علمتني الحياة في مناحيها ودروبها الضيقة والتي نخالها سبل فجاج بأن لا أتحاور ولا أجادل كثيرا" حتي أعرف طبيعة وفهم من أجادلهم وأتحدث معهم ، حتي (لا تنفقع مرارتي وأصاب بضيقة نفس وشحتفة روح وغليان دم داخل شرايين جسدي ) وحتي لا أصل حد القطع وهي ( النقطة التي ينتهي عندها التناسب الطردي بين القوة وأثرها) . بيد أني تحليت بالصبر والتواضع وبسط الوجه والبعد عن التكشير والهدوء والرحمة بالخصم والصدق والرفق والحلم والإنصاف في القول. وحصرت من هؤلاء ستة أصناف لا أود التحاور معهم ولا التحدث اليهم . فقط :: باستثناء رد السلام عند الحاجة . و الذي أمر به الشرع الحنيف في قوله تعالي : ( واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) بيد أن الله أمرنا أن نجادل بالتي هي أحسن ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ( ولا تجادلوا أهل الكتاب الإ بالتي هي أحسن ) ويقول الشاعر أحمد شوقي: لك نصحي وما عليك جدالي آفة النصح أن يكون جدالا وأذي النصح أن يكون جهارا" منهم الجاهل: لاشك أنك متي حاورت جاهلا" ظن لجهله أن الحق معه ولو حصل له ضرر تكون أنت سببه. ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) . وللأسف منهم كثير . السفيه: السفهاء ليس من الحكمة أن تحاورهم لأن السفيه لارشد في أقواله ولا أفعاله ، فكيف يرجي تلمس الحق في محاورته ومناظرته ، وللأسف أيضا" منهم كثير. الغضبان : الغضبان لا أتحاور معه حتي تهدأ أعصابه وتبرد مشاعر الغضب وتسكن اضطرابات النفس فمتي واجهته وهو بهذا الحال كنت كعاقل واجه مجنون . الثقيل: اذا رأيت المحاور لايحسن الحوار فيفيدك ولا الإستماع فيستفيد منك فإياك وإياه ، لأن دمه بارد وفي المثل السوداني قالوا ( اللوم والشكر واحد عند السجمان، والليل والنهار واحد عند العميان). المتعنت: المتعنت يكون إما جاهل جهل مركب أو أحمق لئيم لا دواء له الإ بالإعراض عنه ، فهو ان وافقته خالفك وان خالفته عارضك وان اكرمته اهانك وان اهنته اكرمك وان تبسمت له كشر لك وان حلمت عنه جهل عليك وان جهلت عليه حلم عنك. المبتدع : وهذا الصنف لا يعلمه الإ من آتاه الله الحكمة والبصيرة بحال البدع وأهلها ( وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فلا بد التفقه في هذا المقام ، فكم من أشخاص أُستعمل الحوار معهم فلم يحصد غير الأحقاد والشنئان