بسم الله الرحمن الرحيم هذا بلاغ للناس نسمع عن مشروعات يغلب علينا فهم توصيفها؛ فتارةً نسمع بالمشروعات التي تحل المشكلات أفقياً ورأسياً وبرياً وبرمائياً وزراعياً دون معلومات منهجية ؛ بل في الغالم الأعم " كلام فض مجالس" ؛ وليس من بين كل هذه المشروعات ذات "الجرس الرنان" حل جذري لمشكلة ما هو " مائياً " في كردفان ؛ فما نسمعه من حصاد المياه و تأهيل الحفائر ما هي إلا مجرد حلول وقتية لا جذرية أساسها مواعين لتخزين مياه الأمطار هي في الأصل موجودة منذ نشأة هذه المناطق ؛ فمياه تلك الحفائر- كما يعلم كثيرون - لونها في الغالب الأعم لون عصير( التانك) وهو ليس بعصير " تانك" لأنه يفتقر للسكريات فهو ماء " أزرق" كما يقول أهلنا هناك – أسف – فالحقيقة أنه ماء " برتقالي". ويشرب من هذا المزيج المائي العجيب الانسان الكردفاني وكذلك ماشيته ؛ ولا يهم إن أصيب بداء حصى الكلى أو البلهارسيا أوغير ذلك من الأمراض فلا يهم تكلفة الطبابة على الدولة فهي قادرة على تحمل أعباء العلاج وليست قادرة على توفير المياه الصالحة للشرب وهذه مفارقة أخرى. يبدو علينا أننا نميل للأخذ بمدلول الآية التي أنزلها الله في محكم التنزيل دون تدبر الأسباب وأكتفينا بأن الله هو الشافي بدون أن نأخذ بالاسباب وهي علاج ودواء الداء فيصبح بعد ذلك الأمر كله معتوراً لأننا لم نستصحب أيضاً ا قول الله تعالى في الآية المنزلة التي تدعونا بقوله (لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)..الآية. أو حتى نسترشد بالاحاديث ومنها ( كلكم راعٍ ).!! إن أكثر المناطق تأثراً بالعطش هي غرب كردفان وحاضرتها النهود وغرب كردفان هي أكبر وأقدم مركز في كردفان والتي كان ينبغي أن تكون ولاية مثل جنوب وشمال كردفان قبل أن تقطع أوصالها وتضم أجزاء بعضها لجنوب كردفان. وهي مدينة عرفت الثقافة مبكراً حيث أنشيء بها أول نادي ثقافي عام 1917 وأطلق عليه إسم نادي السلام . ومع كل هذا الظلم التنموي لا اعتراض؛ ولكن لماذا لا يعطى أهلها ذات الحق الذي منح لشمالها وجنوبها سيما وأن الصمغ العربي التي تفاخر به الأبيض حاضرة شمال كردفان جُله يأتي من النهود حاضرة دارحمر . كما أن النهود هي ملتقى طرق الماشية ورعاتها من كل ولايات دارفور وبها أكبر سوق مواشي خاصة للضأن والجمال الحمرية في كردفان. تخيلوا ونحن نتحدث عن تعظيم الثروة الحيوانية ؛ في ذات الوقت لا نوفر لها أبسط مقومات الحياة وهو الماء ؛ ناهيك عن الانسان نفسه الذي يملك الماشية ويرعاها ويعظم حجمها . أن تُحل مشكلة مياه الابيض هذا جيد – اللهم لا حسد - والمثل يقول " العندو ضهر ما بندق على ضهرو" ؛ ولكن ليس من العدل أن تحل مشكلة مياه غرب كردفان بأكملها دون استثاء حتى تلك التي حظيت بظهر يسندها؛ دعك من أن الوالي دائماً يكون من مواطني الأبيض تحديداً ؛ فلماذا لا يكون من النهود أو بارا أو أم روابة أو الرهد أو الغبشة مثلاً ؟! . هذا على أقل تقدير حتى لا يشعر مواطن غرب كردفان ومواطنتها ما لحق بهم من ظلم المركز حين قطعت أوصال منطقتهم. والأنكى أنه حتى حينما استمع المركز لوجهة نظر أهلها كان التعنت واضحاً في الرد من قبله وكأن على النهود أن تدفع ثمن الموازنات السياسية من دومها بتمزيق جسدها. لقد بلغ الأمر بمواطنيها طرح سؤال مشروع وهو: هل على أبناؤها حمل السلاح كغيرهم حتى يستمع إليهم؟! لماذا ندفع مواطني هذه المنطقة باتجاه التفكير بهكذا طريقة المناطقية الجهوية في وقت نحن أحوج في إلى التماسك والتوحد؟! سأعطي مثلاً بالطريق المعبد الذي يصل الأبيض بالنهود الذي أصبح حقيقةً بعد أنتوقف العمل به عدة مرات خلال (17) سنة والاسباب معروفة منها فساد أصاب تنفيذ الطريق حينما نصّب أحدهم نفسه مشرفاً على تنفيذه دون تخويل؛ أليس من المفارقات أن يقف الطريق عند مشارف مدينة النهود دون أن يدخلها ؛ فإن بحثت عن الاسفلت داخلها لا تجد له أثراً بينما الآليات واقفة متعطلة على على مشارف البلدة . لماذا لا نكمل أي مشروع نقوم به حتى يرضى المواطن عنه؟! . لماذا نترك فيه من النواقص ما يحز في النفس بينما يرى أهالي المنطقة كيف تعبد طرفات المدن في الأبيض ومدن جنوب كردفان؟! هل الغرض غرس الحسرة والضغينة في نفوس سكاتها؟!. لقد سبق أن كتبت بتاريخ 20/5/2010 في هذا الصدد ؛ وأحيلكم للرابط لمن لم يطلع ، ليتنا نقرأ ونتمعن ونحاول إيجاد الحلول المناسبة لمشكلات الأطراف حتى لا نعطي ذريعة الجأر بالتهميش. http://www.sudanile.com/index.php?option=com_content&view=article&id=14753:2010-05-20-06-30-45&catid=910:2009-12-12-16-28-31&Itemid=64 إن دعاوى التهميش لم تجد آذاناً صاغية إلا بعد أن شعرت تلك المناطق بعدم التنمية المتوازنة وتفضيل ولاية على أخرى ويعتقد أن حجم الاهتمام مرجعه إلى عدد النافذين من الدستوريين والتشريعيين في المركز بل وحتى داخل الولاية يمارس الولاة ذات النهج في الانحياز إلى تطوير مدنهم ؛ وأن كثير من المشروعات التي يسمع بها أهالي المناطق المهمشة إما للإستهلاك المحلي أو مشروعات ليست ذات ثقل يعول عليها في تنمية حقيقية يطول أمد تنفيذها أو ربما تلغى لعدم جدواها بعد الاعلان عن إعادة دراستها وتطويرها. ما يدعو للعجب أيضاً أن يخرج مسئول يتحدث عن مشروعات دون ذكر آجال تنفيذها ودون التحدث عن مردوداتها على حياة الناس ودون سند من أرقام واحصاءآت محددة؛ وهذا يدل على غياب المنهجية ؛ فمن غير المعقول أن نتحدث عن مشروع سيستوعب عمالة وتوظيف خريجين دون أن نذكر الاعداد التي يستوعبها المشروع وكأن ذلك مجهول لمن أعد دراسات الجدوى التنموية.!! حينما نكتب عن هكذا مواضيع فإننا ندق جرس الانذار أن انتبهوا أيها الساسة والحكام فلا تكرروا أخطاء السلف الذين تجاهلوا كل ما يتعدى حدود العاصمة القومية والولايات الشمالية . أليس في هذا دفعاً لأهالي تلك المناطق المحرومة والمهمشة لأن يشعروا بدونيتهم واستعلاء أهل السلطة لأن غالبيتهم من الشمال الجغرافي . أرجو أن لا يقال أنني أدعو للجهوية والمناطقية ولكنني أدعو لعدالة التوزيع والتنمية المتوازنة . هل فكر قادتنا في مد انبوب من النيل الأبيض يروي كل كردفان الكبرى بعد مروره بمدن وقرى النيل الأبيض التي تعاني هي أيضاً ذات المشكلة وخاصة في فصل الصيف حتى تماثل هذه الخطوة تلك التي اتخذت بأيصال أنبوب مياه من العطبراوي إلى بورتسودان رغم وجود خور أربعات الذي لم يحل المشكلة لإعتماده على مياه الأمطار؟! ، والامطار مواسم قد تغدق وقد تبخل ؟! أم تركوا الأمر لتلك المواسم والتي تنزل فيها الأمطار لحكمة بقدر لا يعلمه إلا الله؟! أليس في ذلك دفعاً إليهياً للبشر للأخذ بالالأسباب وإعمال العقل بالتفكر والتدبر والتعقل؟ أم أننا نستمريء الاتكالية؟ لماذا لم يتحسبوا لمواسم الجفاف في عصرٍ يعاني العالم بأسره من تغيرات مناخية وتصحر واحتباس حراري؟! أيها السادة خذوا مشكلات الأطراف بجدية ؛ أعِملوا الديمقراطية والشورى ، تلمسوا مشكلات أهليكم الحياتية ؛ لا تخلطوا بينها وبين المواقف السياسية ؛ يكفينا جنوب واحد ، لا نريد ما حدث أن يتكرر وسببه آفة الساسة بالتجاهل وتصفية الحسابات السياسية أو الاستعلاء الثقافي.. أيها السادة رحمة بغرب كردفان ؛ فوالله لم يشفع لها من بنيها الكثر من هم في المركز منهم فيصل حسن وكان والياً وأحمد ابراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني ؛ وأحسب أن معظمهم يعمل بالمقولة : ( أنا.. ومن بعدي الطوفان)!!