كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دارفور وتسونامي سقوط الأنظمة الإستبدادية: أفق جديد لمعالجة شاملة -8- .. بقلم: أحمد ضحية
نشر في سودانيل يوم 13 - 04 - 2011

(1) في سيرة الإنتهاكات والتهميش والمظالم.. والموقف العربي...
خلال إحياء الأمم المتحدة , ذكرى مرور عشر سنوات(2004) على عملية التطهير العرقي في رواندا , أشار كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة ,السابق .إلى الموقف في السودان وقتها (1). وطالب بتحسين الإتصال, بمن يحتاجون الحماية والمساعدة . وقال أنه إذا لم يسمح للعاملين في مجال الإغاثة, وخبراء حقوق الإنسان بدخول دارفور . فأنه يتوجب على المجتمع الدولي, أن يكون مستعدا لإتخاذ الإجراءات المناسبة . التى ربما تشمل عمليات عسكرية .
ومنذ ذلك الوقت حتى الآن ,لم يتحسن أي شيء- على الرغم من وجود قوات لحفظ السلام, فشلت حتى في الحفاظ على سلامها ؟!- فغارات الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام, ومليشياته. لا تزال مستمرة . وعادة يزيد الأمر سؤا في موسم الأمطار ,إذ يحرم سكان المنطقة تماما من الغذاء,إذ يقطع الطريق أمام المساعدات الإنسانية للنازحين داخل السودان من كل عام ,فللخريف والشتاء كذلك ,سطوتهما التي تضاعف معاناة وبؤس النازحين ,والمهجرين داخليا وخارجيا.الذين يعانون الأمرين في المعسكرات,وبالنتيجة حياة مئات الآلاف من الأشخاص في تهديد مستمر,سواء بسبب الغارات أو تعاقب فصول الطبيعة وعواملها.ما يكسب قضية تفعيل دور القوات الدولية (قوات حفظ السلام – اليوناميد)أهمية متزايدة,خصوصا أن أزمة السودان في دارفور, تعدت حدودها المحلية لتصبح أزمة إقليمية ,وبالذات في ظروف الغليان الليبي الحالية,والوضع التشادي الهش!..
إن المسئولية الأولية في حماية شعب دولة ما , تقع على عاتق الدولة , إلا أنه عندما تقع خسائر كبيرة في حياة الناس, بسبب تصرفات متعمدة من قبل الدولة . أو تقع عمليات تطهير عرقي واسعة النطاق , تطبق ليس فقط عن طريق القتل , ولكن عن طريق الطرد الإجباري,بل وملاحقة حتى الدارفوريين العاملين بليبيا,وإتهامهم بالقتال جنبا إلى جنب القذافي,ضد الثوار,وإرسال كتائب أمنية لتصفيتهم داخل الأراضي الليبية, على أساس أنهم يتبعون للحركات المسلح ,بل وتمييزهم عن (السودانيين) بتسميتهم(دارفوريين) وفقا لخطاب البشير الأخير في الدوحة,ووصفهم بأنهم تسببوا في مشكلة ل(السودانيين الآخرين في ليبيا- فالسودانيين بمختلف قبائلهم خارج بلادهم هم فقط سودانيين ولاغير) هو إمعان في ممارسة التمييز ضد الدارفوريين, ليس فقط في إقليم دارفور أو داخل السودان, بل ملاحقتهم بالتمييز حتى في دول إغترابهم,وهو سلوك معيب لدولة إرهابية مغتصبة إعتادت عدم إحترام شعبها.
لذلك نجد أن مبدأ عدم التدخل العسكري الفعلي يتلاشى , أمام المسئولية الدولية للحماية . لقد تخلى النظام الإسلاموي في السودان عن مسئولياته , وهو في الواقع متواطيء تماما, مع الفظائع التي تحدث للدارفوريين داخل السودان وفي ليبيا وتشاد . ولذلك يجب على العالم أن يتصرف ,تصرفا شجاعا, بعد أن ثبت بالتجربة أن القوات الدولية الموجودة في دارفور, عمليا وجودها غير فاعل لحماية المدنيين.وخصوصا بعد أن تكررت إنتهاكات النظام للإتفاقات المتعلقة ,بشأن نشر قوات حفظ السلام ,فوفقا لتقرير صادر عن الأمين العام بان كي مون(2009) أن " السودان يقوم بمضايقة أفراد يوناميد وتقييد حركتهم في خرق لإتفاق مع الخرطوم بخصوص نشرهم.(...)كذلك "الوقائع المتكررة لقيام مسئولي الحكومة, بمنع الوصول الى دوريات يوناميد, هي إنتهاك مباشر لإتفاق وضع القوات الموقع مع حكومة السودان, وإعاقة خطيرة لقدرة البعثة ,على تنفيذ تفويضها,(بالتالي)إستمرار المذابح في دارفور بات على نطاق واسع "(2) *.
وكان حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية , في صحيفة الحياة اللندنية 25/4/ 2004. قد ذكر في وقت سابق: أنه بين الخامس والسابع من مارس 2004 قام رجال الإستخبارات العسكرية السودانية , بصحبة أعضاء من مليشيا الجنجويد الحكومية , بإعتقال مائة وثمانية وستين رجلا, من قبائل الفور الأفريقية المسلمة في دارفور . بغرب السودان . وبعد تعذيبهم قاموا بقتلهم جميعا رميا بالرصاص .
قبل ذلك ببضعة أيام قامت نفس المليشيا, بإحراق ثلاثين قرية في منطقة الطويلة , شمالي دارفور . وقتل حوالي مائتي شخص , وإغتصاب أكثر من مائتي فتاة وإمرأة , بعضهن أغتصبن على يد قرابة أربعة عشر رجلا , وعلى مرأى من آبائهن, الذين قتلوا فيما بعد . إضافة إلى إختطاف مائة وخمسين إمراة , ومائتي طفل من نفس المنطقة في 27فبراير 2004..
هذه بعض الروايات التي خرجت إلى العلن في 2004, وحتى الآن(2011) ليس ثمة تغيير واضح في الوضع الإنساني في الإقليم؟ فالوضع لم يختلف كثيرا (*),على مدى السنوات المنصرمة ,وفقا لتقارير الأمم المتحدة , ومنظمة العفو الدولية , ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان , وأطباء بلا حدود وغيرها؟! ..
بقية الصورة : قيام القوات الحكومية ,على مدى السنوات الماضية, بتهجير ما يقرب من مليوني سوداني, من قراهم في دارفور , غربي السودان , منهم مئات الآلاف, عبروا الحدود إلى تشاد . إضافة إلى قصف قرى دارفور بالطائرات الحربية . في الوقت ذاته كان ما يقرب من عشرين ألفا من رجال المليشيا العربية " الجنجويد " , التي قام النظام الإسلاموي العروبوي, بتجنيدها وتسليحها. يقومون بعمليات قتل جماعي , وإحراق لقرى بكاملها , ليصل عددها إلى ثلاثمائة قرية , حيث بلغ تعداد القتلى حينها(2004) ما يزيد عن ثلاثين ألفا, في أكثر التقديرات تحفظا . ووفقا للأمم المتحدة تعرضت كل فتاة وإمراة , ليس لها أطفال . في بعض القرى لعمليات إغتصاب جماعي في معسكرات الجنجويد . وذكرت منظمة العفو الدولية , أن حوالي ستة عشرة إمراة في غرب دارفور, كن يتعرضن للإغتصاب كل يوم , في طريقهن لجلب الماء من الوادي . وكان على هؤلاء النسوة, العودة في اليوم التالي إلى نفس المصير , بسبب حاجة قراهن للماء , وعلمهن أن رجالهن سيقتلون, لو ذهبوا بدلا عنهن لجلب الماء.. إغتصابهن الجماعي المتكرر كان أهون شأنا , من ترملهن وتيتم أطفالهن.
أما قصص خطف الأطفال وصل الى درجة مروعة , من اللاإنسانية وإنعدام الضمير . لقد إستغل النظام الإسلاموي انشغال المجتمع الدولي, بالتوصل إلى إتفاق سلام مع الحركة الشعبية ( جنوب السودان ) , ليقوم بنقل قطعه الحربية , إلى غرب البلاد وإنتهاج نفس سياسة الأرض المحروقة , التي إتبعها من قبل للتخلص من جماعات إثنية وثقافية مزعجة (الجنوبيين) ثم جاء وقف إطلاق النار , الذي يجدد كل خمسة وأربعين يوما , ليضمن حرمان أكثر من مليون من المهاجرين ,من العودة إلى منازلهم وأراضيهم ,التي لم تعد توجد أصلا , وبينما يتفاوض النظام مع المتمردين في أنحاء المعمورة المختلفة , تستمر قواته ومليشياته في مهاجمة المدنيين , في الإقليم المنكوب , وخرق الإتفاق الذي خلا من أية آلية للمراقبة أو إشارة لحقوق الإنسان! ..
كانت خطيئة هؤلاء الضحايا الوحيدة ,هي إنتمائهم إلى نفس الأصل العرقي ,لقادة ومقاتلي حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة . وحتى بعد توقيع إتفاق وقف إطلاق النار في 8 أبريل 2004 بين الحكومة والمتمردين, ظل متوقعا أن يلقى ما يقرب من مائة الف شخص آخرين مصرعهم . بعد أن قامت مليشيا النظام الإسلاموي بتدمير المحاصيل, وتلويث منابع المياه وسرقة وقتل الماشية, وإحراق الأراضي الزراعية , وتهجير سكانها إلى العراء . بما يهدد المنطقة الفقيرة أصلا , والمعتمدة بالكامل على الزراعة, بمجاعة وصفها مسئول كبير في الأمم المتحدة في ذلك الحين بأنها:أسوأ كارثة إنسانية راهنة على الإطلاق! ..
ويبدو الآن وبعد كل هذه السنوات, أن ماجرى ويجري تحت سمع وبصر العالم حتى الآن ,ما هو إلا عملية منظمة للقضاء على قبائل الفور والزغاوة والمساليت ,مع سبق الإصرار والترصد !..
إذن ظل الحديث داخل أروقة الأمم المتحدة وقتها,يدور حول إرتكاب النظام لحملات تطهير عرقي , ضد مسلمي دارفور الأفارقة (من قبل نظام الترابي الإسلاموي ,الذي يعتقد أنه نظام عربي إسلامي؟! )- وجرائم ضد الإنسانية بشكل منهجي . كما عرفتها إتفاقية المحكمة الجنائية الدولية . غير أنه ليس من الصعب إدراك أن المجتمع الدولي , ظل يتفادى لوقت طويل, تسمية ما يحدث بإسمه الحقيقي الواضح :أن ما حدث ويحدث هو جريمة إبادة جماعية بالمعنى القانوني الكامل . فاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية, والمعاقبة عليها الصادرة عن الأمم المتحدة 1948 . تنص دون لبس ,على أن الإبادة الجماعية تشمل قتل أعضاء من الجماعة , أو إخضاعها عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي جزئيا أو كليا , أو إلحاق أذى جسدي , بأعضاء من الجماعة , أو نقل أطفال منها عنوة إلى جماعة أخرى . حين ترتكب هذه الأفعال بقصد التدمير الكلي , أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه . تعتبر إبادة جماعية(*) . ومع ذلك ظل المجتمع الدولي يراوح مكانه , بسبب ترتيبات السلام في الجنوب, إلى أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية ,أمر قبض ضد رأس النظام الإسلاموي في مارس 2009 بتهم إرتكاب جرائم حرب في دارفور,كخطوة تمهيدية للكثير من الإجراءات, التي ستتكشف بعد أن يعلن الجنوب عن دولته المستقلة في يوليو القادم.
وجاء توقيت تصاعد حملة الإبادة هذه , والإنتباه المتأخر للمجتمع الدولي إليها . في غاية الدلالة على حالة الإنسانية عموما . والوضع العربي خصوصا . ففي الوقت الذي ترتكب فيه هذه الفظائع , كان العالم ينكس رأسه خزيا , في الذكرى العاشرة لمذابح رواندا . وصحف العالم تسترجع الدروس المستخلصة ,من خذلان المجتمع الدولي, لضحايا الهوتو والتوتسي المعتدلين , وتناقش ما يجب فعله لمنع هذه الكارثة من التكرار..
وفي وقت سابق(الذكرى العاشرة لمذبحة رواندا – 2004) , كانت الدورة السنوية للجنة حقوق الإنسان , بالأمم المتحدة منعقدة في جنيف , حيث إجتهدت الدول العربية , في حشد الأصوات , لمنع صدور إدانة لإنتهاكات حقوق الإنسان في السودان . ووقف الجهود من أجل تعيين مقرر خاص لمراقبة الأوضاع هناك . وبينما أصرت الكتلة العربية , على عقد جلسة خاصة لمناقشة إغتيال الشيخ أحمد يس أحد زعماء حماس , فان دولة عربية واحدة لم تتحدث عن مذابح دارفور . وتصادف أن تشهد المنطقة في ذلك الوقت, تسارع الجهود المحمومة لعقد القمة العربية . ودون أن يستغرب أحد خلو جدول أعمالها ,من أية إشارة إلى حقيقة أن نظاما عربيا (أو يتوهم اويعتقد أنه عربي) ,يعمل بجد على إفناء بعض أقلياته . في الوقت نفسه . وكالعادة في مثل هذه الأوضاع يكتفي القادة العرب بشأن السودان , بأمر واحد فقط : جهود جمع الأموال , لصالح صندوق إعمار الجنوب (وبالطبع ستدخل جل هذه الأموال في جيوب قادة النظام الإسلاموي أسوة بأموال البترول), لتضمن بعض الدول العربية القلقة(على رأسها مصر) , قدرة النظام الإسلاموي ,على تقديم الرشاوى الكافية ,لمنع سكان الجنوب من تحبيذ خيار الإنفصال, ومع ذلك مضى الجنوب بإتجاه الإنفصال ,بعد أن أصبحت الوحدة خيارا طاردا,خصوصا بعد حملة التعبئة الإسلامو عربية التي ظلت صحيفة الإنتباهة تشنها , وفشل الحكومة في الوفاء بإلتزاماتها تجاه إستحقاقات السلام..
ولا تختلف الصورة كثيرا على صعيد المجتمع المدني العربي . فقد توالت بيانات المنظمات والإتحادات وقتها , تدين وتستنكر بأشد الألفاظ إغتيال الشيخ يسين , ثم أحداث الفلوجة , وبعدها خطة بوش بشأن فلسطين . ثم إغتيال عبد العزيز الرنتيسي . ولم تبدر أي اشارة لما يحيق بمئات الآلاف من السودانيين . بل سارع بعض هذه المنظمات للتطوع بتسمية أحداث الفلوجة : " جرائم إبادة جماعية " . واغتيال الشيخ يس : " جريمة ضد الإنسانية " . وهؤلاء أنفسهم هم من عبروا علنا,عن إنزعاجهم في 2003 عندما أسفرت التحقيقات ,عن كون أحداث مخيم جنين جرائم حرب فقط , وأصروا على أنها مذبحة . حتى أن بعض الكتاب العرب سارع , إلى إدانة تهديد كوفي عنان, بتدخل المجتمع الدولي , لضمان وصول المساعدات الإنسانية لنازحي دارفور(*) . هم الذين كانوا قد رحبوا , بالتدخل الإنساني لحلف الناتو , دون تفويض من الأمم المتحدة , لنجدة ألبان كوسوفو , الذين قدر عدد ضحاياهم بعشرة آلاف قتيل . وهم أنفسهم الذين قدموا كل دعم ممكن وغير ممكن, للمجتمع الدولي في سبيل التدخل العسكري في ليبيا لحماية المدنيين(مع أن الناتو رغم تدخله لم يحمهم ولا يحزنون وفقا للترتيبات الغربية الخاصةبأوضاع المنطقة في الفترة المقبلة!), كما قدموا دعمهم من قبل للحملة الأطلسية على العراق؟!.
قد لا تكون أحداث دارفور في نفس الجاذبية الإعلانية , لتطورات القضايا المركزية بالنسبة إلى العرب , كفلسطين . والعراق وليبيا مؤخرا ,وربما اليمن وسوريا وغيرها من البلدان العربية لاحقا. غير أن من الواجب تكرار هذه الحقيقة : هناك لا يزال حتى الآن:نظام " إسلاموي عروبوي " يبيد أقلياته في دارفور, وعلى الجامعة العربية أن تتخذ موقفا بشأن ذلك,مثلما فعلت بخصوص ليبيا , بدلا عن الجعجعة الفارغة لعمرو موسى بالتقليل من شأن مشكل دارفور, فذلك وحده الذي سيحدد مدى إنسانية العرب, وأنهم قد تخلصوا فعلا من ثقافة وأد البنات والسلب والنهب والغزو والجواري والغلمان,الجاهلية! .فالجميع مسئول عن وضع دارفور من المحيط إلى الخليج (3) ..
وللأسف ليس ثمة ما يدعو للتفاؤل, بأن تعبر الجامعة العربية عن موقف إيجابي, سوى المزيد من التواطؤ ضد السكان الأصليين " الأفارقة " في دارفور فهم لا يختلفون كثيرا عن أكراد سوريا وبدون الكويت وأمازيق شمال أفريقيا,إلخ.. من مهمشي البلدان العربية!.
منذ الإستقلال ظل إقليم دارفور , مصدرا للأيدي العاملة الرخيصة , حيث كان يأتي قطار خاص لإستقطاب العمال بطرق مخادعة , والذين كانوا سرعان ما يكتشفون هذا الخداع , عندما يصلون المشاريع الزراعية , حيث يعملون تحت ظروف سيئة وبإجور(ووضعية لا تختلف عن القنانة في شيء)زهيدة للغاية . ومثالا لذلك : مات الكثيرون , نتيجة لمرض البلهارسيا في الإقليم الأوسط (الجزيرة) . وأجبر الكثيرون على البقاء دون القدرة على تحسين أوضاعهم . فهم بذلك أصبحوا الأرقاء الجدد (4) والجيش الذي ظل كمؤسسة مماليك حربية , يتوارث فيها الأبناء عن الآباء مهنة الحرب (5) على علاته حرم الدارفوريين , من دخول كليته , كما حرموا من دخول كلية الشرطة , وتم إستغلالهم أسوأ إستغلال,فالدخول للمؤسسة العسكرية ,محكوم بنسب مئوية محددة,حسب العرق؟!
وحدث أن أعتقلت مجموعة من الضباط في الجنوب ,من قبل جنود في الرتب الدنيا من دارفور . إثر تعذيب أحد الضباط لزميل لهم , لأنه لظروف مرضية رفض الخروج إلى الغابة , وعندما وجدوه مربوطا تحت المطر , بعد تعذيبه , أُستفزوا . وإثر ذلك جاء رئيس الوزراء آنذاك محمد أحمد المحجوب من الخرطوم . وعندما لم يتوصل معهم لحل للمشكلة , أرسل إليهم نواب دارفور بالبرلمان . كذلك حرص المركز , على ألا يحكم دارفور أحدا من أبنائها . فظل يفرض عليها حكاما من خارج الإقليم , ونوابا من خارج الإقليم . وبهذا الخصوص يقول الأستاذ محمد إبراهيم نقد :"في دارفور القبائل العربية أو غير العربية ,مرتبطة بشكل أو بآخر بحزب الأمة وطائفة الأنصار .وكان مركز حزب الأمة يحدد , مرشحي الدوائر البرلمانية في ذلك الإقليم . لكن أهل الإقليم أخذوا يرفضون الترشيح ,الذي يقوم به المركز العام لحزب الأمة . وبدأوا يقولون يجب أن نختار مرشحينا(6)
أيضا تعرض الدارفوريون لمعاملة قاسية حتى الموت, من قبل نظام مايو عقب أحداث 2 يوليو 1976 , حيث دفن البعض أحياء ,وتم القبض على البعض بصورة إعتباطية ,دون أن يشتركوا في ما سمي بالغزو الليبي , وعقب ذلك اصبحوا مستهدفين ب " كشات " الحكومة لهم وترحيلهم من العاصمة القومية , كأنهم ليسوا بسودانيين . وأيضا نجد أن حكومة الصادق المهدي , حاولت منعهم من التظاهر إزاء ممارسات حزب الأمة في دارفور . وأجتهد حزب الأمة في إستغلال القضاء لإحباط ذلك لكنه فشل .
ونجد أن ما مورس في دارفور من إنتهاكات لا يعد ولا يحصى . إبتداء من الإنتهاكات المعنوية بتوصيف أبناءها ب " الجهويين - العنصريين - الزرقة " إلخ .. من مفردات يراد بها التقليل من شأنهم وحط قدرهم, أو إنتهاكات مادية مثل الحرمان من التنقل داخل الوطن . كما في عهد السفاح نميري . إلى جانب حالة الطواريء المستمرة في الإقليم ,وما يتبعها من إنتهاكات لحقوق الإنسان .. وقد إرتكب نظام الجبهة الإسلاموية في الخرطوم ,العديد من الإنتهاكات والجرائم ضد الإنسانية في دارفور . ما عرف منها قليل جدا مقارنة بما تم فعلا (7) أبرزها في العقد قبل الماضي (مذبحة الضعين) الوثيقة الدامغة لبؤس السياسة في السودان .والتي كتب عنها الدكتور سليمان بلدو والدكتور عشاري أحمد محمود صيف 1987 .
ولم يستغرق إبطال مفعول ما كتب عن هذه المأساة الإنسانية , أكثر من بيان أصدره السفير ميرغني سليمان , وكيل وزارة الخارجية في 2/9/1987 . قال فيه :"أن إسترقاق الدينكا كما أورد المؤلفان "أمر يحظره الدستور , والنظام الديموقراطي القائم في البلاد " (8) هذا كل ما في الأمر !!...
أحداث ودعة 91 - 1992 :
بدأت مجزرة منطقة "ودعة" عندما أرسلت الحكومة جيشها, بحجة تفريق القبائل وفض الإشتباك , والقضاء على عصابات النهب المسلح - كما زعمت الحكومة - حيث أرسلت عدة كتائب , من اللواء السابع مشاة الفاشر ونيالا , وعدة ألوية من قوات الدفاع الشعبي . وقامت هذه القوات بحرق وتدمير 18 قرية . بمنطقة " أسبا ندوها " وتم إحراق إمراة مع مولودها , الذي لم يبلغ خمسة أيام بعد ونهب مبلغ 300,000 جنيه من زوجها ,الذي يدعى إبراهيم أبوجيب , الذي أصيب بإختلال عقلي!. وقامت قوات أخرى بقيادة الملازم أول "صدام" , في ضواحي منطقة "ودعة" . وأثناء صلاة الظهر , بإغلاق أبواب مسجد المنطقة , وإطلاق النار من كل الإتجاهات على المصلين ,في مشهد لهو أسوأ من المجزرة التي أحدثها "الخُليفي", فقتل 24 شخصا في الحال . وذلك تحت مظلة "الخطة الأمنية لودعة " . تحت قيادة اللواء السابع مشاة / المنطقة الغربية .
ومن بين القرى التي تم حرقها وتدميرها وتهجير أهلها " ثلاث قرى بمنطقة أسباندوها - قرية جريوة - قرية زغاوة لموا - أربع قرى بمنطقة خزان جديد - ثلاث قرى بمنطقة ودعة - قرية كرو حلة آدم - قرية تيلقو " ..
إغتيال داؤود يحى بولاد 1991 :
بعد الأحداث المشهورة في دارفور , خاصة "بوادي صالح" وعد الغنم والمناطق المجاورة لها . تم القبض على أعضاء حركة بولاد . كما تم إعتقاله هو الآخر , والتحقيق معه بمدينة نيالا , وتصفيته سريعا دون محاكمة , تحت إشراف والي دارفور(الطيب سيخة) . وبعدها تم قتل مجموعة من قواته. وقتل البعض الآخر في الطريق , بين نيالا والفاشر . بالتحديد في وادي دوماية . وقتل جميع الأسرى أثناء إعتقالهم . في سجن شالا بالفاشر . تحت إشراف الوالي الذي حاول إرغام البعض على دخول الإسلام . مقابل تقديم الماء والغذاء والعلاج , ورفض ذلك عدد منهم حوالي 24 أسيرا.على رأسهم الملازم بورينو من قبيلة الدينكا . والذين أسلموا دبرت سلطات الوالي إغتيالهم سرا . إذ أرسلت ليلا أفراد من جهاز الأمن العام , والإستخبارات التابعة للواء السابع , التي كان يرأسها العقيد ركن/عثمان محمد صالح . والرائد أمن / جودة وأفراد من الإستخبارات هم : - آدم تموا - أبو آمنة - عباس مصطفى عباس - ود حامد أحمداي - وآخرون ...
حيث أخرجوا هؤلاء الأسرى من سجن شالا , وكان ذلك بحضور ملازم سجون / محمد شرارة . والرقيب سجون / إبراهيم أبو الكل . وبعض من أفراد قوات السجون . وبعدها تم إقتيادهم وعلى رأسهم الملازم بورينو والملازم عبدالرحمن " من قبيلة الفور " , وهو معاق إثر إصابته بشظية طلق ناري .. قادوهم إلى مقر الإستخبارات باللواء السابع ,وزج بهم في مستودع " كونتينر " لمدة أربعة أيام . توفي منهم 6 بسبب الحر . والجوع والعطش . وتم عقد إجتماع برئاسة عقيد ركن / جوهام , مدير مكتب الوالي . وعقيد/ عثمان محمد صالح , مدير شعبة الإستخبارات العسكرية . ورائد أمن / جودة , مدير أمن محافظة الفاشر بالإنابة . ويعقوب آدم حسين , أمين أمانة المؤتمر الوطني - التنظيم السياسي الحاكم - وشخصيات أخرى . وكان الغرض من الإجتماع , هو البحث في كيفية تصفية الأسرى .
أما الستة الذين ماتوا داخل المستودع, فقد تم تسليمهم لشخص يدعى عبد النور لدفنهم , وهو ملاحظ صحة ببلدية الفاشر , أما العشرون الذين تمت تصفيتهم في الطريق المؤدي إلى نيالا , تم دفنهم في مقابر جماعية , بالقرب من "قوز أبو زريق" (9) وذلك حسب إفادات شهود عيان .
مجزرة شرق منواشي 1992:
قام المقدم كمال محجوب الرشيد ,وملازم أول سراج الدين بإرتكاب مجزرة بشعة بشرق منواشي . راح ضحيتها إثني عشرة شخصا , من أبناء قبيلة الزغاوة والفور . حيث قاموا بإطلاق النار على هؤلاء الأبرياء دون هوادة . وقتلهم جميعا . وبعد إرتكاب هذه المجزرة بيومين . علم ذووهم بالأمر, وتم إبلاغ السلطات - كالعادة - ثم نقلوهم إلى المستشفى في الفاشر. وتجمع المواطنون - ما لا يقل عن عشرة آلاف مواطن - للتظاهر ضد هذه الجريمة البشعة . إلا أن السلطات قامت بمحاصرتهم بكل أنواع السلاح , وأمرت أسر الضحايا بإستلام الجثث . وإلا ستكون العواقب وخيمة! . وتضامن مواطني الفاشر مع أسر الضحايا , وطالبوا بمعرفة الأسباب ومحاكمة المجرمين . منفذي هذه المجزرة . ولكنها - السلطات - رفضت ذلك وأعلنت تهديداتها , عبر مكبرات الصوت . وأمهلت المواطنين ربع ساعة فقط لمغادرة المكان . وإلا سوف تطلق عليهم النار من الأرض . ومن الجو بواسطة إحدى مروحياتها , التي كانت تحلق وقتها فوق رؤوس الناس . وعندما إنقضت المهلة , وتحركت المروحية تجاه المواطنين , إضطروا للهرب خوفا من الهلاك ..
أحداث شمال مليط 1993 :
قام المقدم / كمال محجوب الرشيد , ومجموعته بالقبض على ثمانية مواطنين بشمال مليط . حيث قاموا بتوثيقهم بالحبال , ثم تم جرهم بواسطة عربات لاند روفر , إلى أن تنصلت أطرافهم . وتوفي إثنان منهم في الحال . أما البقية فقد وضعوا على رؤوسهم إطارات سيارات ,بعد سكب مواد حارقة عليها . وأشعلوا فيها النار , حتى ماتوا جميعا متأثرين بتلك النيران . وعندما علم ذووهم بالأمر , قاموا بفتح بلاغ , ولكن السلطات قالت بأنهم من عصابات النهب المسلح . وأنهم قاوموا رجال الجيش (10) ..
مجازر 1995 :
في عام 1995 أشعل والي ولاية غرب دارفور , محمد أحمد الفضل , نيران الحرب بين المساليت والعرب . بقراره الشهير , بمنح أرض المساليت للعرب . " أم جلول ". فبدأت أعمال العنف والعداء , وكان رد الحكومة هو عزل الوالي , وتعيين اللواء حسن حمدين . ما جعل المنطقة عمليا تحت الحكم العسكري . وأستهل الحاكم الجديد حكمه, بحملة إعتقالات واسعة , وسجن وتعذيب أبناء المساليت . خاصة المتعلمين منهم . والعمد والشيوخ وأعضاء مجلس الولاية .
وبدأت المليشيات العربية عملياتها ,بمهاجمة قرى المساليت في أغسطس 1995 . وفي بداية الهجمات , هوجمت قرى " مجماري " شرق الجنينة , وتم في هذه المجزرة تدمير كل القرى , وحرقها وقتل 75 مواطنا . على نحو بشع . وجرح 170 آخرون , وتمت سرقة 650 رأس من الماشية . وفي مجزرة مماثلة هاجمت المليشيات العربية , قرية شوشتا جنوب غرب الجنينة مساء 5 يوليو 1995 . حيث قتلت على الأقل 45 مواطنا - معظمهم نساء وأطفال - وتم نفس الشىء في قري : قدير - كاسي - بارونا - ميرياميتا - كادمولي . وقرى : جبال بيرتابيت . ومعظم الهجمات كانت تتم ليلا . فعند وصولهم للقرية(القوات الحكومية والمليشيات العربية) يبدأ المهاجمون , في إشعال النيران في كل القرية . والمواطنون الذين يهربون , تحصدهم البنادق العربية . وتتوافق الهجمات مع مواسم الحصاد . وبهذا عرضت القوات الحكومية و المليشيات العربية , المساليت لخطر المجاعة . وأجبرتهم على هجر أرض أجدادهم .
وفي واحدة من أسوأ الهجمات , في قرى "جبل جنون" , قتل عدد من أفراد المليشيات بواسطة المساليت , ووجدت وثائق بحوزة القتلى .تثبت أنهم ينتمون للجبهة الإسلاموية . وتثبت الوثائق تورط الجبهة الاسلاموية في هذه المجازر .
ومن بين القتلى وجد مواطنا سوريا يدعى محمود محمد شقار . وآخر ليبي إسمه فتحي عبد السلام . وآخر جزائري يدعى بلومي حماد . وعدد من المواطنين التشاديين . ويثبت كل ذلك , أن الجبهة الإسلاموية السودانية, تنفذ الهجمات بالتعاون مع تنظيمات الحركات الإسلاموية الأجنبية .
مجازر 1997 :
وفي 16 مارس 1997 , تصاعد العنف, حينما هاجمت المليشيات العربية , منطقة "بايدا" في الجنوب الغربي من دار مساليت . وإستخدمت المليشيات اللاندكروزرات , والخيول . حيث أطلقت المدافع .. وفي اليوم التالي كانت قرى : عجباني - أندريقا - ميرمتاه - تيمبيلي - حرازة - أم خرابة - بيوت تلاتة - عشابة - صابيرنه - كاسي - شوش تاه - كال كوتي - كاسيا . قد تم تدميرها تماما . وقتل أكثر من 440 مواطنا . بينهم 150 إمراة و50 طفل . وتم تشريد أعداد هائلة . إلى أماكن غير معلومة . وهنالك شبهة أن يكون قد تم إسترقاقهم . بواسطة المليشيات العربية . وفي يوم 4 أبريل 1997 قتل قائد المليشيات الذي إتضح أنه شمالي " عقيد في الجيش السوداني " . وفي أواخر أبريل 1997 أستخدم ذات الأسلوب في مهاجمة منطقة : "أسبرينا" , شرق الجنينة . وفي غضون خمسة أيام تم تدمير وحرق حوالي 150 قرية , من قرى المساليت . وقتل أكثر من 500 مواطن . وتم تشريد حوالي 3 آلاف مواطن ونهب 400 رأس من الماشية .(*)
مجازر 1998 :
وفي العام 1998 . نفذت المليشيات العربية 4 هجمات على مناطق : قدير - هشابة - جبل لي بيري . وقتل في هذه الهجمات حوالي 430 من أبناء المساليت . كما تم حرق حوالي 120 قرية . وتم نهب 390 رأسا من الماشية . وخلال كل هذه الفترة , كانت الحكومة تقوم بمد المليشيات العربية بالسلاح . والمعدات والعربات , وتعدهم عسكريا . وفي المقابل تقوم بنزع السلاح من المساليت . وتفرض عليهم قانون الطوارىء . الذي يقيد حقهم في الدفاع عن أنفسهم وحريتهم في الحركة . ويعرضهم للإعتقالات الجماعية , والقتل خارج نطاق القضاء . ويتم تجنيد شباب المساليت قسرا . وإرسالهم إلى الجنوب ليشاركوا في الجهاد ضد الجنوبيين . بينما يترك شباب العرب لشن الهجمات على المساليت كبار السن الباقين مع النساء والأطفال .
مجازر 1999 :
وبتصاعد الهجمات بات جليا ,أن الجبهة الإسلاموية تهدف إلى "التطهير العرقي الشامل" لقبائل المساليت . ففي يوم 17-2-1999 أول أيام عيد الفطر المبارك . شنت الجبهة الإسلاموية هجوما شاملا على دار مساليت . بعد أن أعلن وزير الداخلية عبد الرحيم محمد حسين . في بيانه للإذاعة . أن المساليت قاموا بقتل زعماء العرب . وهم خارجون عن القانون ومناهضون للحكومة , ويشكلون طابورا خامسا . وبتحرك من النافذين في الجبهة الاسلاموية بدارفور . تم فتح الباب على مصراعيه , للمليشيات العربية , لشن هجمات كاسحة وواسعة على المساليت . وتم عقد إجتماعات شاركت فيها قبائل عربية من دارفور, ومناطق أخرى داخل السودان وخارجه . وأعلنت الحرب على المساليت . وقدمت السلطات المزيد من المعدات, والسلاح والعربات والمال . إلخ ...
وتم إغلاق المنطقة . وحظر على أى مواطن مغادرتها . وفي الهجوم الكاسح ,الذي تم الإعداد له . والذي بدا في يناير 1999 . إستخدمت طائرات الهليكوبتر, لمساندة المليشيات العربية . وقتل في هذه الهجمات أكثر من 2000 مواطن وجرح الآلاف , وأضطر عشرات الآلاف للهرب إلى تشاد . حيث قدر عدد هؤلاء وقتها بأكثر من 100,000 لاجيء من أبناء المساليت . وقتل في مارس 1999 أكثر من 100 مواطن من أبناء المساليت, بواسطة المليشيات العربية .
تعيد المجازر التي أرتكبت بحق المساليت , من قبل الحكومة ومليشياتها العربية , إلى الأذهان المجازر التي أرتكبت ضد الفور في 87 - 1989 من قبل الحكومة ومليشياتها العربية . ويبدو أن الصفوة الإسلاموعربية الحاكمة في الخرطوم . على تعاقب نظمها تصر على إعادة انتاج تجربة الإبادة الجماعية في دارفور, بين كل فترة وأخرى . إلى أن يتم إحلال كامل للقبائل العربية المجلوبة من الجوار الأفريقي ,بدلا عن غير العرب في دارفور!.
خسر الفور في حرب العرب ضدهم في 1987 ألفين وخمسمائة من رجال القبيلة . وأصبح المئات معاقين . كذلك فقد الفور 40 ألف رأس من الماشية . وأحرقت لهم 400 قرية . يعيش بها عشرة ألف نسمة . وبلغ عدد النازحين منهم , الذين أصبحوا لاجئين في المناطق الحضرية في الإقليم , عشرات الألاف . وشهد قطاع البستنة الصغير - لكن القوِّي والحديث - في إقتصاد الفور نكسة خطيرة . إذ أقتلعت أشجار الفاكهة , أو أحرقت على يد المجموعات العربية . وفقدت إستثمارات كبيرة من السيارات وطلمبات المياه والمحاريث والمطاحن , أو ما يمكن أن نسميه : القطاع الحديث الصغير النامي من إقتصاد الفور .
شهادات حية :
بمجيء حكومة الانقاذ في 1989. تم التكريس لحالة الطواريء . وأطلقت الدولة يدها في دخول الأماكن العامة والخاصة . والتفتيش دون إذن أو أوامر . وتحديد إقامة وحركة المواطنين . والإستيلاء على الممتلكات الخاصة , بحجة إستخدامها في ملاحقة الجناة . من عصابات النهب المسلح . كما تم التشهير بالمواطنين بإسم الإسلام , في قضايا أخلاقية - بإسم المحافظة على شئوون العقيدة الإسلامية - وإيقاف حركة المواطنين بالسيارات (عرف بصمت الحركة) . في كل أسبوع . إبتداء من ليلة الأحد وحتى صبيحة الثلاثاء . فتعطلت مصالح الناس. وكان ذلك بحجة توفير الوقود, إستعدادا لتحمل المشاق ومحاربة أميركا !!..
ثم أصبح السماح للمواطنين بالحركة في يوم الصمت (الإثنين) من كل أسبوع ,عن طريق تصديق برسم مالي . كما تمت إزالة منازل بعض المواطنين , لأغراض بيع الأرض في خطط إستثمارية دون سابق إنذار . وعندما أوقفت المحكمة المختصة تلك الإجراءات . لم تعترف سلطة الطواريء بأمر المحكمة . وتدخل أصحاب النفوس المريضة, بإسم الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , في أخص خصوصيات المواطنين . وكادت أن تحدث فتنة دينية . عندما لاحق هؤلاء مواطنا من جنوب دارفور إسمه يوسف . من أُم عربية مسلمة و أب مسيحي قبطي . وحكموا عليه بالجلد لعلاقته بفتاة مسلمة , أفضت للزواج .
وهكذا خلال أقل من سنة في العام 2003 - 2004 خلقت سياسات الجبهة الإسلاموية في دارفور, صراعا طاحنا ,خلف عشرات الآلاف من القتلى(إعترف رأس النظام لاحقا بعشرة ألف فقط) , ومئات الآلاف من اللاجئين في تشاد . وآلاف النازحين داخل السودان . وحرق آلاف القرى , وإغتصاب غير محدود العدد للنساء, إلى جانب نهب الممتلكات . ومنع وصول الإغاثة إلى المتضررين (11) . ما دفع المتحدثة بإسم الأمم المتحدة , "ماري أوكابي" وقتها . للقول أن الموقف الإنساني في دارفور: " لا يزال مثيرا للقلق " . على حد تعبيرها ..
وتؤكد منظمات عديدة أن آلاف الأشخاص, يفتقرون إلى المواد الغذائية (12) الأساسية . وهو ما يعرض حياتهم إلى الخطر. مع عدم قدرة عمال الإغاثة ,على الوصول إلى العديد من المدنيين , البالغ عددهم أكثر من مليون نسمة , والذين تضرروا من النزاع . ومع إشتداد الصراع يوم بعد آخر. تخلق موجات جديدة من اللاجئين والنازحين بإستمرار وضعا كارثيا. ففي إحصاء المفوضية العليا لشئون اللاجئين بالأمم المتحدة(2004) أن 18,000 لاجيء آخرين عبروا الحدود إلى تشاد في 23 يناير 2004 (28) وتؤكد منظمة أطباء بلا حدود . أن المساعدات الإنسانية والغذائية , المقدمة للاجئين في دارفور , لا تكفي بتاتا لمنع وقوع مجاعة بين أكثر من 80 ألف لاجيء في مدينة مورناي لوحدها ..
وأكدت متحدثة بإسم المنظمة حينها أن حوالي 200 ألف لاجيء يموتون شهريا , مشيرة إلى أن اللاجئين لا يزالون يتعرضون إلى إعتداءات , من جانب مليشيات الحكومة السودانية. التي تسيطر على المنطقة المحيطة بمخيم اللاجئين . وأضافت المتحدثة (وقتها)أنه تم بين سبتمبر 2003 وفبراير 2004 . تدمير 111 قرية بالكامل , وقتل آلاف الأشخاص , إستنادا إلى دراسة وضعتها المنظمة ومعهد بحوث الأوبئة (13) وأتهمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان , الحكومة السودانية بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية . حيث قامت في إطار حملة حرق وتدمير المزارع والأراضي , بقتل آلاف المدنيين من أبناء جماعات الفور والزغاوة والمساليت . وإغتصاب النساء والفتيات ,وإختطاف الأطفال , ونهب عشرات الآلاف من رؤوس الماشية , وغيرها من الممتلكات , في العديد من أنحاء دارفور . إلى جانب تدمير موارد المياه بصورة متعمدة.(14)
وقال موظفو إغاثة , أن آلافا من اللاجئين في دارفور , يواجهون خطر أن تتقطع بهم السبل على الحدود مع تشاد . ومعرضون لهجمات العصابات ما لم ينقلوا . إلى مخيمات قبل بدء موسم الامطار (15)
لقد قضت منظمة مراقبة حقوق الإنسان , في بداية خروج أسرارهذا الصراع الطاحن إلى العلن مدة 25 يوما في غربي دارفور , والمنطقة المجاورة . قامت خلالها بتوثيق إنتهاكات حقوق الإنسان, في المناطق الريفية المأهولة سابقا. سنتناولها لاحقا.
نواصل
هوامش :
(1) صحيفة الشرق الأوسط . عدد 27/5/2004.( راجع موقع الصحيفة على الانترنيت )
(2) صحيفة الحياة اللندنية . عدد 27/5/2004. (راجع الموقع على الانترنت).
(3) مجلة حقوق الإنسان السوداني . (كتاب غير دوري) المنظمة السودانية لحقوق الإنسان . القاهرة . العدد الثامن . يوليو 1999. ص : 16 .
(4) دكتور عبد الله علي إبراهيم . الإرهاق الخلاق . دار عزة للنشر والتوزيع . الخرطوم . 2001. ص : 38 .
(5) مجلة حقوق الانسان السوداني . مرجع سابق .ص: 16 .
(6) السابق . ص : 38 .
(7) عبد الرحمن الأمين . ساعة الصفر . مذبحة ديموقراطية السودان الثالثة . أجندة واشنطن . ص : 210 .
(8) مجلة حقوق الإنسان السوداني . مرجع سابق . ص : 37 .
(9) السابق . ص : 38 .
(10 ) البنك العربي للمعلومات . إنترنيت . 27/6/2004.
(11) alqanat.comLnewsLshownews.asp?id=40435
(12) amnesty-arabic.orgLtextLreportsLafrLsudLsudan-sum-afr-54-008-2004.ht
(13)hrinto-netLmenaLhrwLpr040402.shtm
(14) السابق .
(15)arabic.cnn.comL2004Lmiddle-eastL4L12Lsudan.darfur.
(*)http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE52316J20090304
(*)http://arabic.irinnews.org/ReportArabic.aspx?SID=2528
(*)http://www.cihrs.org/Arabic/
نواصل
Ahmed M. Dhahia [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.