرادة السياسية لكلا الجانبين في تفعليه على نحو يخدم مصالح أطرافه, وذلك في ضوء حقيقتين الأولى أن قمة سرت الأفريقية قد عقدت بعد 33 عاما كاملة منِ قمة القاهرة الأولى شهدت خلالها إفريقيا والعالم متغيرات مؤثرة على مجمل العلاقات العربية الأفريقية وفى المقابل لم يتم تفعيل المؤسسات الأفرو -عربية لمواجهة هذه المتغيرات .
والثانية أن البيئة السياسية والاقتصادية فى إفريقيا باتت بيئة تنافسية بين عدة أقطاب ولاعبين دوليين مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين والبرازيل والهند وأيضا إسرائيل وهؤلاء جميعا يتسم أداءهم بالحيوية والإنجاز مقارنة بالأداء العربي ولعل الحضور الأفريقي الضعيف في أعمال اللجان التحضيرية للقمة العربية الإفريقية يعكس طبيعة هذه البيئة التنافسية، كما يعكس أزمة المصداقية التي يجابها العمل العربي المشترك إزاء أفريقيا.
فى هذا السياق تشير قراءة مسارات القمة إلى بداية موفقة قام بها الرئيس الليبي معمر القذافى، رئيس القمة الحالي، وذلك بالاعتذار عن الممارسات العربية المحدودة في سياق الرق والاستعباد في إفريقيا، هذا الاعتذار الذي تم في إطاره الأوسع من التذكير أيضا بالممارسات الغربية في القارة في مراحل الاستعباد والاستعمار، مطالبا الأفارقة بممارسة فضيلة النسيان والتسامح إزاء العرب كما مارسوها إزاء الغربيين .
وقد طرحت مسارات القمة خمس ملفات للتعاون الأفرو-عربي في خلال الفترة القادمة، حيث احتل التعاون المؤسسي الإقليمي أولوية متقدمة، وتم الاتفاق على حضور كل من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية في الجلسات العلنية والمغلقة للاجتماعات التي تعقدها كلتا المنظمتين، ومن شأن هذه الخطوة أن تعزز مستوى التفاهمات المشتركة والإدراك المتبادل إزاء التحديات التي يواجهها كل من العرب والأفارقة على جميع الجبهات فى حالة من الشفافية والوضوح .
كما احتلت حالة الأمن والسلم الأفريقي أولوية موازية كملف ثان للتفاهم الإقليمي، وذلك على مستويين الأول: تزايد ظاهرة الإرهاب في أفريقيا، مع نمو ظاهرة القرصنة في شرق القارة وتهديد الأمن بالبحر الأحمر من جهة, وتهديد الاستقرار في دول الساحل الأفريقي في غرب إفريقيا بالعمليات المتتالية لتنظيم القاعدة من جهة ثانية.
أما المستوى الثاني من التحديات الأمنية في إفريقيا فيتمثل فى بروز ظاهرة الانقسام مع الانفصال المتوقع لجنوب السودان عن شماله، خصوصا وأن حالة الفسيفساء الأثنية والثقافية الموجودة في إفريقيا تفتح المجال واسعا أمام انقسامات مماثلة قد يسبقها صراعات مسلحة تهدد حالة السلم الاستقرار الإقليمي في القارة. وطبقا لذلك احتل الملف السوداني أهمية خاصة فى أعمال القمة، فصدر عن القمة إعلان منفصل بشأن السودان، وهو الإعلان الذي قدم دعما لإجراء استفتاء تقرير المصير السوداني المقرر في يناير القادم في موعده، مع المطالبة بضمان شروط النزاهة والشفافية، وتحبيذ وحدة السودان لاعتبارات متعلقة باستقراره من جهة والحفاظ على الأمن الإقليمي الأفريقي من جهة ثانية.
أما على المستوى الإجرائي فقد تم تشكيل لجنة رئاسية تكون مهمتها السعي لتهدئة الأجواء السودانية بين الشمال والجنوب، والتي اتسمت بالسخونة والاستقطاب أثناء انعقاد القمة وبعدها، وأيضا محاولة الدفع نحو تجنب الانفصال السوداني المتوقع. وقد تكونت هذه اللجنة من نيجيريا وبوركينا فاسو والجابون والكويت، وطلبت كل من مصر وقطر الانضمام إليها. وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوات من جانب قمة سرت الأفريقية تجاه الوضع في السودان ألا أنها أهملت فيما يبدو بعض المعطيات الواقعية، ومنها المتعلقة أولا: بطبيعة الضغوط الدولية عموما والأمريكية خصوصا الدافعة راهنا نحو تقسيم السودان، ومنها ثانيا موقف شعب جنوب السودان ومراعاة الحساسيات الدافعة نحو الانفصال.
وقد أكتسب ملف التعاون الاقتصادي في قمة سرت أهميته منطلقا من الاحتياجات المتبادلة والملحة حاليا للطرفين العربي والأفريقي, ففي الوقت الذي يحتاج فيه الأفارقة إلى استثمارات خارجية تدفع مستويات التنمية الوطنية, تركز الفوائض المالية الخليجية على الاستثمارات الزراعية في دول حوض النيل لسد الفجوة الغذائية في محاصيل أساسية مثل القمح والذرة. على أن تلبية هذه الاحتياجات للطرفين لابد وأن تمتد لمستويات أوسع وأشمل خصوصا فى مجالات الاستثمارات الشاملة والتبادل التجاري مع تدشين آليات التأمين المناسبة ضد مخاطر الاستثمار، وهو الأمر الذي يساعد الاقتصاديات الأفريقية على تحقيق مستوى من النمو أسرع بات مطلوبا على الصعيد الأفريقي، كما يحقق للجانب العربي مصداقيته في مسألة التفاعل الاستراتيجي مع أفريقيا.
التطبيق الأفريقي لمبادرة دول الجوار العربي التي تتبناها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والتي تقوم فكرتها الأساسية على تكوين رابطة إقليمية لدول المحيط العربي على الجانبين الشرق أوسطى والأفريقي تكون مهمتها السياسية تعظيم المصالح المشتركة وتوفير الأمن لأعضاء الرابطة والعمل على تبنى سياسية تنمية شاملة فيها .
هذا السياق تم عرض اقتراح بانضمام تشاد لرابطة الجوار العربي على اعتبار أن المكون العربي في هويتها واضح، كما أنها من الدول المؤثرة على الاستقرار في منطقة وسط أفريقيا عموما والسودان خصوصا.
الملف النووي كان حاضرا في قمة سرت، فبدا أن التعاون الأفريقي العربي المشترك لمنع انتشار الأسلحة النووية، والتعاون بين الطرفين على الصعيد الدولي أمرا مطلوبا ومتفق عليه, ويذكر بالنجاح الذي تم إحرازه سابقا على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن يبقى أن تقدم التعاون في هذا الملف سيظل رهنا بمستوى التعاون فى الملفات السياسية والاقتصادية التي تتطلب دعما عربيا لأفريقيا .
لاشك أن انعقاد القمة العربية الأفريقية والإعلان عن شراكة إستراتجية جديدة بين الطرفين يعد خطوة إيجابية يدعمها الجميع، ولكن لابد من الأخذ في الاعتبار طبيعة التحديات الإجمالية التي تواجهها مثل هذه الشراكة في المرحلة الراهنة، وأولها مدى قدرة النظام العربي على التنسيق في عملية التعاون مع الجانب الأفريقي، فهذا النظام يعانى من محدودية الفاعلية فى محيطه الذاتي، وبالتالي فإن فاعليته تبدو محل شكوك على المستوى الإفريقي, خصوصا فى ضوء الممارسات العربية الانفرادية، والتي أخذت طابعا تنافسيا في أفريقيا حلال الفترة الماضية، فكان لها انعكاسات سلبية مؤثرة على مجمل العلاقات العربية الأفريقية. وتتضمن هذه التحديات أيضا طبيعة البيئة الأمنية في بعض المناطق الأفريقية، وهو واقع يتطلب حلولا غير تقليدية من الجانب العربي, كما يشكل التنافس الدولي على الموارد الأفريقية والتدخل فى مسارات التفاعلات الداخلية لكل دولة أفريقية على حده تحد إضافي أما م الشراكة المزمعة بين الطرفين العربي والأفريقي .
وفى سياق التحديات أيضا فإنه من المهم الانتباه على المستوى العربي للتحدي الثقافي الماثل في الإدراك السلبية المتبادلة بما تشكله من معوقات نحو تفاعيل التعاون العربي الأفريقي بالمستويات الملائمة، وربما يكون الاعتذار العربي الذي تم تقديمه للأفارقة فى قمة سرت خطوة فى هذا الاتجاه، وإن كان يؤخذ عليه أنه لم يضمن في البيان الختامي للقمة.
([email protected])


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.