[email protected] السفراء المحترفون بوزارة الخارجية – على الأقل القدامى منهم – أناس مميزون ومحترمون بسبب كفاءتهم وأمانتهم ومعرفتهم الدقيقة بدهاليز السياسة الخارجية.....وقد كانت وزارة الخارجية عبر تاريخها الناصع منارة وبوصلة أستطاع السياسيون من خلال تحليلها وتقييمها الدقيق للأمور من رسم السياسات المتوازنة التى سارت عليها البلاد ردحاً من الزمان.... وبمجىء حكومة الأنقاذ انقلب الوضع رأساً على عقب في هذه الوزارة العتيدة بسبب توجهات الأنقاذ الأيديلوجية فتم فصل عدداً مقدراً من السفراء و الدبلوماسيين....بينما عمل الآخرون تحت ظروف ضاغطة وقاسية..على رأسها سيف التشريد والأرهاب الذى كان مسلطاً على رؤوسهم طيلة فترة عملهم ....علاوة على تغول السلطات على الصلاحيات الدبلوماسية والأدارية للعاملين بالوزارة ، حتى استحال العمل فى الخارجية الى جحيم لا يطاق ...ولم تعد الخارجية هى خارجية الأبداع المهنى والتفوق النوعى كما كانت ، ولن تعود أبداً الى سابق عهدها الزاهر ، شاء من شاء وأبى من أبى.... والأنقاذيون يعرفون ذلك قبل غيرهم .... ومن السفراء المميزين الذين عملوا فى الوزارة خلال الفترة من1977 وحتى تقاعده فى 2010 ، السفير الأديب الشاعر جمال محمد ابراهيم...ولاغرو فقد كانت وزارة الخارجية تزخر بملوك الكلم وأمراء القوافى الذين يضيق المكان عن ذكر أسمائهم فرداً فرداً.. والسفيرجمال صديق منذ أيام الجامعة ثم الثقافة والأعلام ثم وزارة الخارجية...ولم نر منه عبر السنون الا وجهاً مبتسماً متفائلاً وأدباً جماً.....كتابة وسلوكاً...وشكلاً جميلاً أنيقاً ( presentable )....وكفاءة مهنية رفيعة شهدت بها الدول التى عمل فيها.... وأحزننى كثيراً ما شاهدته في وسائل الأعلام مؤخراً من هجوم مدبر ومقصود على السفير جمال من المسئولين بمفوضية الأستفتاء مما دفعه الى الأستقالة.....وقال هؤلاء المسؤولون أن السفير جمال أقيل من عمله ولم يستقل وذلك بسبب ضعف أدائه.....ولعمرى لا يستقيم وصف من تخرج في جامعة الخرطوم في سبعينات القرن الماضى – عندما كانت جامعة الخرطوم تماثل جامعة كينبردج في المستوى الأكاديمى – ومن اجتاز امتحانات وزارة الخارجية عندما كان الاختيار للخارجية يتم وفقاَ للمجهود الشخصى وليس الواسطة – ومن أظهر تفوقاً نوعياً على زملائه فى الشعر والأدب – أقول أن من خطل الرأى وقلة الحيلة وصف رجل مثل هذا بضعف الأداء....وقد علمت أن بعض كبار السفراء الذين عملوا في المفوضية ممن أعرفهم شخصياً وممن تشرفت بالعمل معهم في السفارات وكذلك أحد خبراء الأنتخابات المرموقين ، قد تمت مضايقتهم بنفس القصد والعمد مما دفع بعضهم لترك العمل بالمفوضية دون ضوضاء.... واليكم بعض النقاط العامة عن الأخ السفير جمال التى ربما تلقى الضوء على بعض ملابسات استقالته وليس اقصائه كما يدّعون .... لأنه ليس هناك من يملك سلطة اقصاء الأدباء والشعراء من مرابضهم وان اجتهد في تلويث سمعتهم ادارياً : • انضم لمفوضية الاستفتاء بألحاح من أصدقائه كونه اسماً معروفاَ. • كتب دفاعاً عن زميله السفير عمر الشيخ الذى اعترضت الحركة الشعبية على تعيينه ، وكان الأعتراض غير مؤسس وغير موضوعى. • عمل ناطقاً رسمياُ بالأنشطة الفنية للمفوضية وليس متحدثاً سياسياً باسمها. • كان يقدم المذكرات لرئيس المفوضية لتوفير معينات العمل ، وبالفعل تم تعيين المترجمين والأعلاميين الذين رشحهم أعضاء المفوضية رغم أن تعيين بعضهم كان مثيراً للجدل. • بسبب ضعف بعض العاملين في المفوضية فى اللغة الأنجليزية ، وتأخرهم فى كيفية التعامل مع الشبكة العنكبوتية ، فقد تمت ترجمة بعض المواد ترجمة ركيكة وزج بها في موقع المفوضية في غياب السفير جمال الذى قضى ليلته في المطار حتى الصباح لمتابعة وصول الوثائق وأوراق التسجيل الخاصة بالمفوضية من جنوب أفريقيا..... وتم سحب الترجمة في وقت لاحق. • استغل البعض هذه الربكة ونقل لرئيس المفوضية أن الأداء الأعلامى بالمفوضية ضعيف....مما حدا بالرئيس اتخاذ موقف سلبى ضد السفير جمال وبناءاً على ذلك تقدم السفير جمال باستقالته. • مما تقدم يبدو أن بعض المواقف الشخصية البحته ، والغيرة الوظيفية professional jealousy قد لعبت دوراً مقدراً في تأجيج الصراع بين العاملين فى المفوضية ، ويأتى على رأس ذلك محاولة تقديم سفراء وزارة الخارجية أكباش فداء للفشل المهنى والتخلف الأدارى الذى رافق بعض مستويات الأداء التى تتطلب قدراً عالياً من المعرفة الوظيفية و العصرنة الحديثة..... • ومهما يكن من أمر، فلك أخى جمال العتبى حتى ترضى....وأوصى نفسى وأخوتى من السفراء والدلوماسيين بان يظلوا مترابطين...فلا تؤكل من الغنم الاّ القاصية......وما زال التربص موجوداً رغم المجزرة الشهيرة في الأعوام 1989 ، 1990 و 1991 .