بعد ان تشكلت الدولة وبدأت معالمها وهياكلها وحدودها الجغرافية والسياسية فى الظهور, صدر قانون الجنسية السودانية فى سنة 1957, الذى كان يعرف قديما بقانون " تعريف السودانى لسنة1948", قانون الجنسية السودانية لسنة 1957 كان سارى حتى عام 1993, حيث الغى هذا القانون ليحل بدلاً عنه قانون الجنسية السودانية لسنة 1994 الصادر من المجلس الوطنى الانتقالى . الطابع القانونى لفكرة الجنسية يساعد على التفرقة بين انواعها وأيضاً على تعريفها كمصطلح قانونى , فقد ثار حولها جدل واسع فى كونها رابطة قانونية بين الفرد والدولة, أم أنها رابطة سياسية بين الفرد والدولة. أن الفقة القانونى السائد عرفها بانها رابطة قانونية وسياسية معاً, لانها تصدر بموجب قانون ينظم معاييرها ولوائحها, ولانها يتحدد بها فى سياسة الدولة كما أن الفرد ينتمى الى الدولة, أن اللفظ الفنى الدقيق لمفهوم الجنسية بشكل عام يرجع الى حالة الانتماء والشعور بالولاء الى الوطن, كما أن اللفظ مستوحى من لفظ الامة الذى يفسر فى نظرية العقد الاجتماعى بمعنى الدولة "الاقليم- الشعب- السيادة ". ومن أجل الحصول على الجنسية بشكل عام يوجد هناك معياران اساسيان هما:- معيار الدم ويعنى الانتساب الى الاصل, معيار الاقليم ويعنى الارض التى ولد بها الشخص. معيار الدم دائماً تاخذ به الدولة المعروف انها طاردة للسكان أو تعانى من هجرة أبنائها الى الخارج, فهذه الدول تعتمد هذا المعيار كشرط أساسى لمنح الجنسية, والذى يعنى الانتساب الى الاصل فمثلاً فى جمهورية مصر العربية تمنح الجنسية للفرد أذا كان مولود من أب و أم مصرى حتى تضمن أن هذة الاصول مصرية. هذا المعيار فيه جانب من الجهل حيث انه لايراعى العوامل الاجتماعية التى تنشاء على اعقاب الاطفال مجهولين النسب. ذلك على عكس الدول المعروف أنها جاذبة للسكان وتتمتع بوجود مهاجرين, فتمنح جنسيتها على أساس معيار الاقليم وهو يعنى ميلاد الفرد على أرضها. على سبيل المثال الولاياتالمتحدةالامريكية تمنح الجنسية لكل طفل يولد فى أرضها, بغض النظر عن الجنسية التى يحملها أبوية, وذلك لاعتبارات سياسية وأجتماعية تلعب فى هذا المعيار دوراً هام. كما أن هناك أسباب نشأة على وجود المعايير السابقة الذكر أدت الى ظهور ظاهرة تعدد الجنسيات التى قد تكون مصاحبة للحظة الميلاد أو لاحقة للميلاد. السبب المصاحب للحظة الميلاد هو أن الشخص يتمتع باكثر من جنسية فى لحظة ميلادة, على سبيل المثال تعتمد جمهورية مصر العربية معيار الدم كمعيار أساسى لكسب الجنسية المصرية بينما تعتمد الولاياتالامريكية معيار حق الاقليم لكسب الجنسية, فلو افترضنا أن هناك طفل ولد فى الولاياتالمتحدةالامريكية من أب مصرى فان هذا الطفل يكتسب الجنسيتين, المصرية بحق الدم , والامريكية بحق الاقليم الذى ولد فيه, أن تعدد الجنسية المعاصر للميلاد لا يمكن تفادية مطلقاً فعلى سبيل المثال القانون الفرنسى وكذلك القانون المصرى يعتمدان على معيار حق الدم فى كسب الجنسية, بمعنى اذا توحد المعيار فانه يودى أيضاً الى تعدد الجنسية فمثلاً أذا تزوج رجل مصرى من أمراة فرنسية أو العكس فأن الطفل المولود هذا بمجرد ميلادة يتمتع بجنسيتين المصرية والفرنسية. أما سبب تعدد الجنسية الاحقة على الميلاد فأنها ترجع الى التجنس بجنسية دولة أخرى أو بالزواج المختلط. أن مخاطر تنازع القوانين كثيرة فمنها الاجتماعية والدبلوماسية و القانونية, كما أن هناك مشاكل أخرى تندرج فى التزامات الفرد مثل حق الدفاع عن الدولة وحق الانتخاب والترشح والخدمة العسكرية والضرائب المالية وحق التملك العقارى أو غير المنقول, وأيضاً المسائل المتعلقة بالاحوال الشخصية كالزواج والطلاق والنسب والميراث. وفى قانون الجنسية السودانية الذى يحتوى على 19 مادة, يرى كثيراً من القانونيين أن هذا القانون بة عيوب فى الصياغة , وضيق السقف. عموماً فان قانون الجنسية السودانية يمنح الشخص الحق فى اكتساب الجنسية بطرقتين هما الميلاد والتجنس , كما أن هذا القانون قد أعطى سلطة أسقاط وسحب الجنسية لرئيس الجمهورية, ومن هنا لابد لنا أن نفرق بين مصطلح الاسقاط و مصطلح السحب. يكون الاسقاط للشخص الذى يحمل جنسية بالميلاد , أذا ثبت انه قد تنازل عنها أو قدم أقراراً بالتنازل عنها, او ألتحق بخدمة اية دولة معادية للسودان. أما السحب فيكون للشخص الذى يحمل جنسية بالتجنس, اذا ثبت انه حصل عليها بطريق الغش او تقديم معلومات كاذبة , او انه يتعاون ويتأمر ضد السودان, أو أدين فى جريمة التجسس, أو أدين بجريمة تتعلق بسلوك أخلاقى مشين قبل أنقضاء خمس سنوات من تاريخ تجنسه.. تمر هذه الايام سابقة خطيرة على السودان, سابقة الانفصال التى سوف تودى الى تغيير مجرى القوانين,وربما يشهد السودان صراع قوى , يدخل فيه من باب تنازع القوانين والقانون الواجب التطبيق. نافع حامد المحامى المملكة المتحدة