بسم الله الرحمن الرحيم هذا بلاغ للناس v أنا لا أعرف الرجل شخصياً ولا تربطني به صلة قربى ولا مصاهرة ؛ وتجمعني به قواسم مثل كالتي بين كل مواطني هذا البلد ؛ كالايمان بالمعتقد الديني والانتماء للوطن والاشتراك في الهوية والتخاطب بلسانٍ عربي مبين . فقد جرت العادة في أرض المليون ميل - الأن إلا ثلث – إن نوصف بالنفاق والرياء إن قلنا كلمة حقٍ ؛ في حق شخصيةٍ عامة لا لشيء إلا لأنهم يختلفون معها في التوجه . وبناءً على هذا الفهم فمسموحٍ لنا أن نغمط الحق إن كان هناك ما يستوجب أن نثمن له من عملٍ ما أو أداءٍ متميز أو انجاز ؛ ويفترض أن لا نسلط الأضواء إلا على الجوانب السلبية فقط حتى لا نوصف من قبلهم بالنفاق والرياء.. فهل هذه قيم وأخلاقيات وأمانة الكلمة والقلم؟! v يفترضون أن محتماً علينا أن نمعن ونوغل في التجاهل عمداً لكل ما هو ايجابي في أي منحي يمس أيٌ من جوانب حياتنا السياسية أوالحزبية أوالاقتصادية أوالثقافية والاجتماعية وإلا فإن شرف ولقب معارض غير مستحق وشرفه لن يسبغ عليك ؛ فالمعارضة في عرف كثير من رموزها التقليدية هي أن تركز وتتبع المثالب وتتلصص الأخطاء فقط ، ولعمري هذه سيكوباتية وسادية مزدوجة في ممارسات الأحزاب ؛ بل هذه نظرة ضيقة تحط من قدر صاحبها . ربما أن في ذلك نوع من التلذذ والمتعة ؛ وربما هي تُسر عند تعذيب النفس والآخرين ؛ ومثل هذه الممارسات هي افراز طبيعي لتربية وتنشئة سياسية خاطئة تقوم على الاقصاء وتغييب ومصادرة حق إبداء الرأي وإن كان مغايراً لما تراه قيادة تلك الأحزاب ؛ وهذه غرائزية سالبة تأصلت وتجذرت في النفوس ولا بد أن تعترف كثير من تلك النخب السياسية والحزبية بخطيئتها ؛ بل وتتحمل وزرها ؛ لأن في ذلك نوع من الوصاية غيرمشروع وكذلك الديكتاتورية ؛ والتي تزعم هذه الأحزاب معارضتها ومقاومتها لهما ولكن في الواقع هي تمارس وتطبق ذلك داخل هياكلها التنظيمية . كثيرٌ من الانشقاقات والتشظي حدث في تلك الأحزاب فتوالدت تحت مسميات شتى لمجرد عدم السماح بإبداء الرأي الآخر ؛ مجرد إبداء وليس فرض بما لا يتفق ورأي الزعيم الوراث لقيادة حزب الأجداد والآباء ؛ بل وتصر على ممارسة هذه الديكتاتورية وتعتبر أن أي هامش لحرية التعبير داخل الحزب إنما هو هبة ومكرمة ومنة من القيادة لأعضاء مكاتبها. الواقع أنه ليس هناك " هامش" يمنح تصدقاً ؛ فالحرية " كل" لا يتجزأ وليست منة من أحد إنها حقٌ مشروع؛ مكتسب ومستحق. v ربما كان هذا أحد أهم مشكلات بعض تلك الأحزاب والتي تتهرب من مواجهتها أو الهروب دوماً للأمام منها ؛ حتى لا تثير غضبة الزعيم الوارث للحزب مما أصاب تلك الأحزاب بالشيخوخة المبكرة كذلك التعنت قياداتها وعدم رغبتها في تسمية الأمور بمسمياتها وتوصيف وتشخيص عيوبها فتعالجها . v المواطنة والهوية هما أولى ضحايا تربيتنا الوطنية فولدت قبل إكتمال نموها " مواطنة الخديج " وكانت تلك الأحزاب كالقابلة التي باشرة الولادة فتمت قبل نمو المولود حتى إن كان ذكراً حصلت على " البُشارة" وهذا أدى إلى انجاب وميلاد تفكيرسياسي قاصر وعقيم ؛ وقد أصبح هذا من العوامل المهددة لوجودنا كشعب بل وتنذر بتفككنا كدولة . وهذا ما كرّست له كثير من النخب السياسية التقليدية لعدم استصحابها للمتغيرات التي تدور حولها وتغييب نفسها حتى أصبحت لا تدرك عواقب أفعالها لذا فإنها لم تشعر حتى بتجاوز الزمن لبعضها .أن تجاهل حيوية حراك المجتمعات هو أحد أمرين إما الاستهانة أوالانفصام بين هذه الأحزاب ونبض الشارع لكونها تعيش غيبوبة عن مجريات وحتمية الحراك والتطور الدائر في المجتمع ، ويدل على أنها تشرنقت حول ماضٍ ولّى وتجازه الزمن والمراحل العمرية للأجيال المكونة للمجتمع دون أن تتفاعل ؛ لذا فإنها لم تعد تملك القدرة والآليات لإستشعار رغبات وتطلعات وطموحات مكونات الأمة وسوء استطلاع وقراءة للرأي العام ؛ ناهيك عن مطلوبات توحده . v هذا الوضع ينطبق بالمقابل على شرائح من المجتمع أيضاً ؛ وبالتالي لا يعفيها من مسئولية عدم المشاركة الفاعلة في القرار السياسي الذي يشكل وجدان الأمة الوطني لعدم إبداء الحماسة اللآزمة أو ربما عدم مقدرة بعض تلك الشرائح من قراءة الواقع السياسي لتلك الأحزاب وربما أفرز ذلك عدم الرغبة في الفرز والتصينف والتحليل لتقرر خيارها السياسي. v ومع هكذا سلبية من بعض شرائح الأمة؛ فهي بذلك أتاحت لتلك الأحزاب مصادرة حقه في التعبير عن تطلعاته ؛ فاستحلت وجيرت هذا الحق لنفسها ونصّبتْ نفسها وصية على الأمة، وفي هذا بالطبع استلاب لحق الأكثرية الصامتة التي يئست من هذه الأحزاب لأنها ايقنت أنها لن تلبي طموحاتها السياسية والمطمح في غدٍ أفضل ؛ فاستمرأت تلك الأحزاب فرض وصاية غير مستحقة وصاية دون تعيين أو تفويض ناهيك عن استغلال البسطاء أيضاً باسم الولاء الطائفي.!! v لقد عاصرنا هذه الأحزاب عندما كانت في سدة الحكم وعاصرنا تناقض ممارساتها لكل القواعد الديمقراطية وحرية التعبير واستشهد بطرد النواب الحزب الشيوعي وهم نواب أتوا إلى الجمعية التأسيسية عبر صناديق الانتخاب ؛ فقد ضاقوا بهم لمجرد الاختلاف الفكري . عندما تكون ذات الأحزاب خارج الحكم وتلبس جلباب المعارضة تعارض باسم الديمقراطية وحرية التعبير وحرية الفكر والانتخاب!! . وهذه الازدواجية معايير وإنتهاك لأدبيات واخلاقيات الممارسة الحزبية الراشدة ؛ وبالتالي فإن خطابها وقتما تكون في سدة الحكم هو نقيض حين يُنقلب عليها وتلُفظ عنوةً من سدة الحكم ؛ والانقلاب عليها دوماً يكون بانقلاب الجيش عليها لأن السودان لم يشهد في عهودها الثلاث غير تردٍ في أوضاعه الاقتصادية والمعيشية والأمنية والخدمية وذلك ناتجٌ عما أصابها من وهن وضعف واهتراء بل وشيخوخة مبكرة أفضت وأدت بها إلى كل هذه النقائص والأمراض التي سلبتها القدرة على مواجهة كل مطلوبات وحدة التراب والأمة ؛ ناهيك عن فشلها في توفيرحد أدني من العيش الكريم للمواطن؛ بل وتسببها في كثير من المشكلات والمعضلات وفشلها في إدارة التنوع العرقي والثقافي لمكونات الأمة فكانت أزمة الهوية التي أدت لإنفصال الجنوب . كل هذه الاسباب كانت دافعةً للمواطن من أن يقوم بإعادة النظر لتقييم فاعلية بعض هذه الأحزاب التقليدية وتكوين رأي تجاهها وتحديد خيارته كونه مصدر السلطات!!. v هذه المقدمة الطويلة هي لتشخيص السلوك السلبي وغير الحضاري والمنافي حتى لديمقراطية ويسمنستر التي يتشدقون بها ؛ فموقف تلك الأحزاب تجاه الآخر يغمط الايجابيات ويضخم المثالب وكأننا نعيش يوتوبيا المدينة الفاضلة ؛ لا لشيء فقط لمجرد الاختلاف في الرأي والتوجه ودون الأخذ في الاعتبار تقديم مصلحة الوطن ؛ فالانتماء الحزبي لديهم يسبق الوطني بل أهم من الوطن وقدسيته . ولنأخذ مثلاً وزير الخارجية على أحمد كرتي ؛ فالرجل يتسم بالهدوء ويمارس الديبلوماسية الهادئة وفق تخطيط سليم وخطوات محسوبة الهدف منها تطويع الديبلوماسية لتخدم الاقتصاد والتنمية التي بالضرورة تنعكس على غنسان هذا الوطن . من واقع متابعاتي لنشاطه واتصالاته شاهدنا تواصلاً ملحوظاً بالادارة الأمريكية في محاولة لاستعادة مصداقية شوهها بعض أبناء الوطن الذين لجأووا إليها ؛ واستعادة ساحة انسحبنا منها وتركناها للحركات المتمردة لتجني مكتسبات احق بها الأمة وليس فئة منه . v الآن نشاهد تغيراً كبيراً في الخطاب الأمريكي تجاه السودان وعلينا أن نعترف بجهود الرجل في حدوث هذا الإختراق ، العلاقات بين الدول هي علاقات ديناميكية تحركها المصالح فليس ثمة عدوات دائمة ولكن هناك مصالح متبادلة تحكم العلائق الثنائية تبادلاً. إن قرأت وزارة خارجينا التطورات والأحداث القليمية الحالية التي تمر المنطقة والجوار يمكن استثمارتلك التطورات استراتيجياً لصالح العلاقات السودانية الأمريكية والغربية عموماً مما قد يتوقف معها كثير من المخططات والنوايا المضمرة تجاه السودان وتحويلها من السالب إلى الموجب المربح.!! v الواقعية السياسية تستوجب الابقاء على شعرة معاوية خاصة مع القوى العظمى وتحري الموازنات بين ما هو شرق وما هو غرب ؛ وأن أمريكا هي القوة العظمى وعضو الناتو وهي لاعب رئيسي في الاتحاد الأوروبي يستطيع أن يؤثر وينسق ويوعز ويصدر أي قرارات مؤثرة تؤثر على الوضع الاقتصادي والسياسي في بلادنا مع تطوير العلاقات مع الصين وروسيا الاتحادية . أعتقد أن على أحمد كرتي يتصف بالبراغماتية والواقعية وأن بإمكانه تغيير الكثير من السياسات في علاقات السودان الخارجية اقليمياً ودولياً. v من الضرور v من الضرورة بمكانالاستمرار في هذا النهج الذي ينهجه الوزيرعلى أحمد كرتي في خطابه الديبلوماسي المعتدل ؛ كما نلاحظ من خلال الاعلام المرئي أنه يلجأ إلى الوضوح في التعبير- عند الضرورة - عن وجهة نظر بلاده دون مواربة حينما يقتضي الأمر ذلك مع الأشقاء؛ لأن المصارحة والمكاشفة والعتاب هي أولى خطوات اصلاح العلاقات لتمضي في مسارها الصحيح خاصة في علاقاتنا مع الأشقاء الذين قد يفسرون الطيبة على أنها سذاجة وهَبَل . v أعتقد أن التاريخ سيسجل إسم علي أحمد كرتي بأحرفٍ من نور كواحدٍ من أميز وزراء الخارجية الذين مروا على السودان إذا ما بدأ بالدبلوماسية الهادئة مستصحباً هدوئه الدبلوماسي الذي تميز به ؛ وبعد إرسال إشارات ورسائل حسن النوايا وفتح ملف الحدود المتنازع عليها مع كل دول الجوار التي تشاركنا الحدود ودون اثارة اعلامية تقود بعض الأحزاب التقليدية التي تحترف المزايدة والمكايدة وترى أن كل شيء يجب أن يتم على يديها لا على يد عمرو وإلا ترفع شعارها المعروف " يا فيها يا أخفيها" كما فعلت وتنصلت من قرارالاستفتاء على حق تقرير المصير حين أرادت أن تعلق مسئوليته على المؤتمر الوطني وتتبرأ منه كأنه لم يرد في مؤتمر القضايا المصيرية.. لذا فعليه أن يقضي حوائجه بالكتمان . v لى الوزير على كرتي أن يتوكل على الله ويبدأ وبموضوعية و بديبلوماسية هادئة هي تفاوض ثنائياً لتصل لحلولٍ ليس فيها عالب ومغلوب وليس فيها منتصر ومهزوم وليس فيها كاسبٌ وخاسر للوصول لحل هذه البؤر التى تحولت إلى نواعات مساحة بين دول جوار تحكمها الجغرافية وجوار دائم لا تستطيع أن ترحل معه لأنه ليس منزلٍ مستأجر ؛ دول الجوار تربطها جغرافية عضوية وعلاقات جيوسياسية وعلاقات سيسولوجية . إن الديبلوماسية الفاعلة هي التي تنزع فتيل الصراعات فبالسلام تزدهر الشعوب ، والسلام له ثمن ؛ وثمنه في حال نزاعات الحدود هي الحلول المرضية للطرفين((Compromises فحروب نزاعات الحدود هي حروب تغفو وتصحو وهي تتسم بطول الأجل والتوتر في علاقات الجوار. وكل حربٍ لها ضحايا من الجانبين وعندما يتساءل البعض عن عدد مات من الطرفين يصبح السؤال كالبحث عن الماضي وفتح قيح الدمامل فالمفترض أن نسأل كم منا بقي حياً لأن الأحياء يصنعون المستقبل ولا نريد مستقبلاً تسوده التوترات. فلنشجع الوزير كرتي للعمل من أجل صفرية التوترات واغلاق البؤر مع دول الجوار حتى نلتفت للتحدي الأكبر تحدي التنمية ورفاه الانسان السوداني.!!.. الواقعية الديبلوماسية وديبلوماسية الواقع هي فن الوصول إلى حلول ترضي الطرفين ليس بينهما خاسرز!!.. الحروب والنزاعات لا تبني أوطاناً يعم ربوعها السلام والتنمية .. للسلام المستدام ثمنٌ.!!