تمرين ديمقراطي ساخن أجراه البرلمان في ملعب المتعافي.. لعل ما جرى بتلك الكيفية دليل صحة وعافية وأمر يطمئن على أن البرلمان الذي يكاد الناس ينسوه في بعض الأحايين لطول رقاده ونومه موجود وفاعل.. بالإجماع أجاز البرلمان مقترح إحالة تقرير لجنة الشؤون الزراعية حول التقاوي الفاسدة إلى وزارة العدل بغرض التحقيق في ماورد من تجاوزات فيه.. وزير الزراعة د. عبد الحليم المتعافي أقر خلال جلسة البرلمان الأحد بخطورة التقرير، حتى أنه تنبأ باطاحته رؤوسًا كثيرة حال صحته.. المتعافي في خضم (زنقته) التي لا يحسد عليها قال منفعلا أن ما جرى لا يعدو أن يكون محاكمة سياسية.. أعتقد أن الرجل أراد أن يقول أن هناك أسبابا شخصية وراء التقرير، لكن البرلمان جهة سياسية بامتياز ولابد أن يكون جلّ عمله سياسة وليصف المتعافي ما جرى بما يشاء من الأوصاف لكن العمل السياسي الذي يضطلع به البرلمان من المؤكد ليس عيبا.. المتعافي في حمأة غضبه انتقد بشدة إعادة فتح القضية التي قال إنها نوقشت وأُغلق ملفها منذ العام 2008م!!، والسؤال من يمنع البرلمان من إعادة فتح أي ملف شاء ولو كان قبل عشرات السنين؟!. زنقة المتعافي أبرزت الكثير من المواقف المتباينة بل الغريبة، محمد الحسن الأمين نائب رئيس البرلمان السابق ممثل دائرة الريف الشمالي (كرري) قال أمس لصحيفة الأهرام اليوم (أنه ملتزم سياسيا ولا يمكن أن يطعن الحزب من الخلف من خلال البرلمان)!!.. يعني أن الرجل يمكن يطبق هذا المبدأ على سبيل المثال في مسألة المتعافي، وفي ظني أنه مبدأ خطأ ولا يعني الالتزام أن يغض الطرف عن أخطاء أو فساد حتى لو كان من شخص في نفس الحزب، بيد أنه وفي نفس الوقت أكد رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، بابكر محمد التوم، وهو مؤتمر وطني مثل رفيقه محمد الحسن، أن البرلمان لن يحمي أي نائب أو مسؤول في الدولة من الوقوف أمام القضاء في أي من قضايا الفساد أو المعاملات المالية.. صحيفة الخليج الامارتية قالت في تقرير لها أن (السهام انهالت على المتعافي وسط أحاديث عن اختيار الرجل كبش فداء لتأكيد صدقية الحكومة في حربها على الفساد)!!. أنا شخصيا معجب بشجاعة الدكتور المتعافي وأسلوب مواجهته ل(الحملة) المستعرة ضده، والرجل للتاريخ كان قد أبلى بلاءً حسنا ابان فترة تقلده منصب والي الخرطوم وانجازاته تحدث عن نفسها.. المتعافي لم يضع الوقت وركّز جهوده على تنمية العاصمة على مختلف الصعد ولم يكن ليسمح بأن تطغى السياسة والعمل الحزبي الضيق على سعيه الجاد لتنمية الولاية وكانت له مواقف صلبة مشهودة ومعروفة.. انجازات المتعافي أشفق منها خلفه د. عبد الرحمن الخضر حين أبدى في أول لقاء صحفي عقب توليه المنصب تواضعا كبيرا قائلا: إن سلفه د. المتعافي ترك انجازات كبيرة من ورائه وهو (أي الخضر) يسأل الله أن يعينه على المحافظة على تلك الانجازات ولا يطمع في أكثر من ذلك.. حقا أن ولاية الخرطوم تحتاج لرجل من نوع فريد فهي تحد كبير لعزائم الرجال.. نحن سعيدون لما يجري فرغم زنقة المتعافي فنحن أمام عافية البرلمان. Yasir Mahgoub [[email protected]]