[email protected] الملاحظة الأولى : الشكر والتقدير قالوا من لا يشكر الناس لا يشكر الله...... وقد دأبنا من خلال هذا الموقع والمواقع المماثلة على توجيه النقد لهذه الوزارة التى ما زلنا ننتمى اليها روحاً رغم احالتنا القسرية للصالح العام ثم احالتنا الجبرية للمعاش دون ترقية ودون تعويض.....ونحن لا نكتب عن هذه الوزارة السيادية بالغة الحساسية بلغة الحقد والتشفى أو الرغبة أوالطمع ، بقدر ما نرمى الى الأصلاح والتأهيل والتأصيل بتبيان مواطن الخلل والضعف ......ونصر دائماً على أن وزارة الخارجية تمثل رأس الرمح في الدفاع عن قضايا السودان الخارجية السيادية التى لا تقبل المساومات أو التنازلات.... كما كنا نصر دائماً ألا تتحول هذه الوزارة الى جهاز أمن صغير يتبع لجهاز المخابرات الكبير بحيث تعالج كل القضايا السودانية من المنظور الأمنى البحت....وهذا الأمر ينبغى ألا يغضب أو يزعج أحداً....فالكل ميسر لما تدرب له ....والكل تتكامل جهوده مع غيره في هارمونية وظيفية متسقة مع بعضها تعمل من أجل مصالح الدولة العليا.....دون خوف أو وجل من التفنيش أو التطفيش أو التهميش....وهناك دائماً خيط رفيع يفصل بين الأختصاصات الوظيفية رغم تداخلها البادى للعيان....والدبلوماسى الحصيف هو من يعرف أين يبدأ هذا الخيط وأين ينتهى...ومتى يكون تخطيه لازماً ومتى يكون غير ذى شأن ..... و كل هذه الأمور لا يقوم بها الا الشباب المؤهل المطّلع المسكون بحب الوطن......وقد لاحظت وأنا أرتاد مكاتب الدبلوماسيين المعاشيين بالمبانى الرئيسية للوزارة ( وهى مكاتب خصصها السيد الوزير لخدمة قدامى الدبلوماسيين وهى منفصلة تماماً عن برجى الوزارة الرئيسيين ) لاحظت أن هذه المكاتب مزودة بالصحف والمجلات والتلفزيون البلازما و المنافع كالحمامات وغيرها ، فيما الوصول سهل لمكتبة الوزارة و المسجد ...ألخ وتمكن هذه المكاتب المجهزة ، رابطة السفراء والدبلوماسيين من الألتقاء وتدارس مشاكل الدبلوماسيين ومحاولة ايجاد الحلول الناجعة لها مثل العلاج والجوازات والتكافل الأجتماعى والبطاقات وهلم جرا....كذلك يظل النادى الدبلوماسى مفتوحاً على مصراعيه لاحتضان الأنشطة السياسية والثقافية والأجتماعية للدبلوماسيين قديمهم وحديثهم..... من جهة أخرى علمنا أن هنالك عملاً دؤوباً يجرى التحضير له لأعادة هيكلة الوزارة بما يحقق الكفاءة المهنية خاصة في ظل انفصال جنوب السودان وغير ذلك مما يتصل بقضايا الوحدة الوطنية والحراك السياسى الأقليمى ...الخ....ومهما يكن من أمر ، فنحن نؤيد هذا التوجه الذى يبدو لنا أنه يتمتع بالجدية اللازمة وبعد النظر لترميم ما انكسر من هيبة وزارة الخارجية في العقدين السابقين.....حتى تعود الوزارة سيرتها الأولى....وأهل مكة أدرى بشعابها.... ...وأتقدم بشكرى في هذا المقام لقيادة الوزارة وعلى رأسها الوزير على أحمد كرتى الذى لولاه لما أثمرت هذه الخطوات الجريئة نتائج ملموسة في ربط حبال الوصل بين الأجيال الدبلوماسية......كذلك الشكر موصول لوكيل الوزارة رحمة الله زميلنا وابن دفعتنا والذى كان اختياره موفقاً جداً لهذا المنصب الحساس.....ونشكر سفيرنا الكبير قدراً صلاح محمد على ورابطة السفراء لما يبذلونه من جهد ووقت لخدمة زملائهم....وأيضاً نمد يد التقدير للصديق الزميل السفير بابكر عبد الكريم المسئول عن ادارة مكتب المعاشيين بالوزارة ونقدر له صبره وأريحيته وابتسامته .....والتقدير مبسوط لأبنائنا الدبلوماسيين والأداريين الذين ما فتئوا يعاملوننا بأدب جم وأحترام كبير. الملاحظة الثانية : توازن التصريحات وشخصنة السياسة من المدهش حقاُ ألا يصدر بيان أو تعليق أو حتى تلميح من الجهات المختصة في الوزارة أو الوسائط الأعلامية في البلاد ، تعضد وتدعم فيه مظاهرات واعتصامات يناير المصرية......الاّ بعد التأكد من سقوط نظام الرئيس حسنى مبارك...ومهما قيل عن حساسية الموضوع أو ارتباطاته بخلفيات لا تحب الحكومة أن تنكأها ، أو لحسابات حسبتها الدولة لا تصب نتائجها في مصلحتها ، نقول انه رغم ذلك ، فأن هذا الصمت المطبق هو في واقع الأمر تقصير في حق مصر وشباب مصر ، وخنق لصوت السودان الذى كان دائماً عالياً في القضايا الأقليمية لا سيما فيما يتعلق بالحروب العربية الأسرائيلية التى لعب السودان فيها دوراً سياسياً وعسكرياً كبيراً ، وكذلك قضايا التحرر الأفريقى وما الى ذلك .......ونعتقد أن الأستشراف الأستباقى المبكر للأحداث السياسية فى مصر ، كان ومازال يمكن أن يؤدى الى ترتيب ايجابى للعلاقات الثنائية السودانية المصرية بشكل تتم فيه حلحلة القضايا المتشابكة بين البلدين وعلى رأسها قضية حلايب ، وقضايا حوض النيل لفترة ما بعد انفصال جنوب السودان .....أن اختزال مصر في شخص الرئيس حسنى مبارك ، والتصرف على هذا الأساس ، أفقد السودان القدرة على المبادرة والمبادأة لترتيب الأوضاع السياسية مع النظام الجديد بشكل يطور المصالح السودانية المصرية بطريقة متوازنة فى المستقبل ...كما أن لعب كارت الخيار والفقوس مع الأحزاب المصرية الذى تشير اليه بعض الصحف من طرف خفى ، لن يؤدى الاّ الى التوجس والخيفة يعجل بانقطاع حبال الود مع أحزاب كبيرة وجديرة بالأحترام .... وبذات القدر فأن انكفاء مصر على مشاكلها الداخلية طيلة ثلاثين عاماً من حكم الرئيس مبارك ، لم يزدها علماً أو قوة أو تفوقاً على اسرائيل....وانما حولها الى جمعية استهلاكية كبيرة مما جعل مموليها الأمريكان يزهدون في حكم الرئيس مبارك الآسن المنغلق على نفسة الذى استشرى فيه الفساد والمحسوبية مع ابتعاده عن قضايا أمته العربية ، و قد استخدموه غطاءاً عربياً لضرب العراق كما يريدون استخدامه بذات القدركغطاء لضرب ايران ولكن الشعب المصرى كان أسبق ....ولا شك أن الساحة المصرية تمور الآن بالحراك السياسى الذى لا يرضى أمريكا ولا أسرائيل....وقد يعود العالم الى نقطة الصفر لأن الأيام دول والظلم لا يدوم..وينبغى على السودان التقاط القفازوالدفع باتجاه قيام علاقات سودانية مصرية متينة لاترتبط بالأشخاص وانما بالمؤسسات. وفي تقديرى أن العصر القادم ربما ينبغى أن نطلق عليه ( عصر قيادة الفريق ) الذى يحمى البلاد والعباد من الفساد وهلوسة الأفراد..... من جهة أخرى صرح الناطق الرسمى باسم وزارة الخارجية السودانية بأن لديهم أدلة تثبت تورط حركات دارفور المسلحة في القتال مع العقيد القذافى.....ولعمرى هذا تصريح غريب وعجيب...فبينما يقول الليبيون أن ملك الملوك يستخدم عناصر من المرتزقة من تشاد والنيجر وبوركينافاسو وغيرها من دول غرب أفريقيا ، تصرح وزارة الخارجية السودانية بخلاف ذلك و في مثل هذه الظروف البالغة الحساسية مما يعد بلا شك استعداءاً للشعب الليبى على السودانيين المقيمين في ليبيا والذين يربو عددهم على المليون ذلك لأن الشعب الليبى لا يفرق بين السودانى المسلح والسودانى غير المسلح وانما كلهم سودانيون سمر البشرة....ويبدو أن ما يفهم بين سطور هذا التصريح البالغ القسوة والذى ماكان ينبغى أن يصدر من وزارة مسئولة ، أن الحكومة السودانية تود أن تضرب عصفورين بحجر واحد ، بمعنى أن تؤلب وتحرض الشعب الليبى على الأنتقام من هذه الحركات الدارفورية المسلحة التى يستضيفها على أراضيه من جهة ، ومن ثم كشف ارتزاق هذه الحركات للعالم الخارجى من جهة أخرى....ونست الخارجية - في خضم بحثها عن ابادة فورية للحركات المسلحة - نست أن مليوناً من المواطنين السودانيين المغتربين البسطاء ، يقفون في الأرض الحرام ما بين أجندة الحكومة السودانية ، وأجندة الحركات المسلحة ، وبين الفوضى الضاربة أطنابها في ليبيا ، مما يعرضهم للقتل المباشر. ونستنتج كذلك أن ادانة أو الكشف عن تورط الحركات الدارفورية المسلحة في أحداث ليبيا - ان صح ذلك – انما هو ادانة أيضاً لملك الملوك نفسه الذى يستعين بالمرتزقة لذبح شعبه ، سودانيين كانوا أم أفارقة....وهى أول أدانة ضمنية من الحكومةالسودانية ، لملك الملوك الذى ما فتىء يبرطع في بلادنا منذ أربعين عاماً .....ونحن ما زلنا نستقبله تحت لقب القائد الأممى...أن الحركات ومهما يكن من أمر فان مشكلة دارفور هى مشكلة سودانية بحته مثلها مثل أية مشكلة سودانية أخرى، و تجتهد الحكومة والأطراف الدارفورية في ايجاد الحلول المناسبة لها ، ونأمل أن تعامل وفق هذا المنظور الواضح رغم التضحيات الجسيمة من الجانبين...... وبمعنى آخر أن الحركات الدارفورية ليست شخص يمكن الخلاص منه بين عشية وضحاها وانما هى مشاكل أنتجتها ظروف معينة وحال انتهاء هذه الظروف سيسود السلام ، كما نأمل أن تقنن العلاقات السودانية الليبية بصورة قاطعة، سقط القذافى عن كرسى المجد والثورة كما وصف نفسه ، أم نجح في ابادة شعبه وبقى لأربعين سنة أخرى ..... ولاشك أن للسودانيين العاملين بالخارج تجارب مرة مع مثل هذه التصريحات غير الموزونة ، من قبيل تصريحات الرائد يونس في التسعينات التى أججت نيران العداء بين السودان ودول الخليج ابان حرب الخليج الثانية ، وكان الخاسر الأول من تلك التصريحات هم السودانيين العاملين بالخارج..... اضافة الى وقوف السفارات السودانية بشكل سلبى من أحداث الزاوية الحمراء في ليبيا التى قتل فيها السودانيون ، ثم أحداث ضرب السودانيين في مصر....ثم أحداث لبنان العنصرية الأخيرة التى ضرب و شتم فيها السودانيون واستكثر عليهم ( الحكى بالعربى ) . وللتذكير فقط ، تقول الولاياتالمتحدةالأمريكية ، أنها لا تستطيع أن تقوم بأى أجراء ضد ليبيا في الوقت الحاضر بسبب وجود (700) أمريكى تخشى على حياتهم .....يعنى حياة لحياة تفرق يا أصدقائى......فهل لنا أن نطمع أن تكون حياة السودانى قيمة مثل ربع قيمة حياة الأمريكانى ولو بعد قرن من الزمان... ونقول للعقيد القذافى في هذا المقام : ملك الملوك أسامع فأنادى أم قد عدتك عن السماع عوادى