إن المتطلع لمصر بعد تاريخ 25 يناير المنصرم يرى أن ذلك الزلزال الذي أعاد لمصر سيرتها الأولية لموقعها الريادي والجهوي بالأمة العربية هو تسونامي جو سياسي وشعبي واقتصادي واجتماعي كبير يجب أن نقف عنده كثيرا لكي نستوضح ما فيه من عبر ودروس تتوجب أن تدرس في علوم السياسة بالكليات بالجامعات العالمية منها والعربية على وجه الخصوص . الكل منا بالتأكيد يعرف . أن ليس بالخبز وحده يحي الإنسان ولكن هنالك مساندات أخرى ضرورية لكي يعيش المواطن بكرامته وشرفه وهي من الأبجديات العامة للمواطنة لأن مسألة المواطنة حقوق وواجبات تجاه الدولة للمواطن ومن المواطن نفسه تجاه دولته ووطنه . هنا نجد أن الشعب المصري قد أنتفض من ثباته وكشر عن أنيابه لما طاله من فترة ليست بالقصيرة تحت نير تلك السياسات التي تعتبر غابرة أكل عليها الدهر وشرب وأصبحت بالية لا تصلح لقيادة شعب قوامه (85) مليون نسمة هي كما هو معلوم بوابة الوطن العربي وصمام الأمان في زمان أصبح فيه العالم كقرية صغيرة بفضل ثورة القرن الحادي والعشرون من تكنولوجيا المعلوماتية والشبكة ألعنكبوتيه تنقل لك أخبار العالم في أقل من دقائق وعلى أعلى المستويات بالصورة والخبر . وقد كان تأثير ذلك مباشر في تكوين الشباب الذي يتوج بأعلى الأوسمة التاجية والماسية لما قدمه من نقلة مفصلية حضارية نوعية نادرة في ظل القيود والحكومة العسكرية التي تتعامل بأقصى ما يمكن أن يكون من البوليسية والحيل الأمنية بقبضة من حديد كانت جاسمة على صدر مصر الحضارة بلاد الكنانة أكثر من (30) عاماً ونيف . تفشى خلالها أنواع الفساد باشكاله المرئية والغير مرئية وهذا بالطبع طريقة كافة حكام العرب وبدون استثناء وذلك نظرا لما يمارسونه الحكام العرب من ظلم للشعوب التي يحكمونها بقبضتهم الأمنية منها والبوليسية لأنهم في الأساس لا يمتلكون الشرعية الديمقراطية التي تخول لهم حكم البلاد وقد اتو للسلطة بل بالأحرى استلوا عليها عبر إما ثورات عسكرية انقلابية أو انتخابات مزورة كانت أياديهم ملوثة فيها حتى النخاع أو فساد إداري معلوم . أو بمؤامرات وخطط أجنبية تعمل على مساندتهم والذود عنه والدفاع عن سياساتهم بحجة السير على نهجهم الديمقراطي الغربي المغلوطة من حيث التطبيق المباشر للشعوب العربية . وكان أغلب الحكام العرب يقنعون الغرب بصورة عامة ولأمريكا على وجه الخصوص بان الإسلاميون بالدول العربية يكنون لهم كراهيته..وهم لا يزالون ويصورن لهم ذلك بعدة طرق وباعتبار مصر هي بواب العرب لما لها من تاريخ كبير ولها دور حساس في توجيه الأمة العربية على وجه الخصوص لما تجده من خصوصية واحترام من الشعوب العربية كانت الدولة المصرية تعمل بشتى أنواع السبل على تشويش صورة الأخوان المسلمون أمام الغرب ويراهنون على ذلك بصورة واضحة شديدة وقد خصصوا لهم عبارة الإرهابيون وروجوا لها عبر الندوات العالمية والأممالمتحدة على وجه الخصوص وتبنت أمريكا المسألة ، مما دعا الغربيون بصفة عامة إقامة المراكز وصرفوا جل ما لديهم من إمكانيات اقتصاديه كان الأجدى أن يقيمون بها مراكز بحثية لخدمة الإنسانية كما يدعون أنهم هم سادتها ولكن قلبت الصورة لهم ... بإقامة مراكز عسكرية لحرب الإسلام والمسلمون ومن ينتمون لهذا الدين الحنيف واستعملوا قادة الدول العرب كبنادق ضد شعوبهم. ولكن كانت المفاجئة أكبر مما يتصورون بان الثورة هي خالصة من الشباب وكان الشباب ولا يزالون ونرجو أن يستمروا على ذلك أن أكدوا للكل أنهم لا ينتمون لأي جهة سياسية بعينها من الأحزاب التقليدية بمصر مما جعل لها صورة متفردة وشخصية مستقلة تعبر عن طموحات الشباب فقط . وكانت مطالبهم مشروعة أن صرخوا في وجه النظام كفى للذل كفى للملاءات كفى للمحسوبية كفى للبطالة كفى للاستلام لإسرائيل وأمريكا ..الخ . وقد ساند الشباب الشعب المصري الذي يعشق الحرية المنضبطة وتوالت مواكب التأيد والدعم يوم بعد يوم مما أكسب الثورة مزيد من الزخم . وقد كانت الفضائيات تلعب دورا مقدرا في نقلها وبصورة واضحة أربكت مراكز اتخاذ القرارات من الدول التي تدعي أنها مدارس للديمقراطية مثل أمريكا وأوربا . وعلى الرغم من مواقفها الغير واضحة إلي الجهات تميل إلا أن هنالك أيدي وتأكيد مبطن لثورة التصحيح الدستوري والتشريعي الذي ينادي به الشباب حتى تنهض الأمة المصرية من ثباتها العميق والذي كان نظام مبارك الفاشل السبب الرئيس فيه . وبات واضحا للعيان مدى التغيير الصريح في سن وتنظيم وإعادة جدولة الدساتير والتشريعات والتشكيلات الوزارية وتشكيل لجان في التحقيق بالفساد المالي الذي اركع الاقتصاد المصري سوى لأسر بعينها ذات الحظوة من عائلة الريس أو أصهاره أو ممن لهم علاقات أسرية بتلك الشرذمة أو ممن كانوا يوالون للنظام السابق الاستبدادي . ومن هنا نشير أن على الشباب في الوطن العربي بصورة خاصة جداً والدول الإسلامية عامة أن يتفيوء الدروس والعبر الكبيرة التي يقدمها شباب مصر لكي يقولوا لحكوماتهم يكفينا ما أورثتمونا من فقر مدقع وبطالة وديكتاتورية وتخلف علمي ومعيشي واضطهاد فكري واقتصادي , كما يجب أن نشارككم بالرأي والمشورة في اتخاذ القرارات المصيرية الخاصة ببلادنا لأننا نحن وقود الأمة ونحن مستقبلها والأوطان لا تكون بدون شباب وقد أصبحتم تاريخ منتهي وذلك لعدم احترامكم وتقديركم برأينا وعدم مشاركتنا لكم في الحكم أو الاستراتيجيات التي ترسمونها للأوطان بدون استثناء . ظنا منكم أنكم حريصون على تقدم الأوطان ولكن .. أنقلب الوضع الآن وحان للكل أن يتريث قبل أن يقرر في مصير الشعوب والأوطان وليطردوا النظرية التي كانت تعشعش في أذهانهم زمانً طويلا... والتي كانت سائدة قبل طوفان تسونامي مصر وشبابها بتاريخ 25 يناير القائلة أن الشباب هم غير مسئولون وأنهم فقط يضيعون جل أوقاتهم أمام شاشات الكمبيوتر وفي لهوا ولعب عبر البرامج المصاحبة والتي كانت الحكومات لها القدح المعلى في بث الأفلام والأغاني الهابطة المفصودة بلهو الشباب عما يجري خلف كواليس السياسة وما أدراك ما السياسة . ولكن يبدوا أن النظرية قد فهمت بالخطاء عن الشباب. فقد استفاد الشباب أيما استفادة من ثورة الكمبيوتر أن نظم وخطط ودرب وأخترق كافة الأصعدة الأمنية واللوجستيه وخرج بهذه الثورة اللوتسية من أرض الكنانة . وهنا لا ننسى دور الثورة التونسية والتي هي بداية الشرارة في الوطن صاحبة الفضل الكبير ورائدة المشوار الجديد في الوطن العربي خاصة . ولم ينكر الغرب بما لدية من ساسة ومفكرين واقتصاديين أن هذه الثورة بداية حقيقة لتصحيح طال انتظاره لتفكيك ما هو سائد من ديكتاتوريات مركبة وجاسمة على صدور الشعوب العربية سوف يكون شاملا للوطن العربي من المحيط وحتى النيل وبدون أي استثناء لدولة دون غيرها . كما نؤكد للشباب وعلى المستوى العام عدم المساس بالمكتسبات الشعبية والعمل على ضبط النفس والمطالبة الحضارية بالتغيير وبدون خسارة للممتلكات العامة للدولة أو الخاصة بالمواطنين حتى ينالوا صوت أهاليهم وإخوانهم من الشعب . ويكون لهم سند . وعلى الشباب التمحيص والتدقيق والتأكيد والتلاحم والتشاور والتفاوض بما يعود بالنفع واكتساب الشرعية والعزم على تقرير المصير بان يكون أعضاء متساوين من حيث المكانة والفاعلية في مركز اتخاذ القرارات المصيرية الخاصة بالوطن في الحاضر والمستقبل ووضع الاستراتيجيات الأساسية لدولاب الدولة في الداخل والخارج على المستوى الإقليمي والدولي . مع ضرورة أن يكون واعين تماما للدور العالمي المسموم تجاه التعاطف الذي يبديه الغربيون معهم لأنه في الغالب يصطحبه مغريات ومصائد جعلت من السابقين دمية في أيدهم ولا يستطيعون رفض طلباتهم والتي تعمل على هدم وتأخير أمتنا العربية والنيل منها ومن قوتها ولا يكون لها دور في الأوضاع العالمية بل تتلقى الامتلاءات فقط . يحدونا الأمل المرتجى أن يكون الشباب على قدر المسئولية الجسيمة التي أمامه حتى يقود أمتنا إلى درب الأمان والاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي ونلحق بركب الأمم المتقدمة عبر برامج تنموية مفيدة تعود على الأوطان بالخير الوفير . والله المستعان وهو من وراء القصد ،،، عدلي خميس/ الرياض E mail ; [email protected]