عندما أصر ين ماثيو الناطق باسم الحركة الشعبية أمس على أن اتفاقية السلام الشامل (حسمت) قضية أبيي باعتبارها منطقة جنوبية خالصة ظننت أن الرجل يمزح ويريد اضفاء نوع من الفكاهة على جو تلك الحقلة الاذاعية الساخنة.. اذاعة البي بي سي استضافت الرجل من جوبا وشخصي من الخرطوم والزميلة أسماء الحسيني من القاهرة.. الموضوع كان انتخابات جنوب كردفان التكميلية التي ستنطلق اليوم.. ماثيو لم يدع فرصة للمذيعة لمساعدته وقد اعدت الأسئلة والمحاور بشكل يصب في صالح مواقف الحركة الشعبية كالعادة.. المذيعة أخذت تجادله باستغراب وتقول أن قضية أبيي كان من المفترض أن تحسم عبر استفتاء يتزامن مع استفتاء جنوب السودان ولكن لم يتم لأسباب معروفة وهذا دليل على أن الاتفاقية لم تحسمها؟!!.. ين ماثيو لا يحلم أو يتحدث وحده وانما الحركة الشعبية تتحدث وتحلم وتقول أنها بصدد أن يتضمن دستور الجنوب أن أبيي منطقة جنوبية (خالصة)!!.. عندما ترتفع الأصوات مهددة بالحسم العسكري طالما هناك استخفاف باتفاقية السلام تعلو الصرخات و(الولولة).. اضطراب وتوتر الحركة الشعبية والمتحدث باسمها ين ماثيو بسبب خسارتها للانتخابات في الولاية قبل أن تبدأ، فهي غير متصالحة مع أبناء النوبة لأنها تعتقل ابن المنطقة المرشح الثالث لمنصب الوالي تلفون كوكو دون ذنب ودون محاكمة.. لم تجد الحركة من يقود الحملة الانتخابية لمرشحها عبد العزيز الحلو سوى شماليين من قطاع الشمال حيث واجهوا استنكارا وصدودا كبيرا.. في هذا الاثناء قبلت المحكمة الدستورية الطعن الذي تقدم به محمد حسن ناصر المستشار القانوني للمرشح تلفون كوكو نيابة عنه مطالباً فيه رئيس وأعضاء المحكمة بإصدار أمر فوري بإطلاق سراحه.. حيثيات الطعن استندت على أن الجيش الشعبي مليشيات غير نظامية وليس لها محاكم ينص عليها القانون أو يقرها الدستور، وعليه ليس لهذه المليشيات الحق في إصدار أي أوامر بحبس أي مواطن أو إصدار عقوبة في حقه كما لا يحق لها تنفيذ الأوامر القضائية أو النيابية.. الحركة تحتجز تلفون بصورة غير مشروعة منذ العام (2009م) بقاعدة بلغام مقر قيادة الجيش الشعبي بجوبا وذلك رغم مناشدات وتدخل منظمات دولية والأحزاب السودانية وجامعة الدول العربية وأخيراً مركز كارتر!!. الحركة تريد من الحلو أن يؤمن لها استمرار النزف البشري لأبناء المنطقة الذين تستخدمهم جنودا بل دروعا بشرية في حربها ضد من يخالفها الرأي من القبائل الجنوبية الأخرى.. إذن جبال النوبة ليست سوى مخزن بشري تستخدمه وقودا لحربها ضد شعوب الجنوب المغلوبة على أمرها.. مؤخرا اعترفت حكومة الجنوب لأول مرة بعدم الاستقرار الأمني بالجنوب في ظل وجود عوامل مشجعة اجملتها في ازدياد التوترات واستشراء الفساد في كل الولايات وعلى مستوى حكومة الجنوب نفسها فضلا عن انتشار وتنامي نفوذ القبيلة.. اجتماع اللجنة الأمنية المختصة بشؤون الأمن بالجنوب الذي ضم كل من سلفاكير ميارديت وباقان أموم ونيال دينق ودنيق ألور انتقد استخدام القيادات لنفوذهم في انتشار القبلية وازدياد المواجهات القبلية الأمر الذي أدى إلى عدم الاستقرار.. ين ماثيو لا تضحكنا أكثر.