تمر في هذه الأيام موجة من الحراك الجمعي في عالمنا الافريقي و الآسيوي ،و بالأخص في محيطيهما المسلم .هذا الحراك استطاع أن يوَلِد ثورةً و التي تعني في معناه البسيط ،حركة تسود الشارع يقودها كل الفعاليات السياسية و الإجتماعية نحو التغيير لكي تنجح ..فتنجح، و ذلك ما هو حاصل بالضبط في الحالة التونسية. ففي تونس كانت هناك إرادة حقيقية للتغيير و عندما تتوفر الإرادة حتماً تتوفر العزيمة و هذا ما يطابق المثل "عندما تكون هناك إرادة، تكون هناك طريقة". التونسيون بادروا و عادة في علم تبني المستحدثات و نقل التكنولوجيا نجد أن المبادرون بأي فكرة حديثة نسبتهم لا تزيد عن 2.5% من النسبة الكلية 100% . لكن لكي ينجح رواد التغيير في مسعاهم نحو الإنتقال الي المرحلة المنشودة أو بمعنٍ آخر نهاية عهد و بداية لعهد آخر و التي في ظنهم هي الأحسن عن ما كانت عليه الحال، لا بد من توافر عوامل للنجاح و هي نوع الرسالة و طريقة ارسالها . فكانت رسالتهم هي التخلص من نظام بن علي بغض النظر عن ما سوف تؤول اليه الامور ( من يحكم و كيف يحكم) و ذلك لأن الشعب التونسي إنطبق عليهم قول الشاعر أحمد مطرلمن نشكوا مآسينا؟ ومن يُصغي لشكوانا ويُجدينا؟ أنشكو موتنا ذلا لوالينا؟ وهل موتٌ سيحيينا؟! قطيعٌ نحنُ .. والجزار راعينا ومنفيون ... نمشي في أراضينا ونحملُ نعشنا قسرًا .. بأيدينا ونُعربُ عن تعازينا ... لنا .. فينا!!! فوالينا.. أدام الله والينا رآنا أمةً وسطًا فما أبقى لنا دنيا .. ولا أبقى لنا دينا!! ولاة الأمر .. ما خنتم .. ولا هِنْتمْ ، اما طريقة ارسالهم للرسالة صحيح شرارتها بدأت من شاب حرق نفسه، و لكن العامل الأساسي و الحاسم فيها هو الخروج الي الشارع و هذا التلاقح و التماذج و الترابط الوثيق ما بين الإرادة والعزيمة من جانب .. و الخروج العلني الكلي الي الشارع اعطت الثورة معناه الحقيقي. و في المقابل لا يغفل دور بن علي و نظام حكمه الذي هيأ الظروف لنجاح ثورة الياسمين كما يحلو للتونسيون تسميته، و إنني كمهندس زراعي و غيري من الزراعيين نعرف قدر نبات الياسمين جيدا و ما يمكن ان تعطيه للبشرية و للبيئة و الحياة ... فهي تعطي النفس البشرية الطِيب ..فكانت الثورة ، و تعطي البيئة الخضرة و النضرة .. فكانت المودة و الإلفة ، و هي كذلك تعطي الحياة الظل والتربة الصالحة للتواصل .. فكانت عودة راشد الغنوشي ومنصف المرزوقي . ولكني اوافق كذلك الاخ عبدالبارئ عطوان في تسميتها ثورة الأحرار .. لأنها حركت الغضب الساكن ليس في تونس وحدها بل أسست لولادة ثورات اخري مماثلة و شراراتها بدأت في كثير من البلدان العربية و الإفريقية.. الجزائر، الأردن، السودان، اليمن ومصر. سوف نتطرق لدور نظام بن علي في نجاح الثورة التونسية في مقال لاحق تيراب احمد تيراب الدوحة-قطر