بسم الله الرحمن الرحيم من وحى المشهد الشرق الاوسط بأبعاده المختلفة ، محط اهتمام الغرب الاوربي و الشمال الامريكي منذ أمد بعيد. جغرافيا تأتي أهمية الشرق العربي كونه يربط آسيا ، افريقبا و أوربا و كونه يسطير علي ممرات مائية هامة كالبحر الاحمر ، قناة السويس ، و مضيق جبل طارق . لهذا السبب تسابق الاستعمار عليه و تقاسمه عام 1919( إتفاقية سايكس_بيكو) أعقاب الحرب الاولي. في مطار القاهرة تجد لافتة مضئة تقول ( الطريق حول العالم ) تأكيدا لهذا الربط الدولي الذي ذكرته . الشمال يدرك ان المنطقة باثرها شهدت أكبر ثوراث التغير الاجتماعي و الفكري و العقدي من خلال البعثات الثلاث ، اليهودية، المسيحية و المحمدية السمحاء. هذة الرسالات هبطت علي مجتمعات تجمع بينها الجغرافية و التاريخ و الثقافة و اللغة و العادات و التقاليد. بالاضافة للبعد الجغرافي و التاريخي المنطقة تحظي باهتمام الغرب كونها المغذي الاول لآليتها الصناعية بالطاقة اللزامة و ستبقي مصدرا اولا للطاقة لسنوات او حقب طوال لانها تحظي باكبر مخزون لاحتياطي النفط و الغاز. المنطقة لا توفر الطاقة فحسب بل رشحت أحدي دولها ( السودان ) من نظمة الفاو كثالث دولة مقدر لها أن تساهم في الامن الغذائي العالمي مع أستراليا و كندا. الغرب يعرف المقدرات و الثروات الهائلة للشرق العربي و يري مستقبلا خطيرا و كبيرا لا يترائ لقادة أنظمتها بالية و ربما لقادة ثوراتها الشابة . الغرب المدرك لعمق المنطقة يبدو متربكا و مترددا أمام ثورة الحريات لانه لا يدري المالآت : هل تنتج هذة الثورات حكومات عقلانية ديمقراطية تركز علي قضاياها الملحة و تبني علاقات تعاون بناء مع العالم الحر؟ هل يمكن ان يحدث العكس تؤل امر الحكم الي جماعات دينية منغلقة علي أجندتها و متحفزة بالآخر الملي و الفكري. ثورات الشرق العربي تشد أنتباه العالم. ثورة بيضاء في تونس تطيح ببن علي ، صراع عنيف في مصر بين رغبة حسني في البقاء و أماني الشعب في الانعتاق يرد مصر الي محيطها و عمقها ، شبح حرب أهلية في ليبيا بين دموية القذافي و بسالة الثوار، تراجع الحل المدني ، بروز توجهه طائفي ، تدخل عسكري خليجي في البحرين و انفراط لعقد الحكمة من العائلة الحاكمة ، أتهامات متبادلة و أصرار علي التغير مواجهات دامية تغطي سماء اليمن السعيد ، تظاهرات في غزة لأنهاء الأنقسام ، و مسيرات في كردستان العراق لجلاء الاستعمار . العالم مدهوش لهذا الأيقاظ الجمعي المفاجئ للوعي السياسي العربي، و ربما يتساءل : كيف و لماذا حدث هذا البحث من الشلاء؟. العالم الغربي المدهوش أيقاعه بطئ في التعامل مع ثورات العرب لأنه لا يدري : أهي مهددات أمن و سلام أم بدأيات تعاون و استقرار؟. للاجابة علي تساءلات كثيرة مشروعة أجتهادا أقول: الثورة التونسية و رصبفاتها في مصر، لييبيا اليمن و البحرين ليست احتجاجات فضوية و لم تكن عمالة مدفوعة الثمن كما يصفها الاعلام الرسمي للانظمة المتهالكة . الاعلام الرسمي في غالب الاحيان عين عوراء تري نصف الحقيقة و تجتهد في النصف الاخر لذا معظم دول الشمال الديمقراطية لا تحبذ ه. هذة الثورات كما يفهمها وعي و تحليلي السياسي شعارها و أهدافها الحريات و الخدمات لا تحركها مدارس أيدلوجية و لا اجندة مبطنة لقوي خفية بل تحرك تلقائي لشارع مقهور و شباب محبط قدراته و مهاراته تموت بالتقسيط المريح من جراء البطالة . الثورات العربية فاجأت الاجهزة الاستخبارية في الغرب الاوربي و الشمال الامريكي و التي طالما راهنت علي هذة الانظمة كصمام أمان لاستقرار المنطقة. الثورة المصرية أسبابها الجوهرية هي : البطالة ، الغلاء ، ، الفساد ، تدني الخدمات ، ضيق مساحة الحريات ، أنعدام المشاركة السياسية ، تراجع الدور الاقليمي و الدولي لمصر. الثوراث في ليبيا ، البحرين ثورات حريات محضة . هذة شعوب حرمت من التعبير و المشاركة السياسية و الاحساس بالمواطنة . الانظمة الملكية و الثورية علي حدا سواء تصرفت في مقدرات و موراد و ارادة دولها و كأنها ضيعات خاصة لا ينازعهم فيها أحد. هذة ثور ات تحرر من الاستعمار الداخلي و محاولة لاستنشاق نسائم الحرية . ساستنا و دبلوماسينا يجب ان يوضحوا للغرب طبيعة هذة الثورات و يبددوا مخاوفهم . مطلوب منا جمعيا ان نقول للغرب الاوربي و الشمال الامريكي ، ثورات التحرر العربي مشكاة فكر مستنير يدفع في أتجاه تصالح مصالح مثمر و خلاق يوقف التحفز المتبادل و يخفف من وطأة المواجهة. في تقديري المؤسسة السياسية و الفكرية في الشمال و الغرب تحتاج تبديد مخاوف لانها ترغب في التصالح لا المواجهة ذلك ان العقلانية البرغماتية هي التي توجه السياسية الخارجية لدول الشمال . بهذا الفهم الشمال يدرك ان المستقبل السياسي للمنطقة تشكله و تقوده جماعات الاسلام السياسي و بالتالي الإحتواء لو أمكن او التصالح . التوجهان ضروريان للغرب للاسباب التالية: • الغرب يدرك ان الثورات العربية تقود لانعتاق الارادة السياسية العربية و بالتالي اطلاق عنان الفكر الحر و العودة الي عصر النهضة . التاريخ الفكري العربي له عمق ضارب الجذور و قد استفاد منه الغرب أكثر من الشرق . في عصر الانحطاط الاوربي كان الشرق راقيا و ناهضا خرجت منه كل ضروب المعرفة ، الجبر ، الحساب، الطب، و الترجمة ، النظم الحكم و علم الاجتماع . نظريات بن حيان ، بن رشد و بن خلدون ما زالت تدرس في ارقي جامعات دول الشمال . حدوث نهضة فكرية تقود للانفتاح علي العالم و تقود الي حوا ر حضارات لا صراعيها . هذا يعني عند الغرب تراجع العنف السياسي و الارهاب الفكري و بالتالي ضمان امن عالمي اقليمي يوفر آليات نهضة أقتصادية يأمن للغرب موارد تصنيع و اسواق تصدير في ظل اقتصاد التنافس الحر. • أمن اسرائيل هو الهاجس الذي يؤرق تحالف الشمال لذا ضمان توجه إسلامي مرن و مستنير يقود شرق أوسط ديمقراطي و مستقر ربما يكبح جماح التطرف و يؤمن الدولة الحليفة في ظل دولتين متجاورتين . • المنطقة تذخر بأكبر إحتياطي لمصادر الطاقة من غاز و بترول و بالتالي اي مواجهة مع قادة المستقبل في ظل سيادة الحريات تربك أجندة الشمال في عصر العمولة و هي السيادة علي مصاد ر الطاقة ، المال و المعرفة. السؤال: هل يوفق قادة و مفكرو الثورات العربية في تبديد مخاوف الغرب و تشكيل رؤية سياسية حضارية تفضي الي تعاون خلاق تبني نظم عربية ديمقراطية تقود الي حوار حضارات يخفف المواجهة و يؤسس لشراكة واعدة بين أقليمنا العربي و العالم. ؟ Fagir Ahmed [[email protected]]